تُرْجِى مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُـْٔوِىٓ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ ۖ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ۚ ذٰلِكَ أَدْنٰىٓ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ ءَاتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا
تُرۡجِىۡ مَنۡ تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـــْٔوِىۡۤ اِلَيۡكَ مَنۡ تَشَآءُ ؕ وَمَنِ ابۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَ ؕ ذٰ لِكَ اَدۡنٰٓى اَنۡ تَقَرَّ اَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَاۤ اٰتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ؕ وَاللّٰهُ يَعۡلَمُ مَا فِىۡ قُلُوۡبِكُمۡ ؕ وَكَانَ اللّٰهُ عَلِيۡمًا حَلِيۡمًا
تفسير ميسر:
تؤخر مَن تشاء مِن نسائك في القَسْم في المبيت، وتضم إليك مَن تشاء منهن، ومَن طَلَبْتَ ممن أخَّرت قَسْمها، فلا إثم عليك في هذا، ذلك التخيير أقرب إلى أن يفرحن ولا يحزنَّ، ويرضين كلهن بما قسمت لهنَّ، والله يعلم ما في قلوب الرجال مِن مَيْلها إلى بعض النساء دون بعض. وكان الله عليمًا بما في القلوب، حليمًا لا يعجل بالعقوبة على من عصاه.
قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن بشر حدثنا هشام بن عروة عن أبية عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغير من النساء اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ألا تستحي المرأة أن تعرض نفسها بغير صداق؟ فأنزل الله عز وجل "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء "الآية قالت إنى أرى ربك يسارع لك في هواك وقد تقدم أن البخاري رواه من حديث أبى أسامة عن هشام بن عروة فدل هذا على أن المراد بقوله ترجي "أي تؤخر "من تشاء منهن "أي من الواهبات "وتؤوي إليك من تشاء "أي من شئت قبلتها ومن شئت رددتها ومن رددتها فأنت فيها أيضا بالخيار بعد ذلك إن شئت عدت فيها فأويتها ولهذا قال "ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك "قال عامر الشعبي في قوله تعالى "ترجي من تشاء منهن "الآية كن نساءا وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فدخل ببعضهن وأرجأ بعضهن لم ينكحن بعده منهن أم شريك وقال آخرون بل المراد بقوله "ترجي من تشاء منهن " الآية أي من أزواجك لا حرج عليك أن تترك القسم لهن فتقدم من شئت وتؤخر من شئت وتجامع من شئت وتترك من شئت هكذا يروى عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأبي رزين وعبد الرحمن بن زيد أن أسلم وغيرهم ومع هذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لهن ولهذا ذهب طائفة من الفقهاء من الشافعية وغيرهم إلى أنه لم يكن القسم واجبا عليه عليه صلى الله عليه وسلم واحتجوا بهذه الآية الكريمة وقال البخاري حدثنا حبان بن موسى حدثنا عبد الله هو ابن المبارك أخبرنا عاصم الأحول عن معاذ عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في اليوم المرأة منا بعد أن نزل هذه الآية "ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك "فقلت لها ما كنت تقولين؟ فقالت كنت أقول إن كان ذلك إلي فإني لا أريد يا رسول الله أن أؤثر عليك أحدا فهذا الحديث عنها يدل على أن المراد من ذلك عدم وجود القسم وحديثها الأول يقتضي أن الآية نزلت في الواهبات ومن ههنا اختار ابن جرير أن الآية عاما في الواهبات وفي النساء اللاتي عنده أنه مخير فيهن إن شاء قسم وإن شاء لم يقسم وهذا الذي اختاره حسن جيد قوي وفيه جمع بين الأحاديث ولهذا قال تعالى "ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن "أي إذا علمن أن الله قد وضع عنك الحرج في القسم فإن شئت قسمت وإن شئت لم تقسم لا جناح عليك في أي ذلك فعلت ثم مع هذا إن تقسم لهن اختيارا منك لا أنه على سبيل الوجوب فرحن بذلك واستبشرن به وحملن جميلتك في ذلك واعترفن بمنتك عليهن في قسمتك لهن وتسويتك بينهن وإنصافك لهن وعدلك فيهن وقوله تعالى "والله يعلم ما في قلوبكم "أي من الميل إلى بعضهن دون بعض مما لا يمكن دفعه كما قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة قالت; كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ورواه أهل السنن الأربعة من حديث حماد بن سلمة وزاد أبو داود بعد قوله فلا تلمني فيما أملك يعني القلب وإسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات ولهذا عقب ذلك بقوله تعالى "وكان الله عليما "أي بضمائر السرائر "حليما "أي يحلم ويغفر.