مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّۦنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ اَبَآ اَحَدٍ مِّنۡ رِّجَالِكُمۡ وَلٰـكِنۡ رَّسُوۡلَ اللّٰهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّٖنَ ؕ وَكَانَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَىۡءٍ عَلِيۡمًا
تفسير ميسر:
ما كان محمد أبًا لأحد من رجالكم، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين، فلا نبوة بعده إلى يوم القيامة. وكان الله بكل شيء من أعمالكم عليمًا، لا يخفى عليه شيء.
وقوله تعالى "ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم "نهى أن يقال بعد هذا زيد بن محمد أي لم يكن أباه وإن كان قد تبناه فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعش له له ذكر حتى بلغ الحلم فإنه صلى الله عليه وسلم ولد له القاسم الطيب والطاهر من خديجة رضي الله عنها فماتوا صغارا وولد له صلى الله عليه وسلم إبراهيم من ماريه القبطية فمات أيضا رضيعا وكان له صلى الله عليه وسلم من خديجة أربع بنات; "ينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين فمات في حياته ثلاث وتأخرت فاطمة رضي الله عنها حتى أصيبت به صلى الله عليه وسلم ثم ماتت بعده لستة أشهر وقوله تعالى "ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما "كقوله عز وجل "الله أعلم حيث يجعل رسالته "فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جماعه من الصحابة رضي الله عنهم قال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر الأزدي حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون لو تم موضع هذه اللبنة؟ فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة ورواه الترمذي عن بندار عن أبي عامر العقدي به وقال حسن صحيح " حديث آخر "قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا المختار بن فلفل حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي قال فشق ذلك على الناس فقال ولكن المبشرات قالوا يا رسول الله وما المبشرات؟ قال رؤيا الرجل المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة وهكذا رواه الترمذي عن الحسن بن محمد الزعفراني عن عفان بن مسلم به وقال صحيح غريب من حديث المختار بن فلفل "حديث آخر" قال أبو داود الطيالسي حدثنا مسلم بن حيان عن سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فكان من دخلها فنظر إليها قال ما أحسنها إلا موضع هذه اللبنة فأنا موضع اللبنة ختم بي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ورواه البخاري ومسلم والترمذي من طرق عن سليم بن حيان به وقال الترمذي صحيح غريب من هذا الوجه "حديث آخر" قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا لبنة واحدة فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة انفرد به مسلم من رواية الأعمش به حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد بن زيد حدثنا عفان بن عبيد الراسي قال سمعت أبا الطفيل رضي الله عنه يقول; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبوه بعدي إلا المبشرات قيل وما المبشرات يا رسول الله؟ قال; الرؤيا الحسنة أو قال الرؤيا الصالحة "حديث آخر" قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأكملها وأحسنها وأجملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان ويقولون ألا وضعت ههنا لبنة فيتم بنيانك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أنا اللبنة أخرجاه من حديث عبد الرزاق حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال الإمام مسلم حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر قالوا حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث إسماعيل ابن جعفر وقال الترمذي حسن صحيح حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا موضع لبنة واحدة فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب كلاهما عن أبي معاوية به حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح حدثنا سعيد بن سويد الكلبي عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال; قال لي النبي صلى الله عليه وسلم إني عند الله لخاتم النبيين وإن ادم لمنجدل في طينته "حديث آخر" قال الزهري أخبرنا محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول; إن لي أسماء; أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله تعالى بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي أخرجه في الصحيحين وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عبد الرحمن بن جبير قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول; خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كالمودع فقال أنا محمد النبي الأمي ثلاثا ولا نبي بعدي أوتيت فواتح الكلم وجوامعه وخواتمه وعلمت كم خزنه النار وحملة العرش وتجوز بي وعوفيت وعوفيت أمتي فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله تعالى أحلوا حلاله وحرموا حرامه تفرد به الإمام أحمد ورواه الإمام أحمد أيضا عن يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عبد الله بن شريح الخولاني عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فذكر مثله سواء والأحاديث في هذا كثيرة فمن رحمة الله تعالى بالعباد إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم ثم من تشريفه لهم ختم الأنبياء والمرسلين به وإكمال الدين الحنيف له وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل ولو تحرق وشعبذ وأتى بأنواع السحر والطلاسم والنيرنجيات فكلها محال وضلال عند أولي الألباب كما أجرى الله سبحانه وتعالى على يد الأسود العنسي باليمن ومسيلمة الكذاب باليمامة من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة ما علم كل ذي لب وفهم وحجى أنهما كاذبان ضالان لعنهما الله وكذلك كل مدع لذلك إلى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال فكل واحد من هؤلاء الكذابين يخلق الله تعالى معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب من جاء بها وهذا من تمام لطف الله تعالى بخلقه فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلا على سبيل الاتفاق أولما لهم فيه من المقاصد إلى غيره ويكون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم كما قال تعالى; "هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم "الآية وهذا بخلاف حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم في غاية البر والصدق والرشد والاستقامة والعدل فيما يقولونه ويأمرون به وينهون عنه مع ما يؤيدون به من الخوارق للعادات والأدلة الواضحات والبراهين الباهرات فصلوات الله وسلامه عليهم دائما مستمرا ما دامت الأرض والسموات.