الرسم العثمانيقُلْ صَدَقَ اللَّهُ ۗ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ صَدَقَ اللّٰهُ ۗ فَاتَّبِعُوۡا مِلَّةَ اِبۡرٰهِيۡمَ حَنِيۡفًا ؕ وَمَا كَانَ مِنَ الۡمُشۡرِكِيۡنَ
تفسير ميسر:
قل لهم -أيها الرسول- صَدَق الله فيما أخبر به وفيما شرعه. فإن كنتم صادقين في محبتكم وانتسابكم لخليل الله إبراهيم عليه السلام فاتبعوا ملَّته التي شرعها الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فإنها الحق الذي لا شك فيه. وما كان إبراهيم عليه السلام من المشركين بالله في توحيده وعبادته أحدًا.
قال تعالى "قل صدق الله" أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به وفيما شرعه في القرآن "فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين" أي اتبعوا ملة إبراهيم التي شرعها الله في القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الحق الذي لا شك فيه ولا مرية وهي الطريقة التي لم يأت نبي بأكمل منها ولا أبين ولا أوضح ولا أتم كما قال تعالى "قل إنني هدانى ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين" وقال تعالى "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين".
قوله تعالى ; قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركينأي قل يا محمد صدق الله . إنه لم يكن ذلك في التوراة محرما . فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا أمر باتباع دينه . وما كان من المشركين رد عليهم في دعواهم الباطل كما تقدم .
القول في تأويل قوله تعالى جل ثناؤه ; قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; " قل "، يا محمد =" صدق الله "، فيما أخبرنا به من قوله; كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، وأن الله لم يحرم على إسرائيل ولا على ولده العروقَ ولا لحومَ الإبل وألبانَها، وأنّ ذلك إنما كان شيئًا حرّمه إسرائيل على نفسه وَوَلده بغير تحريم الله إياه عليهم في التوراة = وفي كل ما أخبر به عباده من خبر، (22) دونكم.وأنتم، يا معشر اليهود، الكذبةُ في إضافتكم تحريم ذلك إلى الله عليكم في التوراة، (23) المفتريةُ على الله الباطل في دعواكم عليه غير الحق =" فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين "، يقول; فإن كنتم، أيها اليهود، محقين في دعواكم أنكم على الدّين الذي ارتضاه الله لأنبيائه ورُسله =" فاتبعوا ملة إبراهيم "، خليل الله، فإنكم تعلمون أنه الحق الذي ارتضَاه الله منْ خلقه دينًا، وابتعث به أنبياءَه، ذلك الحنيفية -يعني الاستقامة على الإسلام وشرائعه- دون اليهودية والنصرانية والمشركة.* * *وقوله; " وما كان من المشركين "، يقول; لم يكن يشرك في عبادته أحدًا من خلقه. فكذلك أنتم أيضًا، أيها اليهود، فلا يتخذ بعضكم بعضًا أربابًا من دون الله تطيعونهم كطاعة إبراهيم ربه = وأنتم يا معشرَ عبدة الأوثان، فلا تتخذوا الأوثان والأصنام أربابًا، ولا تعبدوا شيئًا من دون الله، فإن إبراهيم خليل الرحمن كان دينُه إخلاص العبادة لربه وحدَه، من غير إشراك أحد معه فيه. فكذلك أنتم أيضًا، فأخلصوا له العبادة ولا تشركوا معه في العبادة أحدًا، فإن جميعكم مقرُّون بأنّ إبراهيم كان على حقّ وَهدْى مستقيم، فاتبعوا ما قد أجمع جميعُكم على تصويبه من ملته الحنيفية، ودعوا ما اختلفتم فيه من سائر الملل غيرها، أيها الأحزاب، فإنها بدَع ابتدعتموها إلى ما قد أجمعتم عليه أنه حق، فإن الذي أجمعتم عليه أنه صوابٌ وحق من ملة إبراهيم، هو الحق الذي ارتضيتُه وابتعثتُ به أنبيائي ورسلي، وسائرُ ذلك هو الباطل الذي لا أقبله من أحد من خلقي جاءَني به يوم القيامة.* * *وإنما قال جل ثناؤه; " وما كان من المشركين "، يعني به; وما كان من عَدَدهم وأوليائهم. وذلك أن المشركين بعضهم من بعض في التظاهر على كفرهم. ونصرةِ بعضهم بعضًا. فبرأ الله إبراهيم خليله أن يكون منهم أو [من] نصرائهم وأهل ولايتهم. (24) وإنما عنى جل ثناؤه بالمشركين، اليهودَ والنصارَى وسائر الأديان، غير الحنيفية. قال; لم يكن إبراهيم من أهل هذه الأديان المشركة، ولكنه كان حنيفًا مسلمًا.-----------------الهوامش ;(22) في المخطوطة"في كل ما أخبر..." بحذف الواو ، والصواب ما في المطبوعة. وهو معطوف على قوله آنفا; "صدق الله فيما أخبرنا به...". وقوله; "دونكم" ، سياقه"صدق الله ... دونكم" ، يعني فأنتم غير صادقين.(23) في المطبوعة; "أنتم يا معشر اليهود الكذبة..." والصواب إثبات الواو كما في المخطوطة. وسياقه"وأنتم ... الكذبة ... المفترية ..." بالرفع فيهما ، خبر"أنتم".(24) الزيادة بين القوسين يستقيم بها الكلام على وجهه.
{ قل صدق الله } أي: فيما أخبر به وحكم، وهذا أمر من الله لرسوله ولمن يتبعه أن يقولوا بألسنتهم: صدق الله، معتقدين بذلك في قلوبهم عن أدلة يقينية، مقيمين هذه الشهادة على من أنكرها، ومن هنا تعلم أن أعظم الناس تصديقا لله أعظمهم علما ويقينا بالأدلة التفصيلية السمعية والعقلية، ثم أمرهم باتباع ملة أبيهم إبراهيم عليه السلام بالتوحيد وترك الشرك الذي هو مدار السعادة، وبتركه حصول الشقاوة، وفي هذا دليل على أن اليهود وغيرهم ممن ليس على ملة إبراهيم مشركون غير موحدين، ولما أمرهم باتباع ملة إبراهيم في التوحيد وترك الشرك أمرهم باتباعه بتعظيم بيته الحرام بالحج وغيره
(قل) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت والخطاب موجّه إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم
(صدق) فعل ماض
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسببـ (اتّبعوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون والواو فاعلـ (ملّة) مفعول به منصوبـ (إبراهيم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة
(حنيفا) حال من إبراهيم منصوبة ،(الواو) عاطفة
(ما) نافية
(كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (من المشركين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كان، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «صدق الله» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «اتّبعوا» في محل نصب معطوفة على جملة صدق الله » .
وجملة: «ما كان من المشركين» في محلّ نصب معطوفة على الحالـ (حنيفا) .
- القرآن الكريم - آل عمران٣ :٩٥
Ali 'Imran3:95