فَمَنِ افْتَرٰى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنۢ بَعْدِ ذٰلِكَ فَأُولٰٓئِكَ هُمُ الظّٰلِمُونَ
فَمَنِ افۡتَرٰى عَلَى اللّٰهِ الۡكَذِبَ مِنۡۢ بَعۡدِ ذٰ لِكَ فَاُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الظّٰلِمُوۡنَ
تفسير ميسر:
فمَن كذب على الله من بعد قراءة التوراة ووضوح الحقيقة، فأولئك هم الظالمون القائلون على الله بالباطل.
أي فمن كذب على الله وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك بالتوراة دائما وإنه لم يبعث نبيا آخر يدعو إلى الله تعالى بالبراهين والحجج بعد هذا الذي بيناه من وقوع النسخ وظهور ما ذكرنا "فأولئك هم الظالمون".
فقال عز وجل ; فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون قال الزجاج ; في هذه الآية أعظم دلالة لنبوة محمد نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، أخبرهم أنه ليس في كتابهم ، وأمرهم أن يأتوا بالتوراة فأبوا ; يعني عرفوا أنه قال ذلك بالوحي . وقال عطية العوفي ; إنما كان ذلك حراما عليهم بتحريم يعقوب ذلك عليهم . وذلك أن إسرائيل قال حين أصابه عرق النسا ; والله لئن عافاني الله منه لا يأكله لي ولد ; ولم يكن ذلك محرما عليهم . وقال الكلبي ; لم يحرمه الله عز وجل في التوراة عليهم وإنما حرمه بعد التوراة بظلمهم وكفرهم ، وكانت بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرم الله تعالى عليهم طعاما طيبا ، أو صب عليهم رجزا وهو الموت ; فذلك قوله تعالى ; فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم الآية . وقوله ; وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر الآية - إلى قوله ; ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون .الرابعة ; ترجم ابن ماجه في سننه " دواء عرق النسا " حدثنا هشام بن عمار وراشد بن سعيد الرملي قالا حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا هشام بن حسان حدثنا أنس بن سيرين أنه سمع أنس بن مالك يقول ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ; شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم يشرب على الريق في كل يوم جزء . وأخرجه الثعلبي في تفسيره أيضا من حديث أنس بن مالك قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرق النسا ; تؤخذ ألية كبش عربي لا صغير ولا كبير فتقطع صغارا فتخرج إهالته فتنقسم ثلاثة أقسام في كل يوم على ريق النفس ثلثا قال أنس ; فوصفته لأكثر من مائة فبرأ بإذن الله تعالى . شعبة ; حدثني شيخ في [ ص; 129 ] زمن الحجاج بن يوسف في عرق النسا ; أقسم لك بالله الأعلى لئن لم تنته لأكوينك بنار أو لأحلقنك بموسى . قال شعبة ; قد جربته ، تقوله ، وتمسح على ذلك الموضع .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94)قال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بذلك; فمن كذَب على الله منا ومنكم، من بعد مجيئكم بالتوراة، وتلاوتكم إياها، وَعَدَمِكم ما ادّعيتم من تحريم الله العروقَ ولحومَ الإبل وألبانها فيها =" فأولئك هم الظالمون " يعني; فمن فعل ذلك منهم =" فأولئك "، يعني; فهؤلاء الذين يفعلون ذلك =" هم الظالمون "، يعني; فهم الكافرون، القائلون على الله الباطل، كما;-7421- حدثنا المثني قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن زكريا، عن الشعبي; " فأولئك هم الظالمون " قال، نـزلت في اليهود.
{ فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون } وأي: ظلم أعظم من ظلم من يدعى إلى تحكيم كتابه فيمتنع من ذلك عنادا وتكبرا وتجبرا، وهذا من أعظم الأدلة على صحة نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقيام الآيات البينات المتنوعات على صدقه وصدق من نبأه وأخبره بما أخبره به من الأمور التي لا يعلمها إلا بإخبار ربه له بها
(الفاء) عاطفة
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(افترى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف في محلّ جزم فعل الشرط
(على الله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (افترى) ،
(الكذب) مفعول به منصوبـ (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق بـ (افترى) ،
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (الفاء) رابطة لجواب الشرط
(أولاء) اسم إشارة مبنيّ على الكسر في محلّ رفع مبتدأ
(هم) ضمير فصل لا محل له
(الظالمون) خبر المبتدأ أولئك مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «من افترى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قل في السابقة » .
وجملة: «افترى ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) «» .
وجملة: «أولئك ... » الظالمون: في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.