رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ
رَبَّنَاۤ اِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوۡمٍ لَّا رَيۡبَ فِيۡهِؕ اِنَّ اللّٰهَ لَا يُخۡلِفُ الۡمِيۡعَادَ
تفسير ميسر:
يا ربنا إنا نُقِرُّ ونشهد بأنك ستجمع الناس في يوم لا شَكَّ فيه، وهو يوم القيامة، إنَّك لا تُخلف ما وعَدْتَ به عبادك.
قوله "ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه" أي يقولون في دعائهم إنك يا ربنا ستجمع بين خلقك يوم معادهم وتفصل بينهم وتحكم فيهم فيما اختلفوا فيه وتجزي كلا بعلمه وما كان عليه في الدينا من خير وشر.
قوله تعالى ; ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعادأي باعثهم ومحييهم بعد تفرقهم ، وفي هذا إقرار بالبعث ليوم القيامة . قال الزجاج ; هذا [ ص; 21 ] هو التأويل الذي علمه الراسخون وأقروا به ، وخالف الذين اتبعوا ما تشابه عليهم من أمر البعث حتى أنكروه . والريب الشك ، وقد تقدمت محامله في البقرة . والميعاد مفعال من الوعد .
القول في تأويل قوله ; رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه أنهم يقولون أيضًا = مع قولهم; آمنا بما تشابه من آي كتاب ربّنا، كلّ المحكم والمتشابه الذي فيه من عند ربنا =; يا ربنا،" إنك جامعُ الناس ليوم لا ريب فيه إنّ الله لا يخلف الميعاد ".وهذا من الكلام الذي استُغنى بذكر ما ذكر منه عما ترك ذكره. وذلك أن معنى الكلام; ربنا إنك جامع الناس ليوم القيامة، فاغفر لنا يومئذ واعف عنا، فإنك لا تخلف وَعْدك; أنّ من آمن بك، واتَّبع رَسُولك، وعمل بالذي أمرتَه به في كتابك، أنك غافره يومئذ.وإنما هذا من القوم مسألة ربَّهم أن يثبِّتهم على ما هم عليه من حُسن بَصيرتهم، (174) بالإيمان بالله ورسوله، وما جاءهم به من تنـزيله، حتى يقبضهم على أحسن أعمالهم وإيمانهم، فإنه إذا فعل ذلك بهم، وجبتْ لهم الجنة، لأنه قد وعد من فعل ذلك به من عباده أنه يُدخله الجنة.فالآية، وإن كانت قد خرجت مخرج الخبر، فإن تأويلَها من القوم; مسألةٌ ودعاءٌ ورغبة إلى ربهم.* * *وأما معنى قوله; " ليوم لا ريب فيه "، فإنه; لا شك فيه. وقد بينا ذلك بالأدلة على صحته فيما مضى قبل. (175)* * *ومعنى قوله; " ليوم "، في يوم. وذلك يومٌ يجمع الله فيه خلقَه لفصل القضاء بينهم في موقف العَرضْ والحساب.* * *" والميعاد "" المفعال "، من " الوعد ".------------------------الهوامش ;(174) في المطبوعة; "من حسن نصرتهم" ، ولا معنى لها ، وفي المخطوطة; "نصرتهم". غير منقوطة ، والذي أثبته هو صواب قراءتها.(175) انظر ما سلف 1; 228 ، 378 / ثم 6; 78.
{ ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إنك لا تخلف الميعاد } فمجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها، وقد أثنى الله تعالى على الراسخين في العلم بسبع صفات هي عنوان سعادة العبد: إحداها: العلم الذي هو الطريق الموصل إلى الله، المبين لأحكامه وشرائعه، الثانية: الرسوخ في العلم وهذا قدر زائد على مجرد العلم، فإن الراسخ في العلم يقتضي أن يكون عالما محققا، وعارفا مدققا، قد علمه الله ظاهر العلم وباطنه، فرسخ قدمه في أسرار الشريعة علما وحالا وعملا، الثالثة: أنه وصفهم بالإيمان بجميع كتابه ورد لمتشابهه إلى محكمه، بقوله { يقولون آمنا به كل من عند ربنا } الرابعة: أنهم سألوا الله العفو والعافية مما ابتلي به الزائغون المنحرفون، الخامسة: اعترافهم بمنة الله عليهم بالهداية وذلك قوله { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا } السادسة: أنهم مع هذا سألوه رحمته المتضمنة حصول كل خير واندفاع كل شر، وتوسلوا إليه باسمه الوهاب، السابعة: أنه أخبر عن إيمانهم وإيقانهم بيوم القيامة وخوفهم منه، وهذا هو الموجب للعمل الرادع عن الزلل
(ربّنا) مرّ إعرابها- في الآية السابقة- وكذلك
(إنّك) ،
(جامع) خبر إنّ مرفوع
(الناس) مضاف إليه مجرور
(ليوم) جارّ ومجرور متعلّق باسم الفاعل جامع
(لا) نافية للجنس
(ريب) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصبـ (في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا
(إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الله) لفظ الجلالة اسم إن منصوبـ (لا) نافية
(يخلف) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره
هو (الميعاد) مفعول به منصوب.
جملة: «ربّنا ... » لا محلّ لها اعتراضيّة لتأكيد الاسترحام.
وجملة: «إنّك جامع الناس» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «لا ريب فيه» في محلّ جرّ نعت ليوم.وجملة: «لا يخلف..» في محلّ رفع خبر إنّ.