وَيُعَلِّمُهُ الْكِتٰبَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرٰىةَ وَالْإِنجِيلَ
وَيُعَلِّمُهُ الۡكِتٰبَ وَالۡحِكۡمَةَ وَالتَّوۡرٰٮةَ وَالۡاِنۡجِيۡلَۚ
تفسير ميسر:
ويعلمه الكتابة، والسداد في القول والفعل، والتوراة التي أوحاها الله إلى موسى عليه السلام، والإنجيل الذي أنزل الله عليه.
يقول تعالى مخبرا عن تمام بشارة الملائكة لمريم بابنها عيسى عليه السلام; إن الله "يعلمه الكتاب والحكمة" الظاهر المراد بالكتاب ههنا الكتابة والحكمة تقدم تفسيرها في سورة البقرة والتوراة والإنجيل; فالتوراة الكتاب الذي نزل على موسى بن عمران والإنجيل الذي أنزل على عيسى ابن مريم عليهما السلام. وقد كان عيسى عليه السلام يحفظ هذا وهذا.
قوله تعالى ; ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيلقوله تعالى ; ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل قال ابن جريج ; الكتاب الكتابة والخط . وقيل ; هو كتاب غير التوراة والإنجيل علمه الله عيسى عليه السلام .
القول في تأويل قوله ; وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (48)قال أبو جعفر; اختلفت القرأةُ في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة وبعض قرأة الكوفيين; (وَيُعلِّمُهُ) بالياء، ردًّا على قوله; كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ،" وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ "، فألحقوا الخبرَ في قوله; " ويعلمه "، بنظير الخبر في قوله; يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ، وقوله; فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .* * *وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين وبعض البصريين; (وَنُعَلِّمُهُ) بالنون، عطفًا به على قوله; نُوحِيهِ إِلَيْكَ ، كأنه قال; ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ونعلمه الكتاب ". وقالوا; ما بعد نُوحِيهِ في صلته إلى قوله; كُنْ فَيَكُونُ ، ثم عطف بقوله; " ونعلمه " عليه.* * *قال أبو جعفر; والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مختلفتان، غير مختلفتي المعاني، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب الصوابَ في ذلك، لاتفاق معنى القراءتين، في أنه خبر عن الله بأنّه يعلم عيسى الكتاب، وما ذكر أنه يعلمه.* * *وهذا ابتداء خبر من الله عز وجل لمريم ما هو فاعلٌ بالولد الذي بشَّرها به من الكرامة ورفعة المنـزلة والفضيلة، فقال; كذلك الله يخلق منك ولدًا، من غير فحل ولا بعل، فيعلمه الكتاب، وهو الخطّ الذي يخطه بيده = والحكمة، وهي السنة التي يُوحيها إليه في غير كتاب = والتوراة، وهي التوراة التي أنـزلت على موسى، كانت فيهم من عهد موسى = والإنجيل، إنجيل عيسى ولم يكن قبله، ولكن الله أخبر مريمَ قبل خلق عيسى أنه مُوحيه إليه.وإنما أخبرها بذلك فسَّماه لها، لأنها قد كانت علمت فيما نـزل من الكتب أن الله باعثٌ نبيًا، يوحى إليه كتابًا اسمه الإنجيل، فأخبرها الله عز وجل أن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي سَمعت بصفته الذي وعد أنبياءه من قبل أنه منـزل عليه الكتاب الذي يسمى إنجيلا هو الولد الذي وهبه لها وبشَّرها به.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.ذكر من قال ذلك;7080 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج; " ونعلمه الكتاب "، قال; بيده.7081 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; " ونعلمه الكتاب والحكمة "، قال; الحكمة السنة.7082 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة في قوله; " ونعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل "، قال; " الحكمة " السنة =" والتوراة والإنجيل "، قال; كان عيسى يقرأ التوراةَ والإنجيل.7083 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج; " ونعلمه الكتاب والحكمة "، قال; الحكمة السنة.7084 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير قال; أخبرها - يعني أخبر الله مريم - ما يريد به فقال; " ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة " التي كانت فيهم من عهد موسى =" والإنجيل "، كتابًا آخر أحدثه إليه لم يكن عندهم علمه، إلا ذِكرُه أنه كائن من الأنبياء قبله. (16)-----------------------------الهوامش ;(16) الأثر; 7084- سيرة ابن هشام 2; 230 ، من تمام الآثار التي آخرها رقم; 7079. وفي ابن هشام; "لم يكن عندهم إلا ذكره أنه كائن من الأنبياء بعده" ، أسقط"علمه" ومكان"قبله""بعده" ، والصواب فيها نص الطبري في روايته عن ابن إسحاق.
ثم أخبر تعالى عن منته العظيمة على عبده ورسوله عيسى عليه السلام، فقال { ويعلمه الكتاب } يحتمل أن يكون المراد جنس الكتاب، فيكون ذكر التوراة والإنجيل تخصيصا لهما، لشرفهما وفضلهما واحتوائهما على الأحكام والشرائع التي يحكم بها أنبياء بني إسرائيل والتعليم، لذلك يدخل فيه تعليم ألفاظه ومعانيه، ويحتمل أن يكون المراد بقوله { ويعلمه الكتاب } أي: الكتابة، لأن الكتابة من أعظم نعم الله على عباده ولهذا امتن تعالى على عباده بتعليمهم بالقلم في أول سورة أنزلها فقال { اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم } والمراد بالحكمة معرفة أسرار الشرع، ووضع الأشياء مواضعها، فيكون ذلك امتنانا على عيسى عليه السلام بتعليمه الكتابة والعلم والحكمة، وهذا هو الكمال للإنسان في نفسه.
(الواو) عاطفة
(يعلّم) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (الهاء) ضمير مفعول به
(الكتاب) مفعول به ثان
منصوبـ (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة
(الحكمة، التوراة، الإنجيل) ألفاظ معطوفة على الكتاب منصوبة مثله.
جملة: «يعلّمه الكتاب» في محلّ جرّ معطوفة على جملة اسمه المسيح » .