وَإِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفٰىكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفٰىكِ عَلٰى نِسَآءِ الْعٰلَمِينَ
وَاِذۡ قَالَتِ الۡمَلٰٓٮِٕكَةُ يٰمَرۡيَمُ اِنَّ اللّٰهَ اصۡطَفٰٮكِ وَطَهَّرَكِ وَاصۡطَفٰٮكِ عَلٰى نِسَآءِ الۡعٰلَمِيۡنَ
تفسير ميسر:
واذكر -أيها الرسول- حين قالت الملائكة; يا مريم إن الله اختاركِ لطاعته وطهَّركِ من الأخلاق الرذيلة، واختاركِ على نساء العالمين في زمانك.
هذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم عليها السلام عن أمر الله لهم بذلك أن الله قد اصطفاها أي اختارها لكثرة عبادتها وزهادتها وشرفها وطهارتها من الأكدار والوساوس واصطفاها ثانيا مرة بعد مرة لجلالتها على نساء العالمين. قال عبدالرزاق; أنبأنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى "إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين" قال; كان أبو هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط" ولم يخرجه من هذا الوجه سوى مسلم فإنه رواه عن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبدالرزاق به. وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن جعفر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال; سمعت رسول الله صلى يقول; "خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد". أخرجاه في الصحيحين من حديث هشام به مثله وقال الترمذي; حدثنا أبو بكر بن زنجويه حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون" تفرد به الترمذي صححه. وقال عبدالله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه قال; كان ثابت البناني يحدث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "خير نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخـديجة بنت خويلد وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه ابن مردويه أيضا ومن طريق شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال سول الله صلى الله عليه وسلم "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاث; مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" وقال ابن جرير; حدثني المثنى حدثنا آدم العسقلاني حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة سمعت مرة الهمداني يحدث عن أبي موسى الأشعري قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون". وقد أخرجه الجماعة إلا أبا داود من طريق عن شعبة به ولفظ البخاري" كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" وقد استقصيت طرق هذا الحديث وألفاظه في قصة عيسى ابن مريم عليه السلام في كتابنا البداية والنهاية ولله الحمد المنة ثم أخبرنا تعالى عن الملائكة أنهم أمروها بكثرة العبادة والخشوع والركوع والسجود والدأب في العمل لما يريد الله بها من الأمر الذي قدره الله وقضاه مما فيه محنة لها ورفعة في الدارين بما أظهر الله فيها من قدرته العظيمة حيث خلق منها ولدا من غير أب فقال تعالى "يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين".
قوله تعالى ; وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمينقوله تعالى ; إن الله اصطفاك أي اختارك ، وقد تقدم .وطهرك أي من الكفر ; عن مجاهد والحسن . الزجاج ; من سائر الأدناس من الحيض والنفاس وغيرهما ، واصطفاك لولادة عيسى .على نساء العالمين يعني عالمي زمانها ; عن الحسن وابن جريج وغيرهما . وقيل ; على نساء العالمين أجمع إلى يوم الصور ، وهو الصحيح على ما نبينه ، وهو قول الزجاج وغيره . وكرر الاصطفاء لأن معنى الأول الاصطفاء لعبادته ، ومعنى الثاني لولادة عيسى .وروى مسلم عن أبي موسى قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام . قال علماؤنا رحمة الله عليهم ; الكمال هو التناهي والتمام ; ويقال في ماضيه " كمل " بفتح الميم وضمها ، ويكمل في مضارعه بالضم ، وكمال كل شيء بحسبه . [ ص; 78 ] والكمال المطلق إنما هو لله تعالى خاصة . ولا شك أن أكمل نوع الإنسان الأنبياء ثم يليهم الأولياء من الصديقين والشهداء والصالحين . وإذا تقرر هذا فقد قيل ; إن الكمال المذكور في الحديث يعني به النبوة فيلزم عليه أن تكون مريم عليها السلام وآسية نبيتين ، وقد قيل بذلك . والصحيح أن مريم نبية ; لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك كما أوحى إلى سائر النبيين حسب ما تقدم ويأتي بيانه أيضا في " مريم " . وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها دلالة واضحة بل على صديقيتها وفضلها ، على ما يأتي بيانه في ( التحريم ) . وروي من طرق صحيحة أنه عليه السلام قال فيما رواه عنه أبو هريرة ; خير نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد . ومن حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون . وفي طريق آخر عنه ; سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة وخديجة . فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة ; فإن الملائكة قد بلغتها الوحي عن الله عز وجل بالتكليف والإخبار والبشارة كما بلغت سائر الأنبياء ; فهي إذا نبية والنبي أفضل من الولي [ ص; 79 ] فهي أفضل من كل النساء ; الأولين والآخرين مطلقا . ثم بعدها في الفضيلة فاطمة ثم خديجة ثم آسية . وكذلك رواه موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية . وهذا حديث حسن يرفع الإشكال . وقد خص الله مريم بما لم يؤته أحدا من النساء ; وذلك أن روح القدس كلمها وظهر لها ونفخ في درعها ودنا منها للنفخة ; فليس هذا لأحد من النساء . وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية عندما بشرت كما سأل زكريا - صلى الله عليه وسلم - من الآية ; ولذلك سماها الله في تنزيله صديقة فقال ; وأمه صديقة . وقال ; وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين فشهد لها بالصديقية وشهد لها بالتصديق لكلمات البشرى وشهد لها بالقنوت . وإنما بشر زكريا بغلام فلحظ إلى كبر سنه وعقامة رحم امرأته فقال ; أنى يكون لي غلام وامرأتي عاقر ، فسأل آية . وبشرت مريم بالغلام فلحظت أنها بكر ولم يمسسها بشر فقيل لها ; كذلك قال ربك فاقتصرت على ذلك ، وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية ممن يعلم كنه هذا الأمر ، ومن لامرأة في جميع نساء العالمين من بنات آدم ما لها من هذه المناقب . ولذلك روي أنها سبقت السابقين مع الرسل إلى الجنة ; جاء في الخبر عنه - صلى الله عليه وسلم - ; لو أقسمت لبررت لا يدخل الجنة قبل سابقي أمتي إلا بضعة عشر رجلا منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى ومريم ابنة عمران . وقد كان يحق على من انتحل علم الظاهر واستدل بالأشياء الظاهرة على الأشياء الباطنة أن يعرف قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا سيد ولد آدم ولا فخر وقوله [ ص; 80 ] حيث يقول ; لواء الحمد يوم القيامة بيدي ومفاتيح الكرم بيدي وأنا أول خطيب وأول شفيع وأول مبشر وأول ، وأول . فلم ينل هذا السؤدد في الدنيا على الرسل إلا لأمر عظيم في الباطن . وكذلك شأن مريم لم تنل شهادة الله في التنزيل بالصديقية والتصديق بالكلمات إلا لمرتبة قريبة دانية . ومن قال لم تكن نبية قال ; إن رؤيتها للملك كما رئي جبريل - عليه السلام - في صفة دحية الكلبي حين سؤاله عن الإسلام والإيمان ولم تكن الصحابة بذلك أنبياء ، والأول أظهر ، وعليه الأكثر ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله ; وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ، " وإذ قالت الملائكة يا مريمُ إن الله اصطفاك .* * *ومعنى قوله; " اصطفاك "، اختارك واجتباك لطاعته وما خصّك به من كرامته. (73)* * *وقوله; " وطهَّرك "، يعني; طهَّر دينك من الرّيب والأدناس التي في أديان نساء بني آدم (74)* * *=" واصطفاك على نساء العالمين "، يعني; اختارك على نساء العالمين في زمانك، (75) بطاعتك إياه، ففضَّلك عليهم، كما روى عن رسول الله صلى الله &; 6-394 &; عليه وسلم أنه قال; " خيرُ نسائها مريم بنت عمران، وخيرُ نسائها خديجة بنت خويلد " = يعني بقوله; " خير نسائها "، خير نساء أهل الجنة.7026 - حدثني بذلك الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا محاضر بن المورّع قال، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال; سمعت عليًّا بالعراق يقول; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول; خيرُ نسائها مريم بنت عمران، وخيرُ نسائها خديجة. (76)7027 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني المنذر بن عبد الله الحزامي، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب; أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; خير نساء الجنة مريم بنت عمران، وخير نساء الجنة خديجة بنت خويلد. (77)&; 6-395 &;7028 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول; حسبك بمريم بنت عمران، وامرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، من نساء العالمين = قال قتادة; ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول; " خيرُ نساء ركبن الإبل صوالحُ نساء قريش، أحناهُ على ولد في صغره، وأرعاهُ على زوج في ذات يده " = (78) قال قتادة; وذكر لنا أنهُ كان يقول; " لو علمت أنّ مريم ركبت الإبل، ما فضّلت عليها أحدًا ". (79)&; 6-396 &;7029 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله; " يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، قال; كان أبو هريرة يحدث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال; خيرُ نساء ركبن الإبل صُلحُ نساء قُرْيش، أحناه على ولد، وأرعاه لزوج في ذات يده = قال أبو هريرة; ولم تركب مريم بعيرًا قط. (80)7030 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه قوله; " وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، قال; كان ثابت البناني يحدث، عن أنس بن مالك; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; خير نساء العالمين أربع; مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد. (81)7031 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا عمرو بن مرة قال، سمعت مرة الهمداني يحدث، عن أبي موسى الأشعريّ قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; كمل من الرّجال كثيرٌ، &; 6-398 &; ولم يكمل من النساء إلا مريم، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد. (82)7032 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو الأسود المصري قال، حدثنا ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان; أن فاطمة بنت حسين بن علي حدثته; أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت; دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا وأنا عند عائشة، فناجاني، فبكيتُ، ثم ناجاني فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت; لقد عَجلْتِ! أخبرُك بسرّذ رسول الله صلى الله عليه وسلم!! فتركتني. فلما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عائشة فقالت; نعم، ناجاني فقال; جبريلُ كان يعارضُ القرآنَ كلّ عام مرة، وإنه قد عارضَ القرآنَ مرّتين؛ وإنه ليس من نبيّ إلا عُمِّر نصف عُمر الذي كان قبله، وإن عيسى أخي كان عُمْره عشرين ومئة سنة، وهذه لي ستون، وأحسبني ميتًا في عامي هذا، وإنه لم تُرْزأ امرأةٌ من نساء العالمين بمثل ما رُزئتِ، ولا تكوني دون امرأة صبرًا! قالت; فبكيتُ، ثم قال; أنت سيدة &; 6-399 &; نساء أهل الجنة إلا مريم البتول. فتوفي عامه ذلك. (83)7033 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو الأسود قال، حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن الحارث، أن أبا زياد الحميريّ حدثه، أنه سمع عمار بن سعد يقول; قال &; 6-400 &; رسول الله صلى الله عليه وسلم; فُضّلت خديجةُ على نساء أمتي، كما فضلت مريم على نساء العالمين. (84)* * *وبمثل الذي قلنا في معنى قوله; " وطهرك "، أنه; وطهَّر دِينك من الدّنس والرّيب، قاله مجاهد. (85)7034 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; " إن الله اصطفاك وطهرك "، قال; جعلك طيبةً إيمانًا.7035 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *7036 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح; " واصطفاك على نساء العالمين "، قال; ذلك للعالمين يومئذ. (86)* * *وكانت الملائكة - فيما ذكر ابن إسحاق - تقول ذلك لمريم شفاهًا.7037 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال; &; 6-401 &; كانت مريم حبيسًا في الكنيسة، ومعها في الكنيسة غُلام اسمه يُوسف، وقد كانَ أمه وأبوه جعلاه نذيرًا حبيسًا، فكانا في الكنيسة جميعًا، وكانت مريم، إذا نَفِدَ ماؤها وماء يوسف، أخذا قُلَّتيهما فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماء الذي يستعذِبان منه، (87) فيملآن قلتيهما، ثم يرجعان إلى الكنيسة، والملائكة في ذلك مقبلة على مريم; " يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين "، فإذا سمع ذلك زكريا قال; إنّ لابنة عمرانَ لشأنًا.---------------------------الهوامش ;(73) انظر معنى"اصطفى" فيما سلف 3; 91 / ثم 5; 312 / 6; 326.(74) انظر معنى"طهر" فيما سلف 3; 38-40 ، وفهارس اللغة.(75) انظر تفسير"العالمين" فيما سلف 1; 143-146 / 2; 23-26 / ثم 5; 375.(76) الحديث; 7026- محاضر بن المورع الهمداني الكوفي ، وكنيته"أبو المورع" أيضًا; ثقة ، لينة أحمد وأبو حاتم. ورجحنا في المسند; 3823 توثيقه. ووثقه ابن سعد 6; 278. و"محاضر"; بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر الضاد المعجمة. و"المورع"; بضم الميم وفتح الواو وكسر الراء المشددة وآخره عين مهملة.والحديث رواه أحمد في المسند ، عن عبد الله بن نمير; 640 ، وعن وكيع; 1109 ، وعن محمد ابن بشر; 1211- ثلاثتهم عن هشام بن عروة. ورواه ابنه عبد الله ، في المسند; 938 ، عن طريق أبي خيثمة ، ووكيع ، وأبي معاوية - ثلاثتهم عن هشام بن عروة ، بهذا الإسناد.ورواه البخاري 6; 339 ، و 7; 100-110 ، ومسلم 2; 243 ، والترمذي 4; 365- كلهم من طريق هشام بن عروة ، به.ورواه الحاكم في المستدرك 3; 184 ، عن طريق ابن نمير ، ثم من طرق المسند عن وكيع وابن نمير.وذكره ابن كثير في التفسير 2; 138 ، وفي التاريخ 2; 59 ، عن رواية الصحيحين.وذكره السيوطي 2; 23 ، ونسبه أيضًا لابن أبي شيبة ، وابن مردويه.(77) الحديث; 7027- المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي; ثقة ، كان من سروات قريش وأهل الندى والفضل. ترجمه البخاري في الكبير 4 / 1 / 359 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 243- فلم يذكرا فيه جرحًا.والحديث هو الحديث السابق. ولكنه هنا من حديث عبد الله بن جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهناك من حديثه عن عمه علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم. فهو إما مرسل صحابي ، وإما قصر الراوي عن هشام ، فترك ذكر علي ، والأرجح أن يكون عبد الله بن جعفر سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعه عنه بواسطة علي. فرواه على الوجهين. وهو صحيح بكل حال.(78) من العربية العريقة إعادة الضمير المفرد بعد أفعل التفضيل ، على الجمع ، وقد جاء في الشعر ، وجاء في الآثار كقوله; "كان عمار بن ياسر من أطول الناس سكوتًا وأقله كلامًا". وقد سلف بيان ذلك في رقم; 5968 ، 6129 ، (فانظره).(79) الحديث; 7028 - هو حديث مرسل. بل هو في حقيقته ثلاثة أحاديث ، يقول قتادة في أول كل منها; "ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول";فأولها -"حسبك بمريم..."-; ثبت موصولا. فرواه أحمد في المسند; 12418 (ج 3 ص 135 حلبي) - عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس - هو ابن مالك - مرفوعًا ، بنحوه.وكذلك رواه الحاكم في المستدرك 3; 157-158 ، عن أبي بكر القطيعي - راوي المسند - عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، عن عبد الرزاق. ولكنه ذكر أنه رواه عن القطيعي "في فضائل أهل البيت ، تصنيف أبي عبد الله أحمد بن حنبل". فلم يروه من كتاب (المسند) ، إنما رواه من كتاب آخر لأحمد والإسناد واحد.ورواه الترمذي 4; 366 ، وابن حبان في صحيحه (2; 375 من مخطوطة التقاسيم والأنواع) - كلاهما من طريق عبد الرزاق ، به.وقال الترمذي; "هذا حديث صحيح". وقال الحاكم; "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذا اللفظ فإن قوله صلى الله عليه وسلم; حسبك من نساء العالمين - يسوي بين نساء الدنيا".وقد يوهم كلام الحاكم أن الشيخين روياه من حديث أنس بغير هذا اللفظ. والشيخان لم يروياه من حديث أنس أصلا.ونقله ابن كثير في التاريخ 2; 59-60 ، من رواية المسند ، وفي التفسير 2; 138-139 ، من رواية الترمذي. وأشار في الموضعين إلى رواية ابن مردويه إياه من طريق ثابت عن أنس. وسيأتي من رواية ثابت; 7030. وسنذكره هناك ، إن شاء الله.وأشار الحافظ في الفتح 6; 340 ، إلى رواية الترمذي إياه ، وقال; "بإسناد صحيح".وثانيها; "خير نساء ركبن الإبل..." - وسيأتي عقب هذا; 7029 ، من رواية قتادة ، عن أبي هريرة. وسيأتي عقب هذا; ونذكر علته وتخريجه هناك ، إن شاء الله.وثالثها; "لو علمت أن مريم ركبت الإبل ، ما فضلت عليها أحدًا". وهو لفظ منكر ، ما علمته ثبت من طريق متصل. والصحيح أنه من كلام أبي هريرة ، كما سيأتي في الحديث التالي.(80) الحديث; 7029- وهذا إسناد منقطع ، لأن قتادة بن دعامة السدوسي لم يدرك أبا هريرة ، لأنه ولد سنة 61 ، بعد وفاة أبي هريرة. ولذلك قال هنا; "كان أبو هريرة يحدث" ، فهو شبيه في عبارته بالبلاغ.ومتن الحديث صحيح;فرواه أحمد في المسند; 7637 ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، بنحوه ، مطولا.ورواه كذلك; 7695 ، بهذا الإسناد ، مختصرًا.ورواه; 7638 ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، مختصرًا.وذكره ابن كثير في التفسير 2; 138 ، عن الرواية الأولى من المسند ، ثم قال; "ولم يخرجه من هذا الوجه سوى مسلم ، فإنه رواه عن محمد بن رافع وعبد بن حميد - كلاهما عن عبد الرزاق ، به". وذكره أيضًا في التاريخ 2; 60 ، ثم أشار إلى رواية مسلم.ورواية مسلم ، هي في صحيحه 2; 370.ورواه أيضا البخاري 9; 107-108 ، و 448 ، ومسلم 2; 369-370 ، من طرق عن أبي هريرة.والروايات الصحاح ، هي أن أبا هريرة قال من عند نفسه ، في آخر الحديث; "ولم تركب مريم بعيرًا قط".وأما رفع هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، باللفظ الذي في الحديث السابق - فهو كما قلنا; "لفظ منكر".قوله"صلح" - بضمتين; هكذا في المخطوطة. وكان ناسخها كتب"صوالح" ، ثم ضرب عليها وكتب"صلح". و"صلح"; جمع"صليح". يقال; صالح وصلح ، وهو جمع محمول على"فعيل" في الأسماء ، فقالوا في جمع الصفات; "نذير ونذر ، وجديد وجدد" ، كما قالوا في الأسماء"كثيب وكثب". وهذا حرف لم ينص عليه في كتب اللغة.(81) الحديث; 7030- هذا إسناد ضعيف ، لجهالة الشيخ الذي رواه عنه الطبري ، إذ قال"حدثت" بالبناء للمجهول.وابن أبي جعفر; هو عبد الله الرازي. وهو ثقة ، وثقه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وغيرهما. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 127.أبوه "أبو جعفر الرازي"; اختلف في اسمه ، والراجح أنه"عيسى بن ماهان". وهو ثقة ، وثقه ابن المديني ، وابن سعد 7 / 2 / 109 ، وغيرهما. ترجم في التهذيب في الكنى ، وترجمه ابن أبي حاتم في ترجمة"عيسى" 3 / 1 / 280. وقد أشرنا إلى ترجمته في; 164. ولم أستطع أن أجد ما يدل على أنه أدرك ثابتًا البناني.ثم هذا الحديث ذكره ابن كثير في التفسير 2; 139 ، والتاريخ 2; 60 أنه رواه ابن مردويه ، من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه ، عن ثابت ، عن أنس. وزاد في التاريخ أنه رواه ابن عساكر من طريق تميم بن زياد ، عن أبي جعفر الرازي ، ولكنه لم يكشف عن سنده في ابن مردويه إلى ابن أبي جعفر ، ولا عن سنده في ابن عساكر إلى تميم بن زياد ، فلا نستطيع أن نتبين صحة هذين الإسنادين أو أحدهما.وقد مضى في شرح 7028 ، أنه رواه أحمد ، والترمذي ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم - من حديث معمر ، عن قتادة ، عن أنس. فأغنى ثبوته من ذاك الوجه الصحيح عن هذا الوجه الضعيف ، أو المشكوك في صحته. والحمد لله.(82) الحديث; 7031- آدم العسقلاني; هو آدم بن أبي إياس ، شيخ البخاري. مضى مرارًا.عمرو بن مرة; هو الجملي المرادي. مضى توثيقه; 175. واسم جده"عبد الله بن طارق". فمرة أبوه ، غير"مرة الهمداني" شيخه هنا. فإنه"مرة بن شراحيل الهمداني" الثقة التابعي المخضرم. وقد مضى مرارًا. والحديث رواه البخاري 6; 340 ، عن آدم - وهو ابن أبي إياس العسقلاني ، بهذا الإسناد ، مطولاً.ورواه أيضا 6; 320 ، من طريق وكيع ، عن شعبة ، ورواه أيضًا 7; 83 ، عن آدم ، وعن عمرو - وهو ابن مرزوق - كلاهما عن شعبة.ونقله ابن كثير في التفسير 2; 139 ، عن هذا الموضع من الطبري ، ثم قال; "وقد أخرجه الجماعة إلا أبا داود ، من طرق عن شعبة ، به". ثم ذكر أنه استقصى طرقه في التاريخ. ولكنه لم يفعل ، فإنه ذكره فيه 2; 61 ، منسوبًا إلى"الجماعة إلا أبا داود ، من طرق عن شعبة".وذكره السيوطي 2; 23 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة.(83) الحديث; 7032- أبو الأسود المصري; هو النضر بن عبد الجبار بن نصير المرادي. وهو ثقة. روى عنه يحيى بن معين ، وأبو حاتم ، وغيرهما.عمارة بن غزية - بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وتشديد الياء التحتية - بن الحارث ، الأنصاري المازني المدني; ثقة ، وثقه ابن سعد ، والدارقطني ، وغيرهما ، وأخرج له مسلم في الصحيح.محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان; ثقة ، وثقه النسائي ، والعجلي ، وغيرهما. وقال ابن سعد; "كان كثير الحديث عالمًا". وكان جوادًا ممدحًا. وهو المعروف بالديباج ، لحسنه. وأبوه"عبد الله بن عمرو بن عثمان"; هو المعروف بالمطرف ، لحسنه أيضًا.ووقع في المخطوطة والمطبوعة"محمد بن عبد الرحمن بن عمرو بن عثمان". وهو خطأ يقينًا في اسم والد"محمد". فهو"عبد الله" ، لا"عبد الرحمن".وفاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب; تابعية ثقة. كانت تحت ابن عمها"الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب" ، وأعقبت منه ، فلما مات تزوجت"المطرف عبد الله بن عمرو بن عثمان". زوجه إياها ابنها عبد الله بن حسن بن حسن ، بأمرها ، فأعقبت منه أولادًا ، منهم "محمد" الراوي عنها هنا. وعمرت فاطمة حتى قاربت التسعين.وروايتها عن جدتها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - رواية منقطعة ، ظاهرة الإرسال ، لأن الزهراء ماتت بعد أبيها بستة أشهر ، وكان ولدها الحسن والحسين صغيرين.فهذا الحديث ضعيف الإسناد ، لهذا الانقطاع.ولم أجده في شيء من الدواوين غير هذا الموضع.وقد أشار إليه الحافظ في الفتح مرتين ، لم ينسبه فيهما لغير الطبري;فأشار إليه 6; 104 ، وجعله"عند الطبري من وجه آخر عن عائشة" ، وهو وهم ، فإنه من حديث فاطمة ، كما ترى.ثم أشار إليه 7; 82 على الصواب ، من حديث فاطمة.ووقع فيه في الموضعين غلط من ناسخ أو طابع.وأصل هذه القصة ثابت من حديث عائشة ، في الصحيحين وغيرهما. ولكن ليس فيه ذكر عيسى وعمره ، ولا أنه"لم ترزأ امرأة...".وعمر عيسى المذكور - في هذه الرواية- منكر جدًا ، لم نجد أحدًا قال مثل هذا ، فيما نعلم. وهو من دلائل ضعف هذه الرواية.وانظر حديث عائشة في البخاري 65; 462 ، و 7; 63-64 ، و 8; 103-104 (فتح) ، ومسلم 2; 248-249 ، وابن سعد 2 / 2 / 39-40 ، و 8; 17.(84) الحديث; 7033- هذا إسناد ضعيف بكل حال.أما أبو زياد الحميري; فلم نعرف من هو؟ ولم نجد له ترجمة ولا ذكرًا. والغالب أنه محرف عن شيء لا ندريه.وأما "عمار بن سعد بن عابد المؤذن"; فإنه المعروف أبوه بلقب"سعد القرظ" المؤذن. وعمار هذا تابعي ، نص في التهذيب على أن روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة. وقد ترجمه الحافظ في الإصابة 5; 83 ، في القسم الثاني ، الذين ولدوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.(85) في المطبوعة والمخطوطة; "قال مجاهد" ، والصواب ما أثبت كما يدل عليه السياق.(86) انظر ما سلف ص; 393 تعليق; 4 ، مراجع تفسير"العالمين".(87) يستعذبان; يستقيان ، وأصله من قولهم; "استعذب"; أي استقى أو طلب ماء عذبًا. وفي الحديث; "أنه كان يستعذب له من بيوت السقيا" ، أي يحضر له منها الماء العذب.
ينوه تعالى بفضيلة مريم وعلو قدرها، وأن الملائكة خاطبتها بذلك فقالت { يا مريم إن الله اصطفاك } أي: اختارك { وطهّرك } من الآفات المنقصة { واصطفاك على نساء العالمين } الاصطفاء الأول يرجع إلى الصفات الحميدة والأفعال السديدة، والاصطفاء الثاني يرجع إلى تفضيلها على سائر نساء العالمين، إما على عالمي زمانها، أو مطلقا، وإن شاركها أفراد من النساء في ذلك كخديجة وعائشة وفاطمة، لم يناف الاصطفاء المذكور، فلما أخبرتها الملائكة باصطفاء الله إياها وتطهيرها، كان في هذا من النعمة العظيمة والمنحة الجسيمة ما يوجب لها القيام بشكرها، فلهذا قالت لها الملائكة: { يا مريم اقنتي لربك }
(الواو) استئنافيّة
(إذ) ظرف في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر
(قال) فعل ماض و (التاء) للتأنيث
(الملائكة) فاعل مرفوع
(يا) أداة نداء
(مريم) منادى مفرد علم مبنيّ على الضمّ في محلّ نصبـ (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد
(الله) اسم إنّ منصوبـ (اصطفى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف و (الكاف) ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة في الموضعين
(طهّرك) مثل اصطفاك وكذلك اصطفاك الثاني
(على نساء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (اصطفاك) ،
(العالمين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «قالت الملائكة..» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «النداء وما في حيّزها» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّ الله اصطفاك» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «اصطفاك» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «طهرك» في محلّ رفع معطوفة على جملة اصطفاك.
وجملة: «اصطفاك» في محلّ رفع معطوفة على جملة اصطفاك
(الأولى) .