إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِى يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعْدِهِۦ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
اِنۡ يَّنۡصُرۡكُمُ اللّٰهُ فَلَا غَالِبَ لَـكُمۡۚ وَاِنۡ يَّخۡذُلۡكُمۡ فَمَنۡ ذَا الَّذِىۡ يَنۡصُرُكُمۡ مِّنۡۢ بَعۡدِهٖ ؕ وَعَلَى اللّٰهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ الۡمُؤۡمِنُوۡنَ
تفسير ميسر:
إن يمددكم الله بنصره ومعونته فلا أحد يستطيع أن يغلبكم، وإن يخذلكم فمن هذا الذي يستطيع أن ينصركم من بعد خذلانه لكم؟ وعلى الله وحده فليتوكل المؤمنون.
قوله تعالى "إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون" وهذه الآية كما تقدم من قوله "وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم" ثم أمرهم بالتوكل عليه فقال "وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
قوله تعالى ; إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنونقوله تعالى ; إن ينصركم الله فلا غالب لكم أي عليه توكلوا فإنه إن يعنكم ويمنعكم من عدوكم لن تغلبوا . وإن يخذلكم يترككم من معونته . فمن ذا الذي ينصركم من بعده أي لا ينصركم أحد من بعده ، أي من بعد خذلانه إياكم ; لأنه قال ; وإن يخذلكم والخذلان ترك العون . والمخذول ; المتروك لا يعبأ به . وخذلت الوحشية أقامت على ولدها في المرعى وتركت صواحباتها ; فهي خذول . قال طرفة ;خذول تراعي ربربا بخميلة تناول أطراف البرير وترتديوقال أيضا ;نظرت إليك بعين جارية خذلت صواحبها على طفلوقيل ; هذا من المقلوب ; لأنها هي المخذولة إذا تركت . وتخاذلت رجلاه إذا ضعفتا . قال ;وخذول الرجل من غير كسحورجل خذلة للذي لا يزال يخذل ، والله أعلم .[ ص; 240 ]
القول في تأويل قوله ; إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; " إن ينصركم الله "، أيها المؤمنون بالله ورسوله، على من ناوأكم وعاداكم من أعدائه والكافرين به =" فلا غالب لكم " من الناس، يقول; فلن يغلبكم مع نصره إياكم أحد، ولو اجتمع عليكم مَن بين أقطارها من خلقه، فلا تهابوا أعداء الله لقلة عددكم وكثرة عددهم، ما كنتم على أمره واستقمتم على طاعته وطاعة رسوله، فإن الغلبة لكم والظفر، دونهم =" وإن يخذُلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده "، يعني; إن يخذلكم ربكم بخلافكم أمره وترككم طاعته وطاعة رسوله، فيكلكم إلى أنفسكم =" فمن ذا الذي ينصركم من بعده "، يقول; فأيسوا من نصرة الناس، (20) فإنكم لا تجدون [ناصرًا] من بعد خذلان الله إياكم إن خذلكم، (21) يقول; فلا تتركوا أمري وطاعتي وطاعة رسولي فتهلكوا بخذلاني إياكم =" وعلى الله فليتوكل المؤمنون "، يعني; ولكن على ربكم، أيها المؤمنون، فتوكلوا دون سائر خلقه، وبه فارضوا من جميع من دونه، ولقضائه فاستسلموا، وجاهدوا فيه أعداءه، يكفكم بعونه، ويمددكم بنصره. كما;-8135- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " إن ينصركم &; 7-348 &; الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون "، أي; إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس = لن يضرك خذلان من خذلك، و إن يخذلك فلن ينصرك الناس =" فمن الذي ينصركم من بعده "، أي; لا تترك أمري للناس، وارفض [أمر] الناس لأمري، وعلى الله، [لا على الناس]، فليتوكل المؤمنون. (22)----------------الهوامش ;(20) أيست من الشيء آيس يأسًا ، لغة في"يئست منه أيأس يأسًا" ، وقد سلف مثل ذلك في موضع آخر لم أجده الآن.(21) في المطبوعة; "فإنكم لا تجدون امرءًا من بعد خذلان الله" ، وفي المخطوطة; "لا تجدون أمرًا" ، ولم أجد لهما معنى أرتضيه ، فوضعت"ناصرًا" مكان"أمرًا" بين القوسين ، استظهارًا من معنى الآية ، وإن كنت أخشى أن يكون قد سقط من الناسخ شيء ، أو كتبت شيئًا مصحفًا لم أهتد لأصله. وانظر سهو الناسخ في التعليق التالي.(22) الأثر; 8135- سيرة ابن هشام 3; 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8132 ، بيد أنه في سيرة ابن هشام مختصر. لم يرو ابن هشام صدر هذا الخبر ، بل بدأ من قوله; "أي; لا تترك" ، وقد أخطأ الناسخ فيما أرجح فسقط منه ما أثبت من سيرة ابن هشام بين الأقواس.
أي: إن يمددكم الله بنصره ومعونته { فلا غالب لكم } فلو اجتمع عليكم من في أقطارها وما عندهم من العدد والعُدد، لأن الله لا مغالب له، وقد قهر العباد وأخذ بنواصيهم، فلا تتحرك دابة إلا بإذنه، ولا تسكن إلا بإذنه. { وإن يخذلكم } ويكلكم إلى أنفسكم { فمن ذا الذي ينصركم من بعده } فلا بد أن تنخذلوا ولو أعانكم جميع الخلق. وفي ضمن ذلك الأمر بالاستنصار بالله والاعتماد عليه، والبراءة من الحول والقوة، ولهذا قال: { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } بتقديم المعمول يؤذن بالحصر، أي: على الله توكلوا لا على غيره، لأنه قد علم أنه هو الناصر وحده، فالاعتماد عليه توحيد محصل للمقصود، والاعتماد على غيره شرك غير نافع لصاحبه، بل ضار. وفي هذه الآية الأمر بالتوكل على الله وحده، وأنه بحسب إيمان العبد يكون توكله.
(إن) حرف شرط جازم
(ينصر) مضارع مجزوم فعل الشرط و (كم) ضمير مفعول به
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لا) نافية للجنس
(غالب) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصبـ (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا
(الواو) عاطفة
(يخذلكم) مثل ينصركم
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذي) موصول مبنيّ في محلّ رفع بدل من ذا
(ينصر) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد
(من بعد) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ينصر) ، و (الهاء) مضاف إليه
(الواو) عاطفة،
(على الله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يتوكّل) وقدّم الجارّ لأهميّته
(الفاء) رابطة لجواب مقدّر
(اللام) لام الأمر
(يتوكّل) مضارع مجزوم بلام الأمر وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين
(المؤمنون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «ينصركم الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا غالب لكم» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «يخذلكم» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «من ذا الذي ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «ينصركم» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «ليتوكّل المؤمنون» جواب شرط مقدّر أي: إن أراد المؤمنون
النصر فليتوكّلوا على الله ... وجملة الشرط المقدّرة معطوفة على الاستئنافيّة.