وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
وَلَٮِٕنۡ قُتِلۡتُمۡ فِىۡ سَبِيۡلِ اللّٰهِ اَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٌ مِّنَ اللّٰهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٌ مِّمَّا يَجۡمَعُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولئن قُتِلتم -أيها المؤمنون- وأنتم تجاهدون في سبيل الله أو متم في أثناء القتال، ليغفرن الله لكم ذنوبكم، وليرحمنكم رحمة من عنده، فتفوزون بجنات النعيم، وذلك خير من الدنيا وما يجمعه أهلها.
قوله تعالى "ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون" تضمن هذا أن القتل في سبيل الله والموت أيضا وسيلة إلى نيل رحمة الله وعفوه ورضوانه وذلك خير من البقاء في الدنيا وجميع حطامها الفاني.
قوله تعالى ; ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعونجواب الجزاء محذوف ، استغني عنه بجواب القسم في قوله ; لمغفرة من الله ورحمة وكان الاستغناء بجواب القسم أولى ; لأن له صدر الكلام ، ومعناه ليغفرن لكم . وأهل الحجاز يقولون ; متم ، بكسر الميم مثل نمتم ، من مات يمات مثل خفت يخاف . وسفلى مضر يقولون ; متم ، بضم الميم مثل صمتم ، من مات يموت . كقولك كان يكون ، وقال يقول . هذا قول الكوفيين وهو حسن .
القول في تأويل قوله جل ثناؤه ; وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)قال أبو جعفر; يخاطب جل ثناؤه عباده المؤمنين، يقول لهم; (52) لا تكونوا، أيها المؤمنون، في شك من أن الأمور كلها بيد الله، وأن إليه الإحياء والإماتة، كما شك المنافقون في ذلك، ولكن جاهدوا في سبيل الله وقاتِلوا أعداء الله، على يقين منكم بأنه لا يقتل في حرب ولا يموت في سفر إلا من بلغ أجله وحانت وفاته. ثم وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرحمةَ، وأخبرهم أن موتًا في سبيل الله وقتلا في الله، (53) خير لهم مما يجمعون في الدنيا من حُطامها ورغيد عيشها الذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله، ويتأخرون عن لقاء العدو، كما;-8117- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون "، أي; إن الموت كائن لا بد منه، فموت في سبيل الله أو قتل، خير = لو علموا فأيقنوا = مما يجمعون في الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد، تخوفًا من الموت والقتل لما جمعوا من زَهرة الدنيا، وزهادةً في الآخرة. (54) .* * *قال أبو جعفر; وإنما قال الله عز وجل; " لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون "، وابتدأ الكلام; وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ بحذف جواب " لئن "، (55) لأن في قوله; &; 7-338 &; " لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون " معنى جواب للجزاء، (56) وذلك أنه وَعدٌ خرج مخرج الخبر.* * *فتأويل الكلام; ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم، ليغفرن الله لكم وليرحمنّكم = فدلّ على ذلك بقوله; " لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون "، وجمع مع الدلالة به عليه، الخبَرَ عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدنيا وما يجمعون فيها.* * *وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة، أنه إن قيل; كيف يكون; " لمغفرة من الله ورحمة " جوابًا لقوله; " ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم "؟ فإن الوجه فيه أن يقال فيه كأنه قال; ولئن متم أو قتلتم فذلك لكم رحمة من الله ومغفرة، إذ كان ذلك في سبيلي، (57) فقال; " لمغفرة من الله ورحمة " يقول; لذلك خير مما تجمعون، يعني; لتلك المغفرة والرحمة خير مما تجمعون.* * *ودخلت اللام في قوله; " لمغفرة من الله "، لدخولها في قوله; و " لئن "، كما قيل; وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ [سورة الحشر; 12]* * *---------------الهوامش;(52) في المطبوعة; "فخاطب" ، وأثبت صوابها من المخطوطة.(53) في المطبوعة; "وقتلا" وأثبت ما في المخطوطة ، وهو أجود.(54) الأثر; 8117- سيرة ابن هشام 3; 123 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8116. وكان في المخطوطة والمطبوعة; "لما جمعوا من زهيد الدنيا" وهو تحريف ، والصواب من سيرة ابن هشام. وزهرة الدنيا; حسنها وبهجتها وغضارتها ، وكثرة خيرها ، ورغيد عيشها. وفي سيرة ابن هشام; "زهادة في الآخرة" ، بغير واو.(55) في المطبوعة والمخطوطة"بحذف جزاء لئن" ، وهو خطأ بين وتصحيف من الناسخ ، سقطت منه باء"جواب" فكتب"جزاء".(56) في المطبوعة والمخطوطة; "معنى جواز للجزاء" ، وهو تصحيف لا معنى له ، والصواب ما أثبت.(57) في المطبوعة والمخطوطة; "فإن [القول] فيه أن يقال فيه; كأنه قال; ولئن متم أو قتلتم [فذكر لهم] رحمة من الله ومغفرة ، إذا كان ذلك في [السبيل]" ، وقد وضعت الكلمات التي استبدلت بها غيرها بين أقواس. وهذه الجملة التي في المطبوعة والمخطوطة لا يكاد يكون لها معنى. فالكلمة الأولى"القول" لا شك في خطئها ، وصوابها ما أثبت. أما "فذكر لهم" ، فإني أظن أن الناسخ قد أخطأ قراءة المخطوطة القديمة التي نقل عنها فقرأ"فذلك لكم""فذكر لهم" وأما "السبيل" ، ففي المخطوطة ضرب خفيف على ألف"السبيل" ، فرجحت قراءتها كما أثبت. وهو حق المعنى ، فاستقامت هذه الجملة مع ما بعدها ، والحمد لله.
ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله أو الموت فيه، ليس فيه نقص ولا محذور، وإنما هو مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون، لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته، وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم، وأن الخلق أيضا إذا ماتوا أو قتلوا بأي حالة كانت، فإنما مرجعهم إلى الله، ومآلهم إليه، فيجازي كلا بعمله، فأين الفرار إلا إلى الله، وما للخلق عاصم إلا الاعتصام بحبل الله؟\"
(الواو) استئنافيّة
(اللام) موطئة للقسم
(إن) حرف شرط جازم
(قتلتم) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير نائب فاعلـ (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قتلتم) ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(أو) حرف عطف
(متّم) مثل قتلتم
(اللام) واقعة في جواب قسم
(مغفرة) مبتدأ
مرفوع ،
(من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لمغفرة
(الواو) عاطفة
(رحمة) معطوف على مغفرة مرفوع مثله
(خير) خبر مرفوع
(من) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بخير
(يجمعون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة: «قتلتم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «متّم..» لا محلّ لها معطوفة على جملة قتلتم.
وجملة: «مغفرة..» خير لا محلّ لها جواب قسم.
وجملة: «يجمعون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .