إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطٰنُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
اِنَّ الَّذِيۡنَ تَوَلَّوۡا مِنۡكُمۡ يَوۡمَ الۡتَقَى الۡجَمۡعٰنِۙ اِنَّمَا اسۡتَزَلَّهُمُ الشَّيۡطٰنُ بِبَعۡضِ مَا كَسَبُوۡا ۚ وَلَقَدۡ عَفَا اللّٰهُ عَنۡهُمۡؕ اِنَّ اللّٰهَ غَفُوۡرٌ حَلِيۡمٌ
تفسير ميسر:
إن الذين فرُّوا منكم -يا أصحاب- محمد عن القتال يوم التقى المؤمنون والمشركون في غزوة "أُحد"، إنما أوقعهم الشيطان في هذا الذنب ببعض ما عملوا من الذنوب، ولقد تجاوز الله عنهم فلم يعاقبهم. إن الله غفور للمذنبين التائبين، حليم لا يعاجل من عصاه بالعقوبة.
قال تعالى "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا" أي ببعض ذنوبهم السالفة كما قال بعض السلف إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها وإن من جزاء السيئة السيئة بعدها ثم قال تعالى "ولقد عفا الله عنهم" أي عما كان منهم من الفرار "إن الله غفور حليم" أي يغفر الذنب ويحلم عن خلقه ويتجاوز عنهم وقد تقدم حديث ابن عمر في شأن عثمان وتوليه يوم أحد وأن الله عفا عنه مع من عفا عنهم عند قوله "ولقد عفا عنكم" ومناسب ذكره ههنا قال الإمام أحمد حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن عاصم عن شقيق قال لقي عبدالرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد مالي أراك جفوت أمير المؤمنين عثمان فقال له عبدالرحمن أبلغه أني لم أفر يوم حنين قال عاصم يقول يوم أحد ولم أتخلف عن بدر ولم أترك سنة عمر قال فانطلق فأخبر بذلك عثمان قال; فقال عثمان أما قوله إني لم أفر يوم حنين فكيف يعيرنى بذلك ولقد عفا الله عنه فقال تعالى "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم" وأما قوله إني تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت وقد ضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم فقد شهد وأما قوله إني تركت سنة عمر فإني لا أطيقها ولا هو فأته فحدثه بذلك.
قوله تعالى ; إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليمقوله تعالى ; إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا هذه الجملة هي خبر إن الذين تولوا والمراد من تولى عن المشركين يوم أحد ; عن عمر - رضي الله عنه - وغيره . السدي ; يعني من هرب إلى المدينة في وقت الهزيمة دون من صعد الجبل . وقيل ; هي في قوم بأعيانهم تخلفوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت هزيمتهم ثلاثة أيام ثم انصرفوا . ومعنى استزلهم الشيطان استدعى زللهم بأن ذكرهم خطايا سلفت منهم ، فكرهوا الثبوت لئلا يقتلوا . وهو معنى ببعض ما كسبوا وقيل ; استزلهم حملهم على الزلل ، وهو استفعل من الزلة وهي الخطيئة . وقيل ; زل وأزل بمعنى واحد . ثم قيل ; كرهوا القتال قبل إخلاص التوبة ، فإنما تولوا لهذا ، وهذا على القول الأول . وعلى الثاني بمعصيتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في تركهم المركز وميلهم إلى الغنيمة . وقال الحسن ; ما كسبوا قبولهم من إبليس ما وسوس إليهم . وقال الكلبي ; زين لهم الشيطان أعمالهم . وقيل ; لم يكن الانهزام معصية ; لأنهم أرادوا التحصن بالمدينة ، فيقطع العدو طمعه فيهم لما سمعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل . ويجوز أن يقال ; لم يسمعوا دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للهول الذي كانوا فيه . ويجوز أن يقال ; زاد عدد العدو على الضعف ; لأنهم كانوا سبعمائة والعدو ثلاثة آلاف . وعند هذا يجوز الانهزام ولكن الانهزام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطأ لا يجوز ، ولعلهم توهموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انحاز إلى الجبل أيضا . وأحسنها الأول . وعلى الجملة فإن حمل الأمر على ذنب محقق فقد عفا الله عنه ، وإن حمل على انهزام مسوغ فالآية فيمن أبعد في الهزيمة وزاد على القدر المسوغ . وذكر أبو الليث السمرقندي نصر بن محمد بن إبراهيم قال ; حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا السراج قال حدثنا قتيبة قال حدثنا أبو بكر بن غيلان عن جرير ; أن عثمان كان بينه وبين عبد الرحمن بن عوف كلام ، فقال له عبد الرحمن بن عوف ; أتسبني وقد شهدت بدرا ولم تشهد ، وقد بايعت تحت الشجرة ولم تبايع ، وقد كنت تولى مع من تولى يوم الجمع ، يعني يوم أحد . فرد عليه عثمان فقال ; أما قولك ; أنا شهدت بدرا ولم تشهد ، فإني لم أغب عن شيء شهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت مريضة وكنت معها أمرضها ، فضرب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهما في سهام المسلمين ، وأما بيعة الشجرة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثني ربيئة على المشركين بمكة - الربيئة هو الناظر - فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينه على شماله فقال ; ( هذه لعثمان ) فيمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص; 231 ] وشماله خير لي من يميني وشمالي . وأما يوم الجمع فقال الله عنهم ولقد عفا الله عنهم فكنت فيمن عفا الله عنهم . فحج عثمان عبد الرحمن .قلت ; وهذا المعنى صحيح أيضا عن ابن عمر ، كما في صحيح البخاري قال ; حدثنا عبدان أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال ; جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال ; من هؤلاء القعود ؟ قالوا ; هؤلاء قريش . قال ; من الشيخ ؟ قالوا ; ابن عمر ; فأتاه فقال ; إني سائلك عن شيء أتحدثني ؟ قال ; أنشدك بحرمة هذا البيت ، أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد ؟ قال ; نعم . قال ; فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها ؟ قال ; نعم . قال ; فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها ؟ قال نعم . قال ; فكبر . قال ابن عمر ; تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه ; أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه . وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مريضة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه ) . وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه ، فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده اليمنى ; ( هذه يد عثمان ) فضرب بها على يده فقال ; ( هذه لعثمان ) . اذهب بهذا الآن معك .قلت ; ونظير هذه الآية توبة الله على آدم عليه السلام . وقوله عليه السلام ; ( فحج آدم موسى ) أي غلبه بالحجة ; وذلك أن موسى عليه السلام أراد توبيخ آدم ولومه في إخراج نفسه وذريته من الجنة بسبب أكله من الشجرة ; فقال له آدم ; ( أفتلومني على أمر قدره الله تعالى علي قبل أن أخلق بأربعين سنة تاب علي منه ومن تاب عليه فلا ذنب له ومن لا ذنب له لا يتوجه عليه لوم ) . وكذلك من عفا الله عنه . وإنما كان هذا لإخباره تعالى بذلك ، وخبره صدق . وغيرهما من المذنبين التائبين يرجون رحمته ويخافون عذابه ، فهم على وجل وخوف ألا تقبل توبتهم ، وإن قبلت فالخوف أغلب عليهم إذ لا علم لهم بذلك . فاعلم .[ ص; 232 ]
القول في تأويل قوله ; إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; إنّ الذين ولَّوا عن المشركين، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وانهزموا عنهم.* * *وقوله; " تولَّوا "،" تفعَّلوا "، من قولهم; " ولَّى فلان ظهره ". (23)* * *وقوله; " يوم التقى الجمعان "، يعني; يوم التقى جمعُ المشركين والمسلمين بأحد =" إنما استزلهم الشيطان "، أي; إنما دعاهم إلى الزّلة الشيطانُ.* * *وقوله " استزل "" استفعل " من " الزلة ". و " الزلة "، هي الخطيئة. (24)* * *=" ببعض ما كسبوا "، يعني ببعض ما عملوا من الذنوب (25) . =" ولقد عفا الله عنهم "، يقول; ولقد تجاوز الله عن عقوبة ذنوبهم فصفح لهم عنه (26) =" إن الله غفور "، يعني به; مغطّ على ذنوب من آمن به واتبع رسوله، بعفوه عن عقوبته إياهم عليها =" حليم "، يعني أنه ذو أناة لا يعجل على من عصاه وخالف أمره بالنقمة. (27)* * *ثم اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين عُنوا بهذه الآية.فقال بعضهم; عني بها كلُّ من ولَّى الدُّبُرَ عن المشركين بأحد.*ذكر من قال ذلك;8098- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا أبو بكر بن عياش قال، حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه قال; خطب عمر يوم الجمعة فقرأ "آل عمران "، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها، فلما انتهى إلى قوله; " إنّ الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان "، قال; لما كان يوم أحد هزمناهم، ففررتُ حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنـزو كأنني أرْوَى، (28) والناس يقولون; " قُتل محمد "! فقلت; لا أجد أحدًا يقول; " قتل محمد "، إلا قتلته!. حتى اجتمعنا على الجبل، فنـزلت; " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان "، الآية كلها. (29)8099- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله; " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان "، الآية، وذلك يوم أحد، ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تولوا عن القتال وعن نبيّ الله يومئذ، وكان ذلك من أمر الشيطان وتخويفه، فأنـزل الله عز وجل ما تسمعون; أنه قد تجاوز لهم عن ذلك وعفا عنهم.8100- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله; " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان "، الآية، فذكر نحو قول قتادة.* * *وقال آخرون; بل عني بذلك خاصٌّ ممن ولَّى الدبر يومئذ، قالوا; وإنما عنى به الذين لحقوا بالمدينة منهم دون غيرهم.*ذكر من قال ذلك;8101- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال; لما انهزموا يومئذ، تفرّق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم &; 7-329 &; أصحابه، فدخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها، فذكر الله عز وجل الذين انهزموا فدخلوا المدينة فقال; " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان "، الآية.* * *وقال آخرون; بل نـزل ذلك في رجال بأعيانهم معروفين.*ذكر من قال ذلك;8102- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عكرمة قوله; " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان "، قال; نـزلت في رافع بن المعلَّى وغيره من الأنصار، وأبي حُذيفة بن عتبة ورجل آخر = قال ابن جريج; وقوله; " إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم "، إذ لم يعاقبهم.8103- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال; فرّ عثمان بن عفان، وعقبة بن عثمان، وسعد بن عثمان -رجلان من الأنصار- حتى بلغوا الجلْعَب = (30) جبل بناحية المدينة مما يلي الأعوص - فأقاموا به ثلاثًا، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم; لقد ذهبتم فيها عريضةً!! (31)8104- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قوله; " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا " الآية، &; 7-330 &; والذين استزلهم الشيطان; عثمان بن عفان، وسعد بن عثمان، وعقبة بن عثمان، الأنصاريان، ثم الزّرَقَّيان (32) .* * *وأما قوله; " ولقد عفا الله عنهم "، فإن معناه; ولقد تجاوز الله عن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان، أن يعاقبهم بتوليهم عن عدوّهم. كما;-8105- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله; " ولقد عفا الله عنهم "، يقول; " ولقد عفا الله عنهم "، إذ لم يعاقبهم.8106- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله في تولِّيهم يوم أحد; " ولقد عفا الله عنهم "، فلا أدري أذلك العفو عن تلك العصابة، أم عفوٌ عن المسلمين كلهم؟.* * *وقد بينا تأويل قوله; " إن الله غفور حليم "، فيما مضى. (33)-------------------الهوامش ;(23) انظر تفسير"تولى" فيما سلف 2; 162 ، 299 / 3 ; 115 ، 131 / 4 ; 237 / 6 ; 283 ، 291 ، 477 ، 483.(24) انظر تفسير; "زل" فيما سلف 1; 524 ، 525 / 4; 259 ، 260.(25) انظر تفسير"كسب" فيما سلف 2; 273 ، 274 / 3; 101 ، 128 / 4; 449 / 6 ; 131 ، 295.(26) انظر تفسير"عفا" فيما سلف من فهارس اللغة.(27) انظر تفسير"غفور حليم" فيما سلف من فهارس اللغة.(28) "أنزو"; أثبت ، والنزو الوثب. والأروى; أنثى الوعول ، وهي قوية على التصعيد في الجبال.(29) الأثر; 8098-"أبو هشام الرفاعي" هو"محمد بن يزيد بن محمد بن كثير" ، مضى في رقم; 3286 ، 4557 ، 4888 ، وغيرها. و"أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الحناط" ، قيل اسمه"محمد" ، وقيل; "عبد الله" وقيل وقيل ، ولكن الحافظ قال; "والصحيح أن اسمه كنيته ، كان حافظًا متقنًا ، ولكنه لما كبر ساء حفظه ، فكان يهم إذا روى ، والخطأ والوهم شيئان لا ينفك عنهما البشر ، كما قال ابن حبان". مترجم في التهذيب.و"عاصم بن كليب بن شهاب المجنون الجرمي" ، روى عن أبيه ، وأبي بردة بن أبي موسى ، ومحمد بن كب القرظي ، وغيرهم. روى عنه ابن عون وشعبة وشريك والسفيانان وغيرهم. قال أحمد; "لا بأس بحديثه" ، وقال النسائي وابن معين; "ثقة". وكان من العباد ، ولم يكن كثير الحديث. مترجم في التهذيب.وأبوه; "كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي" ، روى عن أبيه ، وعن خاله الفلتان بن عاصم ، وعمر ، وعلي ، وسعد ، وأبي ذر ، وأبي موسى ، وأبي هريرة وغيرهم. قال ابن سعد; "كان ثقة ، ورأيتهم يستحسنون حديثه ويحتجون به". مترجم في التهذيب.(30) "الجلعب" ضبطه البكري بفتح الجيم وسكون اللام وفتح العين ، وضبطه ياقوت بفتح الجيم واللام وسكون العين ، وقال; وقد تناء بعضهم في الشعر كعادتهم في أمثاله فقال (من أبيات صححتها ، ففي مطبوعة معجم البلدان خطأ كثير);فَمَـا فَتِئَـتْ ضُبْـعُ الجَـلَعْبَيْنِ تَعْتَرىمَصَـارِعَ قَتْـلَى فِـي الـتُّرَابِ سِبَالُهَا(31) قوله; "لقد ذهبتم فيها عريضة" ، أي واسعة. والضمير في قوله; "فيها" إلى"الأرض" ، يقول; لقد اتسعت منادح الأرض في وجوهكم حين فررتم ، فأبعدتم المذهب ، يتعجب من فعلهم. هذا ، ولم أجد الأثر في سيرة ابن هشام.(32) الأثر; 8104- لم أجد هذا الأثر أيضًا في سيرة ابن هشام.(33) انظر ما سلف 5; 117 ، 521.
يخبر تعالى عن حال الذين انهزموا يوم \"أحد\" وما الذي أوجب لهم الفرار، وأنه من تسويل الشيطان، وأنه تسلط عليهم ببعض ذنوبهم. فهم الذين أدخلوه على أنفسهم، ومكنوه بما فعلوا من المعاصي، لأنها مركبه ومدخله، فلو اعتصموا بطاعة ربهم لما كان له عليهم من سلطان. قال تعالى: { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } ثم أخبر أنه عفا عنهم بعدما فعلوا ما يوجب المؤاخذة، وإلا فلو واخذهم لاستأصلهم. { إن الله غفور } للمذنبين الخطائين بما يوفقهم له من التوبة والاستغفار، والمصائب المكفرة، { حليم } لا يعاجل من عصاه، بل يستأني به، ويدعوه إلى الإنابة إليه، والإقبال عليه. ثم إن تاب وأناب قبل منه، وصيره كأنه لم يجر منه ذنب، ولم يصدر منه عيب، فلله الحمد على إحسانه.
(إنّ) حرف مشبه بالفعلـ (الذين) موصول في محلّ نصب اسم إنّ
(تولّوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعلـ (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من ضمير الفاعلـ (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (تولّوا) ،
(التقى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف
(الجمعان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(استزل) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به
(الشيطان) فاعل مرفوع
(ببعض) جارّ ومجرور متعلّق بـ (استزل) ،
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه
(كسبوا) فعل ماض وفاعله.
(الواو) استئنافيّة
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(قد) حرف تحقيق
(عفا) فعل ماض مبنيّ
على الفتح المقدّر على الألف
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(عنهم) مثل منكم متعلّق بـ (عفا) ،
(إنّ) مثل الأولـ (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (غفور) خبر مرفوع
(حليم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «إنّ الذين تولّوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تولّوا منكم» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «التقى الجمعان» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «استزلّهم الشيطان» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «كسبوا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «عفا الله..» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «إنّ الله غفور» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.