وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِين مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلٰىٓ أَعْقٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلٰى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْـًٔا ۗ وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشّٰكِرِينَ
وَمَا مُحَمَّدٌ اِلَّا رَسُوۡلٌ ۚ قَدۡ خَلَتۡ مِنۡ قَبۡلِهِ الرُّسُلُؕ اَفَا۟ٮِٕنْ مَّاتَ اَوۡ قُتِلَ انْقَلَبۡتُمۡ عَلٰٓى اَعۡقَابِكُمۡؕ وَمَنۡ يَّنۡقَلِبۡ عَلٰى عَقِبَيۡهِ فَلَنۡ يَّضُرَّ اللّٰهَ شَيۡـــًٔا ؕ وَسَيَجۡزِى اللّٰهُ الشّٰكِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
وما محمد إلا رسول من جنس الرسل الذين قبله يبلغ رسالة ربه. أفإن مات بانقضاء أجله أو قُتِل كما أشاعه الأعداء رجعتم عن دينكم،، تركتم ما جاءكم به نبيكم؟ ومن يرجِعُ منكم عن دينه فلن يضر الله شيئًا، إنما يضر نفسه ضررًا عظيمًا. أما مَن ثبت على الإيمان وشكر ربه على نعمة الإسلام، فإن الله يجزيه أحسن الجزاء.
لما انهزم ما انهزم من المسلمين يوم أحد وقتل من قتل منهم نادى الشيطان; ألا إن محمدا قد قتل ورجع ابن قميئة إلى المشركين فقال لهم; قتلت محمدا وإنما كان قد ضرب رسول الله فشجه في رأسه فوقع ذلك في قلوب كثير من الناس واعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل وجوزوا عليه ذلك كما قد قص الله عن كثير من الأنبياء عليهم السلام فحصل ضعف ووهن وتأخر عن القتال ففي ذلك أنزل الله تعالى "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" أي له أسوة بهم في الرسالة وفي جواز القتل عليه. قال ابن أبي نجيح عن أبيه; أن رجلا من المهاجرين مر على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال له; يا فلان أشعرت أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل؟ فقال الأنصاري; إن كان محمد قد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم فنزل "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل". رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة. ثم قال تعالى منكرا على من حصل له ضعف "أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" أي رجعتم القهقرى "ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين" أي الذين قاموا بطاعته وقاتلوا عن دينه واتبعوا رسوله حيا وميتا. وكذلك ثبت في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها من كتب الإسلام من طرق متعددة تفيد القطع وقد ذكرت ذلك في مسندي الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أن الصديق رضي الله عنه تلا هذه الآية لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال البخاري; حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن أبا بكر رضي الله عنه أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغطى بثوب حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه وقبله وبكى ثم قال; بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها. وقال الزهري; وحدثني أبو سلمة عن ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس وقال; اجلس يا عمر قال أبو بكر; أما بعد من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله تعالى "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل - إلى قوله - وسيجزي الله الشاكرين" قال; فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها عليهم أبو بكر فتلاها منه الناس كلهم فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها. وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال; والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعرقت حتى ما تقلني رجلاي وحتى هويت إلى الأرض. وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبدالعزيز حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد حدثنا أسباط بن نصر عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم "أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه فمن أحق به مني.
قوله تعالى ; وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرينفيه خمس مسائل ;الأولى ; روي أنها نزلت بسبب انهزام المسلمين يوم أحد حين صاح الشيطان ; قد قتل محمد . قال عطية العوفي ; فقال بعض الناس ; قد أصيب محمد فأعطوهم بأيديكم فإنما هم إخوانكم . وقال بعضهم ; إن كان محمد قد أصيب ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به ; فأنزل الله تعالى في ذلك وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إلى قوله ; فآتاهم الله ثواب الدنيا . و " ما " نافية ، وما بعدها ابتداء وخبر ، وبطل عمل " ما " . وقرأ ابن عباس " قد خلت من قبله رسل " بغير ألف ولام . فأعلم الله تعالى في هذه الآية أن الرسل ليست بباقية في قومها أبدا ، وأنه يجب التمسك بما أتت به الرسل وإن فقد الرسول بموت أو قتل . وأكرم نبيه - صلى الله عليه وسلم - وصفيه باسمين مشتقين من اسمه ; محمد وأحمد ، تقول العرب ; رجل محمود ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة ، قال الشاعر ;[ ص; 211 ]إلى الماجد القرم الجواد المحمدوقد مضى هذا في الفاتحة . وقال عباس بن مرداس ;يا خاتم النبآء إنك مرسل بالخير كل هدى السبيل هداكاإن الإله بنى عليك محبة في خلقه ومحمدا سماكافهذه الآية من تتمة العتاب مع المنهزمين ، أي لم يكن لهم الانهزام وإن قتل محمد ، والنبوة لا تدرأ الموت ، والأديان لا تزول بموت الأنبياء ، والله أعلم .الثانية ; هذه الآية أدل دليل على شجاعة الصديق وجراءته ، فإن الشجاعة والجرأة حدهما ثبوت القلب عند حلول المصائب ، ولا مصيبة أعظم من موت النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم بيانه في " البقرة " فظهرت عنده شجاعته وعلمه . قال الناس ; لم يمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم عمر ، وخرس عثمان ، واستخفى علي ، واضطرب الأمر فكشفه الصديق بهذه الآية حين قدومه من مسكنه بالسنح ، الحديث ; كذا في البخاري . وفي سنن ابن ماجه عن عائشة قالت ; لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر عند امرأته ابنة خارجة بالعوالي ، فجعلوا يقولون ; لم يمت النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو بعض ما كان يأخذه عند الوحي . فجاء أبو بكر فكشف عن وجهه وقبل بين عينيه وقال ; أنت أكرم على الله من أن يميتك مرتين . قد والله مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر في ناحية المسجد يقول ; والله ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يموت حتى يقطع أيدي أناس من المنافقين كثير وأرجلهم . فقام أبو بكر فصعد المنبر فقال ; من كان يعبد الله فإن الله حي لم يمت ، ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين . قال عمر ; " فلكأني لم أقرأها إلا يومئذ " . ورجع عن مقالته التي قالها فيما ذكر الوائلي أبو نصر عبيد الله في كتابه الإبانة ; عن أنس بن مالك أنه سمع عمر بن الخطاب حين بويع أبو بكر في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستوى على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشهد قبلأبي بكر فقال ; أما بعد فإني قلت لكم أمس مقالة وإنها لم تكن كما قلت ، وإني والله ما وجدت المقالة التي قلت لكم في كتاب أنزله الله ولا في عهد عهده إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكني [ ص; 212 ] كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يدبرنا - يريد أن يقول حتى يكون آخرنا موتا - فاختار الله عز وجل لرسوله الذي عنده على الذي عندكم ، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله فخذوا به تهتدوا لما هدي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال الوائلي أبو نصر ; المقالة التي قالها ثم رجع عنها هي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم " وكان قال ذلك لعظيم ما ورد عليه ، وخشي الفتنة وظهور المنافقين ، فلما شاهد قوة يقينالصديق الأكبر أبي بكر ، وتفوهه بقول الله عز وجل ; كل نفس ذائقة الموت وقوله ; إنك ميت وإنهم ميتون وما قاله ذلك اليوم تنبيه وتثبيت وقال ; كأني لم أسمع بالآية إلا من أبي بكر . وخرج الناس يتلونها في سكك المدينة ، كأنها لم تنزل قط إلا ذلك اليوم ومات - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين بلا اختلاف ، في وقت دخولهالمدينة في هجرته حين اشتد الضحاء ، ودفن يوم الثلاثاء ، وقيل ليلة الأربعاء . وقالت صفية بنت عبد المطلب ترثي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ;ألا يا رسول الله كنت رجاءنا وكنت بنا برا ولم تك جافياوكنت رحيما هاديا ومعلما ليبك عليك اليوم من كان باكيالعمرك ما أبكي النبي لفقده ولكن لما أخشى من الهرج آتياكأن على قلبي لذكر محمد وما خفت من بعد النبي المكاوياأفاطم صلى الله رب محمد على جدث أمسى بيثرب ثاويافدى لرسول الله أمي وخالتي وعمي وآبائي ونفسي ومالياصدقت وبلغت الرسالة صادقا ومت صليب العود أبلج صافيافلو أن رب الناس أبقى نبينا سعدنا ولكن أمره كان ماضياعليك من الله السلام تحية وأدخلت جنات من العدن راضياأرى حسنا أيتمته وتركته يبكي ويدعو جده اليوم ناعيافإن قيل وهي ;الثالثة ; فلم أخر دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال لأهل بيت أخروا دفن ميتهم ; ( عجلوا دفن جيفتكم ولا تؤخروها ) . فالجواب من ثلاثة أوجه ; الأول ; ما ذكرناه من عدم اتفاقهم على [ ص; 213 ] موته . الثاني ; لأنهم لا يعلمون حيث يدفنونه . قال قوم في البقيع ، وقال آخرون في المسجد ، وقال قوم ; يحبس حتى يحمل إلى أبيه إبراهيم . حتى قال العالم الأكبر ; سمعته يقول ; ما دفن نبي إلا حيث يموت ذكره ابن ماجه والموطأ وغيرهما . الثالث ; أنهم اشتغلوا بالخلاف الذي وقع بين المهاجرين والأنصار في البيعة ، فنظروا فيها حتى استتب الأمر وانتظم الشمل واستوثقت الحال ، واستقرت الخلافة في نصابها فبايعوا أبا بكر ، ثم بايعوه من الغد بيعة أخرى عن ملأ منهم ورضا ; فكشف الله به الكربة من أهل الردة ، وقام به الدين ، والحمد لله رب العالمين . ثم رجعوا بعد ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظروا في دفنه وغسلوه وكفنوه ، والله أعلم .الرابعة ; واختلف هل صلي عليه أم لا ، فمنهم من قال ; لم يصل عليه أحد ، وإنما وقف كل واحد يدعو ، لأنه كان أشرف من أن يصلى عليه . وقال ابن العربي ; وهذا كلام ضعيف ; لأن السنة تقام بالصلاة عليه في الجنازة ، كما تقام بالصلاة عليه في الدعاء ، فيقول ; اللهم صل على محمد إلى يوم القيامة ، وذلك منفعة لنا . وقيل ; لم يصل عليه ; لأنه لم يكن هناك إمام . وهذا ضعيف لأن الذي كان يقيم بهم الصلاة الفريضة هو الذي كان يؤم بهم في الصلاة . وقيل ; صلى عليه الناس أفذاذا ; لأنه كان آخر العهد به ، فأرادوا أن يأخذ كل أحد بركته مخصوصا دون أن يكون فيها تابعا لغيره . والله أعلم بصحة ذلك .قلت ; قد خرج ابن ماجه بإسناد حسن بل صحيح من حديث ابن عباس وفيه ; فلما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته ، ثم دخل الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسالا يصلون عليه ، حتى إذا فرغوا أدخلوا النساء ، حتى إذا فرغن أدخلوا الصبيان ، ولم يؤم الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد . خرجه عن نصر بن علي الجهضمي أنبأنا وهب بن جرير [ ص; 214 ] حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق . قال حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس ، الحديث بطوله .الخامسة ; في تغيير الحال بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أنس قال ; لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أضاء منها كل شيء ، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء ، وما نفضنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا . أخرجه ابن ماجه ، وقال ; حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال ; كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخافة أن ينزل فينا القرآن ، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلمنا . وأسند عن أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت ; كان الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام المصلي يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه ، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر ، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع جبينه ، فتوفي أبو بكر وكان عمر ، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة ، فكان عثمان بن عفان فكانت الفتنة فتلفت الناس في الصلاة يمينا وشمالا .قوله تعالى ; أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم أفإن مات شرط أو قتل عطف عليه ، والجواب انقلبتم . ودخل حرف الاستفهام على حرف الجزاء لأن الشرط قد انعقد به وصار جملة واحدة وخبرا واحدا . والمعنى ; أفتنقلبون على أعقابكم إن مات أو قتل ؟ وكذلك كل استفهام دخل على حرف الجزاء ; فإنه في غير موضعه ، وموضعه أن يكون قبل جواب الشرط . وقوله انقلبتم على أعقابكم تمثيل ، ومعناه ارتددتم كفارا بعد إيمانكم ، قال قتادة وغيره . ويقال لمن عاد إلى ما كان عليه ; انقلب على عقبيه . ومنه نكص على عقبيه . وقيل ; المراد بالانقلاب هنا الانهزام ، فهو حقيقة لا مجاز . وقيل ; المعنى فعلتم فعل المرتدين وإن لم تكن ردة .[ ص; 215 ] قوله تعالى ; ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا بل يضر نفسه ويعرضها للعقاب بسبب المخالفة ، والله تعالى لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية لغناه . وسيجزي الله الشاكرين ، أي الذين صبروا وجاهدوا واستشهدوا . وجاء وسيجزي الله الشاكرين بعد قوله ; فلن يضر الله شيئا فهو اتصال وعد بوعيد .
القول في تأويل قوله ; وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; وما محمد إلا رسول كبعض رسل الله الذين أرسلهم إلى خلقه، داعيًا إلى الله وإلى طاعته، الذين حين انقضت آجالهم ماتوا وقبضهم الله إليه. (14) يقول جل ثناؤه; فمحمد صلى الله عليه وسلم إنما هو فيما الله به صانعٌ من قبضه إليه عند انقضاء مدة أجله، كسائر رسله إلى خلقه الذين مضوْا قبله، (15) وماتوا عند انقضاء مدة آجالهم.ثم قال لأصحاب محمد، معاتبَهم على ما كان منهم من الهلع والجزع حين قيل لهم بأحُد; " إنّ محمدًا قتل "، ومُقبِّحًا إليهم انصرافَ من انصرفَ منهم عن عدوهم وانهزامه عنهم; أفائن مات محمد، أيها القوم، لانقضاء مدة أجله، أو قتله عدو = (16) " انقلبتم على أعقابكم "، = يعني; ارتددتم عن دينكم الذي بعث الله محمدًا بالدعاء إليه ورجعتم عنه كفارًا بالله بعد الإيمان به، وبعد ما قد وَضَحت لكم صحةُ ما دعاكم محمد إليه، وحقيقةُ ما جاءكم به من عند ربه =" ومن ينقلب على عقبيه "، يعني بذلك; ومن يرتدد منكم عن دينه ويرجع كافرًا بعد إيمانه، (17) =" فلن يضر الله شيئًا " يقول; فلن يوهن ذلك عزة الله ولا سلطانه، ولا يدخل بذلك نقصٌ في ملكه، (18) بل نفسه يضر بردَّته، وحظَّ نفسه ينقص بكفره =" وسيجزي الله الشاكرين "، يقول; وسيثيب الله من شكره على توفيقه وهدايته إياه لدينه، بثبوته على ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إن هو مات أو قتل، واستقامته على منهاجه، وتمسكه بدينه وملته بعده. كما;-7938- حدثنا المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هاشم قال، أخبرنا سيف بن عمر، (19) عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي في قوله; " وسيجزي الله الشاكرين "، الثابتين على دينهم أبا بكر وأصحابه. فكان عليّ رضي الله عنه يقول; كان أبو بكر أمين الشاكرين، وأمين أحِباء الله، وكان أشكرَهم وأحبَّهم إلى الله.7939- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن العلاء بن بدر قال; إن أبا بكر أمينُ الشاكرين. وتلا هذه الآية; " وسيجزي الله الشاكرين ". (20)7940- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " وسيجزي الله الشاكرين "، أي; من أطاعه وعمل بأمره. (21)* * *وذكر أن هذه الآية أنـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن انهزم عنه بأحد من أصحابه.*ذكر الأخبار الواردة بذلك;7941- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " إلى قوله; " وسيجزي الله الشاكرين "، ذاكم يوم أحُد، حين أصابهم القَرْح والقتل، ثم تناعوا نبي الله صلى الله عليه وسلم تَفِئة ذلك، (22) فقال أناسٌ; " لو كان نبيًّا ما قتل "! وقال أناس من عِليْة أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم; " قاتلوا على ما قاتل عليه محمدٌ نبيكم حتى يفتح الله لكم أو تلحقوا به "! فقال الله عز وجل; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن ماتَ أو قتل انقلبتم على أعقابكم "، يقول; إن مات نبيكم أو قُتل، ارتددتم كفارًا بعد إيمانكم.7942- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بنحوه = وزاد فيه، قال الربيع; وذكر لنا والله أعلم، أنّ رجلا من المهاجرين مرّ على رجل من الأنصار وهو يتشحَّط في دمه، (23) فقال; يا فلان، أشعرت أنّ محمدًا قد قتل؟ (24) فقال الأنصاري; إن كان محمد قد قتل، فقد بلَّغ، فقاتلوا عن دينكم. فأنـزل الله عز وجل; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم "، يقول; ارتددتم كفارًا بعد إيمانكم.7943- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال; لما برز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحُد إليهم - يعني; إلى المشركين - أمر الرماة فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين وقال; " لا تبرحوا مكانكم إن رأيتمونا قد هزمناهم، فإنا لن نـزال غالبين ما ثبتُّم مكانكم ". (25) وأمرَّ عليهم عبد الله بن جبير، أخا خوَّات بن جبير. (26)= ثم شدّ الزبيرُ بن العوام والمقدادُ بن الأسود على المشركين فهزماهم، وحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهزموا أبا سفيان. فلما رأى ذلك خالد بن الوليد، وهو على خيل المشركين، كرّ. (27) فرمته الرماة فانقمع. (28) فلما نظرَ الرماة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جوف عسكر المشركين ينتهبونه، بادرُوا الغنيمة، فقال بعضهم; " لا نترك أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم "! فانطلق عامتهم فلحقوا بالعسكر. فلما رأى خالد قلة الرماة، صاح في خيله ثم حمل، فقتل الرماة وحَمل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فلما رأى المشركونَ أنّ خيلهم تقاتل، تنادوْا، (29) فشدُّوا على المسلمين فهزموهم وقتلوهم. (30) .=فأتى ابن قميئة الحارثي - أحد بني الحارث بن عبد مناف بن كنانة (31) - فرمى &; 7-255 &; رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر فكسرَ أنفه ورباعيته، وشجَّه في وجهه فأثقله، (32) وتفرق عنه أصحابه، ودخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس; " إليَّ عباد الله! إلى عباد الله!"، فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فجعلوا يسيرون بين يديه، فلم يقف أحدٌ إلا طلحة وسهل بن حنيف. فحماه طلحة، فَرُمِيَ بسهم في يده فيبست يده.= وأقبل أبي بن خلف الجمحي - وقد حلف ليقتلن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم; بل أنا أقتله (33) - فقال; يا كذاب، أين تفرّ؟ فحمل عليه، فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في جيب الدرع، (34) فجُرح جَرحًا خفيفًا، فوقع يخور خوار الثور. (35) فاحتملوه وقالوا; ليس بك جراحة!، [فما يُجزعك]؟ (36) قال; أليس قال; " لأقتلنك "؟ لو كانت لجميع ربيعة ومضر لقتلتهم! ولم يلبث إلا يومًا وبعض يوم حتى مات من ذلك الجرح.= وفشا في الناس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قُتل، فقال بعض أصحاب الصخرة; " ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي، فيأخذ لنا أمَنَةً من أبي سفيان!! يا قوم، إن محمدًا قد قتل، فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم ". (37) قال أنس بن النضر; " يا قوم، إن كان محمد قد قُتل، فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم إنى أعتذر إليك مما &; 7-256 &; يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء "! ثم شدّ بسيفه فقاتل حتى قتل.= وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس، حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة. فلما رأوه، وضع رجُل سهمًا في قوسه فأراد أن يرميه، فقال; " أنا رسول الله "! ففرحوا حين وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًّا، وفرحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أنّ في أصحابه من يمتنع به. (38) فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهب عنهم الحزن، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا. (39)= فقال الله عز وجل للذين قالوا; إن محمدًا قد قتل، فارجعوا إلى قومكم " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن ماتَ أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزي الله الشاكرين ". (40)7944- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " ومن ينقلب على عقبيه "، قال; يرتدّ.7945- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه = وحدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه =; أنّ رجلا من المهاجرين مرّ على رجل من الأنصار وهو يتشحَّط في دمه، فقال; يا فلان أشعرت أن محمدًا قد قتل! فقال الأنصاري; إن كان محمد قد قتل، فقد بلَّغ! فقاتلوا عن دينكم.7946- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع، أخو بني عدي بن النجار قال; انتهى &; 7-257 &; أنس بن النضر = عم أنس بن مالك = إلى عمر، وطلحة بن عبد الله، في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم، (41) فقال; ما يجلسكم؟ قالوا; قتل محمدٌ رسول الله! قال; فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله! واستقبل القومَ فقاتل حتى قتل = وبه سمي أنس بن مالك. (42)7947- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك قال; نادى منادٍ يوم أحد حين هزم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم; " ألا إنّ محمدًا قد قتل، فارجعوا إلى دينكم الأول "! فأنـزل الله عز وجل; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل "، الآية.7948- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال; القى في أفواه المسلمين يومَ أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فنـزلت هذه الآية; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " الآية.7949- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل هو وعصابة معه يومئذ على أكمة، والناس يفرُّون، ورجل قائم على الطريق يسألهم; " ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم "؟ وجعل كلما مروا عليه يسألهم، فيقولون; " والله ما ندري ما فعل "! فقال; " والذي نفسي بيده، لئن كان النبي صلى الله عليه وسلم قُتل، لنعطينَّهم بأيدينا، إنهم لعشائرنا وإخواننا "! وقالوا; " إن محمدًا إن كان حيًّا لم يهزم، ولكنه قُتل "! فترخَّصوا في الفرار حينئذ. فأنـزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل "، الآية كلها.7950- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " الآية، ناس من أهل الارتياب والمرض والنفاق، قالوا يوم فرّ الناس عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وشُجَّ فوق حاجبه وكُسرت رباعيته; " قُتل محمد، فالحقوا بدينكم الأول "! فذلك قوله; " أفإئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ".7951- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " أفائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم "، قال; ما بينكم وبين أن تدعوا الإسلام وتنقلبوا على أعقابكم إلا أن يموت محمد أو يقتل! فسوف يكون أحد هذين; فسوف يموت، أو يقتل.7952- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل "، إلى قوله; " وسيجزي الله الشاكرين "، أي; لقول الناس; " قتل محمد "، وانهزامهم عند ذلك وانصرافهم عن عدوهم = أي; أفائن مات نبيكم أو قتل، رجعتم عن دينكم كفارًا كما كنتم، وتركتم جهاد عدوكم وكتابَ الله، وما قد خلف نبيُّه من دينه معكم وعندكم، وقد بين لكم فيما جاءكم عني أنه ميتٌ ومفارقكم؟ =" ومن ينقلب على عقبيه "، أي; يرجع عن دينه =" فلن يضر الله شيئا "، أي; لن ينقص ذلك من عز الله ولا ملكه ولا سلطانه. (43)7953- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج; قال; أهل المرض والارتياب والنفاق، حين فرّ الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم; " قد قتل محمد، فألحقوا بدينكم الأول "! فنـزلت هذه الآية.* * *قال أبو جعفر; ومعنى الكلام; وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفتنقلبون على أعقابكم، إن مات محمد أو قتل؟ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئا = فجعل الاستفهام في حرْف الجزاء، ومعناه أن يكون في جوابه. وكذلك كلّ استفهام دخل على جزاء، فمعناه أن يكون في جوابه. لأن الجواب خبرٌ يقوم بنفسه، والجزاء شرط لذلك الخبر، ثم يجزم جوابه وهو كذلك ومعناه الرفع، لمجيئه بعد الجزاء، كما قال الشاعر; (44)حَـلَفْتُ لَـهُ إنْ تُـدْلِجِ اللَّيـلَ لا يَـزَلْأَمَــامَك بَيْـتٌ مِـنْ بُيُـوتِي سَـائِر (45)فمعنى " لا يزل " رفع، ولكنه جزم لمجيئه بعد الجزاء، فصار كالجواب. ومثله; أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [سورة الأنبياء; 34] و فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ [سورة المزمل; 17]، (46) ولو كان مكان فَهُمُ الْخَالِدُونَ ،" يخلدون "، وقيل; " أفائن مت يخلدوا "، جاز الرفع فيه والجزم. وكذلك لو كان مكان " انقلبتم "،" تنقلبوا "، جاز الرفع والجزم، لما وصفت قبل. (47) وتركت إعادة الاستفهام ثانية مع قوله; " انقلبتم "، اكتفاءً بالاستفهام في أول الكلام، وأنّ الاستفهام في أوَّله دالٌّ على موضعه ومكانه.وقد كان بعض القرأة يختار في قوله; أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا &; 7-260 &; لَمَبْعُوثُونَ [سورة المؤمنون ; 82 سورة الصافات; 16سورة الواقعة; 47]، (48) ترك إعادة الاستفهام مع " أئنا "، اكتفاء بالاستفهام في قوله; أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا ، ويستشهد على صحة وجه ذلك بإجماع القرأة على تركهم إعادة الاستفهام مع قوله; (49) " انقلبتم "، اكتفاء بالاستفهام في قوله; " أفائن مات "، إذ كان دالا على معنى الكلام وموضع الاستفهام منه. (50) وكان يفعل مثل ذلك في جميع القرآن.وسنأتي على الصواب من القول في ذلك إن شاء الله إذا انتهينا إليه. (51)------------------الهوامش ;(14) قوله; "الذين حين انقضت آجالهم" ، من صفة"رسل الله" الذين ذكرهم قبل.(15) في المخطوطة والمطبوعة; "كسائر مدة رسله إلى خلقه" بزيادة"مدة" ، وهي مفسدة للكلام وكأنها سبق قلم من الناسخ ، فلذلك أسقطتها.(16) في المطبوعة; "أو قتله عدوكم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(17) انظر تفسير"انقلب على عقبيه" فيما سلف 3; 163.(18) في المطبوعة; "ولا يدخل بذلك" ، وأثبت ما في المخطوطة.(19) في المطبوعة; "سيف بن عمرو" ، وهو خطأ والصواب من المخطوطة. وهو; "سيف بن عمر التميمي" صاحب كتاب الردة والفتوح. وقد أكثر أبو جعفر سياق روايته في تاريخه.(20) الأثر; 7939-"العلاء بن بدر" ، هو; "العلاء بن عبد الله بن بدر الغنوي" ، نسب إلى جده ، أرسل عن علي. وهو ثقة. مترجم في التهذيب.(21) الأثر; 7940- سيرة ابن هشام 3; 118 ، وهو من تتمة الآثار التي آخرها; 7937.(22) في المطبوعة; "ثم تنازعوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بقية ذلك" ، وهو كلام أهدر معناه. وأما السيوطي في الدر المنثور 2; 80 فقد خفى عليه صواب الكلام ، فجعله; "ثم تداعوا نبي الله قالوا قد قتل" ، ولعلها رواية الربيع ، كما نسبها إليه. أما المخطوطة فإن فيها"ساعوا" ، و" ذلك" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله; "تناعوا نبي الله" أي نعاه بعضهم لبعض ، قالوا; قتل نبي الله. وكانت العرب تتناعى في الحرب ، ينعون قتلاهم ليحرضوهم على القتل وطلب الثأر. وقوله; "تفئة ذلك" ، أي; على إثر ذلك. يقال; "أتيته على تفئة ذلك" أي; على حينه وزمانه. وفي الحديث; "دخل عمر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم دخل أبو بكر على تفئة ذلك" ، أي على إثره ، وفي ذلك الحين.(23) تشحط القتيل في دمه; تخبط فيه واضطرب وتمرغ.(24) قوله; "أشعرت" ، أي; أعلمت.(25) نص ما في تاريخ الطبري; "إن رأيتم قد هزمناهم ، فإنا لا نزال غالبين" ، وهي أجود ، وأخشى أن يكون ما في التفسير من تصرف الناسخ. ثم انظر ما سيأتي رقم; 8004.(26) بين هذه الفقرة والتي تليها ، كلام قد اختصره أبو جعفر ، وأثبته في روايته في التاريخ.(27) في المطبوعة مكان"كر""قدم" بمعنى أقدم. وهو تصرف كالمقبول من الناشر الأول ، ولكنه في المخطوطة"لر" وعلى الراء شدة ، وصواب قراءتها ما أثبت."كر على العدو" رجع وعطف ثم حمل عليه. وأما رواية التاريخ ، ففيها مكان"كر""حمل" ، وهما سواء في المعنى ، والأولى أجودهما. وانظر ما سيأتي في التعليق على الأثر; 8004.(28) انقمع; رجع وارتد وتداخل فرقًا وخوفًا.(29) في المطبوعة; "تبادروا" ، وهو خطأ غث ، والصواب من المخطوطة والتاريخ ، ومن الأثر الآتي; 8004. وقوله; "تنادوا" تداعوا ونادى بعضهم بعضًا لكي يؤوبوا إلى المعرك.(30) إلى هذا الموضع من الأثر ، انتهى ما رواه أبو جعفر في تاريخه 3; 14 ، 15 ، وسيأتي تخريج بقية الأثر كله في آخره. وانظر ما سيأتي رقم; 8004.(31) في المطبوعة والمخطوطة; "بني الحارث بن عبد مناف" ، وهو خطأ محض. والصواب من التاريخ ومن نسب القوم.(32) الرباعية (مثل ثمانية); إحدى الأسنان الأربعة التي تلي الثنايا ، بين الثنية والناب.(33) في المطبوعة; "بل أقتلك" ، غير الناشر ما في المخطوطة ، وهو موافق لما في التاريخ ، ظنًا منه أن أبي بن خلف ، قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك كذلك ، بل قاله في مغيبه لا في مشهده. فلما بلغ ذلك رسول الله قال; بل أنا أقتله.(34) في المطبوعة والمخطوطة; "جنب الدرع" ، وهو خطأ ، صوابه من التاريخ. وجيب القميص والدرع; الموضع الذي يقور منه ويقطع ، لكي يلبس من ناحيته.(35) في المطبوعة والمخطوطة; "يخور خوران الثور" ، وهو خطأ صرف ، والصواب من التاريخ. خار الثور يخور خوارًا; صاح وصوت أشد صوت. وليس في مصادره"خوران".(36) الزيادة بين القوسين من التاريخ.(37) الأمنة (بفتح الألف والميم والنون); الأمان.(38) في المخطوطة والمطبوعة"من يمتنع" بإسقاط"به" وليست بشيء ، والصواب من التاريخ. وانظر التعليق على الأثر رقم; 8064 ، الآتي.(39) في المخطوطة والمطبوعة; "ويذكرون أصحابه" ، والصواب من التاريخ.(40) الأثر; 7943- صدره في التاريخ 3; 14 ، 15 / ثم سائره فيه 3; 20 / ثم انظر رقم; 8004.(41) "ألقى بيده"; استسلم ، فبقى لا يصنع شيئًا يأسًا أو مللا. وهو مجاز ، كأنه طرح يده طرحًا بعيدًا عنه.(42) الأثر; 7946- سيرة ابن هشام 3; 88 ، وتاريخ الطبري 3; 19.(43) الأثر; 7952- سيرة ابن هشام 3; 117 ، 118 ، وهو تتمة الآثار السالفة التي آخرها; 7937 ، ثم تتمة هذا الأثر ، مرت برقم; 7940.(44) هو الراعي.(45) معاني القرآن للفراء 1; 69 ، 236 ، والمعاني الكبير; 805 ، والخزانة 4; 450 ، وسيأتي في التفسير 13; 69 (بولاق) ، ورواه ابن قتيبة في المعاني الكبير; "عائر" مكان"سائر" وقال; "أي بيت هجاء سائر". وذلك من قولهم; "عار الفرس" ، إذا أفلت وذهب على وجهه ، وذهب وجاء مترددًا. ويقال; "قصيدة عائرة" ، أي سائرة في كل وجه. وكان في المطبوعة هنا"ساتر" وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة ، ومن الموضع الآخر من التفسير ، ومن المراجع.(46) في المطبوعة والمخطوطة"وكيف تتقون. . ." ، وهو خطأ في التلاوة.(47) انظر معاني القرآن للفراء 1; 236.(48) في المطبوعة والمخطوطة; "أئذا كنا ترابًا وعظامًا "أسقط"متنا" والواو من"وكنا" ، وهو خطأ في التلاوة.(49) في المطبوعة"باجتماع القراء" ، وأثبت ما في المخطوطة.(50) في المخطوطة والمطبوعة; "إذا كان دالا" ، والصواب"إذ" كما أثبتها.(51) كأنه يعني ما سيأتي في تفسيره 13; 69 (بولاق) ، فإذا وجدت بعد ذلك مكانًا آخر غيره أشرت إليه.
يقول تعالى: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } أي: ليس ببدع من الرسل، بل هو من جنس الرسل الذين قبله، وظيفتهم تبليغ رسالات ربهم وتنفيذ أوامره، ليسوا بمخلدين، وليس بقاؤهم شرطا في امتثال أوامر الله، بل الواجب على الأمم عبادة ربهم في كل وقت وبكل حال، ولهذا قال: { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } بترك ما جاءكم من إيمان أو جهاد، أو غير ذلك. قال [الله] تعالى: { ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا } إنما يضر نفسه، وإلا فالله تعالى غني عنه، وسيقيم دينه، ويعز عباده المؤمنين، فلما وبخ تعالى من انقلب على عقبيه، مدح من ثبت مع رسوله، وامتثل أمر ربه، فقال: { وسيجزي الله الشاكرين } والشكر لا يكون إلا بالقيام بعبودية الله تعالى في كل حال. وفي هذه الآية الكريمة إرشاد من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعهم عن إيمانهم أو عن بعض لوازمه، فقدُ رئيس ولو عظم، وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدين بعدة أناس من أهل الكفاءة فيه، إذا فقد أحدهم قام به غيره، وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله، والجهاد عنه، بحسب الإمكان، لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس، فبهذه الحال يستتب لهم أمرهم، وتستقيم أمورهم. وفي هذه الآية أيضا أعظم دليل على فضيلة الصديق الأكبر أبي بكر، وأصحابه الذين قاتلوا المرتدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هم سادات الشاكرين.
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية مهملة
(محمّد) مبتدأ مرفوع
(إلّا) أداة حصر
(رسول) خبر المبتدأ مرفوع
(قد) حرف تحقيق
(خلت) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والتاء للتأنيث
(من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (خلت) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الرسل) فاعل مرفوع
(الهمزة) للاستفهام الإنكاري
(الفاء) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(مات) فعل ماض مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أو) حرف عطف
(قتل) ماض مبنيّ للمجهول في محلّ جزم معطوف على مات، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (انقلب) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم جواب الشرط و (تم) ضمير فاعلـ (على أعقاب) جارّ ومجرور متعلّق بـ (انقلبتم) و (كم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة- أو استئنافيّة-
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(ينقلب) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على عقبي) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ينقلب) وعلامة الجرّ الياء و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لن) حرف نفي ونصبـ (يضرّ)
مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوبـ (شيئا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر أي لن يضرّه شيئا من الضرر.
(الواو) استئنافيّة
(السين) حرف استقبالـ (يجزي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(الشاكرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «ما محمّد إلّا رسول» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «خلت ... الرسل» في محلّ رفع نعت لرسول.
وجملة: «إن مات ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «قتل ... » لا محلّ لها معطوفة على مات.
وجملة: «انقلبتم..» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «من ينقلب ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة- أو استئنافيّة.
وجملة: «ينقلب ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «لن يضرّ الله» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «سيجزي الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.