وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحٰنَ اللَّهِ وَتَعٰلٰى عَمَّا يُشْرِكُونَ
وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُؕ مَا كَانَ لَهُمُ الۡخِيَرَةُ ؕ سُبۡحٰنَ اللّٰهِ وَتَعٰلٰى عَمَّا يُشۡرِكُوۡنَ
تفسير ميسر:
وربك يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويصطفي لولايته مَن يشاء من خلقه، وليس لأحد من الأمر والاختيار شيء، وإنما ذلك لله وحده سبحانه، تعالى وتنزَّه عن شركهم.
يخبر تعالى أنه المنفرد بالخلق والاختيار وأنه ليس له في ذلك منازع ولا معقب قال تعالى; "وربك يخلق ما يشاء ويختار" أي ما يشاء فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فالأمور كلها خيرها وشرها بيده ومرجعها إليه. وقوله; "ما كان لهم الخيرة" نفي على أصح القولين كقوله تعالى; "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" وقد اختار ابن جرير أن "ما" ههنا بمعنى الذي تقديره; ويختار الذي لهم فيه خيرة وقد احتج بهذا المسلك طائفة المعتزلة على وجوب مراعاة الأصلح والصحيح أنها نافيه كما نقله ابن أبي حاتم عن ابن عباس وغيره أيضا فإن المقام في بيان انفراده تعالى بالخلق والتقدير والاختيار وأنه لا نظير له في ذلك ولهذا قال; "سبحان الله وتعالى عما يشركون" أي من الأصنام والأنداد التي لا تخلق ولا تختار شيئا.
قوله تعالى ; وربك يخلق ما يشاء ويختار هذا متصل بذكر الشركاء الذين عبدوهم واختاروهم للشفاعة ; أي الاختيار إلى الله تعالى في الشفعاء لا إلى المشركين وقيل ; هو جواب الوليد بن المغيرة حين قال ; لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم يعني نفسه زعم ، وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف وقيل ; هو جواب اليهود إذ قالوا لو كان الرسول إلى محمد غير جبريل لآمنا به . قاله ابن عباس ; والمعنى ; وربك يخلق ما يشاء من خلقه ويختار منهم من يشاء لطاعته وقال يحيى بن سلام ; والمعنى ; وربك يخلق ما يشاء من خلقه ويختار من يشاء لنبوته . وحكى النقاش أن المعنى ; وربك يخلق ما يشاء من خلقه يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، ويختار الأنصار لدينه .[ ص; 280 ] قلت ; وفي كتاب البزار مرفوعا صحيحا عن جابر إن الله تعالى اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لي من أصحابي أربعة - يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - فجعلهم أصحابي وفي أصحابي كلهم خير واختار أمتي على سائر الأمم واختار لي من أمتي أربعة قرون وذكر سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أبيه في قوله عز وجل ; وربك يخلق ما يشاء ويختار قال ; من النعم الضأن ، ومن الطير الحمام . والوقف التام ; ( ويختار ) وقال علي بن سليمان ; هذا وقف التمام ولا يجوز أن تكون ( ما ) في موضع نصب ب ( يختار ) لأنها لو كانت في موضع نصب لم يعد عليها شيء قال ; وفي هذا رد على القدرية . قال النحاس ; التمام ( ويختار ) أي ويختار الرسل ما كان لهم الخيرة أي ليس يرسل من اختاروه هم . قال أبو إسحاق ; ( ويختار ) هذا الوقف التام المختار ويجوز أن تكون ( ما ) في موضع نصب ب ( يختار ) ويكون المعنى ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة . قال القشيري ; الصحيح الأول لإطباقهم على الوقف على قوله ; ( ويختار ) . قال المهدوي ; وهو أشبه بمذهب أهل السنة و ( ما ) من قوله ; ما كان لهم الخيرة نفي عام لجميع الأشياء أن يكون للعبد فيها شيء سوى اكتسابه بقدرة الله عز وجل . الزمخشري ; ما كان لهم الخيرة بيان لقوله ; ( ويختار ) لأن معناه يختار ما يشاء ; ولهذا لم يدخل العاطف ، والمعنى ; وإن الخيرة لله تعالى في أفعاله وهو أعلم بوجوه الحكمة فيها ; أي ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه . وأجاز الزجاج وغيره أن تكون ( ما ) منصوبة ب ( يختار ) .وأنكر الطبري أن تكون ( ما ) نافية ، لئلا يكون المعنى ; إنهم لم تكن لهم الخيرة فيما مضى وهي لهم فيما يستقبل ، ولأنه لم يتقدم كلام بنفي . قال المهدي ; ولا يلزم ذلك ; لأن ( ما ) تنفي الحال والاستقبال ك ( ليس ) ولذلك عملت عملها ، ولأن الآي كانت تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم على ما يسأل عنه ، وعلى ما هم مصرون عليه من الأعمال وإن لم يكن ذلك في النص . وتقدير الآية عند الطبري ; ويختار لولايته الخيرة من خلقه ، لأن المشركين كانوا يختارون خيار أموالهم فيجعلونها لآلهتهم ، فقال الله تبارك وتعالى ; وربك يخلق ما يشاء ويختار للهداية من خلقه من سبقت له السعادة في علمه ، كما اختار المشركون خيار أموالهم لآلهتهم ف ( ما ) على هذا لمن يعقل وهي بمعنى ( الذي ) و ( الخيرة ) رفع بالابتداء و ( لهم ) الخبر والجملة خبر ( كان ) .[ ص; 281 ] وشبهه بقوله ; كان زيد أبوه منطلق ، وفيه ضعف ، إذ ليس في الكلام عائد يعود على اسم ( كان ) إلا أن يقدر فيه حذف فيجوز على بعد . وقد روي معنى ما قاله الطبري عن ابن عباس قال الثعلبي ; و ( ما ) نفي أي ليس لهم الاختيار على الله وهذا أصوب كقوله تعالى ; وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم قال محمود الوراق ;توكل على الرحمن في كل حاجة أردت فإن الله يقضي ويقدر إذا ما يرد ذو العرش أمرا بعبدهيصبه وما للعبد ما يتخير وقد يهلك الإنسان من وجه حذرهوينجو بحمد الله من حيث يحذروقال آخر ;العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوموالخير أجمع في ما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشومقال بعض العلماء ; لا ينبغي لأحد أن يقدم على أمر من أمور الدنيا حتى يسأل الله الخيرة في ذلك بأن يصلي ركعتين صلاة الاستخارة يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة ; قل يا أيها الكافرون في الركعة الثانية قل هو الله أحد . واختار بعض المشايخ أن يقرأ في الركعة الأولى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة الآية ، وفي الركعة الثانية ; وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وكل حسن ثم يدعو بهذا الدعاء بعد السلام ، وهو ما رواه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال ; كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها ، كما يعلمنا السورة في القرآن ; يقول ; إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين غير الفريضة ثم ليقل ; اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال ; في عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال ; في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به . قال ; ويسمي حاجته . وروت عائشة عن أبي بكر [ ص; 282 ] رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أمرا قال ; اللهم خر لي واختر لي وروى أنس أن النبي صلى الله عليه قال ; يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى ما يسبق قلبك فإن الخير فيه قال العلماء ; وينبغي له أن يفرغ قلبه من جميع الخواطر حتى لا يكون مائلا إلى أمر من الأمور ، فعند ذلك ما يسبق إلى قلبه يعمل عليه ، فإن الخير فيه إن شاء الله . وإن عزم على سفر فيتوخى بسفره يوم الخميس أو يوم الاثنين ; اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .ثم نزه نفسه سبحانه فقال ; ( سبحان الله ) أي تنزيها . وتعالى أي تقدس وتمجد عما يشركون
القول في تأويل قوله تعالى ; وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)يقول تعالى ذكره; ( وَرَبُّكَ ) يا محمد ( يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ) أن يخلقه ( وَيَخْتَارُ ) لولايته الخيرة من خلْقه, ومن سبقت له منه السعادة. وإنما قال جلّ ثناؤه; ( وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) والمعنى; ما وصفت, لأن المشركين كانوا فيما ذكر عنهم يختارون أموالهم, فيجعلونها لآلهتهم, فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; وربك يا محمد يخلق ما يشاء أن يخلقه, ويختار للهداية والإيمان والعمل الصالح من خلْقه, ما هو في سابق علمه أنه خيرتهم, نظير ما كان من هؤلاء المشركين لآلهتهم خيار أموالهم, فكذلك اختياري لنفسي. واجتبائي لولايتي, واصطفائي لخدمتي وطاعتي, خيار مملكتي وخلقي.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله; ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) قال; كانوا يجعلون خير أموالهم لآلهتهم في الجاهلية. فإذا كان معنى ذلك كذلك, فلا شكّ أن " ما " من قوله; ( وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) في موضع نصب, بوقوع يختار عليها, وأنها بمعنى الذي.فإن قال قائل; فإن كان الأمر كما وصفت, من أن " ما " اسم منصوب بوقوع قوله; ( يَخْتَارُ ) عليها, فأين خبر كان؟ فقد علمت ذلك كان كما قلت, أن في كان ذكرا من ما, ولا بد لكان إذا كان كذلك من تمام, وأين التمام؟ قيل; إن العرب تجعل لحروف الصفات إذا جاءت الأخبار بعدها، أحيانا, أخبارا, كفعلها بالأسماء إذا جاءت بعدها أخبارها، ذكر الفرَّاء أن القاسم بن معن أنشده قول عنترة;أمِــنْ سُـمَيَّةَ دَمْـعُ العَيْـنِ تَـذْرِيفُلَـوْ كَـانَ ذَا مِنْـكَ قَبْلَ اليَوْمِ مَعْرُوفُ (2)فرفع معروفا بحرف الصفة, وهو لا شك خبر لذا, وذُكر أن المفضل أنشده ذلك;لوْ أَنَّ ذَا مِنْكَ قبلَ اليوْمِ مَعْرُوفُومنه أيضا قول عمر بن أبي ربيعة;قُلْــــتُ أَجِــــيبِي عَاشِـــقًابِحُـــــــبِّكُمْ مُكَـــــــلَّفُفيهَــــا ثَــــلاث كـــالدُّمَىوكــــــاعِبٌ وَمُسْــــــلِفُ (3)فمكلَّف من نعت عاشق, وقد رفعه بحرف الصفة, وهو الباء, في أشباه لما ذكرنا بكثير من الشواهد, فكذلك قوله; ( وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) رُفعت الخيرة بالصفة, وهي لهم, إن كانت خبرا لما, لما جاءت بعد الصفة, ووقعت الصفة موقع الخبر, فصار كقول القائل; كان عمر وأبوه قائم, لا شكّ أن قائما لو كان مكان الأب, وكان الأب هو المتأخر بعده, كان منصوبا, فكذلك وجه رفع الخيرة, وهو خبر لما.فإن قال قائل; فهل يجوز أن تكون " ما " في هذا الموضع جحدا, ويكون معنى الكلام; وربك يخلق ما يشاء أن يخلقه, ويختار ما يشاء أن يختاره, فيكون قوله; ( وَيَخْتَارُ ) نهاية الخبر عن الخلق والاختيار, ثم يكون الكلام بعد ذلك مبتدأ بمعنى; لم تكن لهم الخيرة; أي لم يكن للخلق الخيرة, وإنما الخيرة لله وحده؟قيل; هذا قول لا يخفي فساده على ذي حجا, من وجوه, لو لم يكن بخلافه لأهل التأويل قول, فكيف والتأويل عمن ذكرنا بخلافه; فأما أحد وجوه فساده, فهو أن قوله; ( مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) لو كان كما ظنه من ظنه, من أن " ما " بمعنى الجحد, على نحو التأويل الذي ذكرت, كان إنما جحد تعالى ذكره, أن تكون لهم الخيرة فيما مضى قبل نـزول هذه الآية, فأما فيما يستقبلونه فلهم الخيرة, لأن قول القائل; ما كان لك هذا, لا شكّ إنما هو خبر عن أنه لم يكن له ذلك فيما مضى. وقد يجوز أن يكون له فيما يستقبل, وذلك من الكلام لا شكّ خلف. لأن ما لم يكن للخلق من ذلك قديما, فليس ذلك لهم أبدا. وبعد, لو أريد ذلك المعنى, لكان الكلام; فليس. وقيل; وربك يخلق ما يشاء ويختار, ليس لهم الخيرة, ليكون نفيا عن أن يكون ذلك لهم فيما قبل وفيما بعد.والثاني; أن كتاب الله أبين البيان, وأوضح الكلام, ومحال أن يوجد فيه شيء غير مفهوم المعنى, وغير جائز في الكلام أن يقال ابتداء; ما كان لفلان الخيرة, ولما يتقدم قبل ذلك كلام يقتضي ذلك; فكذلك قوله; ( وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) ولم يتقدم قبله من الله تعالى ذكره خبر عن أحد, أنه ادعى أنه كان له الخيرة, فيقال له; ما كان لك الخيرة, وإنما جرى قبله الخبر عما هو صائر إليه أمر من تاب من شركه, وآمن وعمل صالحا, وأتبع ذلك جلّ ثناؤه الخبر عن سبب إيمان من آمن وعمل صالحا منهم, وأن ذلك إنما هو لاختياره إياه للإيمان, وللسابق من علمه فيه اهتدى. ويزيد ما قلنا من ذلك إبانة قوله; وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ فأخبر أنه يعلم من عباده السرائر والظواهر, ويصطفى لنفسه ويختار لطاعته من قد علم منه السريرة الصالحة, والعلانية الرضية.والثالث; أن معنى الخيرة في هذا الموضع; إنما هو الخيرة, وهو الشيء الذي يختار من البهائم والأنعام والرجال والنساء, يقال منه; أُعطي الخِيَرة والخَيْرة, مثل الطِّيرة والطّيْرة, وليس بالاختيار, وإذا كانت الخيرة ما وصفنا, فمعلوم أن من أجود الكلام أن يقال; وربك يخلق ما يشاء, ويختار ما يشاء, لم يكن لهم خير بهيمة أو خير طعام, أو خير رجل أو امرأة.فإن قال; فهل يجوز أن تكون بمعنى المصدر؟ قيل; لا وذلك أنها إذا كانت مصدرا كان معنى الكلام; وربك يخلق ما يشاء ويختار كون الخيرة لهم. إذا كان ذلك معناه, وجب ألا تكن الشرار لهم من البهائم والأنعام; إذا لم يكن لهم شرار ذلك وجب ألا يكون لها مالك, وذلك ما لا يخفى خطؤه, لأن لخيارها ولشرارها أربابا يملكونها بتمليك الله إياهم ذلك, وفي كون ذلك كذلك فساد توجيه ذلك إلى معنى المصدر.وقوله;سبحانه وتعالى; ( عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يقول تعالى ذكره تنـزيها لله وتبرئة له, وعلوا عما أضاف إليه المشركون من الشرك, وما تخرّصوه من الكذب والباطل عليه.وتأويل الكلام; سبحان الله وتعالى عن شركهم. وقد كان بعض أهل العربية يوجهه إلى أنه بمعنى; وتعالى عن الذي يشركون به.------------------------الهوامش;(2) البيت من شعر عنترة بن عمرو بن شداد العبسي (مختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا، طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ص 394) والرواية فيه رواية المفضل التي أشار إليها المؤلف;أَمِــنْ سُـهَيَّةَ دَمْـعُ الْعَيْـنِ تَـذْرِيفُلَـوْ كَـانَ مِنـكِ قَبْـلَ الْيَومِ مَعْرُوفُقال شارحه; سهية، وقيل سمية; امرأة أبيه. روى صاحب الأغاني بسنده عن علي بن سليمان الأخفش الأصغر قال; أخبرنا أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري، عن محمد بن حبيب، قال أبو سعيد; وذكر ذلك أبو عمرو الشيباني، قالا; كان عنترة قبل أن يدعيه أبوه، حرشت عليه امرأة أبيه. وقالت إنه... عن نفسي، فغضب من ذلك شداد (شداد أبوه في بعض الروايات) غضبًا شديدًا. وضربه ضربًا مبرحًا، وضربه بالسيف، فوقعت عليه امرأة أبيه، وكفته عنه، فلما رأت ما به من الجراح بكت، وقوله "مذروف"; من ذرفت عليه عينه تذرف ذريفًا، وذرفانًا; وهو قطر يكاد يتصل. وقوله "لو أن ذا منك قبل اليوم معروف"; أي قد أنكرت هذا الحنو والإشفاق منك؛ لأنه لو كان معروفًا قبل ذلك لم ينكره اه. وعلى هذه الرواية لا شاهد في البيت. أما على رواية المؤلف، وهي التي نقلها الفراء عن القاسم بن معن القاضي، فإنه جعل قوله "لو كان ذا منك قبل اليوم معروف" برفع معروف على أنه خبر بعد الصفة. أي الجار والمجرور "منك"، التي هي خبر عن ذا، قال; "لأن العرب تجعل لحروف الصفات إذا جاءت الأخبار بعدها أخبارًا، كفعلها بالأسماء إذا جاءت بعدها أخبارها"... ثم أنشد البيت وقال; "فرفع معروفًا بحرف الصفة وهو لا شك خبر لذا" اه. قلت; وكأن مراده أن حرف الصفة موضوع موضع ضمير مبتدأ، ومعروف; خبره، وكأنه قال; لو كان ذا هو معروف أو نحو ذلك. وفي هذا التعبير من التعسف ما فيه. ولو قال إن "معروف" خبر عن مبتدأ محذوف تقديره; هو منك معروف، والجملة خبر كان، لكان أوضح تعبيرًا ولم أجد البيت ولا توجيه إعرابه في معاني القرآن للفراء.(3) البيتان لعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي شاعر الغزل زمن بني أمية، كما قال المؤلف. ومكلف; من الكلف بالشيء وهو الحب والولوع بالشيء، كلف بالشيء كلفًا فهو كلف ومكلف; لهج به. وثلاث أي جوار أو نساء. والدمى; جمع دمية، وهي التمثال من العاج أو الرخام أو نحوهما. والكاعب; الفتاة التي تكعب ثديها وبرر والمسلف; قال في (اللسان; سلف); المسلف من النساء; النصف. وقيل; هي التي بلغت خمسًا وأربعين ونحوها، وهو وصف خص به الإناث، قال عمر بن أبي ربيعة "فيها ثلاث..." إلخ البيت; ومحل الشاهد في البيت أن قوله; مكلف بالرفع على أنه خبر، لأنه وقع بعد حرف الجر الذي وضع موضع المبتدأ، كأنه قال; أجيبي عاشقًا هو مكلف. وهو في معنى الشاهد الذي قبله من قول عنترة "لو كان ذا منك قبل اليوم معروف". اه.
هذه الآيات، فيها عموم خلقه لسائر المخلوقات، ونفوذ مشيئته بجميع البريات، وانفراده باختيار من يختاره ويختصه، من الأشخاص، والأوامر [والأزمان] والأماكن، وأن أحدا ليس له من الأمر والاختيار شيء، وأنه تعالى منزه عن كل ما يشركون به، من الشريك، والظهير، والعوين، والولد، والصاحبة، ونحو ذلك، مما أشرك به المشركون.
(الواو) استئنافيّة
(ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به و (ما) الثانية نافية
(لهم) متعلّق بخبر كان
(سبحان) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوبـ (ما) الثالثة مصدريّة .
والمصدر المؤوّلـ (ما يشركون) في محلّ جرّ متعلّق بـ (تعالى) .
جملة: «ربّك يخلق ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يخلق ما يشاء ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(ربّك) .
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يختار ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يخلق.
وجملة: «ما كان لهم الخيرة ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «
(نسبّح) سبحان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تعالى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة
(نسبّح) .
وجملة: «يشركون ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) ...(69)
(الواو) عاطفة
(ربّك يعلم ما تكن صدورهم) مثل ربّك يخلق ما يشاء
(ما يعلنون) معطوفة على
(ما تكنّ ... )
وجملة: «ربّك يعلم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ربّك يخلق.
وجملة: «يعلم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(ربّك) .
وجملة: «تكنّ صدورهم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثاني.
وجملة: «يعلنون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثالث.
(70)
(الواو) عاطفة
(إلّا) أداة استثناء
(هو) ضمير منفصل بدل من الضمير المستتر في خبر لا المحذوف
(له) متعلّق بخبر المبتدأ المؤخّر الحمد
(في الأولى) متعلّق بالحمد
(الواو) عاطفة
(له الحكم) مثل له الحمد
(إليه) متعلّق بـ (ترجعون) ، و (الواو) فيه نائب الفاعل.
وجملة: «هو الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ربّك يعلم.
وجملة: «لا إله إلّا هو ... » في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ
(هو) .
وجملة: «له الحمد ... » في محلّ رفع خبر ثالث.
وجملة: «له الحكم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة له الحمد.
وجملة: «ترجعون ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة له الحمد.