فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ ءَاتٰىنِۦَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتٰىكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ
فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمٰنَ قَالَ اَتُمِدُّوۡنَنِ بِمَالٍ فَمَاۤ اٰتٰٮنِۦَ اللّٰهُ خَيۡرٌ مِّمَّاۤ اٰتٰٮكُمۡۚ بَلۡ اَنۡـتُمۡ بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُوۡنَ
تفسير ميسر:
فلمَّا جاء رسول الملكة بالهديَّة إلى سليمان، قال مستنكرًا ذلك متحدثًا بأَنْعُمِ الله عليه; أتمدونني بمالٍ تَرْضيةً لي؟ فما أعطاني الله من النبوة والملك والأموال الكثيرة خير وأفضل مما أعطاكم، بل أنتم الذين تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم؛ لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا ومكاثرة بها.
ذكر غير واحد من المفسرين من السلف وغيرهم أنها بعثت إليه بهدية عظيمة من ذهب وجواهر ولآلئ وغير ذلك وقال بعضهم أرسلت بلبنة من ذهب والصحيح أنها أرسلت إليه بآنية من ذهب; قال مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما أرسلت جواري في زي الغلمان وغلمان فى زي الجواري فقالت إن عرف هؤلاء من هؤلاء فهو نبي قالوا فأمرهم سليمان فتوضؤا فجعلت الجارية تفرغ على يدها من الماء وجعل الغلام يغترف فميزهم بذلك وقيل بل جعلت الجارية تغسل باطن يدها قبل ظاهرها والغلام بالعكس وقيل بل جعلت الجواري يغسلن من أكفهن إلى مرافقهن والغلمان من مرافقهم إلى كفوفهم ولا منافاة بين ذلك كله والله أعلم; وذكر بعضهم أنها أرسلت إليه بقدح ليملأه ماء رواء لا من السماء ولا من الأرض; فأجرى الخيل حتى عرفت ثم ملأه من ذلك ويخرزة وسلك ليجعله فيها ففعل ذلك والله أعلم أكان ذلك أم لا وأكثره مأخوذ من الإسرائيليات والظاهر أن سليمان عليه السلام لم ينظر إلى ما جاءوا به بالكلية ولا اعتنى به بل أعرض عنه وقال منكرا عليهم "أتمدونن بمال" أي أتصانعونني بمال لأترككم على شرككم وملككم؟ "فما آتاني الله خير مما آتاكم" أي الذي أعطاني الله من الملك والمال والجنود خير مما أنتم فيه "بل أنتم بهديتكم تفرحون" أي أنتم الذين تنقادون للهدايا والتحف وأما أنا فلا أقبل منكم إلا الإسلام أو السيف قال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه; أمر سليمان الشياطين فموهوا له ألف قصر من ذهب وفضة فلما رأت رسلها ذلك قالوا ما يصنع هذا بهديتنا وفي هذا جواز تهيؤ الملوك وإظهارهم الزينة للرسل والقصاد.