الرسم العثمانيقَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوٓا أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً ۖ وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ
الـرسـم الإمـلائـيقَالَتۡ اِنَّ الۡمُلُوۡكَ اِذَا دَخَلُوۡا قَرۡيَةً اَفۡسَدُوۡهَا وَجَعَلُوۡۤا اَعِزَّةَ اَهۡلِهَاۤ اَذِلَّةً ۚ وَكَذٰلِكَ يَفۡعَلُوۡنَ
تفسير ميسر:
قالت محذرةً لهم من مواجهة سليمان بالعداوة، ومبيِّنة لهم سوء مغبَّة القتال; إن الملوك إذا دخلوا بجيوشهم قريةً عنوةً وقهرًا خرَّبوها وصيَّروا أعزَّة أهلها أذلة، وقتلوا وأسروا، وهذه عادتهم المستمرة الثابتة لحمل الناس على أن يهابوهم. وإني مرسلة إلى سليمان وقومه بهديَّة مشتملة على نفائس الأموال أصانعه بها، ومنتظرة ما يرجع به الرسل.
قال ابن عباس أي إذا دخلوا بلدا عنوة أفسدوه أي خربوه "وجعلوا أعزة أهلها أذلة" أي وقصدوا من فيها من الولاة والجنود فأهانوهم غاية الهوان إما بالقتل أو بالأسر قال ابن عباس قالت بلقيس "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة" قال الرب عز وجل "وكذلك يفعلون" ثم عدلت إلى المصالحة والمهادنة والمسالمة والمخادعة والمصانعة.
قوله تعالى ; والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين سلموا الأمر إلى نظرها مع ما أظهروا لها من القوة والبأس والشدة ; فلما فعلوا ذلك أخبرت عند ذلك بفعل الملوك بالقرى التي يتغلبون عليها . وفي هذا الكلام خوف على قومها ، وحيطة واستعظام لأمر سليمان عليه السلام . وكذلك يفعلون قيل ; هو من قول بلقيس تأكيدا للمعنى الذي أرادته . وقال ابن عباس ; هو من قول الله عز وجل معرفا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته بذلك ومخبرا به . وقال وهب ; لما قرأت عليهم الكتاب لم تعرف اسم الله ، فقالت ; ما هذا ؟ ! فقال بعض القوم ; ما نظن هذا إلا عفريتا عظيما من الجن يقتدر به هذا الملك على ما يريده ; فسكتوه . وقال الآخر ; أراهم ثلاثة من العفاريت ; فسكتوه ; فقال شاب قد علم ; يا سيدة الملوك ! إن سليمان ملك قد أعطاه ملك السماء ملكا عظيما فهو لا يتكلم بكلمة إلا بدأ فيها بتسمية إلهه ، و ( الله ) اسم مليك السماء ، و ( الرحمن الرحيم ) نعوته ; فعندها قالت ; أفتوني في أمري فقالوا ; نحن أولو قوة في القتال وأولو بأس شديد قوة في الحرب واللقاء والأمر إليك ردوا أمرهم إليها لما جربوا على رأيها من البركة فانظري ماذا تأمرين ف قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة أهانوا شرفاءها لتستقيم لهم الأمور ، فصدق الله قولها . وكذلك يفعلون قال ابن الأنباري ; وجعلوا أعزة أهلها أذلة هذا وقف تام ; فقال الله عز وجل تحقيقا لقولها ; وكذلك يفعلون وشبيه به في سورة ( الأعراف ) قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم تم الكلام ، فقال فرعون ; فماذا تأمرون . وقال ابن شجرة . هو قول بلقيس ، فالوقف وكذلك يفعلون أي وكذلك يفعل سليمان إذا دخل بلادنا .
يقول تعالى ذكره; قالت صاحبة سبأ للملأ من قومها, إذ عرضوا عليها أنفسهم لقتال سليمان, إن أمرتهم بذلك; (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً ) عنوة وغلبة ( أفْسَدُوها ) يقول; خرّبوها(وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ) وذلك باستعبادهم الأحرار, واسترقاقهم إياهم; وتناهى الخبر منها عن الملوك في هذا الموضع فقال الله; (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) يقول تعالى ذكره; وكما قالت صاحبة سبأ تفعل الملوك, إذا دخلوا قرية عنوة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كُرَيب, قال; ثنا أبو بكر, في قوله; (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ) قال أبو بكر; هذا عنوة.حدثنا أبو هشام الرفاعي, قال; ثنا أبو بكر, قال; ثنا الأعمش, عن مسلم, عن ابن عباس, في قوله; (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا ) قال; إذا دخلوها عنوة خرّبوها.حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال; قال ابن عباس; (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ) قال ابن عباس; يقول الله; (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ).
فقالت لهم -مقنعة لهم عن رأيهم ومبينة سوء مغبة القتال- إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا قتلا وأسرا ونهبا لأموالها، وتخريبا لديارها، وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً أي: جعلوا الرؤساء السادة أشراف الناس من الأذلين، أي: فهذا رأي غير سديد، وأيضا فلست بمطيعة له قبل الاختبار وإرسال من يكشف عن أحواله ويتدبرها، وحينئذ نكون على بصيرة من أمرنا.
(أذلّة) مفعول به ثان منصوب عامله جعلوا
(الواو) عاطفة- أو استئنافيّة-
(كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله يفعلون ، والواو في(يفعلون) يعود على مرسلي الرسالة.
جملة: «قالت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّ الملوك ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة الشرط وجوابه في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «دخلوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «أفسدوها ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «جعلوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة: «يفعلون ... » في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هؤلاء والجملة الاسميّة هؤلاء يفعلون في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.عاطفة
(ناظرة) معطوف على مرسلة مرفوع
(بم) متعلّق بـ (يرجع) ، وما اسم استفهام حذفت ألفه لدخول حرف الجرّ عليه.
وجملة: «إنّي مرسلة ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: «يرجع المرسلون» في محلّ نصب مفعول به لاسم الفاعل ناظرة المعلّق بالاستفهام .
- القرآن الكريم - النمل٢٧ :٣٤
An-Naml27:34