وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِى فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكٰفِرِينَ
وَفَعَلۡتَ فَعۡلَتَكَ الَّتِىۡ فَعَلۡتَ وَاَنۡتَ مِنَ الۡكٰفِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
قال فرعون لموسى ممتنًا عليه; ألم نُرَبِّك في منازلنا صغيرًا، ومكثت في رعايتنا سنين من عُمُرك وارتكبت جنايةً بقتلك رجلا من قومي حين ضربته ودفعته، وأنت من الجاحدين نعمتي المنكرين ربوبيتي؟
ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم واختاره ابن جرير.
وفعلت فعلتك التي فعلت والفعلة بفتح الفاء المرة من الفعل . وقرأ الشعبي ; ( فعلتك ) بكسر الفاء والفتح أولى ; لأنها المرة الواحدة ، والكسر بمعنى الهيئة والحال ، أي فعلتك التي تعرف ، فكيف تدعي مع علمنا أحوالك بأن الله أرسلك . وقال الشاعر ;كأن مشيتها من بيت جارتها مر السحابة لا ريث ولا عجلويقال ; كان ذلك أيام الردة والردة . وأنت من الكافرين قال الضحاك ; أي في قتلك القبطي إذ هو نفس لا يحل قتله . وقيل ; أي بنعمتي التي كانت لنا عليك من التربية والإحسان إليك ; قاله ابن زيد . الحسن ; من الكافرين في أني إلهك . السدي ; من الكافرين بالله لأنك كنت معنا على ديننا هذا الذي تعيبه . وكان بين خروج موسى عليه السلام حين قتل القبطي وبين رجوعه نبيا أحد عشر عاما غير أشهر .
( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ ) يعني; قتله النفس التي قتل من القبط.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله; وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ قال; قتل النفسحدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.وإنما قيل ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ) لأنها مرة واحدة, ولا يجوز كسر الفاء إذا أريد بها هذا المعنى. وذُكر عن الشعبي أنه قرأ ذلك; " وَفَعَلْتَ فِعْلَتَكَ" بكسر الفاء, وهي قراءة لقراءة القرّاء من أهل الأمصار- مخالفة.وقوله; ( وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم; معنى ذلك; وأنت من الكافرين بالله على ديننا.* ذكر من قال ذلك;حدثني موسى بن هارون, قال; ثنا عمرو, قال; ثنا أسباط, عن السديّ; ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) يعني على ديننا هذا الذي تعيب.وقال آخرون; بل معنى ذلك; وأنت من الكافرين نعمتنا عليك.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله; ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) قال; ربيناك فينا وليدا, فهذا الذي كافأتنا أن قتلت منا نفسا, وكفرت نعمتنا!.حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; ( وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) يقول; كافرا للنعمة لأن فرعون لم يكن يعلم ما الكفر.قال أبو جعفر; وهذا القول الذي قاله ابن زيد أشبه بتأويل الآية, لأن فرعون لم يكن مقرّا لله بالربوبية وإنما كان يزعم أنه هو الرب, فغير جائز أن يقول لموسى إن كان موسى كان عنده على دينه يوم قتل القتيل على ما قاله السديّ ; فعلت الفعلة وأنت من الكافرين, الإيمان عنده; هو دينه الذي كان عليه موسى عنده, إلا أن يقول قائل; إنما أراد; وأنت من الكافرين يومئذ يا موسى, على قولك اليوم, فيكون ذلك وجها يتوجه. فتأويل الكلام إذن; وقتلت الذي قتلت منا وأنت من الكافرين نعمتنا عليك, وإحساننا إليك في قتلك إياه.وقد قيل; معنى ذلك; وأنت الآن من الكافرين لنعمتي عليك, وتربيتي إياك.
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وهي قتل موسى للقبطي, حين استغاثه الذي من شيعته, على الذي من عدوه فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ الآية. وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ أي: وأنت إذ ذاك طريقك طريقنا, وسبيلك سبيلنا, في الكفر, فأقر على نفسه بالكفر, من حيث لا يدري.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة