كَذَّبَ أَصْحٰبُ لْـَٔيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ
كَذَّبَ اَصۡحٰبُ لْئَيۡكَةِ الۡمُرۡسَلِيۡنَ
تفسير ميسر:
كذَّب أصحاب الأرض ذات الشجر الملتف رسولهم شعيبًا في رسالته، فكانوا بهذا مكذِّبين لجميع الرسالات. إذ قال لهم شعيب; ألا تخشون عقاب الله على شرككم ومعاصيكم؟ إني مرسَل إليكم مِنَ الله لهدايتكم، حفيظ على ما أوحى الله به إليَّ من الرسالة، فخافوا عقاب الله، واتبعوا ما دعوتكم إليه مِن هداية الله؛ لترشدوا، وما أطلب منكم على دعائي لكم إلى الإيمان بالله أيَّ جزاء، ما جزائي إلا على رب العالمين.
هؤلاء- يعني أصحاب الأيكة - هم أهل مدين على الصحيح وكان نبي الله شعيب من أنفسهم وإنما لم يقل ههنا أخوهم شعيب لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة وهي شجره وقيل شجر ملتف كالغيضة كانوا يعبدونها فلهذا لما قال; كذب أصحاب الأيكة المرسلين لم يقل; إذ قال لهم أخوهم شعيب.
قوله تعالى ; كذب أصحاب الأيكة المرسلين الأيك الشجر الملتف الكثير ، الواحدة أيكة . ومن قرأ ; أصحاب الأيكة فهي الغيضة . ومن قرأ ; ( ليكة ) فهو اسم القرية . ويقال ; هما مثل بكة ومكة ; قاله الجوهري . وقال النحاس ; وقرأ أبو جعفر ونافع ; ( كذب أصحاب ليكة المرسلين ) وكذا قرأ ; في ( ص ) . وأجمع القراء على الخفض في التي في سورة ( الحجر ) [ ص; 125 ] والتي في سورة ( ق ) فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذ كان المعنى واحدا . وأما ما حكاه أبو عبيد من أن ( ليكة ) هي اسم القرية التي كانوا فيها وأن الأيكة اسم البلد فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله فيثبت علمه ، ولو عرف من قاله لكان فيه نظر ; لأن أهل العلم جميعا من أهل التفسير والعلم بكلام العرب على خلافه . وروى عبد الله بن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة قال ; أرسل شعيب عليه السلام إلى أمتين ; إلى قومه من أهل مدين ، وإلى أصحاب الأيكة ; قال ; والأيكة غيضة من شجر ملتف . وروى سعيد عن قتادة قال ; كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وشجر وكانت عامة شجرهم الدوم وهو شجر المقل . وروى ابن جبير عن الضحاك قال ; خرج أصحاب الأيكة - يعني حين أصابهم الحر - فانضموا إلى الغيضة والشجر ، فأرسل الله عليهم سحابة فاستظلوا تحتها ، فلما تكاملوا تحتها أحرقوا . ولو لم يكن هذا إلا ما روي عن ابن عباس قال ; و ( الأيكة ) الشجر . ولا نعلم بين أهل اللغة اختلافا أن الأيكة الشجر الملتف ، فأما احتجاج بعض من احتج بقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح أنه في السواد ( ليكة ) فلا حجة له ; والقول فيه ; إن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فسقطت واستغنت عن ألف الوصل ; لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض ; كما تقول " بالأحمر " تحقق الهمزة ثم تخففها " بلحمر " فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولا ، وإن شئت كتبته بالحذف ; ولم يجز إلا الخفض ; قال سيبويه ; واعلم أن ما لا ينصرف إذا دخلت عليه الألف واللام أو أضيف انصرف ; ولا نعلم أحدا خالف سيبويه في هذا . وقال الخليل ; الأيكة غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر .
يقول تعالى ذكره; ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ ). والأيكة; الشجر الملتفّ, وهي واحدة الأيك, وكل شجر ملتفّ فهو عند العرب أيكة; ومنه قول نابغة بني ذبيان;تَجْــلُو بِقــادمَتَيْ حَمَامَــةِ أيْكَـةٍبَــرَدًا أُسِــفّ لِثاتُــهُ بــالإثْمِدِ (1)وأصحاب الأيكة; هم أهل مدين فيما ذُكر.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ, قال; ثنا أبو صالح, قال ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله; ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ) يقول; أصحاب الغيضة.حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله; ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ) قال; الأيكة; مجمع الشجر.حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال; قال ابن عباس, قوله; ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ) قال; أهل مدين, والأيكة; الملتف من الشجر.حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله; ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ) قال; الأيكة; الشجر, بعث الله شعيبا إلى قومه من أهل مدين, وإلى أهل البادية, قال; وهم أصحاب ليكة, وليكة والأيكة; واحد.------------------------الهوامش ;(1) البيت للنابغة الذبياني زياد بن معاوية (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي ص 185) قال شارحه; تجلو; تكشف. والقوادم; الريش المقدم في جناح الطائر. ويكون شديد السواد. شبه سواد شفتيها بالقوادم؛ وشبه بياض ثغرها ببياض البرد. واللثاث; مغارز الأسنان، ومن عاداتهم أن يذروا عليها الإثمد، ليبين بياض الأسنان. ا ه. والأيكة; الشجر الكثير الملتف. وقيل; هي الغيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر. وخص بعضهم به منبت الأثل ومجتمعه. وقال أبو حنيفة الدينوري; قد تكون الأيكة; الجماعة من الشجر، حتى من النخل. قال; والأول أعرف. والجمع أيك. القول في تأويل قوله تعالى ; وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187)
كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ . أصحاب الأيكة: أي: البساتين الملتفة أشجارها وهم أصحاب مدين, فكذبوا نبيهم شعيبا, الذي جاء بما جاء به المرسلون.
(كذّب أصحاب ... على ربّ العالمين) مرّ إعراب نظيرها مفردات وجملا .
(181)
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة
(من المخسرين) متعلّق بخبر تكونوا.
وجملة: «أوفوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ .
وجملة: «لا تكونوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة أوفوا ...(182)
(الواو) عاطفة
(بالقسطاس) متعلّق بحال من فاعل زنوا أي متلبسين بالقسطاس.
وجملة: «زنوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أوفوا..
(183)
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة
(أشياءهم) مفعول به ثان منصوبـ (لا تعثوا) مثل لا تبخسوا
(في الأرض) متعلّق بـ (تعثوا) ،
(مفسدين) حال منصوبة مؤكّدة لمعنى عاملها.
وجملة: «لا تبخسوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أوفوا ...وجملة: «لا تعثوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أوفوا ...(184)
(الواو) عاطفة
(الذي) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به
(الجبلّة) معطوف بالواو، على ضمير الخطاب المفعول منصوب،
(الأولين) نعت للجبلّة منصوب مثله وعلامة النصب الياء.
وجملة: «اتّقوا ... » لا محلّ لها معطوفة على أوفوا ...وجملة: «خلقكم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .