الرسم العثمانيأَفِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوٓا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُۥ ۚ بَلْ أُولٰٓئِكَ هُمُ الظّٰلِمُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَفِىۡ قُلُوۡبِهِمۡ مَّرَضٌ اَمِ ارۡتَابُوۡۤا اَمۡ يَخَافُوۡنَ اَنۡ يَّحِيۡفَ اللّٰهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُوۡلُهٗؕ بَلۡ اُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الظّٰلِمُوۡنَ
تفسير ميسر:
أسَبَبُ الإعراض ما في قلوبهم من مرض النفاق، أم شكُّوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، أم السبب خوفهم أن يكون حكم الله ورسوله جائرًا؟ كلا إنهم لا يخافون جورًا، بل السبب أنهم هم الظالمون الفجرة.
يعني لا يخرج أمرهم عن أن يكون فى القلوب مرض لازم لها أو قد لها شك فى الدين أو يخافون أن يجور الله ورسوله عليهم في الحكم وأياما كان فهو كفر محض والله عليم بكل منهم وما هو منطو عليه من هذه الصفات وقوله تعالى "بل أولئك هم الظالمون" أي بل هم الظالمون الفاجرون والله ورسوله مبرآن مما يظنون ومتوهمون من الحيف والجور تعالى الله ورسوله عن ذلك قال ابن أبي حاتم; حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مبارك حدثنا الحسن قال; كان الرجل إذا كان بينه الرجل منازعة فدعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محق أذعن وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق وإذا أراد أن يظلم فدعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعرض وقال أنطلق إلى فلان فأنزل الله هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم; "من كان بينه وبين أخيه شيء فدعي إلى حكم من أحكام المسلمين فأبي أن يجيب فهو ظالم لا حق له" وهذا حديث غريب وهو مرسل ثم أخبر تعالى عن صفة المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله الذين لا يبغون دينا سوى كتاب الله وسنة رسوله.
أفي قلوبهم مرض شك وريب . أم ارتابوا أم حدث لهم شك في نبوته وعدله . أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله أي يجور في الحكم والظلم . وأتي بلفظ الاستفهام لأنه أشد في التوبيخ وأبلغ في الذم ؛ كقول جرير في المدح ;ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راحبل أولئك هم الظالمون أي المعاندون الكافرون لإعراضهم عن حكم الله تعالى .الثالثة ; القضاء يكون للمسلمين إذا كان الحكم بين المعاهد والمسلم ولا حق لأهل الذمة فيه . وإذا كان بين ذميين فذلك إليهما . فإن جاءا قاضي الإسلام فإن شاء حكم وإن شاء أعرض ؛ كما تقدم في ( المائدة )هذه الآية دليل على وجوب إجابة الداعي إلى الحاكم لأن الله سبحانه ذم من دعي إلى رسوله ليحكم بينه وبين خصمه بأقبح الذم فقال ; أفي قلوبهم مرض الآية . قال ابن خويز منداد ; واجب على كل من دعي إلى مجلس الحاكم أن يجيب ، ما لم يعلم أن الحاكم فاسق أو عداوة بين المدعي والمدعى عليه . وأسند الزهراوي عن الحسن بن أبي [ ص; 273 ] الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; من دعاه خصمه إلى حاكم من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم ولا حق له . ذكره الماوردي أيضا . قال ابن العربي ; وهذا حديث باطل ; فأما قوله ; فهو ظالم فكلام صحيح ، وأما قوله ; فلا حق له فلا يصح ، ويحتمل أن يريد أنه على غير الحق .
وقوله; ( أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) يقول تعالى ذكره; أفي قلوب هؤلاء الذين يعرضون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم، شكّ في رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لله رسول، فهم يمتنعون من الإجابة إلى حكمه والرضا به ( أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ) إذا احتكموا إلى حكم كتاب الله وحكم رسوله وقال; ( أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ) والمعنى; أن يحيف رسول الله عليهم، فبدأ بالله تعالى ذكره تعظيما لله، كما يقال; ما شاء الله ثم شئت، بمعنى شئت. ومما يدلّ على أن معنى ذلك كذلك قوله; وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فأفرد الرسول بالحكم، ولم يقل; ليحكما.وقوله; ( بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) يقول; ما خاف هؤلاء المعرضون عن حكم الله وحكم رسوله، إذ أعرضوا عن الإجابة إلى ذلك مما دعوا إليه، أن يحيف عليهم رسول الله، فيجور في حكمه عليهم، ولكنهم قوم أهل ظلم لأنفسهم بخلافهم أمر ربهم، ومعصيتهم الله فيما أمرهم من الرضا بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أحبوا وكرهوا، والتسليم له.
قال الله في لومهم على الإعراض عن الحكم الشرعي: { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } أي: علة، أخرجت القلب عن صحته وأزالت حاسته، فصار بمنزلة المريض، الذي يعرض عما ينفعه، ويقبل على ما يضره، { أَمِ ارْتَابُوا } أي: شكوا، وقلقت قلوبهم من حكم الله ورسوله، واتهموه أنه لا يحكم بالحق، { أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } أي: يحكم عليهم حكما ظالما جائرا، وإنما هذا وصفهم { بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وأما حكم الله ورسوله، ففي غاية العدالة والقسط، وموافقة الحكمة. { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } وفي هذه الآيات، دليل على أن الإيمان، ليس هو مجرد القول حتى يقترن به العمل، ولهذا نفى الإيمان عمن تولى عن الطاعة، ووجوب الانقياد لحكم الله ورسوله في كل حال، وأن من ينقد له دل على مرض في قلبه، وريب في إيمانه، وأنه يحرم إساءة الظن بأحكام الشريعة، وأن يظن بها خلاف العدل والحكمة.
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ
(في قلوبهم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ
(مرض)
(أم) هي المنقطعة بمعنى بل والهمزة في الموضعين
(عليهم) متعلّق بـ (يحيف) .
والمصدر المؤوّلـ (أن يحيف ... ) في محلّ نصب مفعول به عامله يخافون
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(هم) ضمير فصل .
جملة: «في قلوبهم مرض ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ارتابوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يخافون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يحيف الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «أولئك.. الظالمون» لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٥٠
An-Nur24:50