وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰنِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهٰدَةً أَبَدًا ۚ وَأُولٰٓئِكَ هُمُ الْفٰسِقُونَ
وَالَّذِيۡنَ يَرۡمُوۡنَ الۡمُحۡصَنٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَاۡتُوۡا بِاَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَاجۡلِدُوۡهُمۡ ثَمٰنِيۡنَ جَلۡدَةً وَّلَا تَقۡبَلُوۡا لَهُمۡ شَهَادَةً اَبَدًا ۚ وَاُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الۡفٰسِقُوۡنَ
تفسير ميسر:
والذين يتهمون بالفاحشة أنفسًا عفيفة من النساء والرجال مِن دون أن يشهد معهم أربعة شهود عدول، فاجلدوهم بالسوط ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا، وأولئك هم الخارجون عن طاعة الله.
هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة وهي الحرة البالغة العفيفة فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا وليس فيه نزاع بين العلماء فإن أقام القاذف بينة على صحة ما قاله درأ عنه الحد ولهذا قال تعالى "ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون" فأوجب على القاذف إذا لم يقم البينة على صحة ما قال ثلاثة أحكام "أحدها" أن يجلد ثمانين جلدة "الثاني" أنه ترد شهادته أبدا "الثالث" أن يكون فاسقا ليس بعدل لا عند الله ولا عند الناس.
قوله تعالى ; والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون[ ص; 159 ] فيه عشرون مسألة ;الأولى ; هذه الآية نزلت في القاذفين . قال سعيد بن جبير ; كان سببها ما قيل في عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - . وقيل ; بل نزلت بسبب القذفة عاما لا في تلك النازلة . وقال ابن المنذر ; لم نجد في أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبرا يدل على تصريح القذف ، وظاهر كتاب الله تعالى مستغنى به دالا على القذف الذي يوجب الحد ، وأهل العلم على ذلك مجمعون .الثانية ; قوله تعالى ; والذين يرمون يريد يسبون ، واستعير له اسم الرمي لأنه إذاية بالقول كما قال النابغة ;وجرح اللسان كجرح اليدوقال آخر ;رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئا ومن أجل الطوي رمانيويسمى قذفا ؛ ومنه الحديث ; إن ابن أمية قذف امرأته بشريك بن السحماء ؛ أي رماها .الثالثة ; ذكر الله تعالى في الآية النساء من حيث هن أهم ، ورميهن بالفاحشة أشنع وأنكى للنفوس . وقذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى ، وإجماع الأمة على ذلك . وهذا نحو نصه على تحريم لحم الخنزير ودخل شحمه وغضاريفه ، ونحو ذلك بالمعنى والإجماع . وحكى الزهراوي أن المعنى ; والأنفس المحصنات ؛ فهي بلفظها تعم الرجال والنساء ، ويدل على ذلك قوله ; والمحصنات من النساء . . وقال قوم ; أراد بالمحصنات الفروج ؛ كما قال تعالى ; والتي أحصنت فرجها فيدخل فيه فروج الرجال والنساء . وقيل ; إنما ذكر المرأة الأجنبية إذا قذفت ليعطف عليها قذف الرجل زوجته ؛ والله أعلم . وقرأ الجمهور المحصنات بفتح الصاد ، وكسرها يحيى بن وثاب . والمحصنات العفائف في هذا الموضع . وقد مضى في ( النساء ) ذكر الإحصان ومراتبه . والحمد لله .الرابعة ; للقذف شروط عند العلماء تسعة ; شرطان في القاذف ، وهما العقل والبلوغ ؛ [ ص; 160 ] لأنهما أصلا التكليف ، إذ التكليف ساقط دونهما . وشرطان في الشيء المقذوف به ، وهو أن يقذف بوطء يلزمه فيه الحد ، وهو الزنا واللواط ؛ أو بنفيه من أبيه دون سائر المعاصي . وخمسة من المقذوف ، وهي العقل والبلوغ والإسلام والحرية والعفة عن الفاحشة التي رمي بها كان عفيفا من غيرها أم لا . وإنما شرطنا في المقذوف العقل والبلوغ كما شرطناهما في القاذف ، وإن لم يكونا من معاني الإحصان لأجل أن الحد إنما وضع للزجر عن الإذاية بالمضرة الداخلة على المقذوف ، ولا مضرة على من عدم العقل والبلوغ ؛ إذ لا يوصف اللواط فيهما ولا منهما بأنه زنى .الخامسة ; اتفق العلماء على أنه إذا صرح بالزنا كان قذفا ورميا موجبا للحد ، فإن عرض ولم يصرح فقالمالك ; هو قذف . وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ; لا يكون قذفا حتى يقول أردت به القذف . والدليل لما قاله مالك هو أن موضوع الحد في القذف إنما هو لإزالة المعرة التي أوقعها القاذف بالمقذوف ، فإذا حصلت المعرة بالتعرض وجب أن يكون قذفا كالتصريح والمعول على الفهم ؛ وقد قال تعالى مخبرا عن شعيب ; إنك لأنت الحليم الرشيد أي السفيه الضال ؛ فعرضوا له بالسب بكلام ظاهره المدح في أحد التأويلات ، حسبما تقدم في ( هود ) . وقال تعالى في أبي جهل ; ذق إنك أنت العزيز الكريم . وقال حكاية عن مريم ; يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ؛ فمدحوا أباها ونفوا عن أمها البغاء ، أي الزنا ، وعرضوا لمريم بذلك ؛ ولذلك قال تعالى ; وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ، وكفرهم معروف ، والبهتان العظيم هو التعريض لها ؛ أي ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ، أي أنت بخلافهما ، وقد أتيت بهذا الولد . وقال تعالى ; قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ؛ فهذا اللفظ قد فهم منه أن المراد به أن الكفار على غير هدى ، وأن الله تعالى ورسوله على الهدى ؛ ففهم من هذا التعريض ما يفهم من صريحه . وقد حبس عمر - رضي الله عنه - الحطيئة لما قال ;دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسيلأنه شبهه بالنساء في أنهن يطعمن ويسقين ويكسون . ولما سمع قول النجاشي ;قبيلته لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل[ ص; 161 ] قال ; ليت الخطاب كذلك ؛ وإنما أراد الشاعر ضعف القبيلة ؛ ومثله كثير .السادسة ; الجمهور من العلماء على أنه لا حد على من قذف رجلا من أهل الكتاب أو امرأة منهم . وقال الزهري ، وسعيد بن المسيب ، وابن أبي ليلى ; عليه الحد إذا كان لها ولد من مسلم . وفيه قول ثالث ; وهو أنه إذا قذف النصرانية تحت المسلم جلد الحد . قال ابن المنذر ; وجل العلماء مجمعون وقائلون بالقول الأول ، ولم أدرك أحدا ولا لقيته يخالف في ذلك . وإذا قذف النصراني المسلم الحر فعليه ما على المسلم ثمانون جلدة ؛ لا أعلم في ذلك خلافا .السابعة ; والجمهور من العلماء على أن العبد إذا قذف حرا يجلد أربعين ؛ لأنه حد يتشطر بالرق كحد الزنا . وروي عن ابن مسعود ، وعمر بن عبد العزيز ، وقبيصة بن ذؤيب يجلد ثمانين . وجلد أبو بكر بن محمد عبدا قذف حرا ثمانين ؛ وبه قال الأوزاعي . احتج الجمهور بقول الله تعالى ; فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب . وقال الآخرون ; فهمنا هناك أن حد الزنا لله تعالى ، وأنه ربما كان أخف فيمن قلت نعم الله عليه ، وأفحش فيمن عظمت نعم الله عليه . وأما حد القذف فحق للآدمي وجب للجناية على عرض المقذوف ، والجناية لا تختلف بالرق والحرية . وربما قالوا ; لو كان يختلف لذكر كما ذكر من الزنا . قال ابن المنذر ; والذي عليه علماء الأمصار القول الأول ، وبه أقول .الثامنة ; وأجمع العلماء على أن الحر لا يجلد للعبد إذا افترى عليه لتباين مرتبتهما ، ولقوله - عليه السلام - ; من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال خرجه البخاري ، ومسلم . وفي بعض طرقه ; من قذف عبده بزنا ، ثم لم يثبت أقيم عليه يوم القيامة الحد ثمانون ذكره الدارقطني . قال العلماء ; وإنما كان ذلك في الآخرة لارتفاع الملك ، واستواء الشريف والوضيع ، والحر والعبد ، ولم يكن لأحد فضل إلا بالتقوى ؛ ولما كان ذلك تكافأ الناس في الحدود والحرمة ، واقتص من كل واحد لصاحبه إلا أن يعفو المظلوم عن الظالم . وإنما لم يتكافئوا في الدنيا لئلا تدخل الداخلة على المالكين من مكافأتهم لهم ، فلا [ ص; 162 ] تصح لهم حرمة ولا فضل في منزلة ، وتبطل فائدة التسخير ؛ حكمة من الحكيم العليم ، لا إله إلا هو .التاسعة ; قال مالك ، والشافعي ; من قذف من يحسبه عبدا فإذا هو حر فعليه الحد ؛ وقاله الحسن البصري ، واختاره ابن المنذر . قال مالك ; ومن قذف أم الولد حد ، وروى عن ابن عمر وهو قياس قول الشافعي . وقال الحسن البصري ; لا حد عليه .العاشرة ; واختلف العلماء فيمن قال لرجل ; يا من وطئ بين الفخذين ؛ فقال ابن القاسم ; عليه الحد ؛ لأنه تعريض . وقال أشهب ; لا حد فيه ؛ لأنه نسبة إلى فعل لا يعد زنى إجماعا .الحادية عشرة ; إذا رمى صبية يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنا كان قذفا عند مالك . وقال أبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو ثور ; ليس بقذف ؛ لأنه ليس بزنا إذ لا حد عليها ، ويعزر . قال ابن العربي ; والمسألة محتملة مشكلة ، لكن مالك طلب حماية عرض المقذوف ، وغيره راعى حماية ظهر القاذف ؛ وحماية عرض المقذوف أولى ؛ لأن القاذف كشف ستره بطرف لسانه فلزمه الحد . قال ابن المنذر ; وقال أحمد في الجارية بنت تسع ; يجلد قاذفها ، وكذلك الصبي إذا بلغ عشرا ضرب قاذفه . قال إسحاق ; إذا قذف غلاما يطأ مثله فعليه الحد ، والجارية إذا جاوزت تسعا مثل ذلك . قال ابن المنذر ; لا يحد من قذف من لم يبلغ ؛ لأن ذلك كذب ، ويعزر على الأذى . قال أبو عبيد ; في حديث علي - رضي الله عنه - أن امرأة جاءته فذكرت أن زوجها يأتي جاريتها فقال ; إن كنت صادقة رجمناه وإن كنت كاذبة جلدناك . فقالت ; ردوني إلى أهلي غيرى نغرة . قال أبو عبيد ; في هذا الحديث من الفقه أن على الرجل إذا واقع جارية امرأته الحد .وفيه أيضا إذا قذفه بذلك قاذف كان على قاذفه الحد ؛ ألا تسمع قوله ; وإن كنت كاذبة جلدناك . ووجه هذا كله إذا لم يكن الفاعل جاهلا بما يأتي وبما يقول ، فإن كان جاهلا وادعى شبهة درئ عنه الحد في ذلك كله .وفيه أيضا أن رجلا لو قذف رجلا بحضرة حاكم وليس المقذوف بحاضر أنه لا شيء على القاذف حتى يجيء فيطلب حده ؛ لأنه لا يدري لعله يصدقه ؛ ألا ترى أن عليا - عليه السلام - لم يعرض لها .[ ص; 163 ] وفيه أن الحاكم إذا قذف عنده رجل ثم جاء المقذوف فطلب حقه أخذه الحاكم بالحد بسماعه ؛ ألا تراه يقول ; وإن كنت كاذبة جلدناك ؛ وهذا لأنه من حقوق الناس .قلت ; اختلف هل هو من حقوق الله أو من حقوق الآدميين ؛ وسيأتي . قال أبو عبيد ; قال الأصمعي سألني شعبة عن قول ; غيرى نغرة ؛ فقلت له ; هو مأخوذ من نغر القدر ، وهو غليانها وفورها ؛ يقال منه ; نغرت تنغر ، ونغرت تنغر إذا غلت . فمعناه أنها أرادت أن جوفها يغلي من الغيظ والغيرة لما لم تجد عنده ما تريد . قال ; ويقال منه رأيت فلانا يتنغر على فلان ؛ أي يغلي جوفه عليه غيظا .الثانية عشرة ; من قذف زوجة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حد حدين ؛ قاله مسروق . قاله ابن العربي ; والصحيح أنه حد واحد ؛ لعموم قوله تعالى ; والذين يرمون المحصنات الآية ، ولا يقتضي شرفهن زيادة في حد من قذفهن ؛ لأن شرف المنزلة لا يؤثر في الحدود ، ولا نقصها يؤثر في الحد بتنقيص . والله أعلم . وسيأتي الكلام فيمن قذف عائشة - رضي الله عنها - ، هل يقتل أم لا .الثالثة عشرة ; قوله تعالى ; ثم لم يأتوا بأربعة شهداء الذي يفتقر إلى أربعة شهداء دون سائر الحقوق هو الزنا ؛ رحمة بعباده وسترا لهم . وقد تقدم في سورة النساء .الرابعة عشرة ; من شرط أداء الشهود الشهادة عند مالك رحمه الله أن يكون ذلك في مجلس واحد ؛ فإن افترقت لم تكن شهادة . وقال عبد الملك ; تقبل شهادتهم مجتمعين ومفترقين . فرأى مالك أن اجتماعهم تعبد ؛ وبه قال ابن الحسن . ورأى عبد الملك أن المقصود أداء الشهادة واجتماعها ، وقد حصل ؛ وهو قول عثمان البتي ، وأبي ثور ، واختاره ابن المنذر لقوله تعالى ; ثم لم يأتوا بأربعة شهداء وقوله ; فإذ لم يأتوا بالشهداء ولم يذكر مفترقين ولا مجتمعين .الخامسة عشرة ; فإن تمت الشهادة إلا أنهم لم يعدلوا ؛ فكان الحسن البصري ، والشعبي يريان أن لا حد على الشهود ولا على المشهود ؛ وبه قال أحمد ، والنعمان ، ومحمد بن الحسن . وقال مالك ; إذا شهد عليه أربعة بالزنا فإن كان أحدهم مسقوطا عليه أو عبدا يجلدون جميعا . وقال سفيان الثوري ، وأحمد ، وإسحاق في أربعة عميان يشهدون على امرأة بالزنا ; يضربون .السادسة عشرة ; فإن رجع أحد الشهود وقد رجم المشهود عليه في الزنا ؛ فقالت طائفة ; يغرم ربع الدية ولا شيء على الآخرين . وكذلك قال قتادة ، وحماد ، وعكرمة ، وأبو هاشم ، ومالك ، وأحمد ، وأصحاب الرأي . وقال الشافعي ; إن قال عمدت ليقتل ؛ فالأولياء بالخيار إن [ ص; 164 ] شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا وأخذوا ربع الدية ، وعليه الحد . وقال الحسن البصري ; يقتل ، وعلى الآخرين ثلاثة أرباع الدية . وقال ابن سيرين ; إذا قال أخطأت وأردت غيره فعليه الدية كاملة ، وإن قال تعمدت قتل ؛ وبه قال ابن شبرمة .السابعة عشرة ; واختلف العلماء في حد القذف هل هو من حقوق الله أو من حقوق الآدميين أو فيه شائبة منهما ؛ الأول - قول أبي حنيفة . والثاني ; قول مالك ، والشافعي . والثالث ; قاله بعض المتأخرين . وفائدة الخلاف أنه إن كان حقا لله تعالى وبلغ الإمام أقامه ، وإن لم يطلب ذلك المقذوف ، ونفعت القاذف التوبة فيما بينه وبين الله تعالى ، ويتشطر فيه الحد بالرق كالزنا . وإن كان حقا للآدمي فلا يقيمه الإمام إلا بمطالبة المقذوف ، ويسقط بعفوه ، ولم تنفع القاذف التوبة حتى يحلله المقذوف .الثامنة عشرة ; قوله تعالى بأربعة شهداء قراءة الجمهور على إضافة الأربعة إلى الشهداء . وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار ، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير ( بأربعة ) ( بالتنوين ) ( شهداء ) . وفيه أربعة أوجه ; يكون في موضع جر على النعت لأربعة ، أو بدلا . ويجوز أن يكون حالا من نكرة أو تمييزا ؛ وفي الحال والتمييز نظر ؛ إذ الحال من نكرة ، والتمييز مجموع . وسيبويه يرى أنه تنوين العدد ، وترك إضافته إنما يجوز في الشعر . وقد حسن أبو الفتح عثمان بن جني هذه القراءة وحبب على قراءة الجمهور . قال النحاس ; ويجوز أن يكون ( شهداء ) في موضع نصب بمعنى ثم لم يحضروا أربعة شهداء .التاسعة عشرة ; حكم شهادة الأربعة أن تكون على معاينة يرون ذلك كالمرود في المكحلة ؛ على ما تقدم في ( النساء ) في نص الحديث . وأن تكون في موطن واحد ؛ على قول مالك . وإن اضطرب واحد منهم جلد الثلاثة ؛ كما فعل عمر في أمر المغيرة بن شعبة ؛ وذلك أنه شهد عليه بالزنا أبو بكرة نفيع بن الحارث ، وأخوه نافع ؛ وقال الزهراوي ; عبد الله بن الحارث ، وزياد أخوهما لأم وهو مستلحق معاوية ، وشبل بن معبد البجلي ، فلما جاءوا لأداء الشهادة وتوقف زياد ولم يؤدها ، جلد عمر الثلاثة المذكورين .الموفية عشرين ; قوله تعالى ; ( فاجلدوهم ) الجلد الضرب . والمجالدة المضاربة في الجلود أو بالجلود ؛ ثم استعير الجلد لغير ذلك من سيف أو غيره . ومنه قول قيس بن الخطيم ;أجالدهم يوم الحديقة حاسرا كأن يدي بالسيف محراق لاعب[ ص; 165 ] ( ثمانين ) نصب على المصدر . ( جلدة ) تمييز . ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون هذا يقتضي مدة أعمارهم ، ثم حكم عليهم بأنهم فاسقون ؛ أي خارجون عن طاعة الله - عز وجل - .
يقول تعالى ذكره; والذين يَشْتمون العفائف من حرائر المسلمين، فيرمونهنّ بالزنا، ثم لم يأتوا على ما رمَوْهن به من ذلك بأربعة شهداء عدول يشهدون، عليهنّ أنهنّ رأوهن يفعلن ذلك، فاجلدوا الذين رموهن بذلك ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وأولئك هم الذين خالفوا أمر الله وخرجوا من طاعته ففسقوا عنها.وذُكر أن هذه الآية إنما نـزلت في الذين رموا عائشة، زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم بما رموها به من الإفك.*ذكر من قال ذلك;حدثني أبو السائب وإبراهيم بن سعيد، قالا ثنا ابن فضيل، عن خصيف، قال; قلت لسعيد بن جُبير; الزنا أشدّ، أو قذف المحصنة؟ قال; لا بل الزنا. قلت; إن الله يقول; ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ) قال; إنما هذا في حديث عائشة خاصة.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ)... الآية في نساء المسلمين.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) قال; الكاذبون.
لما عظم تعالى أمر الزاني بوجوب جلده، وكذا رجمه إن كان محصنا، وأنه لا تجوز مقارنته، ولا مخالطته على وجه لا يسلم فيه العبد من الشر، بين تعالى تعظيم الإقدام على الأعراض بالرمي بالزنا فقال: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ْ} أي: النساء الأحرار العفائف، وكذاك الرجال، لا فرق بين الأمرين، والمراد بالرمي الرمي بالزنا، بدليل السياق، { ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا ْ} على ما رموا به { بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ْ} أي: رجال عدول، يشهدون بذلك صريحا، { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ْ} بسوط متوسط، يؤلم فيه، ولا يبالغ بذلك حتى يتلفه، لأن القصد التأديب لا الإتلاف، وفي هذا تقدير حد القذف، ولكن بشرط أن يكون المقذوف كما قال تعالى محصنا مؤمنا، وأما قذف غير المحصن، فإنه يوجب التعزير. { وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ْ} أي: لهم عقوبة أخرى، وهو أن شهادة القاذف غير مقبولة، ولو حد على القذف، حتى يتوب كما يأتي، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ْ} أي: الخارجون عن طاعة الله، الذين قد كثر شرهم، وذلك لانتهاك ما حرم الله، وانتهاك عرض أخيه، وتسليط الناس على الكلام بما تكلم به، وإزالة الأخوة التي عقدها الله بين أهل الإيمان، ومحبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا دليل على أن القذف من كبائر الذنوب.
(الواو) استئنافيّة
(الذين) موصول مبتدأ خبره جملة اجلدوهم، وعلامة نصبـ (المحصنات) الكسرة
(ثم) حرف عطف
(بأربعة) متعلّق بـ (يأتوا) ،
(شهداء) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف لأنه ملحق بالمؤنث المنتهي بألف التأنيث الممدودة على وزن فعلاء
(الفاء) زائدة
(ثمانين) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو عدده
(جلدة) تمييز منصوبـ (الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة
(لهم) متعلّق بـ (تقبلوا) ،
(أبدا) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (تقبلوا) ،
(هم) ضمير فصل .
جملة: «الذين يرمون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يرمون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «لم يأتوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «اجلدوهم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) ، وزيدت الفاء لمشابهة الموصول للشرط.وجملة: «لا تقبلوا ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة اجلدوهم.
وجملة: «أولئك.. الفاسقون ... » لا محلّ لها استئنافيّة .
5-
(إلّا) أداة استثناء
(الذين) مستثنى بإلّا في محلّ نصب ،
(من بعد) متعلّق بـ (تابوا) ،
(الفاء) تعليليّة
(رحيم) خبر ثان لـ (إنّ) .
وجملة: «تابوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) وجملة: «أصلحوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «إنّ الله غفور ... » لا محلّ لها تعليل لمقدّر أي: غفر لهم.
6-
(الواو) عاطفة
(الذين) مثل الأولـ (الواو) الثانية حاليّة
(لهم) متعلّق بخبر يكن
(إلّا) للاستثناء
(أنفسهم) بدل من شهداء مرفوع ،
(الفاء) زائدة
(شهادة) مبتدأ خبره
(أربع) ،
(بالله) متعلّق بـ (شهادات) ، و (اللام) في(لمن) المزحلقة للتوكيد.
وجملة: «الذين يرمون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الذين يرمون
(الأولى) .
وجملة: «يرمون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «لم يكن لهم شهداء» في محلّ نصب حال من الضمير في(لهم) .
وجملة: «شهادة أحدهم أربع ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) ، وزيدت الفاء في الخبر لمشابهة الموصول للشرط.
وجملة: «إنّه لمن الصادقين» في محلّ نصب معمولة للمصدر شهادات،وكان من حقّ الهمزة في(إنّ) أن تكون مفتوحة ولكنّ اللام الواردة في الخبر جعلتها مكسورة فعلّق المصدر عن العمل المباشر.
7-
(الخامسة) مبتدأ مرفوع
(عليه) متعلّق بخبر أنّ
(كان) ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط
(من الكاذبين) متعلّق بخبر كان.. واسم كان ضمير مستتر يعود على أحدهم.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ لعنة الله عليه) في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الخامسة) .
وجملة: «الخامسة أنّ لعنة الله..» في محلّ رفع معطوفة على جملة شهادة أحدهم.
وجملة: «كان من الكاذبين» لا محلّ لها استئنافيّة.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: إن كان من الكاذبين فاللعنة عليه.
8-
(الواو) عاطفة
(عنها) متعلّق بـ (يدرأ) ،
(أربع) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو عدده
(بالله) متعلّق بـ (تشهد) ،
(إنّه لمن الكاذبين) مثل إنّه لمن الصادقين.
والمصدر المؤوّلـ (أن تشهد أربع ... ) في محلّ رفع فاعل يدرأ.
وجملة: «يدرأ ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة فشهادة ... .
وجملة: «تشهد ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «إنّه لمن الكاذبين» في محلّ نصب معمولة للمصدر شهادات ...9-
(الواو) عاطفة
(الخامسة) معطوف على أربع منصوبـ (عليها) متعلّق بخبر أنّ.والمصدر المؤوّلـ (أنّ غضب الله عليها) في محلّ نصب بدل من الخامسة .
(إن كان من الصادقين) مثل إن كان من الكاذبين وجملة: «إن كان من الصادقين» لا محلّ لها استئنافيّة.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: فالغضب عليها.
10-
(الواو) عاطفة
(لولا) حرف شرط غير جازم- حرف امتناع لوجود-
(فضل) مبتدأ خبره محذوف وجوبا تقديره موجود
(عليكم) متعلّق بـ (فضل)
(حكيم) خبر أنّ ثان مرفوع.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ الله توّاب ... ) في محلّ رفع معطوف على المصدر الصريح فضل.
وجملة: «لولا فضل الله ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة الذين يرمون وجواب الشرط محذوف تقديره لهلكتم، أو لبيّن الحقّ.. إلخ بحسب التفسير المعتمد.