وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنۢبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْءَاكِلِينَ
وَشَجَرَةً تَخۡرُجُ مِنۡ طُوۡرِ سَيۡنَآءَ تَنۡۢبُتُ بِالدُّهۡنِ وَصِبۡغٍ لِّلۡاٰكِلِيۡنَ
تفسير ميسر:
وأنشأنا لكم به شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل طور "سيناء"، يعصر منها الزيت، فيدَّهن ويؤتدم به.
وقوله " وشجرة تخرج من طور سيناء " يعني الزيتونه والطور هو الجبل وقال بعضهم إنما يسمى طورا إذا كان فيه شجر فإن عري عنها سمي جبلا لا طورا والله أعلم وطور سيناء هو طور سينين وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسي بن عمران عليه السلام وما حوله من الجبال التي فيها شجر الزيتون وقوله " تنبت بالدهن " قال بعضهم الباء زائدة وتقديره تنبت الدهن كما في قول العرب ألقى فلان بيده أي يده وأما على قول من يضمن الفعل فتقديره تخرج بالدهن أو تأتي بالدهن ولهذا قال " وصبغ " أي أدم قاله قتادة " للآكلين " أي فيها ما ينتفع به من الدهن والاصطباغ كما قال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن عبدالله ابن عيسى عن عطاء الشامي عن أبي أسيد واسمه مالك بن ربيعة الساعدي الأنصاري رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة "وقال عبد بن حميد في مسنده وتفسيره حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة" ورواه الترمذي وابن ماجه من غير وجه عن عبد الرزاق. قال الترمذي ولا يعرف إلا من حديثه وكان يضطرب فيه فربما ذكر فيه عمر وربما لم يذكره. قال أبو القاسم الطبراني حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا سفيان بن عيينة حدثني الصعب بن حكيم بن شريك بن نميلة عن أبيه عن جده قال; ضفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة عاشوراء فأطعمني من رأس بعير بارد وأطعمنا زيتا وقال هذا الزيت المبارك الذي قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى ; وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلينفيه ست مسائل ; الأولى ; قوله تعالى ; ( وشجرة ) شجرة عطف على جنات . وأجاز الفراء الرفع لأنه لم يظهر الفعل ، بمعنى وثم شجرة ؛ ويريد بها شجرة الزيتون . وأفردها بالذكر لعظيم منافعها في أرض الشام والحجاز وغيرهما من البلاد ، وقلة تعاهدها بالسقي والحفر وغير ذلك من المراعاة في سائر الأشجار . ( تخرج ) في موضع الصفة . من طور سيناء أي أنبتها الله في الأصل من هذا الجبل الذي بارك الله فيه . وطور سيناء من أرض الشام وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى - عليه السلام - ؛ قاله ابن عباس وغيره ، وقد تقدم في البقرة والأعراف . والطور الجبل في كلام العرب . وقيل ; هو مما عرب من كلام العجم . وقال ابن زيد ; هو جبل بيت المقدس ممدود من مصر إلى أيلة . واختلف في سيناء ؛ فقال قتادة ; معناه الحسن ؛ ويلزم على هذا التأويل أن ينون الطور على النعت . وقال مجاهد ; معناه مبارك . وقال معمر عن فرقة ; معناه شجر ؛ ويلزمهم أن ينونوا الطور . وقال الجمهور ; هو اسم الجبل ؛ كما تقول جبل أحد . وعن مجاهد أيضا ; سيناء حجر بعينه أضيف الجبل إليه لوجوده عنده . وقال مقاتل ; كل جبل يحمل الثمار فهو سيناء ؛ أي حسن . وقرأ الكوفيون بفتح السين على وزن فعلاء ؛ وفعلاء في كلام العرب كثير ؛ يمنع من الصرف في المعرفة والنكرة ؛ لأن في آخرها ألف التأنيث ، وألف التأنيث ملازمة لما هي فيه ، وليس في الكلام فعلاء ، ولكن من قرأ سيناء بكسر السين جعله فعلالا ؛ فالهمزة فيه كهمزة حرباء ، ولم يصرف في هذه الآية لأنه جعل اسم بقعة . وزعم الأخفش أنه اسم أعجمي .الثانية ; قوله تعالى ; تنبت بالدهن قرأ الجمهور ( تنبت ) بفتح التاء وضم الباء ، والتقدير ; تنبت ومعها الدهن ؛ كما تقول ; خرج زيد بسلاحه . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو بضم التاء وكسر الباء . واختلف في التقدير على هذه القراءة ؛ فقال أبو علي الفارسي ; التقدير [ ص; 108 ] تنبت جناها ومعه الدهن ؛ فالمفعول محذوف . وقيل ; الباء زائدة ؛ مثل ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وهذا مذهب أبي عبيدة . وقال الشاعر ;نضرب بالسيف ونرجو بالفرجوقال آخر ;هن الحرائر لا ربات أخمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسورونحو هذا قاله أبو علي أيضا ؛ وقد تقدم . وقيل ; نبت وأنبت بمعنى ؛ فيكون المعنى كما مضى في قراءة الجمهور ، وهو مذهب الفراء ، وأبي إسحاق ، ومنه قول زهير ;حتى إذا أنبت البقلوالأصمعي ينكر أنبت ، ويتهم قصيدة زهير التي فيها ;رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا بها حتى إذا أنبت البقلأي نبت . وقرأ الزهري ، والحسن ، والأعرج ( تنبت بالدهن ) برفع التاء ونصب الباء . قال ابن جني ، والزجاج ; هي باء الحال ؛ أي تنبت ومعها دهنها . وفي قراءة ابن مسعود ; ( تخرج بالدهن ) وهي باء الحال . ابن درستويه ; الدهن الماء اللين ؛ تنبت من الإنبات . وقرأ زر بن حبيش ( تنبت ) بضم التاء وكسر الباء ( الدهن ) بحذف الباء ونصبه . وقرأ سليمان بن عبد الملك ، والأشهب ( بالدهان ) . والمراد من الآية تعديد نعمة الزيت على الإنسان ، وهي من أركان النعم التي لا غنى بالصحة عنها . ويدخل في معنى الزيتون شجر الزيت كله على اختلافه بحسب الأقطار .الثالثة ; قوله تعالى ; وصبغ للآكلين قراءة الجمهور . وقرأت فرقة ( وأصباغ ) بالجمع . وقرأ عامر بن عبد قيس ( ومتاعا ) ؛ ويراد به الزيت الذي يصطبغ به الأكل ؛ يقال ; صبغ وصباغ ؛ مثل دبغ ودباغ ، ولبس ولباس . وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ ؛ حكاه الهروي ، وغيره . وأصل الصبغ ما يلون به الثوب ، وشبه الإدام به لأن الخبز يلون بالصبغ إذا غمس فيه . وقال مقاتل ; الأدم الزيتون ، والدهن الزيت . وقد جعل الله تعالى في هذه الشجرة أدما ودهنا ؛ فالصبغ على هذا الزيتون .الرابعة ; لا خلاف أن كل ما يصطبغ فيه من المائعات كالزيت ، والسمن ، والعسل ، والرب ، [ ص; 109 ] والخل ، وغير ذلك من الأمراق أنه إدام . وقد نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخل ، فقال ; نعم الإدام الخل رواه تسعة من الصحابة ، سبعة رجال وامرأتان . وممن رواه في الصحيح جابر ، وعائشة ، وخارجة ، وعمر ، وابنه عبيد الله ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وسمرة بن جندب ، وأنس ، وأم هانئ .الخامسة ; واختلف فيما كان جامدا كاللحم ، والتمر ، والزيتون ، وغير ذلك من الجوامد ؛ فالجمهور أن ذلك كله إدام ؛ فمن حلف ألا يأكل إداما فأكل لحما أو جبنا حنث . وقال أبو حنيفة ; لا يحنث ؛ وخالفه صاحباه . وقد روي عن أبي يوسف مثل قول أبي حنيفة . والبقل ليس بإدام في قولهم جميعا . وعن الشافعي في التمر وجهان ؛ والمشهور أنه ليس بإدام لقوله في التنبيه . وقيل يحنث ؛ والصحيح أن هذا كله إدام . وقد روى أبو داود ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال ; رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة فقال ; هذا إدام هذه . وقال ; صلى الله عليه وسلم - ; سيد إدام الدنيا والآخرة اللحم . ذكره أبو عمر . وترجم البخاري ( باب الإدام ) وساق حديث عائشة ؛ ولأن الإدام مأخوذ من المؤادمة وهي الموافقة ، وهذه الأشياء توافق الخبز فكان إداما . وفي الحديث عنه - عليه السلام - ; ائتدموا ولو بالماء . ولأبي حنيفة أن حقيقة الإدام الموافقة في الاجتماع على وجه لا يقبل الفصل ؛ كالخل ، والزيت ، [ ص; 110 ] ونحوهما ، وأما اللحم ، والبيض ، وغيرهما لا يوافق الخبز بل يجاوزه كالبطيخ ، والتمر ، والعنب . والحاصل ; أن كل ما يحتاج في الأكل إلى موافقة الخبز كان إداما ، وكل ما لا يحتاج ويؤكل على حدة لا يكون إداما ، والله أعلم .السادسة ; روى الترمذي من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة . هذا حديث لا يعرف إلا من حديث عبد الرزاق ، وكان يضطرب فيه ، فربما يذكر فيه عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وربما رواه على الشك فقال ; أحسبه عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وربما قال ; عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال مقاتل ; خص الطور بالزيتون لأن أول الزيتون نبت منها . وقيل ; إن الزيتون أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان . والله أعلم .
يقول تعالى ذكره; وأنشأنا لكم أيضا شجرة تخرج من طور سيناء وشجرة منصوبة عطفا على الجنات ويعني بها; شجرة الزيتون.وقوله; ( تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) يقول; تخرج من جبل ينبت الأشجار.وقد بيَّنت معنى الطور فيما مضى بشواهده، واختلاف المختلفين بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.وأما قوله; ( سَيْنَاءَ ) فإن القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة; ( سِيناء ) بكسر السين. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة; ( سَيْنَاءَ ) بفتح السين، وهما جميعا مجمعون على مدّها.والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار، بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم; معناه; المبارك، كأن معنى الكلام عنده; وشجرة تخرج من جبل مبارك.*ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( طُورِ سَيْنَاءَ ) قال; المبارك.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) قال; هو جبل بالشام مبارك.وقال آخرون; معناه; حسن.*ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( طُورِ سَيْنَاءَ ) قال; هو جبل حسن.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) الطور; الجبل بالنبطية، وسيناء، حسنة بالنبطية.وقال آخرون; هو اسم جبل معروف.*ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، في قوله; ( مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) قال; الجبل الذي نودي منه موسى صلى الله عليه وسلم.حدثني يونس قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( طُورِ سَيْنَاءَ ) قال; هو جبل الطور الذي بالشام، جبل ببيت المقدس، قال; ممدود، هو بين مصر وبين أيلة.وقال آخرون; معناه; أنه جبل ذو شجر.*ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عمن قاله.والصواب من القول في ذلك أن يقال; إن سيناء اسم أضيف إليه الطور يعرف به، كما قيل ; جبلا طيئ، فأضيفا إلى طيئ، ولو كان القول في ذلك كما قال من قال ; معناه ; جبل مبارك، أو كما قال من قال ; معناه حسن، لكان الطور منوّنا، وكان قوله سيناء من نعته، على أن سيناء بمعنى; مبارك وحسن، غير معروف في كلام العرب ، فيجعل ذلك من نعت الجبل، ولكن القول في ذلك إن شاء الله كما قال ابن عباس، من أنه جبل عرف بذلك، وأنه الحبل الذي نودي منه موسى صلى الله عليه وسلم ، وهو مع ذلك مبارك، لا أن معنى سيناء; معنى مبارك.وقوله; ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) اختلفت القرّاء في قراءة قوله; ( تُنْبِتُ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار; ( تَنْبُت ) بفتح التاء، بمعنى; تنبت هذه الشجرة بثمر الدهن، وقرأه بعض قرّاء البصرة; ( تُنْبِت ) بضم التاء، بمعنى تنبت الدهن، تخرجه. وذكر أنها في قراءة عبد الله; ( تُخْرجُ الدُّهْن ) وقالوا; الباء في هذا الموضع زائدة كما قيل; أخذت ثوبه ، وأخذت بثوبه، وكما قال الراجز;نَحْــنُ بَنُـو جَـعْدَةَ أرْبـابُ الفَلَـجْنَضْـرِبُ بِـالبيضِ وَنَرْجُـو بـالفَرَج (1)بمعنى; ونرجو الفرج. والقول عندي في ذلك أنهما لغتان; نبت، وأنبت; ومن أنبت قول زهير;رأيْـتَ ذوي الحاجـاتِ حَـوْلَ بُيُوتِهِمْقَطِينـا لَهُـمْ حـتى إذا أنْبَـتَ البَقْـلُ (2)ويروى; نبت، وهو كقوله; فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ و " فاسر "، غير أن ذلك وإن كان كذلك، فإن القراءة التي لا أختار غيرها في ذلك قراءة من قرأ; ( تَنْبُت ) بفتح التاء؛ لإجماع الحجة من القرّاء عليها. ومعنى ذلك; تَنْبُت هذه الشجرة بثمر الدهن.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) قال; بثمره.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُريج، عن مجاهد، مثله.والدهن الذي هو من ثمره الزيت، كما حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) يقول; هو الزيت يوكل، ويدهن به.وقوله; ( وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ ) يقول; تنبت بالدهن وبصبغ للآكلين، يصطبغ بالزيت الذين يأكلونه.كما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله ( وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ ) قال; هذا الزيتون صبغ للآكلين، يأتدمون به، ويصطبغون به.قال أبو جعفر; فالصبغ عطف على الدهن.------------------------الهوامش ;(1) البيت لنابغة بني جعدة ( خزانة الأدب للبغدادي 4 ; 160) والفلج في الأصل النهر الصغير ، والماء الجاري. والمراد في البيت ; موضع في أعلى بلاد قيس . ويروى (نضرب بالسيف ) . والبيض ; جمع أبيض ، وهو السيف . والبيت شاهد على زيادة الباء في قوله بالفرج ، أي ونرجو الفرج . وهي زائدة في المفعول به سماعًا . قال ابن عصفور في الضرائر ; زيادة الباء هنا ; ضرورة . وقال ابن السيد في شرح أدب الكاتب لابن قتيبة ; إنما عدى الرجاء بالباء ، لأنه بمعنى الطمع يتعدى بالباء ، كقولك ; طمعت بكذا . قال الشاعر;طَمِعْــتُ بِلَيْــلَى أنْ تجُـودَ وَإِنَّمَـاتُقَطِّــعُ أَعْنَــاقَ الرِّجَـالِ المَطَـامِعُوبنو جعدة يروى بالرفع على أنه خبر نحن ، وبالنصب على الاختصاص ، والخبر ; أرباب . ا ه.(2) البيت في (اللسان نبت ) قال ; ونبت البقل وأنبت بمعنى ، وأنشد لزهير بن أبي سلمى ;إذَا السَّـنَةُ الشَّـهْبَاءُ بِالنَّـاسِ أجْحَـفَتْوَنَـالَ كِـرَامَ النَّاسِ فِي الحَجْرةِ الأَكلُثم قال ; يعني بالشهباء البيضاء من الجدب ، لأنها تبيض بالثلج أو عدم النبت . والحجرة السنة الشديدة التي تحجر الناس في بيوتهم ، فينحروا كرائم إبلهم ليأكلوها . والقطين ; الحشم، وسكان الدار. وأجحفت أضرت بهم ، وأهلكت أموالهم . قال ; ونبت وأنبت ; مثل قولهم مطرت السماء وأمطرت . وقال في قوله تعالى ; {تنبت بالدهن} قرأ ابن كثير وأبو عمرو الحضرمي ; {تنبت} بضم في التاء ، وكسر الباء . وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر ; بفتح التاء . وقال الفراء ; هما لغتان ; نبتت الأرض وأنبتت ، قال ابن سيده ; أما تنبت ( بضم التاء) فذهب كثير من الناس إلى أن معناه ; تنبت الدهن ، أي شجر الدهن ، أو حب الدهن ، وأن الباء فيه زائدة ، وكذلك قول عنترة " شربت بماء الدحرضين ... البيت " قالوا; أراد شربت ماء الدحرضين. قال ; وهذا عند حذاق أصحابنا على غير وجه الزيادة ، وإنما تأويله والله أعلم ; تنبت ما تنبته والدهن فيها ، كما تقول ; خرج زيد بثيابه عليه؛ وركب الأمير بسيفه ، أي وسيفه معه . ا هـ .
{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ } وهي شجرة الزيتون، أي: جنسها، خصت بالذكر، لأن مكانها خاص في أرض الشام، ولمنافعها، التي ذكر بعضها في قوله: { تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ } أي: فيها الزيت، الذي هو دهن، يستعمل استعماله من الاستصباح به، واصطباغ الآكلين، أي: يجعل إداما للآكلين، وغير ذلك من المنافع.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة