إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشٰى
اِلَّا تَذۡكِرَةً لِّمَنۡ يَّخۡشٰى
تفسير ميسر:
لكن أنزلناه موعظة؛ ليتذكر به مَن يخاف عقاب الله، فيتقيه بأداء الفرائض واجتناب المحارم.
وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه.
قوله تعالى ; إلا تذكرة لمن يخشى قال أبو إسحاق الزجاج ; هو بدل من ( تشقى ) أي ما أنزلناه إلا تذكرة . النحاس وهذا وجه بعيد وأنكره أبو علي من أجل أن التذكرة ليست بشقاء ، وإنما هو منصوب على المصدر أي أنزلناه لتذكر به تذكرة أو على المفعول من أجله ، أي ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى به ، ما أنزلناه إلا للتذكرة ، وقال الحسن بن الفضل ; فيه تقديم وتأخير مجازه ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى ولئلا تشقى .
وقوله ( إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ) يقول تعالى ذكره; ما أنـزلنا عليك هذا القرآن إلا تذكرة لمن يخشى عقاب الله، فيتقيه بأداء فرائض ربه واجتناب محارمه.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ) وإن الله أنـزل كتبه، وبعث رسله رحمة رحم الله بها العباد، ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر له أنـزل الله فيه حلاله وحرامه، فقال تَنْـزِيلا مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلا .حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ) قال; الذي أنـزلناه عليك تذكرة لمن يخشى.فمعنى الكلام إذن; يا رجل ما أنـزلنا عليك هذا القرآن لتشقى به، ما أنـزلناه إلا تذكرة لمن يخشى.وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب تذكرة، فكان بعض نحويي البصرة يقول; قال; إلا تذكرة بدلا من قوله لتشقى، فجعله; ما أنـزلنا عليك القرآن إلا تذكرة، وكان بعض نحويي الكوفة يقول; نصبت على قوله; ما أنـزلناه إلا تذكرة، وكان بعضهم ينكر قول القائل; نصبت بدلا من قوله (لِتَشْقَى) ويقول; ذلك غير جائز، لأن (لِتَشْقَى) في الجحد، و ( إِلا تَذْكِرَةً ) في التحقيق، ولكنه تكرير، وكان بعضهم يقول; معنى الكلام; ما أنـزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى، لا لتشقى.
{ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى } إلا ليتذكر به من يخشى الله تعالى، فيتذكر ما فيه من الترغيب إلى أجل المطالب، فيعمل بذلك، ومن الترهيب عن الشقاء والخسران، فيرهب منه، ويتذكر به الأحكام الحسنة الشرعية المفصلة، التي كان مستقرا في عقله حسنها مجملا، فوافق التفصيل ما يجده في فطرته وعقله، ولهذا سماه الله { تَذْكِرَةً } والتذكرة لشيء كان موجودا، إلا أن صاحبه غافل عنه، أو غير مستحضر لتفصيله، وخص بالتذكرة { مَن يَخْشَى } لأن غيره لا ينتفع به، وكيف ينتفع به من لم يؤمن بجنة ولا نار، ولا في قلبه من خشية الله مثقال ذرة؟ هذا ما لا يكون، { سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى* وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى* الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى }
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة