قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولٰى
قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡ ۖ سَنُعِيۡدُهَا سِيۡرَتَهَا الۡاُوۡلٰى
تفسير ميسر:
قال الله لموسى; خذ الحية، ولا تَخَفْ منها، سوف نعيدها عصًا كما كانت في حالتها الأولى. واضمم يدك إلى جنبك تحت العَضُد تخرج بيضاء كالثلج من غير برص؛ لتكون لك علامة أخرى.
بأخذها لف طرف المدرعة على يده فقال له ملك; أرأيت يا موسى لو أذن الله بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال لا ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية حتى سمع حس الأضراس والأنياب ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها إذا توكأ بين الشعبتين ولهذا قال تعالى سنعيدها سيرتها الأولى أي إلى حالها التى تعرف قبل ذلك.
وكانت عصا ذات شعبتين فصارت الشعبتان لها فما وصارت حية تسعى أي تنتقل ، وتمشي وتلتقم الحجارة فلما رآها موسى - عليه السلام - رأى عبرة ف ( ولى مدبرا ولم يعقب ) فقال الله له ; خذها ولا تخف وذلك أنه ( أوجس في نفسه خيفة ) أي لحقه ما يلحق البشر . وروي أن موسى تناولها بكمي جبته فنهي عن ذلك ، فأخذها بيده فصارت عصا كما كانت أول مرة ، وهي سيرتها الأولى ، وإنما أظهر له هذه الآية لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون . ويقال ; إن العصا بعد ذلك كانت تماشيه وتحادثه ويعلق عليها أحماله ، وتضيء له الشعبتان بالليل كالشمع ؛ وإذا أراد الاستقاء انقلبت الشعبتان كالدلو وإذا اشتهى ثمرة ركزها في الأرض فأثمرت تلك الثمرة . وقيل إنها كانت من آس الجنة . وقيل ; أتاه جبريل بها . وقيل ; ملك . وقيل قال له شعيب ; خذ عصا من ذلك البيت فوقعت بيده تلك العصا ، وكانت عصا آدم - عليه السلام - هبط بها من الجنة . والله أعلم .قوله تعالى ; فإذا هي حية تسعى النحاس ; ويجوز ( حية ) يقال ; خرجت فإذا زيد جالس وجالسا . والوقف ( حيه ) بالهاء . والسعي المشي بسرعة وخفة . وعن ابن عباس ; انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع الصخر والشجر ، فلما رآه يبتلع كل شيء خافه ونفر منه . وعن بعضهم ; إنما خاف منه لأنه عرف ما لقي آدم منها . وقيل ; لما قال له ربه لا تخف بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها . سنعيدها سيرتها الأولى [ ص; 111 ] سمعت علي بن سليمان يقول ; التقدير إلى سيرتها ، مثل واختار موسى قومه قال ; ويجوز أن يكون مصدرا لأن معنى سنعيدها سنسيرها .
وقوله ( قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ ) يقول تعالى ذكره قال الله لموسى; خذ الحية، والهاء والألف من ذكر الحية ( وَلا تَخَفْ ) يقول; ولا تخف من هذه الحية يقول; ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى) يقول ; فإنا سنعيدها لهيئتها الأولى التي كانت عليها قبل أن نصيرها حية، ونردّها عصا كما كانت.يقال لكل من كان على أمر فتركه، وتحوّل عنه ثم راجعه; عاد فلان سيرته الأولى، وعاد لسيرته الأولى، وعاد إلى سيرته الأولى.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (سِيرَتها الأولى) يقول; حالتها الأولى.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، فال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( سِيرَتَهَا الأولَى ) قال; هيئتها.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن وهب بن منبه ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى ) أي سنردّها عصا كما كانت.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى ) قال; إلى هيئتها الأولى.
فقال الله لموسى: { خُذْهَا وَلَا تَخَفْ } أي: ليس عليك منها بأس. { سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى } أي: هيئتها وصفتها، إذ كانت عصا، فامتثل موسى أمر الله إيمانا به وتسليما، فأخذها، فعادت عصاه التي كان يعرفها
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة و (السين) حرف استقبالـ (سيرتها) منصوب على نزع الخافض ، أي إلى سيرتها
(الأولى) نعت لسيرة مجرور، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «خذها ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لا تخف ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة خذها.
وجملة: «سنعيدها.....» لا محلّ لها تعليليّة.
22-
(الواو) عاطفة
(إلى جناحك) متعلّق بـ (اضمم) ،
(تخرج) مضارع مجزوم جواب الطلبـ (بيضاء) حال منصوبة من فاعل تخرج، ومنع من التنوين لأنّه منته بألف التأنيث الممدودة
(من غير) متعلّق بحال من الضمير في بيضاء
(آية) حال ثانية منصوبة
(أخرى) نعت لآية منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف.
وجملة: «اضمم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة خذها.
وجملة: «تخرج ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.
في قوله تعالى «وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ» .
أصل الجناح للطائر، ثم أستعير لجنب الإنسان، لأن كل جنب في موضع الجناح للطائر، فسميت الجهتان جناحين، بطريق الاستعارة.
2- الاحتراس والكناية:
في قوله تعالى «تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ» .
السوء: الرداءة والقبح في كل شيء، وكنى به عن البرص، كما كنى عن العورة بالسوأة، لما أن الطباع تنفر عنه والأسماع تمجه، وفائدة التعرض لنفي ذلك «الاحتراس» فإنه لو اقتصر على قوله تعالى «تَخْرُجْ بَيْضاءَ» لأوهم، ولو على بعد ذلك، من برص ويجوز أن يكون الاحتراس عن توهم عيب الخروج عن الخلقةالأصلية، على أن المعنى، تخرج بيضاء من غير عيب وقبح في ذلك الخروج، أو عن توهم عيب مطلقا.
23-
(اللام) للتعليلـ (من آياتنا) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان .
والمصدر المؤوّلـ (أن نريك..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره آتيناك ذلك لنريك ...وجملة: «نريك ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
24-
(إلى فرعون) متعلّق بـ (اذهب) ، وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف..
وجملة: «اذهب ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «إنّه طغى ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «طغى ... » في محلّ رفع خبر إنّ.