القول في تأويل قوله تعالى ; وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَاقد دللنا -فيما مضى قبل- على معنى " الصبر " وأنه كف النفس وحبسها عن الشيء. (46) فإذ كان ذلك كذلك , فمعنى الآية إذا; واذكروا إذا قلتم -يا معشر بني إسرائيل-; لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد - وذلك " الطعام الواحد "، هو ما أخبر الله جل ثناؤه أنه أطعمهموه في تيههم، وهو " السلوى " &; 2-125 &; في قول بعض أهل التأويل , وفي قول وهب بن منبه هو " الخبز النقي مع اللحم " - فاسأل لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من البقل والقثاء ، وما سمى الله مع ذلك، وذكر أنهم سألوه موسى .* * *وكان سبب مسألتهم موسى ذلك فيما بلغنا , ما; -1054 - حدثنا به بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد , عن قتادة قوله; (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد) قال; كان القوم في البرية قد ظلل عليهم الغمام , وأنـزل عليهم المن والسلوى , فملوا ذلك , وذكروا عيشا كان لهم بمصر , فسألوه موسى . فقال الله تعالى; اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .1055 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله; (لن نصبر على طعام واحد)، قال; ملوا طعامهم , وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه قبل ذلك , قالوا; (ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها) الآية .1056 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله; (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد)، قال; كان طعامهم السلوى , وشرابهم المن , فسألوا ما ذكر , فقيل لهم; اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .* * *قال أبو جعفر; وقال قتادة; إنهم لما قدموا الشام فقدوا أطعمتهم التي كانوا يأكلونها , فقالوا; (ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها)، وكانوا قد ظلل عليهم الغمام، وأنـزل عليهم المن والسلوى , فملوا ذلك , وذكروا عيشا كانوا فيه بمصر .1057 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى &; 2-126 &; قال، سمعت ابن أبي نجيح في قوله عز وجل; (لن نصبر على طعام واحد)، المن والسلوى , فاستبدلوا به البقل وما ذكر معه .1058 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بمثله سواء .1059 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد بمثله .1060 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي; أُعطوا في التيه ما أُعطوا , فملوا ذلك وقالوا; (يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها) .1061 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أنبأنا ابن زيد قال; كان طعام بني إسرائيل في التيه واحدا , وشرابهم واحدا. كان شرابهم عسلا ينـزل لهم من السماء يقال له المن , وطعامهم طير يقال له السلوى , يأكلون الطير ويشربون العسل , لم يكونوا يعرفون خبزا ولا غيره . فقالوا; " يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا "، فقرأ حتى بلغ; اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .* * *وإنما قال جل ذكره; (يخرج لنا مما تنبت الأرض) - ولم يذكر الذي سألوه أن يدعو ربه ليخرج لهم من الأرض , فيقول; قالوا ادع لنا ربك يخرج لنا كذا وكذا مما تنبته الأرض من بقلها وقثائها - لأن " من " تأتي بمعنى التبعيض لما بعدها , فاكتفي بها عن ذكر التبعيض , إذ كان معلوما بدخولها معنى ما أريد بالكلام الذي هي فيه. كقول القائل; أصبح اليوم عند فلان من الطعام " يريد شيئا منه.وقد قال بعضهم; " من " ههنا بمعنى الإلغاء والإسقاط . كأن معنى الكلام &; 2-127 &; عنده; يخرج لنا ما تنبت الأرض من بقلها . واستشهد على ذلك بقول العرب; " ما رأيت من أحد " بمعنى; ما رأيت أحدا , وبقول الله; وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ [ البقرة; 271]، وبقولهم; " قد كان من حديث , فخل عني حتى أذهب , يريدون; قد كان حديث .وقد أنكر من أهل العربية جماعة أن تكون " من " بمعنى الإلغاء في شيء من الكلام , وادعوا أن دخولها في كل موضع دخلت فيه، مؤذن أن المتكلم مريد لبعض ما أدخلت فيه لا جميعه , وأنها لا تدخل في موضع إلا لمعنى مفهوم .فتأويل الكلام إذا - على ما وصفنا من أمر " من " (47) -; فادع لنا ربك يخرج لنا بعض ما تنبت الأرض من بقلها وقثائها .* * *و " البقل " و " القثاء " و " العدس " و " البصل " , هو ما قد عرفه الناس بينهم من نبات الأرض وحبها .* * *وأما " الفوم " , فإن أهل التأويل اختلفوا فيه . فقال بعضهم; هو الحنطة والخبز.* ذكر من قال ذلك;1062 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد ومؤمل قالا حدثنا سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن عطاء قال; الفوم;، الخبز .1063 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء ومجاهد قوله; (وفومها) قالا خبزها .1064 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمد بن عمرو قالا حدثنا أبو عاصم , عن عيسى بن ميمون , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد; (وفومها)، قال; الخبز .1065 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة والحسن; الفوم، هو الحب الذي يختبزه الناس .1066 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة والحسن بمثله .1067 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين , عن أبي مالك في قوله; (وفومها) قال; الحنطة .1068 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر عن السدي; (وفومها)، الحنطة.1069 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن وحصين , عن أبي مالك في قوله; (وفومها)، الحنطة.1070 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر الرازي , عن قتادة قال; الفوم، الحب الذي يختبز الناس منه .1071 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج قال، قال لى عطاء بن أبي رياح قوله; (وفومها)، قال; خبزها، قالها مجاهد .1072 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال لي ابن زيد; الفوم، الخبز.1073 - حدثني يحيى بن عثمان السهمي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله; (وفومها) يقول; الحنطة والخبز .1074 - حُدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله; (وفومها) قال; هو البر بعينه، الحنطة.1075 - حدثنا علي بن الحسن قال، حدثنا مسلم الجرمي قال، حدثنا عيسى بن يونس , عن رشدين بن كريب , عن أبيه , عن ابن عباس في قول الله عز وجل; (وفومها) قال; الفوم، الحنطة بلسان بني هاشم . (48)1076 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا عبد العزيز بن منصور , عن نافع بن أبي نعيم، أن عبد الله بن عباس سئل عن قول الله; (وفومها)، قال; الحنطة، أما سمعت قول أُحَيْحة بن الجُلاح وهو يقول;قـد كـنت أغنـى الناس شخصا واحداوَرَد المدينــة عــن زراعـة فـوم (49)* * *وقال آخرون; هو الثوم .* ذكر من قال ذلك;1077 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك , عن ليث , عن مجاهد قال; هو هذا الثوم .1078 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قال; الفوم، الثوم .* * *وهو في بعض القراءات " وثومها " .* * *وقد ذكر أن تسمية الحنطة والخبز جميعا " فوما " من اللغة القديمة . حكي سماعا من أهل هذه اللغة; " فوموا لنا " , بمعنى اختبزوا لنا .* * *وذكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود; " وثومها " بالثاء . (50) فإن كان ذلك صحيحا، فإنه من الحروف المبدلة كقولهم; " وقعوا في عاثور شر; وعافور شر " وكقولهم "" للأثافي، أثاثي؛ وللمغافير، مغاثير وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء، لتقارب مخرج الفاء من مخرج الثاء. و " المغافير " شبيه بالشيء الحلو، يشبه بالعسل، ينـزل من السماء حلوا، يقع على الشجر ونحوها.* * *القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌيعني بقوله; (قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، قال; لهم موسى; أتأخذون الذي هو أخس خطرا وقيمة وقدرا من العيش , بدلا بالذي هو خير منه خطرا وقيمة وقدرا؟ وذلك كان استبدالهم .* * *وأصل " الاستبدال "; هو ترك شيء لآخر غيره مكان المتروك .* * *ومعنى قوله; (أدنى) أخس وأوضع وأصغر قدرا وخطرا . وأصله من قولهم; " هذا رجل دني بين الدناءة " و " إنه ليدنِّي في الأمور " بغير همز، إذا كان يتتبع خسيسها . وقد ذكر الهمز عن بعض العرب في ذلك، سماعا منهم . يقولون; ما كنتَ دانئا، ولقد دنأتَ ، (51) وأنشدني بعض أصحابنا عن غيره، أنه سمع بعض بني كلاب ينشد بيت الأعشى (52)&; 2-131 &;باســــلةُ الـــوقعِ ســـرابيلهابيــض إلــى دانِئِهــا الظــاهر (53)بهمز الدانئ , وأنه سمعهم يقولون; " إنه لدانئ خبيث " بالهمز . (54) فإن كان ذلك عنهم صحيحا , فالهمز فيه لغة، وتركه أخرى .* * *ولا شك أن من استبدل بالمن والسلوى البقل والقثاء والعدس والبصل والثوم , فقد استبدل الوضيع من العيش بالرفيع منه .* * *وقد تأول بعضهم قوله; (الذي هو أدنى) بمعنى; الذي هو أقرب , ووجه قوله; (أدنى)، إلى أنه أفعل من " الدنو " الذي هو بمعنى القرب .* * *وبنحو الذي قلنا في معنى قوله; (الذي هو أدنى) قاله عدد من أهل التأويل في تأويله .* ذكر من قال ذلك;1079 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة قال; (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، يقول; أتستبدلون الذي هو شر بالذي هو خير منه .1080 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج &; 2-132 &; عن ابن جريج , عن مجاهد قوله; (الذي هو أدنى) قال; أردأ.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْوتأويل ذلك; فدعا موسى، فاستجبنا له , فقلنا لهم; " اهبطوا مصرا " ، وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظاهره على ذكر ما حذف وترك منه .* * *وقد دللنا -فيما مضى- على أن معنى " الهبوط" إلى المكان، إنما هو النـزول إليه والحلول به . (55)* * *فتأويل الآية إذا; وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد، فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها. قال لهم موسى; أتستبدلون الذي هو أخس وأردأ من العيش، بالذي هو خير منه. فدعا لهم موسى ربه أن يعطيهم ما سألوه , فاستجاب الله له دعاءه , فأعطاهم ما طلبوا , وقال الله لهم; (اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم) .* * *ثم اختلف القَرَأَة في قراءة قوله (56) (مصرا) فقرأه عامة القَرَأَة; " مصرا " بتنوين " المصر " وإجرائه. وقرأه بعضهم بترك التنوين وحذف الألف منه . فأما الذين نونوه وأجروه , فإنهم عنوا به مصرا من الأمصار، لا مصرا بعينه . فتأويله -على قراءتهم-; اهبطوا مصرا من الأمصار , لأنكم في البدو , والذي طلبتم لا يكون في البوادي والفيافي , وإنما يكون في القرى والأمصار , فإن لكم -إذا هبطتموه- ما سألتم من العيش . وقد يجوز أن يكون بعض من قرأ ذلك &; 2-133 &; بالإجراء والتنوين , كان تأويل الكلام عنده; " اهبطوا مصرا " البلدة التي تعرف بهذا الاسم، وهي" مصر " التي خرجوا عنها . غير أنه أجراها ونونها اتباعا منه خط المصحف , لأن في المصحف ألفا ثابتة في" مصر " , فيكون سبيل قراءته ذلك بالإجراء والتنوين، سبيل من قرأ; قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ [ الإنسان; 15-16] منونة اتباعا منه خط المصحف . وأما الذي لم ينون مصر فإنه لا شك أنه عنى " مصر " التي تعرف بهذا الاسم بعينها دون سائر البلدان غيرها. (57)* * *وقد اختلف أهل التأويل في ذلك، نظير اختلاف القَرَأَة في قراءته .1081 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة; (اهبطوا مصرا)، أي مصرا من الأمصار، فإن لكم ما سألتم.1082 - وحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي; (اهبطوا مصرا) من الأمصار , فإن لكم ما سألتم. فلما خرجوا من التيه، رفع المن والسلوى وأكلوا البقول .1083 - وحدثني المثنى قال، حدثني آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن قتادة في قوله; (اهبطوا مصرا) قال; يعني مصرا من الأمصار .1084 - وحدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد; (اهبطوا مصرا) قال; مصرا من الأمصار . زعموا أنهم لم يرجعوا إلى مصر.1085- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد; (اهبطوا مصرا)، قال; مصرا من الأمصار . و " مصر " لا تُجْرَى في الكلام. فقيل; أي مصر. فقال; الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، وقرأ قول الله جل ثناؤه; ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة; 21].* * *&; 2-134 &;وقال آخرون; هي مصر التي كان فيها فرعون.* ذكر من قال ذلك;1086 - حدثني المثنى، حدثنا آدم , حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله; (اهبطوا مصرا) قال; يعني به مصر فرعون .1087 - حدثنا عن عمار بن الحسن , عن ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع مثله .* * *ومن حجة من قال إن الله جل ثناؤه إنما عنى بقوله; (اهبطوا مصرا)، مصرا من الأمصار دون " مصر " فرعون بعينها -; أن الله جعل أرض الشام لبني إسرائيل مساكن بعد أن أخرجهم من مصر . وإنما ابتلاهم بالتيه بامتناعهم على موسى في حرب الجبابرة، إذ قال لهم; يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة; 21-24]، فحرم الله جل وعز على قائلي ذلك -فيما ذكر لنا- دخولها حتى هلكوا في التيه. وابتلاهم بالتيهان في الأرض أربعين سنة , ثم أهبط ذريتهم الشأم , فأسكنهم الأرض المقدسة , وجعل هلاك الجبابرة على أيديهم مع يوشع بن نون - بعد وفاة موسى بن عمران . فرأينا الله جل وعز قد أخبر عنهم أنه كتب لهم الأرض المقدسة، ولم يخبرنا عنهم أنه ردهم إلى مصر بعد إخراجه إياهم منها , فيجوز لنا أن نقرأ; " اهبطوا مصر " , ونتأوله أنه ردهم إليها .قالوا; فإن احتج محتج بقول الله جل ثناؤه; فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [ الشعراء; 57-59] قيل لهم; (58) فإن الله جل ثناؤه إنما أورثهم ذلك، فملكهم إياها ولم يردهم إليها , وجعل مساكنهم الشأم .* * *وأما الذين قالوا; إن الله إنما عنى بقوله جل وعز; (اهبطوا مصرَ) مصرَ ؛ فإن من حجتهم التي احتجوا بها الآية التي قال فيها; فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [ الشعراء; 57-59] وقوله; كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ [ الدخان; 25-28]، قالوا; فأخبر الله جل ثناؤه أنه قد ورثهم ذلك وجعلها لهم , فلم يكونوا يرثونها ثم لا ينتفعون بها . قالوا; ولا يكونون منتفعين بها إلا بمصير بعضهم إليها , وإلا فلا وجه للانتفاع بها، إن لم يصيروا، أو يصر بعضهم إليها . قالوا; (59) وأخرى، أنها في قراءة أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود; " اهبطوا مصر " بغير ألف . قالوا; ففي ذلك الدلالة البينة أنها " مصر " بعينها .* * *قال أبوجعفر; والذي نقول به في ذلك أنه لا دلالة في كتاب الله على الصواب من هذين التأويلين , ولا خبر به عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقطع مجيئه العذر. وأهل التأويل متنازعون تأويله ، فأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال; (60) إن موسى سأل ربه أن يعطي قومه ما سألوه من نبات الأرض - على ما بينه الله جل وعز في كتابه - وهم في الأرض تائهون , فاستجاب الله لموسى دعاءه , وأمره أن يهبط بمن معه من قومه &; 2-136 &; قرارا من الأرض التي تنبت لهم ما سأل لهم من ذلك , إذ كان الذي سألوه لا تنبته إلا القرى والأمصار، وأنه قد أعطاهم ذلك إذ صاروا إليه. وجائز أن يكون ذلك القرار " مصر "، وجائز أن يكون " الشأم " .فأما القراءة فإنها بالألف والتنوين; (اهبطوا مصرا) وهي القراءة التي لا يجوز عندي غيرها، لاجتماع خطوط مصاحف المسلمين , واتفاق قراءة القَرَأَة على ذلك . ولم يقرأ بترك التنوين فيه وإسقاط الألف منه، إلا من لا يجوز الاعتراض به على الحجة، (61) فيما جاءت به من القراءة مستفيضا بينهما.* * *القول في تأويل قوله تعالى ; وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُقال أبو جعفر; يعنى بقوله; (وضربت) أي فرضت . ووضعت عليهم الذلة وألزموها . من قول القائل; " ضرب الإمام الجزية على أهل الذمة " و " ضرب الرجل على عبده الخراج " يعني بذلك وضعه فألزمه إياه , ومن قولهم; " ضرب الأمير على الجيش البعث " , يراد به; ألزمهموه . (62)* * *وأما " الذلة " فهي" الفعلة " من قول القائل; ذل فلان يذل ذلا وذلة ، كـ " الصغرة " من " صغُر الأمر " , و " القِعدة " من " قعد ". (63)و " الذلة " هي الصغار الذي أمر الله جل ثناؤه عباده المؤمنين أن لا يعطوهم أمانا على القرار على ما هم عليه من كفرهم به وبرسوله - إلا أن يبذلوا الجزية عليه لهم , فقال عز وجل; قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ &; 2-137 &; [ التوبة; 29] كما;-1088 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن الحسن وقتادة في قوله; (وضربت عليهم الذلة)، قالا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون .* * *وأما " المسكنة " فإنها مصدر " المسكين " . يقال; " ما فيهم أسكن من فلان " (64) و " ما كان مسكينا " و " لقد تمسكن مسكنة ". ومن العرب من يقول; " تمسكن تمسكنا ". و " المسكنة " في هذا الموضع مسكنة الفاقة والحاجة , وهي خشوعها وذلها ، كما;-1089 - حدثني به المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله; (والمسكنة) قال; الفاقة.1090 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي قوله; (وضربت عليهم الذلة والمسكنة)، قال; الفقر.1091 - وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; (وضربت عليهم الذلة والمسكنة)، قال; هؤلاء يهود بني إسرائيل . قلت له; هم قبط مصر؟ قال; وما لقبط مصر وهذا، لا والله ما هم هم , ولكنهم اليهود، يهود بني إسرائيل.* * *فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه يبدلهم بالعز ذلا وبالنعمة بؤسا , وبالرضا عنهم غضبا , جزاء منه لهم على كفرهم بآياته، وقتلهم أنبياءه ورسله، اعتداء وظلما منهم بغير حق , وعصيانهم له , وخلافا عليه .* * *القول في تأويل قوله تعالى ; وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِقال أبو جعفر; يعني بقوله; (وباءوا بغضب من الله)، انصرفوا ورجعوا . ولا يقال " باؤوا " إلا موصولا إما بخير، وإما بشر . يقال منه; " باء فلان بذنبه يبوء به بوءا وبواء " . ومنه قول الله عز وجل إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ [ المائدة ; 29] يعني; تنصرف متحملهما وترجع بهما، قد صارا عليك دوني .* * *فمعنى الكلام إذا; ورجعوا منصرفين متحملين غضب الله , قد صار عليهم من الله غضب , ووجب عليهم منه سخط . كما;-1092 - حُدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله; (وباؤوا بغضب من الله) فحدث عليهم غضب من الله .1093 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله; (وباؤوا بغضب من الله) قال; استحقوا الغضب من الله .* * *وقدمنا معنى غضب الله على عبده فيما مضى من كتابنا هذا , فأغنى عن إعادته في هذا الموضع . (65)* * *&; 2-139 &;القول في تأويل قوله تعالى ; ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّقال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه; " ذلك " ضرب الذلة والمسكنة عليهم , وإحلاله غضبه بهم . فدل بقوله; " ذلك " - وهي يعني به ما وصفنا - على أن قول القائل; " ذلك " يشمل المعاني الكثيرة إذا أشير به إليها.* * *ويعني بقوله; (بأنهم كانوا يكفرون) ، من أجل أنهم كانوا يكفرون . يقول; فعلنا بهم -من إحلال الذل والمسكنة والسخط بهم- من أجل أنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق , كما قال أعشى بني ثعلبة;مليكيـــةٌ جَـــاوَرَتْ بالحجـــاز قومـــا عـــداة وأرضــا شــطيرا (66)بمــا قــد تَــرَبَّع روض القطـاوروض التنــاضِب حــتى تصــــيرا (67)يعني بذلك; جاورت بهذا المكان، هذه المرأة، قوما عداة وأرضا بعيدة من أهله - لمكان قربها كان منه ومن قومه وبلده - (68) من تربعها روض القطا وروض التناضب . فكذلك قوله; (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ) يقول; كان ذلك منا بكفرهم بآياتنا , وجزاء لهم بقتلهم أنبياءنا .* * *وقد بينا فيما مضى من كتابنا أن معنى " الكفر "; تغطية الشيء وستره، (69) وأن "آيات الله " حججه وأعلامه وأدلته على توحيده وصدق رسله . (70)فمعنى الكلام إذا; فعلنا بهم ذلك، من أجل أنهم كانوا يجحدون حجج الله على توحيده وتصديق رسله، ويدفعون حقيتها , ويكذبون بها.* * *ويعني بقوله; (ويقتلون النبيين بغير الحق) ; ويقتلون رسل الله الذين ابتعثهم -لإنباء ما أرسلهم به عنه- لمن أرسلوا إليه.* * *وهم جماع، وأحدهم " نبي" , غير مهموز , وأصله الهمز , لأنه من " أنبأ عن الله فهو ينبئ عنه إنباء "، وإنما الاسم منه،" منبئ" ولكنه صرف وهو " مفعل " إلى " فعيل " , كما صرف " سميع " إلى " فعيل " من " مسمع " , و " بصير " من " مبصر " , وأشباه ذلك , (71) وأبدل مكان الهمزة من " النبيء " الياء , فقيل; " نبي" . هذا ويجمع " النبي" أيضا على " أنبياء " , وإنما جمعوه كذلك، لإلحاقهم " النبيء "، بإبدال الهمزة منه ياء، بالنعوت التي تأتي على تقدير " فعيل " من ذوات الياء والواو . وذلك أنهم إذا جمعوا ما كان من النعوت على تقدير " فعيل " من ذوات الياء والواو، جمعوه على " أفعلاء " كقولهم; " ولي وأولياء " ، و " وصي وأوصياء " &; 2-141 &; ، و " دعى وأدعياء " . ولو جمعوه على أصله الذي هو أصله ، وعلى أن الواحد " نبيء " مهموز، لجمعوه على " فعلاء " , فقيل لهم " النبآء " , على مثال " النبهاء " , (72) لأن ذلك جمع ما كان على فعيل من غير ذوات الياء والواو من النعوت، كجمعهم الشريك شركاء , والعليم علماء ، والحكيم حكماء , وما أشبه ذلك . وقد حكي سماعا من العرب في جمع " النبي"" النبآء " , وذلك من لغة الذين يهمزون " النبيء " , ثم يجمعونه على " النبآء " - على ما قد بينت . ومن ذلك قول عباس بن مرداس في مدح النبي صلى الله عليه وسلم .يــا خــاتم النبـآء إنـك مرسـلبـــالخير كـــلُّ هــدى الســبيل هداكــا (73)فقال ; " يا خاتم النبآء " , على أن واحدهم " نبيء " مهموز . وقد قال بعضهم; (74) " النبي" و " النبوة " غير مهموز ، لأنهما مأخوذان من " النَّبْوَة " , وهي مثل " النَّجْوَة " , وهو المكان المرتفع ، وكان يقول; إن أصل " النبي" الطريق , ويستشهد على ذلك ببيت القطامي;لمــا وردن نَبِيَّــا واســتَتَبّ بهـامُسْــحَنْفِر كخـطوط السَّـيْح مُنْسَـحِل (75)&; 2-142 &;يقول; إنما سمى الطريق " نبيا " , لأنه ظاهر مستبين، من " النَّبوة " . ويقول; لم أسمع أحدا يهمز " النبي" . قال . وقد ذكرنا ما في ذلك، وبينا ما فيه الكفاية إن شاء الله.* * *ويعني بقوله; (ويقتلون النبيين بغير الحق ) ، أنهم كانوا يقتلون رسل الله، بغير إذن الله لهم بقتلهم، منكرين رسالتهم، جاحدين نبوتهم.* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)وقوله; (ذلك)، رد على ذَلِكَ الأولى. ومعنى الكلام; وضربت عليهم الذلة والمسكنة, وباؤوا بغضب من الله من أجل كفرهم بآيات الله, وقتلهم النبيين بغير الحق, من أجل عصيانهم ربهم , واعتدائهم حدوده، فقال جل ثناؤه.(ذلك بما عصوا)، والمعنى; ذلك بعصيانهم وكفرهم معتدين.* * *و " الاعتداء "، تجاوز الحد الذي حده الله لعباده إلى غيره. وكل متجاوز حد شيء إلى غيره فقد تعداه إلى ما جاوز إليه. ومعنى الكلام; فعلت بهم ما فعلت من ذلك، بما عصوا أمري, وتجاوزوا حدي إلى ما نهيتهم عنه.* * *---------------------------الهوامش ;(46) انظر ما مضى في هذا الجزء 2 ; 11(47) في المطبوعة ; "على ما وصفنا من أمر من ذكرنا" ، و"ذكرنا" زائدة ولا شك ، كما تبين من سياق كلامه السالف والآتي .(48) الحديث ; 1075 - مسلم الجرمي ; سبق أن رجحنا في ; 154 ، 649 ، 846 أنه"الجرمي" بالجيم . وقد ثبت هنا في المطبوعة بالجيم على ما رجحنا . رشدين - بكسر الراء وسكون الشين المعجمعة وكسر الدال المهملة - بن كريب ; ضعيف ، بينا القول في ضعفه في شرح المسند ; 2571 . وأبوه ، كريب بن أبي مسلم ; تابعي ثقة .(49) الحديث; 1076 - عبد الرحمن بن عبد الحكم المصري; ثقة، كان من أهل الحديث عالما بالتواريخ، صنف تاريخ مصر وغيره، كما في التهذيب، مات سنة 257. وهو مؤلف كتاب (فتوح مصر) المطبوع في أوربة. شيخه عبد العزيز بن منصور; لم أجد له ذكرا فيما بين يدي من المراجع، إلا في فتوح مصر، ص 40 س 7 - 8 قال ابن عبد الحكم هناك;"حدثنا عبد العزيز بن منصور اليحصبى، عن عاصم بن حكيم.." وشيخه، نافع; هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، أحد القراء السبعة المعروفين وهو لم يدرك ابن عباس، إنما يروي عن التابعين، وله ترجمة في التهذيب، والكبير للبخاري 4 / 2 / 8، وابن أبي حاتم 4 / 1 /456 - 457، وتاريخ إصبهان لأبي نعيم 2; 326 - 327.والبيت في اللسان (فوم)، ونسبه لأبي محجن الثقفي، أنشده الأخفش له، وروايته;قـد كـنت أحسـبني كـأغنى واحـدنــــــزل المدينـــــة . . .وفي الروض الأنف 2 ; 45 نسبه لأحيحة ، أو لأبي محجن ، ورواه"سكن المدينة" .(50) انظر معاني القرآن للفراء 1 ; 41(51) هذا كله من قول الفراء في معاني القرآن 1 ; 42 . وكان في المطبوعة"ما كنت دنيا" ، والصواب ما أثبته من كتاب الفراء .(52) الذي سمع هذا هو الفراء . انظر معاني القرآن له 1 ; 42 ، والطبري يجهله دائما(53) ديوانه ; 108 ، وروايته"إلى جانبه الظاهر" . يصف حصنا . قال قبل ;فـــي مجـــدل شــيد بنيانــهيـــزل عنــه ظفــر الطــائريجــمع خــضراء لهــا ســورةتعصـــف بــالدارع والحاســرباســــلة الــــوقع . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . .والضمير في قوله;"سرابيلها" راجع إلى"خضراء" يقال; كتيبة خضراء، وهي التي غلب عليها لبس الحديد وعلاها سواده، والخضرة سواد عندهم. والسرابيل هنا; الدروع، جمع سربال; وهو كل ما لبس كالدرع وغيره. وقال الفراء;"يعني الدروع على خاصتها - يعني الكتيبة - إلى الخسيس منها". كأنه أراد; يلبسون الدروع من شريف إلى خسيس. وأما رواية الديوان; فالضمير في"جانبه"، راجع إلى"المجدل" وهي أبين الروايتين معنى وأصحهما.(54) في معاني الفراء زيادة بين قوسين من بعض النسخ ; [إذا كان ماجنا](55) انظر ما مضى 1 ; 534 .(56) في المطبوعة ; "الفراء" ، ورددناها إلى الذي جرى عليه لفظ الطبري فيما سلف ، في كل المواضع التي جروا على تبديلها من"قرأة" ، إلى"قراء" .(57) انظر ما قاله الفراء في معاني القرآن 1 ; 42 - 43 .(58) في المطبوعة ; "قيل لهم" ، وهو خطأ . والضمير في"له" راجع إلى قوله ; "فإن احتج محتج" .(59) قوله ; "وأخرى" ، أي وحجة أخرى . وانظر معاني القرآن للفراء 1 ; 43(60) في المطبوعة ; "عندنا والصواب" ، وهو سهو ناسخ .(61) الحجة هنا ; الذين يحتج بهم .(62) البعث ; بعث الجند إلى الغزو .(63) لم أجد فيما بين يدي من الكتب من نص على صِغرة فرة" و"قعدة" مصدر على فعلة مثل ; نشد الدابة نِشدة ، ليس للهيئة ، وإن وافقها في الوزن .(64) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ; 42 ، وفسره فقال ; "أي أفقر منه" .(65) انظر ما سلف 1 ; 188 - 189 .(66) ديوانه ; 67 . مليكية ، منسوبة إلى"المليك" ; وهو الملك ، يعني من نبات الملوك . العداة ، جمع عاد ، وهو العدو . الشطير ; البعيد ، والغريب ، أراد أنها في أرض مجهولة . وذكره الأرض في هذا البيت . يعني أنها نزلت ديار قوم نشبت العداوة بيننا وبينهم ، في غربة بعيدة . فصرت لا أقدر عليها .(67) قوله"بما" بمعنى بسبب تربعها وتربع القوم المكان وارتبعوه ; أقاموا فيه في زمن الربيع . وروض القطا ، من أشهر رياض العرب ، في أرض الحجاز . وروض التناضب أيضًا بالحجاز عند سرف . وقوله ; "حتى تصيرا" ، من قولهم صار الرجل يصير فهو صائر ; إذا حضر الماء ، والقوم الذين يحضرون الماء يقال لهم ; الصائرة . والصير (بكسر الصاد) الماء الذي يحضره الناس . يقول ; اغتربت في غير قومها ، لما دفعها إلى ذلك طلب الربيع والخصب ومساقط الماء في البلاد .(68) كانت هذه الجملة في المخطوطات والمطبوعة هكذا ; "وأرضا بعيدة من أهله بمكان قربها كان منه ومن قومه وبدلا من تربعها . . " ، وهو كلام لا معنى له . وقد جعلت"بمكان" ، "لمكان" و"بدلا" ، "بلده" . فصار لها معنى تطمئن إليه النفس والجملة بين الخطين اعتراض ، وتفسير لقوله ; " أرضا بعيدة من أهله" .(69) انظر ما سلف 1 ; 255 .(70) انظر ما سلف 1 ; 552 .(71) كان في المطبوعة ; "مفعل" مكان"مسمع" . وليس يعني بقوله"سميع" ، صفة الله عز وجل ، بل يعني ما جاء في شعر عمرو بن معد يكرب . أَمِــنْ رَيْحَانَــةَ الـدَّاعِي السَّـمِيعُ ?يُـــؤَرِّقُنِي وَأَصْحَــابِي هُجُــوعُأي; الداعي المسمع. وانظر ما سلف 1; 283 .(72) في المطبعة ; "النبعاء" وفي المخطوطات"النبآء" .(73) من أبيات له في سيرة ابن هشام 4 ; 103 وغيرها . والضمير الفاعل في قول"هداكا" ، لله سبحانه وتعالى ، دل عليه ما في قوله"إنك مرسل بالخير" ، فإن الله هو الذي أرسله . وهو مضبوط في أكثر الكتب"كل" بالرفع ، و"هدى" ، و"هداكا" بضم الهاء .(74) كأنه يريد الكسائي (البحر المحيط 1 ; 220) . ووجدت في معجم البلدان 8 ; 249"وقال أبو بكر بن الأنباري في"الزاهر" في قول القطامي . . إن النبي في هذا البيت هو الطريق" ، وليس يعنيه أبو جعفر ، فإن أبا بكر قد ولد سنة 271 وتوفى 328 . وقد رد هذا القول أبو القاسم الزجاج - فيما نقل ياقوت - فقال ; "كيف يكون ذلك من أسماء الطريق ، وهو يقول ; "لما وردن نبيا" ، وقد كانت قبل وروده على الطريق؟ فكأنه قال ; "لما وردن طريقا" ، وهذا لا معنى له ، إلا أن يكون أراد طريقا بعينه في مكان مخصوص ، فيرجع إلى أنه اسم مكان بعينه ، قيل ; هو رمل بعينه ، وقيل ; هو اسم جبل" . وانظر تحقيق ذلك في معجم البلدان ، ومعجم ما استعجم ، وغيرهما .(75) ديوان ; 4 ، في قصيدته الجيدة المشهورة ، والضمير في"وردن" للإبل ذكرها قبل . وروايته"واستتب بنا" . نبي كثيب رمل مرتفع في ديار بني تغلب ، ذكره القطامي في كثير من شعره . واستتب الأمر والطريق ; استوى واستقام وتبين واطراد وامتد . مسحنفر ، صفة للطريق ; واسع ممتد ذاهب بين . والسبح ; ضرب من البرود أو العباء مخطط ، يلبس ، أو يستتر به ويفرش . شبه آثار السير عليها بخطوط البرد . وسجلت الريح الأرض فانسحلت ; كشطت ما عليها . ووصف الطريق بذلك ، لأنه قد استتب بالسير وصار لاحبا واضحا .