يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوٓا أَنفِقُوا مِن طَيِّبٰتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِـَٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوٓا أَنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ
يٰۤـاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡۤا اَنۡفِقُوۡا مِنۡ طَيِّبٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّاۤ اَخۡرَجۡنَا لَـكُمۡ مِّنَ الۡاَرۡضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الۡخَبِيۡثَ مِنۡهُ تُنۡفِقُوۡنَ وَلَسۡتُمۡ بِاٰخِذِيۡهِ اِلَّاۤ اَنۡ تُغۡمِضُوۡا فِيۡهِؕ وَاعۡلَمُوۡۤا اَنَّ اللّٰهَ غَنِىٌّ حَمِيۡدٌ
تفسير ميسر:
يا من آمنتم بي واتبعتم رسلي أنفقوا من الحلال الطيب الذي كسبتموه ومما أخرجنا لكم من الأرض، ولا تقصدوا الرديء منه لتعطوه الفقراء، ولو أُعطِيتموه لم تأخذوه إلا إذا تغاضيتم عما فيه من رداءة ونقص. فكيف ترضون لله ما لا ترضونه لأنفسكم؟ واعلموا أن الله الذي رزقكم غني عن صدقاتكم، مستحق للثناء، محمود في كل حال.
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإنفاق والمراد به الصدقة ههنا قاله ابن عباس من طيبات ما رزقهم من الأموال التي اكتسبوها قال مجاهد; يعني التجارة بتيسيره إياها لهم وقال علي والسدي "من طيبات ما كسبتم" يعني الذهب والفضة ومن الثمار والزروع التي أنبتها لهم من الأرض قال ابن عباس أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ولهذا قال "ولا تيمموا الخبيث" أي تقصدوا الخبيث "منه تنفقون ولستم بآخذيه" أي لو أعطيتموه ما أخذتموه إلا أن تتغاضوا فيه فالله أغنى عنه منكم فلا تجعلوا لله ما تكرهون وقيل معناه "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" أي لا تعدلوا عن المال الحلال وتقصدوا إلى الحرام فتجعلوا نفقتكم منه ويذكر ههنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا محمد بن عبيد حدثنا إسحق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني عن عبدالله بن مسعود قال; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم لأن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا لمن أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه - قالوا; وما بوائقه يا نبي الله؟ قال; غشه وظلمه ولا يكسب عبد مالا من حرام فينقق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولكن يمحو السيء بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث. والصحيح القول الأول قال ابن جرير رحمه الله; حدثنا الحسين بن عمر العبقري حدثني أبي عن أسباط عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في قول الله "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" الآية قال; نزلت في الأنصار كانت الأنصار إذا كانت أيام جذاذ النخل أخرجت من حيطانها البسر فعلقوه على حبل بين الأسطوانتين في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأكل فقراء المهاجرين منه فيعمد الرجل منهم إلى الحشف فيدخله مع قناء البسر يظن أن ذلك جائز فأنزل الله فيمن فعل ذلك "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" ثم رواه ابن جرير وابن ماجه وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طريق السدي عن عدي بن ثابت عن البراء بنحوه وقال الحاكم صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه وقال ابن أبي حاتم; حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن السدي عن أبي مالك عن البراء - رضي الله عنه - "ولا تيمموا الخبيث منهم تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه" قال; نزلت فينا كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلته فيأتي الرجل بالقنو فيعلقه في المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام فكان أحدهم إذا جاع جاء فضربه بعصاه فسقط منه البسر والتمر فيأكل وكان أناس منه لا يرغبون في الخير يأتي بالقنو الحشف والشيص فيأتي بالقنو قد انكسر فيعلقه فنزلت "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه" قال لو أن أحدكم أهدي له مثل ما أعطى ما أخذه إلا على إغماض وحياء فكنا بعد ذلك يجيء الرجل منا بصالح ما عنده وكذا رواه الترمذي عن عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي عن عبيد الله هو ابن موسى العبسي عن إسرائيل عن السدي وهو إسماعيل بن عبدالرحمن عن أبي مالك الغفاري واسمه غزوان عن البراء فذكر نحوه ثم قال وهذا حديث حسن غريب وقال ابن أبي حاتم; حدثنا أبي حدثنا أبو الوليد حدثنا سليمان بن كثير عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لونين من التمر الجعرور والحبيق وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم ثم يخرجونها في الصدقة فنزلت "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" ورواه أبو داود من حديث سفيان بن حسين عن الزهري ثم قال أسنده أبو الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري ولفظه نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذ في الصدقة وقد روى النسائي هذا الحديث من طريق عبد الجليل بن حميد اليحصبي عن الزهري عن أبي أمامة ولم يقل عن أبيه فذكر نحوه وكذا رواه ابن وهب عن عبد الجليل وقال ابن أبي حاتم; حدثنا أبي حدثنا يحيى بن المغيرة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن عبدالله بن مغفل في هذه الآية "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" قال كسب المسلم لا يكون خبيثـا ولكن لا يصدق بالحشف والدرهم الزيف وما لا خير فيه وقال الإمام أحمد; حدثنا أبـو سعيد حدثنا حماد بن سلمة عن حماد هو ابن سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضب فلم يأكله ولم ينه عنه قلت; يا رسول الله نطعمه المساكين قال لا تطعموهم مما لا تأكلون ثم رواه عن عفان عن حماد بن سلمة به فقلت يا رسول الله ألا أطعمه المسكين؟ قال لا تطعموهم مما لا تأكلون وقال الثوري; عن السدي عن أبي مالك عن البراء "ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه" يقول لو كان لرجل على رجل فأعطاه ذلك لم يأخذه إلا أن يرى أنه قد نقصه من حقه؟ رواه ابن جرير وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه" يقول لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه قال فذلك قوله "إلا أن تغمضوا فيه" فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه؟ رواه ابن أبي حاتم وابن جرير وزاد وهو قوله "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" ثم روى من طريق العوفي وغيره عن ابن عباس نحو ذلك وكذا ذكره غير واحد. وقوله "واعلموا أن الله غني حميد" أي وإن أمركم بالصدقات وبالطيب منها فهو غني عنها وما ذاك إلا أن يساوي الغني الفقير كقوله "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم" وهو غني عن جميع خلقه وجميع خلقه فقراء إليه وهو واسع الفضل لا ينقذ ما لديه فمن تصدق بصدقة من كسب طيب فليعلم أن الله غني واسع العطاء كريم جواد وسيجزيه بها ويضاعفها له أضعافا كثيرة من يقرض غير عديم ولا ظلوم وهو الحميد أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره لا إله إلا هو ولا رب سواه.
ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد[ ص; 292 ] فيه إحدى عشرة مسألة ;الأولى ; قوله تعالى ; يا أيها الذين آمنوا أنفقوا هذا خطاب لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم . واختلف العلماء في المعنى المراد بالإنفاق هنا ، فقال علي بن أبي طالب وعبيدة السلماني وابن سيرين ; هي الزكاة المفروضة ، نهى الناس عن إنفاق الرديء فيها بدل الجيد . قال ابن عطية ; والظاهر من قول البراء بن عازب والحسن وقتادة أن الآية في التطوع ، ندبوا إلى ألا يتطوعوا إلا بمختار جيد . والآية تعم الوجهين ، لكن صاحب الزكاة تعلق بأنها مأمور بها والأمر على الوجوب ، وبأنه نهى عن الرديء وذلك مخصوص بالفرض ، وأما التطوع فكما للمرء أن يتطوع بالقليل فكذلك له أن يتطوع بنازل في القدر ، ودرهم خير من تمرة . تمسك أصحاب الندب بأن لفظة افعل صالح للندب صلاحيته للفرض ، والرديء منهي عنه في النفل كما هو منهي عنه في الفرض ، والله أحق من اختير له . وروى البراء أن رجلا علق قنو حشف ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ; بئسما علق فنزلت الآية ، خرجه الترمذي وسيأتي بكماله . والأمر على هذا القول على الندب ، ندبوا إلى ألا يتطوعوا إلا بجيد مختار . وجمهور المتأولين قالوا ; معنى ( من طيبات ) من جيد ومختار ( ما كسبتم ) . وقال ابن زيد ; من حلال " ما كسبتم " .الثانية ; الكسب يكون بتعب بدن وهي الإجارة وسيأتي حكمها ، أو مقاولة في تجارة وهو البيع وسيأتي بيانه . والميراث داخل في هذا ؛ لأن غير الوارث قد كسبه . قال سهل بن عبد الله ; وسئل ابن المبارك عن الرجل يريد أن يكتسب وينوي باكتسابه أن يصل به الرحم وأن يجاهد ويعمل الخيرات ويدخل في آفات الكسب لهذا الشأن . قال ; إن كان معه قوام من العيش بمقدار ما يكف نفسه عن الناس فترك هذا أفضل ؛ لأنه إذا طلب حلالا وأنفق في حلال سئل عنه وعن كسبه وعن إنفاقه ، وترك ذلك زهد فإن الزهد في ترك الحلال .الثالثة ; قال ابن خويزمنداد ; ولهذه الآية جاز للوالد أن يأكل من كسب ولده ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; أولادكم من طيب أكسابكم فكلوا من أموال أولادكم هنيئا .الرابعة ; قوله تعالى ; ( ومما أخرجنا لكم من الأرض ) يعني النبات والمعادن والركاز ، وهذه أبواب ثلاثة تضمنتها هذه الآية . أما النبات فروى الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها [ ص; 293 ] قالت ; جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس فيما دون خمسة أوسق زكاة ) . والوسق ستون صاعا ، فذلك ثلاثمائة صاع من الحنطة والشعير والتمر والزبيب . وليس فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاة . وقد احتج قوم لأبي حنيفة بقول الله تعالى ; ومما أخرجنا لكم من الأرض وإن ذلك عموم في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره وفي سائر الأصناف ، ورأوا ظاهر الأمر الوجوب . وسيأتي بيان هذا في ( الأنعام ) مستوفى . وأما المعدن فروى الأئمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ; العجماء جرحها جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس . قال علماؤنا ; لما قال صلى الله عليه وسلم ; ( وفي الركاز الخمس ) دل على أن الحكم في المعادن غير الحكم في الركاز ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد فصل بين المعادن والركاز بالواو الفاصلة ، ولو كان الحكم فيهما سواء لقال والمعدن جبار وفيه الخمس ، فلما قال ( وفي الركاز الخمس ) علم أن حكم الركاز غير حكم المعدن فيما يؤخذ منه ، والله أعلم .والركاز أصله في اللغة ما ارتكز بالأرض من الذهب والفضة والجواهر ، وهو عند سائر الفقهاء كذلك ؛ لأنهم يقولون في الندرة التي توجد في المعدن مرتكزة بالأرض لا تنال بعمل ولا بسعي ولا نصب ، فيها الخمس ؛ لأنها ركاز . وقد روي عن مالك أن الندرة في المعدن حكمها حكم ما يتكلف فيه العمل مما يستخرج من المعدن في الركاز ، والأول تحصيل مذهبه وعليه فتوى جمهور الفقهاء . وروى عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن جده [ ص; 294 ] عن أبي هريرة قال ; سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الركاز قال ; الذهب الذي خلق الله في الأرض يوم خلق السماوات والأرض . عبد الله بن سعيد هذا متروك الحديث ، ذكر ذلك ابن أبي حاتم . وقد روي من طريق أخرى عن أبي هريرة ولا يصح ، ذكره الدارقطني . ودفن الجاهلية لأموالهم عند جماعة العلماء ركاز أيضا لا يختلفون فيه إذا كان دفنه قبل الإسلام من الأموال العادية ، وأما ما كان من ضرب الإسلام فحكمه عندهم حكم اللقطة .الخامسة ; واختلفوا في حكم الركاز إذا وجد ، فقال مالك ; ما وجد من دفن الجاهلية في أرض العرب أو في فيافي الأرض التي ملكها المسلمون بغير حرب فهو لواجده وفيه الخمس ، وأما ما كان في أرض الإسلام فهو كاللقطة . قال ; وما وجد من ذلك في أرض العنوة فهو للجماعة الذين افتتحوها دون واجده ، وما وجد من ذلك في أرض الصلح فإنه لأهل تلك البلاد دون الناس ، ولا شيء للواجد فيه إلا أن يكون من أهل الدار فهو له دونهم . وقيل ; بل هو لجملة أهل الصلح . قال إسماعيل ; وإنما حكم للركاز بحكم الغنيمة لأنه مال كافر وجده مسلم فأنزل منزلة من قاتله وأخذ ماله ، فكان له أربعة أخماسه . وقال ابن القاسم ; كان مالك يقول في العروض والجواهر والحديد والرصاص ونحوه يوجد ركازا ; إن فيه الخمس ثم رجع فقال ; لا أرى فيه شيئا ، ثم آخر ما فارقناه أن قال ; فيه الخمس . وهو الصحيح لعموم الحديث وعليه جمهور الفقهاء . وقال أبو حنيفة ومحمد في الركاز يوجد في الدار ; إنه لصاحب الدار دون الواجد وفيه الخمس . وخالفه أبو يوسف فقال ; إنه للواجد دون صاحب الدار ، وهو قول الثوري ; وإن وجد في الفلاة فهو للواجد في قولهم جميعا وفيه الخمس . ولا فرق عندهم بين أرض الصلح وأرض العنوة ، وسواء عندهم أرض العرب وغيرها ، وجائز عندهم لواجده أن يحتبس الخمس لنفسه إذا كان محتاجا وله أن يعطيه للمساكين . ومن أهل المدينة وأصحاب مالك من لا يفرق بين شيء من ذلك وقالوا ; سواء وجد الركاز في أرض العنوة أو في أرض الصلح أو أرض العرب أو أرض الحرب إذا لم يكن ملكا لأحد ولم يدعه أحد فهو لواجده وفيه الخمس على عموم ظاهر الحديث ، وهو قول الليث وعبد الله بن نافع والشافعي وأكثر أهل العلم .السادسة ; وأما ما يوجد من المعادن ويخرج منها فاختلف فيه ، فقال مالك وأصحابه ; لا شيء فيما يخرج من المعادن من ذهب أو فضة حتى يكون عشرين مثقالا ذهبا أو خمس أواق فضة ، فإذا بلغتا هذا المقدار وجبت فيهما الزكاة ، وما زاد فبحساب ذلك ما دام في المعدن نيل ، فإن انقطع ثم جاء بعد ذلك نيل آخر فإنه تبتدأ فيه الزكاة مكانه . والركاز عندهم بمنزلة [ ص; 295 ] الزرع تؤخذ منه الزكاة في حينه ولا ينتظر به حولا . قال سحنون في رجل له معادن ; إنه لا يضم ما في واحد منها إلى غيرها ولا يزكي إلا عن مائتي درهم أو عشرين دينارا في كل واحد . وقال محمد بن مسلمة ; يضم بعضها إلى بعض ويزكي الجميع كالزرع . وقال أبو حنيفة وأصحابه ; المعدن كالركاز ، فما وجد في المعدن من ذهب أو فضة بعد إخراج الخمس اعتبر كل واحد منهما ، فمن حصل بيده ما تجب فيه الزكاة زكاه لتمام الحول إن أتى عليه حول وهو نصاب عنده ، هذا إذا لم يكن عنده ذهب أو فضة وجبت فيه الزكاة . فإن كان عنده من ذلك ما تجب فيه الزكاة ضمه إلى ذلك وزكاه . وكذلك عندهم كل فائدة تضم في الحول إلى النصاب من جنسها وتزكى لحول الأصل ، وهو قول الثوري . وذكر المزني عن الشافعي قال ; وأما الذي أنا واقف فيه فما يخرج من المعادن . قال المزني ; الأولى به على أصله أن يكون ما يخرج من المعدن فائدة يزكى بحوله بعد إخراجه . وقال الليث بن سعد ; ما يخرج من المعادن من الذهب والفضة فهو بمنزلة الفائدة يستأنف به حولا ، وهو قول الشافعي فيما حصله المزني من مذهبه ، وقال به داود وأصحابه إذا حال عليها الحول عند مالك صحيح الملك لقوله صلى الله عليه وسلم ; من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول أخرجه الترمذي والدارقطني . واحتجوا أيضا بما رواه عبد الرحمن بن أنعم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى قوما من المؤلفة قلوبهم ذهيبة في تربتها ، بعثها علي رضي الله عنه من اليمن . قال الشافعي ; والمؤلفة قلوبهم حقهم في الزكاة ، فتبين بذلك أن المعادن سنتها سنة الزكاة . وحجة مالك حديث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية وهي من ناحية الفرع ، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة . وهذا حديث منقطع الإسناد لا يحتج بمثله أهل الحديث ؛ ولكنه عمل يعمل به عندهم في المدينة . ورواه الدراوردي عن ربيعة عن الحارث بن بلال المزني عن أبيه . ذكره البزار ، ورواه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية جلسيها وغوريها . [ ص; 296 ] وحيث يصلح للزرع من قدس ولم يعطه حق مسلم ، ذكره البزار أيضا ، وكثير مجمع على ضعفه . هذا حكم ما أخرجته الأرض ، وسيأتي في سورة ( النحل ) حكم ما أخرجه البحر إذ هو قسيم الأرض . ويأتي في ( الأنبياء ) معنى قوله عليه السلام ; ( العجماء جرحها جبار ) كل في موضعه إن شاء الله تعالى .السابعة ; قوله تعالى ; ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون تيمموا معناه تقصدوا ، وستأتي الشواهد من أشعار العرب في أن التيمم القصد في " النساء " إن شاء الله تعالى . ودلت الآية على أن المكاسب فيها طيب وخبيث . وروى النسائي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في الآية التي قال الله تعالى فيها ; ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون قال ; هو الجعرور ولون حبيق ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذا في الصدقة . وروى الدارقطني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال ; أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة فجاء رجل من هذا السحل بكبائس - قال سفيان ; يعني الشيص - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; ( من جاء بهذا ) ؟ وكان لا يجيء أحد بشيء إلا نسب إلى الذي جاء به . فنزلت ; ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون . قال ; ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة - قال الزهري ; لونين من تمر المدينة - وأخرجه الترمذي من حديث البراء وصححه ، وسيأتي . وحكى الطبري والنحاس أن في قراءة عبد الله " ولا تأمموا " وهما لغتان . وقرأ مسلم بن جندب " ولا تيمموا " بضم التاء وكسر الميم . وقرأ ابن كثير " تيمموا " بتشديد التاء . وفي اللفظة لغات ، منها " أممت الشيء " مخففة الميم الأولى و " أممته " بشدها ، و " يممته وتيممته " . وحكى أبو عمرو أن ابن مسعود قرأ " ولا تؤمموا " بهمزة بعد التاء المضمومة .الثامنة ; قوله تعالى ; منه تنفقون قال الجرجاني في كتاب " نظم القرآن " ; قال فريق من الناس ; إن الكلام تم في قوله تعالى ( الخبيث ) ثم ابتدأ خبرا آخر في وصف الخبيث فقال ; ( منه تنفقون ) وأنتم لا تأخذونه إلا إذا أغمضتم أي تساهلتم ، كأن هذا المعنى عتاب للناس وتقريع . والضمير في منه عائد على الخبيث وهو الدون والرديء . قال الجرجاني ; [ ص; 297 ] وقال فريق آخر ; الكلام متصل إلى قوله ( منه ) ، فالضمير في ( منه ) عائد على ( ما كسبتم ) ويجيء ( تنفقون ) كأنه في موضع نصب على الحال ، وهو كقولك ; أنا أخرج أجاهد في سبيل الله .التاسعة ; قوله تعالى ; ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه أي لستم بآخذيه في ديونكم وحقوقكم من الناس إلا أن تتساهلوا في ذلك وتتركوا من حقوقكم ، وتكرهونه ولا ترضونه . أي فلا تفعلوا مع الله ما لا ترضونه لأنفسكم ، قال معناه البراء بن عازب وابن عباس والضحاك . وقال الحسن ; معنى الآية ; ولستم بآخذيه ولو وجدتموه في السوق يباع إلا أن يهضم لكم من ثمنه . وروي نحوه عن علي رضي الله عنه . قال ابن عطية ; وهذان القولان يشبهان كون الآية في الزكاة الواجبة . قال ابن العربي ; لو كانت في الفرض لما قال ولستم بآخذيه لأن الرديء والمعيب لا يجوز أخذه في الفرض بحال ، لا مع تقدير الإغماض ولا مع عدمه ، وإنما يؤخذ مع عدم إغماض في النفل . وقال البراء بن عازب أيضا معناه ; ولستم بآخذيه لو أهدي لكم إلا أن تغمضوا فيه أي تستحي من المهدي فتقبل منه ما لا حاجة لك به ولا قدر له في نفسه . قال ابن عطية ; وهذا يشبه كون الآية في التطوع . وقال ابن زيد ; ولستم بآخذي الحرام إلا أن تغمضوا في مكروهه .العاشرة ; قوله تعالى ; إلا أن تغمضوا كذا قراءة الجمهور ، من أغمض الرجل في أمر كذا إذا تساهل فيه ورضي ببعض حقه وتجاوز ، ومن ذلك قول الطرماح ;لم يفتنا بالوتر قوم وللذ ل أناس يرضون بالإغماضوقد يحتمل أن يكون منتزعا إما من تغميض العين ؛ لأن الذي يريد الصبر على مكروه يغمض عينيه - قال ;إلى كم وكم أشياء منك تريبني أغمض عنها لست عنها بذي عمىوهذا كالإغضاء عند المكروه . وقد ذكر النقاش هذا المعنى في هذه الآية - وأشار إليه مكي - وإما من قول العرب ; أغمض الرجل إذا أتى غامضا من الأمر ، كما تقول ; أعمن أي أتى عمان ، وأعرق أي أتى العراق ، وأنجد وأغور أي أتى نجدا والغور الذي هو تهامة ، أي فهو يطلب التأويل على أخذه . وقرأ الزهري بفتح التاء وكسر الميم مخففا ، وعنه أيضا . " تغمضوا " بضم التاء وفتح الغين وكسر الميم وشدها . فالأولى على معنى تهضموا سومها من البائع منكم فيحطكم . والثانية ، وهى قراءة قتادة فيما ذكر النحاس ، أي تأخذوا بنقصان . وقال أبو عمرو الداني ; معنى قراءتي الزهري حتى تأخذوا بنقصان . وحكى مكي عن الحسن " إلا أن تغمضوا " [ ص; 298 ] مشددة الميم مفتوحة . وقرأ قتادة أيضا " تغمضوا " بضم التاء وسكون الغين وفتح الميم مخففا . قال أبو عمرو الداني ; معناه إلا أن يغمض لكم ، وحكاه النحاس عن قتادة نفسه . وقال ابن جني ; معناها توجدوا قد غمضتم في الأمر بتأولكم أو بتساهلكم وجريتم على غير السابق إلى النفوس . وهذا كما تقول ; أحمدت الرجل وجدته محمودا ، إلى غير ذلك من الأمثلة . قال ابن عطية ; وقراءة الجمهور تخرج على التجاوز وعلى تغميض العين ؛ لأن أغمض بمنزلة غمض . وعلى أنها بمعنى حتى تأتوا غامضا من التأويل والنظر في أخذ ذلك ، إما لكونه حراما على قول ابن زيد ، وإما لكونه مهدى أو مأخوذا في دين على قول غيره . وقال المهدوي ; ومن قرأ تغمضوا فالمعنى تغمضون أعين بصائركم عن أخذه . قال الجوهري ; وغمضت عن فلان إذا تساهلت عليه في بيع أو شراء وأغمضت ، وقال تعالى ; ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه . يقال ; أغمض لي فيما بعتني ، كأنك تريد الزيادة منه لرداءته والحط من ثمنه . و ( أن ) في موضع نصب ، والتقدير إلا بأن .الحادية عشرة ; قوله تعالى ; واعلموا أن الله غني حميد نبه سبحانه وتعالى على صفة الغني ، أي لا حاجة به إلى صدقاتكم ، فمن تقرب وطلب مثوبة فليفعل ذلك بما له قدر وبال ، فإنما يقدم لنفسه . و ( حميد ) معناه محمود في كل حال . وقد أتينا على معاني هذين الاسمين في " الكتاب الأسنى " والحمد لله . قال الزجاج في قوله ; واعلموا أن الله غني حميد ; أي لم يأمركم أن تصدقوا من عوز ولكنه بلا أخباركم فهو حميد على ذلك على جميع نعمه .
القول في تأويل قوله ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُواقال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; " يا أيها الذين آمنوا "، صدقوا بالله ورسوله وآي كتابه.* * *ويعني بقوله; " أنفقوا "، زكُّوا وتصدقوا، كما;-6120 - حدثني المثنى، قال; حدثنا عبد الله، قال; حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله; " أنفقوا من طيبات ما كسبتم " يقول; تصدَّقوا.* * *القول في تأويل قوله ; مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْيعني بذلك جل ثناؤه; زكوا من طيّب ما كسبتم بتصرُّفكم= إما بتجارة، وإما بصناعة= من الذهب والفضة.ويعني ب " الطيبات "، الجياد، يقول; زكوا أموالكم التي اكتسبتموها حلالا وأعطوا في زكاتكم الذهبَ والفضة، الجيادَ منها دون الرديء، كما;-&; 5-556 &;6121 - حدثنا محمد بن المثنى، قال; حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية; " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم " قال; من التجارة.6122 - حدثني موسى بن عبد الرحمن، قال; حدثنا زيد بن الحباب، قال; وأخبرني شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.6123 - حدثني حاتم بن بكر الضبّي، قال; حدثنا وهب، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد ، مثله.6124 - حدثني المثنى، قال; حدثنا آدم، قال; حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في قوله; " أنفقوا من طيبات ما كسبتم "، قال; التجارة الحلال.6125 - حدثنا محمد بن بشار، قال; حدثنا عبد الرحمن، قال; حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن معقل; " أنفقوا من طيبات ما كسبتم "، قال; ليس في مال المؤمن من خبيث، ولكن لا تيمموا الخبيث منه تنفقون.6126 - حدثني عصام بن روّاد بن الجراح، قال; حدثنا أبي، قال; حدثنا أبو بكر الهذلي، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، قال; سألت علي بن أبي طالب صلوات الله عليه عن قوله; " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم " قال; من الذهب والفضة.6127 - حدثني محمد بن عمرو، قال; حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله; " من طيبات ما كسبتم "، قال; التجارة.6128 - حدثني المثنى، قال; حدثنا أبو حذيفة، قال; حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.6129 - حدثني المثنى، قال; حدثنا عبد الله بن صالح، قال; ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله; " أنفقوا من طيبات ما كسبتم " يقول; من &; 5-557 &; أطيب أموالكم وأنفَسِه. (55) .6130 - حدثني موسى، قال; حدثنا عمرو، قال; حدثنا أسباط، عن السدي; " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم "، قال; من هذا الذهب والفضة. (56) .* * *القول في تأويل قوله جل وعز ; وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِقال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; وأنفقوا أيضا مما أخرجنا لكم من الأرض، فتصدقوا وزكوا من النخل والكرم والحنطة والشعير، وما أوجبت فيه الصدقة من نبات الأرض. كما;-6131 - حدثني عصام بن رواد، قال; ثني أبي، قال; حدثنا أبو بكر الهذلي، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، قال; سألت عليا صلوات الله عليه عن قول الله عز وجل; " ومما أخرجنا لكم من الأرض "، قال; يعني من الحب والثمر وكل شيء عليه زكاة.6132 - حدثني محمد بن عمرو، قال; حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله; " ومما أخرجنا لكم من الأرض "، قال; النخل.6133 - حدثنا القاسم، قال; حدثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد; " ومما أخرجنا لكم من الأرض "، قال; من ثمر النخل.&; 5-558 &;6134 - حدثنا القاسم، قال; حدثنا الحسين، قال; حدثنا هشيم، قال; حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد قوله; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ، قال; من التجارة=" ومما أخرجنا لكم من الأرض "، من الثمار.6135 - حدثني موسى، قال; حدثنا عمرو، قال; حدثنا أسباط، عن السدي; " ومما أخرجنا لكم من الأرض "، قال; هذا في التمر والحب.* * *القول في تأويل قوله جل وعز ; وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَقال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه " ولا تيمموا الخبيث "، ولا تعمدوا، ولا تقصدوا.* * *وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله; ( ولا تؤموا) من " أممت "، (57) وهذه من " يممت "، (58) والمعنى واحد وإن اختلفت الألفاظ.* * *يقال; " تأممت فلانا "، و " تيممته "، و " أممته "، بمعنى; قصدته وتعمدته، كما قال ميمون بن قيس الأعشى;تيممـــت قيســا وكــم دونــهمـن الأرض مـن مهمـه ذي شـزن (59)وكما;-&; 5-559 &;6136 - حدثنا موسى، قال; حدثنا عمرو، قال; حدثنا أسباط، عن السدي; " ولا تيمموا الخبيث "، ولا تعمدوا.6137 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة; " ولا تيمموا " لا تعمدوا.6138 - حدثت عن عمار، قال; حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة، مثله.* * *القول في تأويل قوله ; وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَقال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه ب " الخبيث "; الرديء، غير الجيد، يقول; لا تعمدوا الرديء من أموالكم في صدقاتكم فتصدقوا منه، ولكن تصدقوا من الطيب الجيد.* * *وذلك أن هذه الآية نـزلت في سبب رجل من الأنصار علق قنوا من حشف - (60) في الموضع الذي كان المسلمون يعلقون صدقة ثمارهم- صدقة من تمره.* ذكر من قال ذلك;6139 - حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قال; حدثنا أبي، عن أسباط، عن السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب في قول الله عز وجل; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ &; 5-560 &; الأَرْضِ إلى قوله; أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ، قال; نـزلت في الأنصار، كانت الأنصار إذا كان أيام جذاذ النخل أخرجت من حيطانها أقناء البسر، فعلقوه على حبل بين الأسطوانتين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأكل فقراء المهاجرين منه. فيعمد الرجل منهم إلى الحشف فيدخله مع أقناء البسر، يظن أن ذلك جائز.فأنـزل الله عز وجل فيمن فعل ذلك; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "، قال لا تيمموا الحشف منه تنفقون. (61) .6140 - حدثني موسى، قال; حدثنا عمرو، قال; حدثنا أسباط، زعم السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب بنحوه= إلا أنه قال; فكان يعمد بعضهم، فيدخل قنو الحشف= ويظن أنه جائز عنه= في كثرة ما يوضع من الأقناء، فنـزل فيمن فعل ذلك; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "، القنو الذي قد حشف، ولو أهدي إليكم ما قبلتموه. (62) .6141 - حدثنا ابن بشار، قال; حدثنا مؤمل، قال; حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي مالك، عن البراء بن عازب، قال; كانوا يجيئون في الصدقة بأردإ &; 5-561 &; تمرهم وأردإ طعامهم، فنـزلت; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ الآية. (63) .6142 - حدثني عصام بن رواد، قال; حدثنا أبي، قال; حدثنا أبو بكر الهذلي، عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني، قال; سألت عليا عن قول الله; " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "، قال; فقال علي; نـزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه، (64) فيعزل الجيد ناحية. فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه من الرديء، فقال عز وجل; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ".6143 - حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ثني عبد الجليل بن حميد اليحصبي، أن ابن شهاب حدثه، قال; ثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف في الآية التي قال الله عز وجل; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " قال; هو الجعرور، ولون حبيق، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ في الصدقة. (65) .&; 5-562 &;6144 - حدثني محمد بن عمرو، قال; حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "، قال; كانوا يتصدقون - يعني من النخل- بحشفه وشراره، فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يتصدقوا بطيبه.6145 - حدثنا بشر، قال; حدثنا يزيد، قال; حدثنا سعيد، عن قتادة; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ إلى قوله; وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ، ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان على عهد نبي الله صلى الله عليه وسلم، فيعمد إلى أردئهما تمرا فيتصدق به، ويخلط فيه من الحشف، فعاب الله ذلك عليهم ونهاهم عنه.6146 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "، قال; تعمد إلى رذالة مالك فتصدق به، (66) ولست بآخذه إلا أن تغمض فيه.6147 - حدثنا ابن وكيع، قال; حدثنا أبي، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن قال; كان الرجل يتصدق برذالة ماله، فنـزلت; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ".6148 - حدثنا المثنى، قال; حدثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، قال; أخبرنا عبد الله بن كثير; أنه سمع مجاهدا يقول; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "، قال; في الأقناء التي تعلق، (67) فرأى فيها حشفا، فقال; &; 5-563 &; ما هذا؟= قال ابن جريج; سمعت عطاء يقول; علق إنسان حشفا في الأقناء التي تعلق بالمدينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; ما هذا؟ بئسما علق هذا!! فنـزلت; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ".* * *وقال آخرون; معنى ذلك; ولا تيمموا الخبيث من الحرام منه تنفقون، (68) .وتدعوا أن تنفقوا الحلال الطيب.* ذكر من قال ذلك;6149 - حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد - وسألته عن قول الله عز وجل; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "، - قال; الخبيث; الحرام، لا تتيممه تنفق منه، فإن الله عز وجل لا يقبله.* * *قال أبو جعفر; وتأويل الآية هو التأويل الذي حكيناه عمن حكينا [عنه] من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،[لصحة إسناده]، واتفاق أهل التأويل في ذلك= (69)دون الذي قاله ابن زيد. (70) .* * *القول في تأويل قوله ; وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِقال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; ولستم بآخذي الخبيث في حقوقكم، و " الهاء " في قوله; " بآخذيه " من ذكر الخبيث=" إلا أن تغمضوا فيه "، يعني; إلا أن تتجافوا في أخذكم إياه عن بعض الواجب لكم من حقكم، فترخصوا فيه لأنفسكم.&; 5-564 &;يقال منه; " أغمض فلان لفلان عن بعض حقه، فهو يغمض "، ومن ذلك قول الطرماح بن حكيم;لــم يفتنــا بـالوتر قـوم وللضـيـم رجــال يرضــون بالإغمـاض (71)* * *قال أبو جعفر; واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم; معنى ذلك; ولستم بآخذي الرديء من غرمائكم في واجب حقوقكم قبلهم، إلا عن إغماض منكم لهم في الواجب لكم عليهم.* ذكر من قال ذلك;6150 - حدثنا عصام بن رواد، قال; حدثنا أبي، قال; حدثنا أبو بكر الهذلي، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة قال; سألت عليا عنه فقال; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، يقول; ولا يأخذ أحدكم هذا الرديء حتى يهضم له.6151 - حدثنا ابن بشار، قال; حدثنا مؤمل، قال; حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي مالك، عن البراء بن عازب; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، يقول; لو كان لرجل على رجل، فأعطاه ذلك لم يأخذه، إلا أن يرى أنه قد نقصه من حقه. (72) .&; 5-565 &;6152 - حدثني المثنى، قال; حدثنا عبد الله، قال; حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله; " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، يقول; لو كان لكم على أحد حق، فجاءكم بحق دون حقكم، لم تأخذوا بحساب الجيد حتى تنقصوه، فذلك قوله; " إلا أن تغمضوا فيه "، فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم، وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسها؟ (73) .وهو قوله; لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ . [ سورة آل عمران; 92].6153 - حدثني محمد بن عمرو، قال; حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه " قال; لا تأخذونه من غرمائكم ولا في بيوعكم إلا بزيادة على الطيب في الكيل.6154 - حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; حدثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله; " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، وذلك أن رجالا كانوا يعطون زكاة أموالهم من التمر، فكانوا يعطون الحشف في الزكاة، فقال; لو كان بعضهم يطلب بعضا ثم قضاه، لم يأخذه إلا أن يرى أنه قد أغمض عنه حقه.6155 - حدثت عن عمار، قال; حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه " يقول; لو كان لك على رجل دين فقضاك أردأ مما كان لك عليه، هل كنت تأخذ ذلك منه إلا وأنت له كاره؟6156 - حدثني يحيى بن أبي طالب، قال; حدثنا يزيد، قال; حدثنا جويبر، عن الضحاك في قوله; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ &; 5-566 &; إلى قوله; " إلا أن تغمضوا فيه " قال; كانوا -حين أمر الله أن يؤدوا الزكاة- يجيء الرجل من المنافقين بأردإ طعام له من تمر وغيره، فكره الله ذلك وقال; أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ ، يقول; " لستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، يقول; لم يكن رجل منكم له حق على رجل فيعطيه دون حقه فيأخذه، إلا وهو يعلم أنه قد نقصه= فلا ترضوا لي ما لا ترضون لأنفسكم= فيأخذ شيئا، وهو مغمض عليه، أنقص من حقه.* * *وقال آخرون; معنى ذلك; ولستم بآخذي هذا الرديء الخبيث - إذا اشتريتموه من أهله -بسعر الجيد، إلا بإغماض منهم لكم في ثمنه.* ذكر من قال ذلك;6157 - حدثنا ابن وكيع، قال; حدثنا أبي، عن عمران بن حدير، عن الحسن; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، قال; لو وجدتموه في السوق يباع، ما أخذتموه حتى يهضم لكم من ثمنه.6158 - حدثنا بشر، قال; حدثنا يزيد، قال; حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، يقول; لستم بآخذي هذا الرديء بسعر هذا الطيب إلا أن يغمض لكم فيه.* * *وقال آخرون; معناه; ولستم بآخذي هذا الرديء الخبيث لو أهدي لكم، إلا أن تغمضوا فيه، فتأخذوه وأنتم له كارهون، على استحياء منكم ممن أهداه لكم.* ذكر من قال ذلك;6159 - حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قال; حدثنا أبي، عن أسباط، عن السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، قال; لو أهدي لكم ما قبلتموه إلا على استحياء من صاحبه، أنه بعث إليك بما لم يكن له فيه حاجة. (74) .&; 5-567 &;6160 - حدثني موسى، قال; حدثنا عمرو، قال; حدثنا أسباط، قال; زعم السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء نحوه= إلا أنه قال; إلا على استحياء من صاحبه، وغيظا أنه بعث إليك بما لم يكن له فيه حاجة. (75) .* * *وقال آخرون; معنى ذلك; ولستم بآخذي هذا الرديء من حقكم إلا أن تغمضوا من حقكم.* ذكر من قال ذلك;6161 - حدثنا ابن حميد، قال; حدثنا جرير، عن عطاء، عن ابن معقل; " ولستم بآخذيه "، يقول; ولستم بآخذيه من حق هو لكم=" إلا أن تغمضوا فيه "، يقول; أغمض لك من حقي.* * *وقال آخرون; معنى ذلك; ولستم بآخذي الحرام إلا أن تغمضوا على ما فيه من الإثم عليكم في أخذه.* ذكر من قال ذلك;6162 - حدثني يونس، قال; حدثنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد; وسألته عن قوله; " ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه " -قال; يقول; لست آخذا ذلك الحرام حتى تغمض على ما فيه من الإثم = قال; وفي كلام العرب; " أما والله لقد أخذه، ولقد أغمض على ما فيه " = وهو يعلم أنه حرام باطل.* * *قال أبو جعفر; والذي هو أولى بتأويل ذلك عندنا أن يقال; إن الله عز وجل حث عباده على الصدقة وأداء الزكاة من أموالهم، وفرضها عليهم فيها، (76) .فصار ما فرض من ذلك في أموالهم، حقا لأهل سهمان الصدقة. ثم أمرهم تعالى ذكره أن &; 5-568 &; يخرجوا من الطيب- وهو الجيد من أموالهم- الطيب. (77) وذلك أن أهل السهمان شركاء أرباب الأموال في أموالهم، بما وجب لهم فيها من الصدقة بعد وجوبها.فلا شك أن كل شريكين في مال فلكل واحد منهما بقدر ملكه، وليس لأحدهما منع شريكه من حقه من الملك الذي هو فيه شريكه، بإعطائه -بمقدار حقه منه- من غيره مما هو أردأ منه أو أخس. (78) فكذلك المزكي ماله، حرم الله عليه أن يعطي أهل السهمان= مما وجب لهم في ماله من الطيب الجيد من الحق، فصاروا فيه شركاء= (79) من الخبيث الرديء غيره، ويمنعهم ما هو لهم من حقوقهم في الطيب من ماله الجيد، كما لو كان مال رب المال رديئا كله غير جيد، فوجبت فيه الزكاة وصار أهل سهمان الصدقة فيه شركاء بما أوجب الله لهم فيه لم يكن عليه أن يعطيهم الطيب الجيد من غير ماله الذي منه حقهم.فقال تبارك وتعالى لأرباب الأموال; زكوا من جيد أموالكم الجيد، ولا تيمموا الخبيث الرديء، تعطونه أهل سهمان الصدقة، وتمنعونهم الواجب لهم من الجيد الطيب في أموالكم، (80) ولستم بآخذي الرديء لأنفسكم مكان الجيد الواجب لكم قبل من وجب لكم عليه ذلك من شركائكم وغرمائكم وغيرهم، إلا عن إغماض منكم وهضم لهم وكراهة منكم لأخذه. يقول; ولا تأتوا من الفعل إلى من وجب له في أموالكم حق، ما لا ترضون من غيركم أن يأتيه إليكم في حقوقكم الواجبة لكم في أموالهم.فأما إذا تطوع الرجل بصدقة غير مفروضة، فإني وإن كرهت له أن يعطي فيها إلا أجود ماله وأطيبه، لأن الله عز وجل أحق من تقرب إليه بأكرم الأموال &; 5-569 &; وأطيبها، والصدقة قربان المؤمن= فلست أحرم عليه أن يعطي فيها غير الجيد، لأن ما دون الجيد ربما كان أعم نفعا لكثرته، أو لعظم خطره= وأحسن موقعا من المسكين، وممن أعطيه قربة إلى الله عز وجل= من الجيد، لقلته أو لصغر خطره وقلة جدوى نفعه على من أعطيه. (81) .* * *وبمثل ما قلنا في ذلك قال جماعة أهل العلم.* ذكر من قال ذلك;6163 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال; حدثنا يزيد بن زريع، قال; حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال; سألت عبيدة عن هذه الآية; " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه "، قال; ذلك في الزكاة، الدرهم الزائف أحب إلي من التمرة.6164 - حدثني يعقوب، قال; حدثنا ابن علية، قال; حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال; سألت عبيدة عن ذلك، فقال; إنما ذلك في الزكاة، والدرهم الزائف أحب إلي من التمرة.6165 - حدثنا أبو كريب، قال; حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين، قال; سألت عبيدة عن هذه الآية; " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه "، فقال عبيدة; إنما هذا في الواجب، ولا بأس أن يتطوع الرجل بالتمرة، والدرهم الزائف خير من التمرة.&; 5-570 &;6166 - حدثني أبو السائب، قال; حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين في قوله; وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ قال; إنما هذا في الزكاة المفروضة، فأما التطوع فلا بأس أن يتصدق الرجل بالدرهم الزائف، والدرهم الزائف خير من التمرة.* * *القول في تأويل قوله ; وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; واعلموا أيها الناس أن الله عز وجل غني عن صدقاتكم وعن غيرها، (82) وإنما أمركم بها، وفرضها في أموالكم، رحمة منه لكم ليغني بها عائلكم، (83) .ويقوي بها ضعيفكم، ويجزل لكم عليها في الآخرة مثوبتكم، لا من حاجة به فيها إليكم.* * *ويعني بقوله; " حميد "، أنه محمود عند خلقه بما أولاهم من نعمه، وبسط لهم من فضله. كما;-6167 - حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قال; حدثنا أبي، عن أسباط، عن السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب في قوله; " أن الله غني حميد " عن صدقاتكم. (84) .-------------------الهوامش ;(55) الأثر ; 6129 -في الدر المنثور 1 ; 346 ، وسيأتي الأثر بتمامه في رقم ; 6152 وقوله ; "من أطيب أموالكم وأنفسه" ، وهو صحيح في العربية ، يعود ضمير المفرد ، على الجمع في"أفعل" ، وقد مضى ما قلنا في ذلك التعليق على الأثر ; 5968 ، وإن اختلفت العبارتان وافترقتا . وانظر همع الهوامع 1 ; 59 .(56) في المطبوعة ; حذف"هذا" لغير شيء !! .(57) في المطبوعة ; "ولا تأمموا" ، وكذلك في القرطبي ، ولكن أبا حيان في تفسيره 1 ; 328 قد نص على أن الطبري حكى قراءة عبد الله ; "ولا تأملوا" من"أمت" ، فوافق ما في المخطوطة ، فأثبتها كذلك ، وهي الصواب إن شاء الله .(58) في المخطوطة والمطبوعة ; "تيممت" ، وهو سقيم ، والصواب ما أثبت . وأموا المكان ويموه ، بمعنى واحد ، وهي على البدل ، أبدلت الهمزة ياء ، ولذلك كانت في مادة (أمم) من دواوين اللغة ، غير الجوهري .(59) ديوانه ; 16 ، وسيأتي في التفسير 5 ; 69 (بولاق) . وهو من قصيدته التي أثنى فيها على قيس بن معد يكرب الكندي ، وهي أول كلمة قالها له . وقد مضت منها أبيات في 1 ; 345 ، 346 ، /3 ; 191/5 ; 390 وامهمه ; الفلاة المقفرة البعيدة ، لا ماء بها ولا أنيس ، والشزن والشزونة ; الغلظ من الأرض .(60) القنو ; الكباسة ، وهي العذق التام بشماريخه ورطبه ، هو في التمر ، بمنزله العنقود من العنب ، وجمعه ; أقناء . والحشف ; هو من التمر ما لم ينو ، فإذا يبس صلب وفسد ، لا طعم له ولا لحاء ولا حلاوة .(61) الأثر ; 6139 -الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي ، مضى في رقم 1625 ; 1883 ، وهو لين يتكلمون فيه . وأبوة ; عمرو بن محمد ، ثقة جائز الحديث . أخرجه الحاكم في المستدرك ، ; 2 ; 285 من طريق عمرو بن طلحة القناد ، عن أسباط بن نصر ، وقال ; "هذا حديث غريب صحيح على شرطه مسلم ، ولم يخرجاه" ، وافقه الذهبى . وذكره ابن كثير في تفسير 2 ; 40 ، 41 ونسبه للحاكم ، وأنه قال ; "صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه" فاختلف نص كلام الحاكم .وسيأتي تمامه برقم ; 6159 ، 6167 .قوله ; "جذاذ النخل"بالذال هنا وفي المستدرك . وجذ النخل جذاذا ، صرمه . والأشهر فيه بالدال المهملة ; "جد النخل يجده جدادا" ، صرمه وقطف ثمره . والحيطان جمع حائط ; وهو بستان النخل يكون عليه حائط ، فإذا لم يكن عليه حائط . فهو ضاحية .وقوله ; "أقناء البسر" الأقناء جمع قنو ، وقد سلف في التعليق الماضي . والبسر ; التمر قبل أن يرطب ، سمى كذلك لغضاضته ، واحدته بسرة ، ثم هو بعد البسر ، رطب ، ثم تمر .(62) الأثر ; 6140 -هذا إسناد آخر للخبر السالف وسيأتي تمامه برقم ; 6160 وحشف التمر ; صار حشفا . وقد مضى تفسيره في التعليق ص ; 559 رقم ; 1 . وقوله ; "جائز عنه" ، أي سائغ مجزي عنه من قولهم ; "جاز جوازا" ، وأجاز له الشيء وجوزه ; إذا سوغ له ما صنعه وأمضاه . وهو تعبير نادر لم تقيده كتب اللغة ، ولكنه عربي معرق .(63) الأثر ; 6141 -رواه البيهقي في السنن 4 ; 136 من طريق أبي حذيفة ، عن سفيان ، عن السدي بغير هذا اللفظ ، وأتم منه .(64) صرم النخل والشجر يصرمه صرما وصراما ; قطع ثمرها واجتناها ، مثل الجذاذ والجداد فيما سلف في التعليقات ص ; 560 .(65) الأثر ; 6143 -عبد الجليل بن حميد اليحصبي ، أبو مالك المصري . روي عن الزهري ، ويحيى بن سعيد وأيوب السختياني ، وروى عنه ابن عجلان ، وهو من أقرانه ، وموسى بن سلمة ، وابن وهب ، وغيرهم من المصريين . قال النسائي ، "ليس به بأس" ، وذكره ابن حبان في الثقات . مات سنة 148 ، مترجم في التهذيب . وهذا الأثر روته النسائي ، عن يونس بن عبد الأعلى والحارث بن مسكين ، عن ابن وهب ، عن عبد الجليلي بن حميد ، في السنن 5 ; 43 ، وآخره"... أن تؤخذ الصدقة الرذالة" . وروي من طرق أخرى في سنن أبي داود 2 ; 149 رقم ; 1607 ، والحاكم في المستدرك 2 ; 284 من طريق سفيان ابن حسين عن الزهري ، ومن طريق سليمان بن كثير عن الزهري وقال ; "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي ، والبيهقي في السنن 4 ; 136 ، وانظر تفسير ابن كثير 2 ; 42 ، 43 .الجعرور (بضم الجيم) . ضرب من التمر صغار لا خير فيه . واللون ; نوع من النخل ، قيل ; هو الدقل ، وقيل ; النخل كله ما خلا البرني والعجوة ، تسميه أهل المدينة"الألوان" . وابن حبيق ; رجل نسب إليه هذا النخل الرديء ، فقيل ; لون الحبيق . وتمره رديء أغبر صغير ، مع طول فيه .(66) رذالة كل شيء ; أردؤه حين ينتقى جيده ، ويبقي رديئه . وهو من رذالة الناس ورذالهم . (بضم الراء فيها جميعا) .(67) قوله ; "التي تعلق" مكانها بياض في المخطوطة . وقوله بعد ; "فرأى فيها حشفا" ، أي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم .(68) في المخطوطة والمطبوعة ; "فيه تنفقون" ، وهو خطأ بين .(69) الزيادة بين الأقواس لا بد منها حتى يستقيم الكلام . (عنه) ساقطة من المخطوطة والمطبوعة .أما الزيادة الثانية ، فمكانها بياض في المخطوطة ، فأغفله الطابع وساق الكلام سياقا واحدا(70) في المخطوطة ; "قاله ابن" وبعد ذلك بياض . والذي في المطبوعة هو الصواب .(71) ديوانه ; 86 ، من قصيدة مجد فيها قومه ، وقبله; ;إننــا معشــر شـمائلنا الصـبر ,إذا الخـــوف مــال بالأحفــاضنصـر للـذليل فـي نـدوة الحـي ,مـــرائيب للثـــأي المنهــاضمــن يــرم جـمعهم يجـدهم مـراجــيح حمــاة للعـزل الأحـراضالأحفاض ; الإبل الصغار الضعاف ، ويعنى الضعاف من الناس ، لا يصبرون في حرب . مرائيب ; من الرأب ، وهو الإصلاح ، مصلحون . والثأى ; الفساد . والمنهاض ; الذي فسد بعد صلاح فلا يرجى إصلاح إلا بمشقة . مراجيح ; حلماء لا يستخفهم شيء . والأحراض ; الضعاف الذين لا يقاتلون . والإغماض ; التغاضي والمساهلة . يقول نحن أهل بأس وسطوة ، فما أصاب منا أحد فنجا من انتقامنا ، ولسنا كأقوام يرضون بالضيم ، فيتغاضون عن إدراك تأثرهم ممن نال منهم .(72) الأثر ; 6151 -هو من تمام الأثر ; 6141 .(73) في المطبوعة ; "وأنفسها" وأثبت ما في المخطوطة . وهذا الأثر بنصه وتمامه في الدر المنثور 1 ; 346 ، وانظر التعليق على الأثر ; 6129 ، وقوله ; "وأنفسه" بضمير الإفراد .(74) الأثر ; 6159 -هو تمام الأثر السالف ; 6139 .(75) الأثر ; 6160 -هو تمام الأثر السالف ; 6140 .(76) "وفرضها عليهم" أي الزكاة . "فيها" ; في أموالهم .(77) قوله ; "الطيب" الثانية ، مفعول"يخرجوا" .(78) في المطبوعة"أو أحسن" ، وهو فاسد كل الفساد . والصواب من المخطوطة .(79) سياق الجملة ; أن يعطى أهل السهمان... من الخبيث الرديء غيره .(80) في المطبوعة ; "وتمنعونهم الواجب..." ، والذي في المخطوطة صواب ، معطوف على ; "ولا تيمموا الخبيث" .(81) سياق هذه الجملة ; ربما كان أعم نفعا لكثرته...وأحسن موقعا من المسكين... من الجيد لقلته...(82) انظر تفسير"غنى"فيما سلف من هذا الجزء 5 ; 521 .(83) العائل ; الفقير . عال الرجل يعيل علية ; افتقر .(84) الأثر ; 6167 -هو تمام الأثر السالف ; 6139 .
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب، ومما أخرج لهم من الأرض فكما منَّ عليكم بتسهيل تحصيله فأنفقوا منه شكرا لله وأداء لبعض حقوق إخوانكم عليكم، وتطهيرا لأموالكم، واقصدوا في تلك النفقة الطيب الذي تحبونه لأنفسكم، ولا تيمموا الرديء الذي لا ترغبونه ولا تأخذونه إلا على وجه الإغماض والمسامحة { واعلموا أن الله غني حميد } فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم، ومع هذا فهو حميد على ما يأمركم به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة، فعليكم أن تمتثلوا أوامره لأنها قوت القلوب وحياة النفوس ونعيم الأرواح
(يأيها الذين آمنوا) سبق إعرابها ،
(أنفقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعلـ (من طيّبات) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أنفقوا) ،
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه ،
(كسب) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير في محلّ رفع فاعل(الواو) عاطفة
(من) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنفقوا) ، وفي الكلام حذف مضاف أي: من طيّبات ما أخرجنا
(أخرجنا) مثل كسبتم
(اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أخرجنا) ،
(من الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أخرجنا) ،
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة
(تيمّموا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.والواو فاعلـ (الخبيث) مفعول به منصوب(من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (تنفقون) وهو مضارع مرفوع.. والواو فاعلـ (الواو) استئنافيّة أو حاليّة
(ليس) فعل ماض ناقص جامد و (تم) ضمير في محلّ رفع اسم ليس
(الباء) حرف جرّ زائد
(آخذي) مجرور لفظا منصوب محلا خبر ليس، وعلامة الجرّ الياء وحذفت النون للإضافة و (الهاء) مضاف إليه
(إلّا) أداة حصر
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (تغمضوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون والواو فاعلـ (فيه) مثل منه متعلّق بـ (تغمضوا) بتضمينه معنى تتساهلوا والمصدر المؤولـ (أن تغمضوا ... ) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف أي: إلّا بأن تغمضوا فيه والجارّ والمجرور متعلّق بآخذيه
(الواو) استئنافيّة
(اعلموا) مثل أنفقوا
(أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد
(الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوبـ (غنيّ) خبر مرفوع
(حميد) خبر ثان مرفوع.جملة النداء «أيّها الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّةوجملة: «امنوا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) وجملة: «أنفقوا» لا محلّ لها جواب النداءوجملة: «كسبتم» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ
(ما) ، أو في محلّ جرّ نعت لـ (ما) النكرة الموصوفة والرابط محذوف أي: طيّبات شيء كسبتموه وجملة: «أخرجنا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثانيوجملة: «لا تيمّموا» لا محلّ لها معطوفة على جملة أنفقواوجملة: «منه تنفقون» في محلّ نصب حال من الفاعل في(تيمّموا) ، أو من المفعولـ (الخبيث) أي منفقين أو منفقا منهوجملة: «لستم بآخذيه» لا محلّ لها استئنافيّة أو في محلّ نصب حال من الواو في(تنفقون) وجملة: «اعلموا» لا محلّ لها استئنافيّةوالمصدر المؤوّلـ (أنّ الله غنيّ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي اعلموا