وَلَا تَأْكُلُوٓا أَمْوٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبٰطِلِ وَتُدْلُوا بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوٰلِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ
وَلَا تَاۡكُلُوۡٓا اَمۡوَالَـكُمۡ بَيۡنَكُمۡ بِالۡبَاطِلِ وَتُدۡلُوۡا بِهَآ اِلَى الۡحُـکَّامِ لِتَاۡکُلُوۡا فَرِيۡقًا مِّنۡ اَمۡوَالِ النَّاسِ بِالۡاِثۡمِ وَاَنۡـتُمۡ تَعۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولا يأكل بعضكم مال بعض بسبب باطل كاليمين الكاذبة، والغصب، والسرقة، والرشوة، والربا ونحو ذلك، ولا تلقوا بالحجج الباطلة إلى الحكام؛ لتأكلوا عن طريق التخاصم أموال طائفة من الناس بالباطل، وأنتم تعلمون تحريم ذلك عليكم.
قال علي بن أبي طلحة وعن ابن عباس هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بينة فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام وكذا روي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنهم قالوا; لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم وقد ورد في الصحيحين عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال; "ألا إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو ليذرها "فدلت هذه الآية الكريمة وهذا الحديث على أن حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر فلا يحل في نفس الأمر حراما هو حرام ولا يحرم حلالا هو حلال وإنما هو ملزم في الظاهر فإن طابق في نفس الأمر فذاك وإلا فللحاكم أجره وعلى المحتال وزره ولهذا قال تعالى "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" أي تعلمون بطلان ما تدعونه وتروجونه في كلامكم قال قتادة; اعلم يا ابن آدم أن قضاء القاضي لا يحل لك حراما ولا يحق لك باطلا وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرى وتشهد به الشهود والقاضي بشر يخطئ ويصيب واعلموا أن من قضي له بباطل أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة فيقضي على المبطل للمحق بأجود مما قضي به للمبطل على المحق في الدنيا.
قوله تعالى ; ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون[ ص; 315 ] فيه ثمان مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; ولا تأكلوا أموالكم بينكم قيل ; إنه نزل في عبدان بن أشوع الحضرمي ، ادعى مالا على امرئ القيس الكندي واختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنكر امرؤ القيس وأراد أن يحلف فنزلت هذه الآية ، فكف عن اليمين وحكم عبدان في أرضه ولم يخاصمه .الثانية ; الخطاب بهذه الآية يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، والمعنى ; لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق ، فيدخل في هذا ; القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق ، وما لا تطيب به نفس مالكه ، أو حرمته الشريعة وإن طابت به نفس مالكه ، كمهر البغي وحلوان الكاهن وأثمان الخمور والخنازير وغير ذلك ، ولا يدخل فيه الغبن في البيع مع معرفة البائع بحقيقة ما باع لأن الغبن كأنه هبة ، على ما يأتي بيانه في سورة " النساء " ، وأضيفت الأموال إلى ضمير المنهي لما كان كل واحد منهما منهيا ومنهيا عنه ، كما قال ; ولا تقتلوا أنفسكم . وقال قوم ; المراد بالآية ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أي في الملاهي والقيان والشرب والبطالة ، فيجيء على هذا إضافة المال إلى ضمير المالكين .الثالثة ; من أخذ مال غيره لا على وجه إذن الشرع فقد أكله بالباطل ، ومن الأكل بالباطل أن يقضي القاضي لك وأنت تعلم أنك مبطل ، فالحرام لا يصير حلالا بقضاء القاضي ; لأنه إنما يقضي بالظاهر ، وهذا إجماع في الأموال ، وإن كان عند أبي حنيفة قضاؤه ينفذ في الفروج باطنا ، وإذا كان قضاء القاضي لا يغير حكم الباطن في الأموال فهو في الفروج أولى . وروى الأئمة عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار - في رواية - فليحملها أو يذرها ، وعلى القول بهذا الحديث جمهور العلماء وأئمة الفقهاء ، وهو نص في أن حكم الحاكم على الظاهر لا يغير حكم الباطن ، وسواء كان ذلك في الأموال والدماء والفروج ، إلا ما حكي عن أبي حنيفة في الفروج ، وزعم أنه لو شهد شاهدا زور على رجل بطلاق زوجته وحكم الحاكم بشهادتهما لعدالتهما عنده فإن فرجها يحل لمتزوجها - ممن يعلم أن القضية باطل - بعد العدة ، وكذلك لو [ ص; 316 ] تزوجها أحد الشاهدين جاز عنده ; لأنه لما حلت للأزواج في الظاهر كان الشاهد وغيره سواء ; لأن قضاء القاضي قطع عصمتها ، وأحدث في ذلك التحليل والتحريم في الظاهر والباطن جميعا ، ولولا ذلك ما حلت للأزواج ، واحتج بحكم اللعان وقال ; معلوم أن الزوجة إنما وصلت إلى فراق زوجها باللعان الكاذب ، الذي لو علم الحاكم كذبها فيه لحدها وما فرق بينهما ، فلم يدخل هذا في عموم قوله عليه السلام ; فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه . . . الحديث .الرابعة ; وهذه الآية متمسك كل مؤالف ومخالف في كل حكم يدعونه لأنفسهم بأنه لا يجوز ، فيستدل عليه بقوله تعالى ; ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، فجوابه أن يقال له ; لا نسلم أنه باطل حتى تبينه بالدليل ، وحينئذ يدخل في هذا العموم ، فهي دليل على أن الباطل في المعاملات لا يجوز ، وليس فيها تعيين الباطل .الخامسة ; قوله تعالى ; بالباطل الباطل في اللغة ; الذاهب الزائل ، يقال ; بطل يبطل بطولا وبطلانا ، وجمع الباطل بواطل ، والأباطيل جمع البطولة . وتبطل أي اتبع اللهو ، وأبطل فلان إذا جاء بالباطل ، وقوله تعالى ; لا يأتيه الباطل قال قتادة ; هو إبليس ، لا يزيد في القرآن ولا ينقص ، وقوله ; ويمح الله الباطل يعني الشرك ، والبطلة ; السحرة .السادسة ; قوله تعالى ; وتدلوا بها إلى الحكام الآية . قيل ; يعني الوديعة وما لا تقوم فيه بينة ، عن ابن عباس والحسن . وقيل ; هو مال اليتيم الذي هو في أيدي الأوصياء ، يرفعه إلى الحكام إذا طولب به ليقتطع بعضه وتقوم له في الظاهر حجة ، وقال الزجاج ; تعملون ما يوجبه ظاهر الأحكام وتتركون ما علمتم أنه الحق . يقال ; أدلى الرجل بحجته أو بالأمر الذي يرجو النجاح به ، تشبيها بالذي يرسل الدلو في البئر ، يقال ; أدلى دلوه ; أرسلها ، ودلاها ; أخرجها ، وجمع الدلو والدلاء ; أدل ودلاء ودلي ، والمعنى في الآية ; لا تجمعوا بين أكل المال بالباطل وبين الإدلاء إلى الحكام بالحجج الباطلة ، وهو كقوله ; ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق . وهو من قبيل قولك ; لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، وقيل ; المعنى لا تصانعوا بأموالكم الحكام وترشوهم ليقضوا لكم على أكثر منها ، فالباء إلزاق مجرد . قال ابن عطية ; وهذا القول يترجح ; لأن الحكام مظنة الرشاء إلا من عصم وهو الأقل ، وأيضا فإن اللفظين متناسبان ; تدلوا من إرسال الدلو ، والرشوة من الرشاء ، كأنه يمد بها ليقضي الحاجة .[ ص; 317 ] قلت ; ويقوي هذا قوله ; وتدلوا بها تدلوا في موضع جزم عطفا على تأكلوا كما ذكرنا ، وفي مصحف أبي " ولا تدلوا " بتكرار حرف النهي ، وهذه القراءة تؤيد جزم تدلوا في قراءة الجماعة ، وقيل ; تدلوا في موضع نصب على الظرف ، والذي ينصب في مثل هذا عند سيبويه " أن " مضمرة ، والهاء في قوله بها ترجع إلى الأموال ، وعلى القول الأول إلى الحجة ولم يجر لها ذكر ، فقوي القول الثاني لذكر الأموال ، والله أعلم . في الصحاح . " والرشوة معروفة ، والرشوة بالضم مثله ، والجمع رشى ورشى ، وقد رشاه يرشوه ، وارتشى ; أخذ الرشوة ، واسترشى في حكمه ; طلب الرشوة عليه " .قلت ; فالحكام اليوم عين الرشا لا مظنته ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ! .السابعة ; قوله تعالى ; لتأكلوا نصب بلام كي . فريقا أي قطعة وجزءا ، فعبر عن الفريق بالقطعة والبعض ، والفريق ; القطعة من الغنم تشذ عن معظمها ، وقيل ; في الكلام تقديم وتأخير ، التقدير لتأكلوا أموال فريق من الناس . بالإثم معناه بالظلم والتعدي ، وسمي ذلك إثما لما كان الإثم يتعلق بفاعله . وأنتم تعلمون أي بطلان ذلك وإثمه ، وهذه مبالغة في الجرأة والمعصية .الثامنة ; اتفق أهل السنة على أن من أخذ ما وقع عليه اسم مال قل أو كثر أنه يفسق بذلك ، وأنه محرم عليه أخذه . خلافا لبشر بن المعتمر ومن تابعه من المعتزلة حيث قالوا ; إن المكلف لا يفسق إلا بأخذ مائتي درهم ولا يفسق بدون ذلك ، وخلافا لابن الجبائي حيث قال ; إنه يفسق بأخذ عشرة دراهم ولا يفسق بدونها ، وخلافا لابن الهذيل حيث قال ; يفسق بأخذ خمسة دراهم ، وخلافا لبعض قدرية البصرة حيث قال ; يفسق بأخذ درهم فما فوق ، ولا يفسق بما دون ذلك ، وهذا كله مردود بالقرآن والسنة وباتفاق علماء الأمة ، قال صلى الله عليه وسلم ; إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام الحديث ، متفق على صحته .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; ولا يأكل بعضُكم مالَ بعض بالباطل. فجعل تعالى ذكره بذلك آكلَ مال أخيه بالباطل، كالآكل مالَ نَفسه بالباطل.ونَظيرُ ذلك قولهُ تعالى; وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [سورة الحجرات; 11] وقوله; وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [سورة النساء; 29] بمعنى; لا يلمزْ بعضكم بعضا، ولا يقتُلْ بعضكم بعضا (83) لأن الله تعالى ذكره جعل المؤمنين إخوة، فقاتل أخيه كقاتل نفسه، ولامزُه كلامز نفسه، وكذلك تفعل العرب تكني عن نفسها بأخواتها، وعن أخواتها بأنفسها، فتقول; " أخي وأخوك أيُّنا أبطش ". يعني; أنا وأنت نصْطرع، فننظر أيُّنا أشدّ (84) - فيكني المتكلم عن نفسه بأخيه، لأن أخا الرجل عندها كنفسه، ومن ذلك قول الشاعر; (85)أخِــي وَأَخُــوكَ بِبَطْــنِ النُّسَـيْرِلَيْسَ بِــهِ مِــنْ مَعَــدٍّ عَــرِيبْ (86)* * *&; 3-549 &;فتأويل الكلام; ولا يأكلْ بعضكم أموال بعضٍ فيما بينكم بالباطل." وأكله بالباطل "; أكله من غير الوجه الذي أباحه الله لآكليه.* * *وأما قوله; " وتُدلوا بها إلى الحكام " فإنه يعني; وتخاصموا بها - يعني; بأموالكم - إلى الحكام " لتأكلوا فريقا " = طائفة = (87) من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون.&; 3-550 &;ويعني بقوله; " بالإثم " بالحرام الذي قد حرمه الله عليكم (88) " وأنتم تعلمون "، أي; وأنتم تتعمَّدون أكل ذلك بالإثم، على قصد منكم إلى ما حَرّم الله عليكم منه، ومعرفةٍ بأن فعلكم ذلك معصية لله وإثم . (89) . كما;3059 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح، قال; حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس; " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتُدلوا بها إلى الحكام " فهذا في الرجل يكون عليه مالٌ، وليس عليه فيه بيِّنة، فيجحد المال، فيخاصمهم فيه إلى الحكام وهو يعرف أنّ الحق عليه، وهو يعلم أنه آثم; آكلٌ حراما.3060 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; " وتُدلوا بها إلى الحكام " قال; لا تخاصم وأنت ظالم.3061 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.3062 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام " وكان يقال; من مشى مع خصمه وهو له ظالم، فهو آثم حتى يرجع إلى الحق. واعلم يَا ابن آدم أن قَضاء القاضي لا يُحلّ لك حراما ولا يُحقّ لك باطلا وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرَى ويشهدُ به الشهود، والقاضي بَشر يخطئ ويصيب. واعلموا أنه من قد قُضي له بالباطل، فإن خصومته لم تنقض حتّى يجمع الله بينهما يوم القيامة، فيقضي على المبُطل للمحق، بأجود مما قُضي به للمبطل على المحقّ في الدنيا (90) .&; 3-551 &;3063 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله; " وتدلوا بها إلى الحكام " قال; لا تدلِ بمال أخيك إلى الحاكم وأنتَ تعلم أنك ظالم، فإن قضاءه لا يُحلّ لك شيئا كان حراما عليك.3064 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون " أما " الباطل " يقول; يظلم الرجل منكم صاحبَه، ثم يخاصمه ليقطع ماله وهو يعلم أنه ظالم، فذلك قوله; " وتدلوا بها إلى الحكام ".3065- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني خالد الواسطي، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة قوله; " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " قال; هو الرجل يشتري السِّلعة فيردُّها ويردُّ معها دَرَاهم.3066 - حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله; " ولا تأكلوا أموالكم بَينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام " يقول; يكون أجدل منه وأعرَف بالحجة، فيخاصمه في ماله بالباطل ليأكل ماله بالباطل. وقرأ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [سورة النساء; 29] قال; هذا القِمار الذي كان يَعمل به أهل الجاهلية.* * *وأصل " الإدلاء "; إرسال الرجل الدلو في سَبب متعلقا به في البئر. (91) فقيل للمحتج لدعواه; " أدلَى بحجة كيت وكيت " إذا كان حجته التي يحتج بها سببا &; 3-552 &; له، هو به متعلقٌ في خصومته، كتعلق المستقي من بئر بدَلو قد أرسلها فيها بسببها الذي الدلو به متعلقة، يقال فيهما جميعا - أعني من الاحتجاج، ومن إرسال الدلو في البئر بسبب; " أدلى فلان بحجته، فهو يُدلي بها إدلاء = وأدلى دلوه في البئر، فهو يدليها إدلاء ".* * *فأما قوله; " وتدلوا بها إلى الحكام "، فإن فيه وَجهين من الإعراب;أحدهما; أن يكون قوله; " وتُدْلوا " جزما عطفا على قوله; " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " أي; ولا تدلوا بها إلى الحكام، وقد ذُكر أن ذلك كذلك في قراءة أُبَيٍّ بتكرير حرف النهي; " وَلا تدلوا بها إلى الحكام ".والآخر منهما; النصب على الصرْف، (92) فيكون معناه حينئذ; لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وأنتم تدلون بها إلى الحكام، كما قال الشاعر;لا تَنْــهَ عَـنْ خُـلُقٍ وَتَـأْتِيَ مِثْلَـهُعَــارٌ عَلَيْــكَ إذَا فَعَلْــتَ عَظِيـمُ (93)يعني; لا تنه عن خلق وأنتَ تأتي مثله.وهو أنْ يكون في موضع جزم - على ما ذُكر في قراءة أبيّ - أحسن منه أن يكون نَصبا.--------------الهوامش ;(83) انظر ما سلف مثل ذلك في 2 ; 300 ، ثم الآية ; 85 من سورة البقرة 2 ; 303 لم يذكر فيها شيئا من ذلك . ولم يبين هذا البيان فيما سلف . وهذا دليل على أنه كان أحيانا يختصر الكلام اختصارا ، اعتمادا على ما مضى من كلامه ، أو ما يستقبل منه . كما قلت في مقدمة التفسير .(84) انظر تأويل مشكل القرآن ; 114 ، هذا بنصه .(85) هو ثعلبة بن عمرو (حزن) العبدي ، ابن أم حزنة . ويقال هو من بني شيبان حليف في عبد القيس . وكان من الفرسان (الاشتقاق لابن دريد ; 197) . وانظر التعليق التالي .(86) المفضليات ; 513 ، وتأويل مشكل القرآن ; 114 ، معجم ما استعجم ; 1038 . وفي المطبوعة ; "ليس لنا" ، وأثبت ما في المراجع ، وكأنها الصواب . ويقال ; ليس بالدار عريب ، أي ليس بها أحدا . و"النسير" ، تصغير"النسر" ، وهو مكان بديار بني سليم . بيد أن ياقوت نقل عن الحازمي أنه بناحية نهاوند ، واستشهد بهذا البيت . فإن يكن ذلك فابن أم حزنة هذا إسلامي ; قال ياقوت ، قال سيف ; "سار المسلمون من مرج القلعة نحو نهاوند ، حتى انتهوا إلى قلعة فيها قوم ، ففتحوها ، وخلفوا عليها النسير بن ثور في عجل وحنيفة . وفتحها بعد فتح نهاوند ، ولم يشهد نهاوند عجلي ولا حنفي ، لأنهم أقاموا مع النسير على القلعة ، فسميت به" (انظر تاريخ الطبري 4 ; 243 ، 251) .فإن صح أن ابن أم حزنة كان في بعث المسلمين ، كان هذا البيت مؤيدا لهذا القول . فإنه يقول له ; أنا وأنت ببطن النسير ، ليس معنا فيه من أبناء معد (وهم العرب) أحد . وأما عن الحازمي إذا كان الموضع ببلاد العرب ، فهو يقول ; ليس به أحد ، وقوله"من معد" فضول من القول . وقد ترجح عندي أنه شاعر إسلامي ، من بعض شعره في المفضليات رقم 74 ، وفي الوحشيات رقم ; 217 ، (وانظر من نسب إلى أمه رقم ; 22 ، 32) ، وله شعر في حماسة البحتري ; 97 ، 103 .وإن صحت رواية الطبري ; "ليس لنا من معد عريب" . فعريب ، في هذا البيت ، هو صاحبه الذي ذكره في أول الشعر فقال ;إِنَّ عَرِبيًـــــا وَإِنْ سَــــاءَنيأَحَــبُّ حَــبِيبٍ وَأَدْنَــى قَـرِيبْفيكون قوله ; "معد" مصدر"عد يعد" . يقول ; أنا وأنت ببطن النسير وحدنا ، لا يعد معنا أحد ، يعني أنهما خاليين بالمكان ، ليس لك من ينصرك ولا لي من ينصرني ، فهناك يظهر صاحب للبأس منهما ، وقال بعد البيت ;فأقْسَــــم بِاللّـــهِ لاَ يَـــأتَلِيوأقْسَـــمْتُ إِنْ نلتُــهُ لاَ يَــؤُوبْفَــأَقْبَلَ نَحْــوِي عَــلَى قُــدْرةٍفَلَمَّــا دَنَــا صَدَقَتْــه الكَــذُوبْ(87) انظر ما سلف في تفسير"فريق" 2 ; 224 ، 402 .(88) انظر ما سلف في تفسير"الإثم" من هذا الجزء 3 ; 399-408 .(89) في المطبوعة ; "معصية الله" ، خطأ .(90) في المطبوعة ; "ويأخذ مما قضي به . . " ، والصواب ما أثبت من تفسير ابن كثير 1 ; 430 .(91) السبب ; الحبل .(92) في المطبوعة ; "على الظرف" ، وهو محض خطأ . وقد مضى تفسير معنى"الصرف" في 1 ; 569-570 ، واالتعليق ; 1 .(93) سلف تخريج هذا البيت في 1 ; 569 ، إلا أني سهوت فلم أذكر أنه آت في هذا الموضع من التفسير ، وفي 9 ; 146 (بولاق) ، فقيده . وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء 1 ; 115 .
أي: ولا تأخذوا أموالكم أي: أموال غيركم، أضافها إليهم, لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه, ويحترم ماله كما يحترم ماله؛ ولأن أكله لمال غيره يجرئ غيره على أكل ماله عند القدرة. ولما كان أكلها نوعين: نوعا بحق, ونوعا بباطل, وكان المحرم إنما هو أكلها بالباطل, قيده تعالى بذلك، ويدخل في ذلك أكلها على وجه الغصب والسرقة والخيانة في وديعة أو عارية, أو نحو ذلك، ويدخل فيه أيضا, أخذها على وجه المعاوضة, بمعاوضة محرمة, كعقود الربا, والقمار كلها, فإنها من أكل المال بالباطل, لأنه ليس في مقابلة عوض مباح، ويدخل في ذلك أخذها بسبب غش في البيع والشراء والإجارة, ونحوها، ويدخل في ذلك استعمال الأجراء وأكل أجرتهم، وكذلك أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه، ويدخل في ذلك أخذ الأجرة على العبادات والقربات التي لا تصح حتى يقصد بها وجه الله تعالى، ويدخل في ذلك الأخذ من الزكوات والصدقات, والأوقاف، والوصايا, لمن ليس له حق منها, أو فوق حقه. فكل هذا ونحوه, من أكل المال بالباطل, فلا يحل ذلك بوجه من الوجوه، حتى ولو حصل فيه النزاع وحصل الارتفاع إلى حاكم الشرع, وأدلى من يريد أكلها بالباطل بحجة, غلبت حجة المحق, وحكم له الحاكم بذلك، فإن حكم الحاكم, لا يبيح محرما, ولا يحلل حراما, إنما يحكم على نحو مما يسمع, وإلا فحقائق الأمور باقية، فليس في حكم الحاكم للمبطل راحة, ولا شبهة, ولا استراحة. فمن أدلى إلى الحاكم بحجة باطلة, وحكم له بذلك, فإنه لا يحل له, ويكون آكلا لمال غيره, بالباطل والإثم, وهو عالم بذلك. فيكون أبلغ في عقوبته, وأشد في نكاله. وعلى هذا فالوكيل إذا علم أن موكله مبطل في دعواه, لم يحل له أن يخاصم عن الخائن كما قال تعالى: { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }
(الواو) استئنافيّة
(لا) ناهية جازمة
(تأكلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعلـ (أموال) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه
(بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (تأكلوا) ،
(بالباطل) جار ومجرور متعلّق بـ (تأكلوا) ،
(الواو) واو المعيّة
(تدلوا) مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبا بعد واو المعيّة وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعلـ (الباء) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (تدلوا) ،
(إلى الحكّام) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تدلوا) .والمصدر المؤوّلـ (أن تدلوا ... ) معطوف على مصدر مسبوك من مضمون الكلام السابق أي: لا يكن أكل للأموال وإدلاء بها إلى الحكّام(اللام) للتعليلـ (تأكلوا) مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة بعد اللام ...
الواو فاعلـ (فريقا) مفعول به منصوبـ (من أموال) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لـ (فريقا) ،
(الناس) مضاف إليه مجرور،
(بالإثم) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الضمير في(تأكلوا) أي متلبسين بالإثم والمصدر المؤوّلـ (أن تأكلوا) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (تدلوا) ، أو بفعل الطلب: لا تأكلوا ...
(الواو) حاليّة
(أنتم) ضمير منفصل مبتدأ
(تعلمون) مضارع مرفوع.والواو فاعل وجملة: «لا تأكلوا..» لا محلّ لها استئنافيّةوجملة: «تدلوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي وجملة: «تأكلوا فريقا..» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ وجملة: «أنتم تعلمون» في محلّ نصب حال وجملة: «تعلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أنتم)