بَلٰى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُۥٓ أَجْرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
بَلٰى مَنۡ اَسۡلَمَ وَجۡهَهٗ لِلّٰهِ وَهُوَ مُحۡسِنٌ فَلَهٗۤ اَجۡرُهٗ عِنۡدَ رَبِّهٖ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُوۡنَ
تفسير ميسر:
ليس الأمر كما زعموا أنَّ الجنة تختص بطائفة دون غيرها، وإنما يدخل الجنَّة مَن أخلص لله وحده لا شريك له، وهو متبع للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في كل أقواله وأعماله. فمن فعل ذلك فله ثواب عمله عند ربه في الآخرة، وهو دخول الجنة، وهم لا يخافون فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
قال أبو العالية والربيع" بلى من أسلم وجهه لله" يقول من أخلص لله. وقال سعيد بن جبير "بلى من أسلم" أخلص "وجهه" قال دينه "وهو محسن" أي اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فإن للعمل المتقبل شرطين; أحدهما أن يكون خالصا لله وحده والآخر أن يكون صوابا موافقا للشريعة فمتى كان خالصا ولم يكن صوابا لم يتقبل ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم من حديث عائشة عنه عليه الصلاة والسلام فعمل الرهبان ومن شابههم وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله فإنه لا يتقبل منهم حتى يكون ذلك متابعا للرسول صلى الله عليه وسلم المبعوث إليهم وإلى الناس كافة وفيهم وأمثالهم قال الله تعالى "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا" وقال تعالى "والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا" وقال تعالى "وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية" وروي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه تأولها في الرهبان كما سيأتي وأما إن كان العمل موافقا للشريعة في الصورة الظاهرة ولكن لم يخلص عامله القصد لله فهو أيضا مردود على فاعله وهذا حال المرائين والمنافقين كما قال تعالى "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا" وقال تعالى "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون" ولهذا قال تعالى "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا" وقال في هذه الآية الكريمة "بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن" وقوله "فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور وآمنهم مما يخافونه من المحذور "فلا خوف عليهم" فيما يستقبلونه "ولا هم يحزنون" على ما مضى مما يتركونه كما قال سعيد بن جبير "فلا خوف عليهم" يعني في الآخرة "ولا هم يحزنون" يعني لا يحزنون للموت.