وَاذْكُرْ فِى الْكِتٰبِ إِسْمٰعِيلَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا
وَاذۡكُرۡ فِى الۡـكِتٰبِ اِسۡمٰعِيۡلَ ۚاِنَّهٗ كَانَ صَادِقَ الۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُوۡلًا نَّبِيًّا
تفسير ميسر:
واذكر - أيها الرسول - في هذا القرآن خبر إسماعيل عليه السلام، إنه كان صادقًا في وعده فلم يَعِد شيئًا إلا وفَّى به، وكان رسولا نبيًا.
هذا ثناء من الله تعالى على إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وهو والد عرب الحجاز كلهم بأنه كان صادق الوعد. قال ابن جريج لم يعد ربه عدة إلا أنجزها يعني ما التزم عبادة قط بنذر إلا قام بها ووفاها حقها وقال ابن جرير; حدثني يونس أنبأنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن سهل بن عقيل حدثه أن إسماعيل النبي عليه السلام وعد رجلا مكانا أن يأتيه فيه فجاء ونسي الرجل فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد فقال ما برحت من ههنا؟ قال لا قال إني نسيت قال لم أكن لأبرح حتى تأتيني فلذلك "كان صادق الوعد" وقال سفيان الثوري بلغني أنه أقام في ذلك المكان ينتظره حولا حتى جاءه وقال ابن شوذب; بلغني أنه اتخذ ذلك الموضع مسكنا وقد رواه أبو داود في سننه وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه مكارم الأخلاق من طريق إبراهيم بن طهمان عن عبدالله بن ميسرة عن عبدالكريم يعني ابن عبدالله بن شقيق عن أبيه عن عبدالله بن أبي الحمساء قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فبقيت له علي بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك قال فنسيت يومي والغد فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه ذلك فقال لي " يا فتى لقد شققت علي أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك " لفظ الخرائطي وساق آثارا حسنة في ذلك ورواه ابن منده أبو عبدالله في كتاب معرفة الصحابة بإسناده عن إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبدالكريم به وقال بعضهم إنما قيل له "صادق الوعد" لأنه قال لأبيه "ستجدني إن شاء الله من الصابرين" فصدق في ذلك فصدق الوعد من الصفات الحميدة كما أن خلفه من الصفات الذميمة قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان " ولما كانت هذه صفات المنافقين كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضا لا يعد أحدا شيئا إلا وفى له به وقد أثنى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنته زينب فقال " حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي " ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قال الخليفة أبو بكر الصديق; من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتني أنجز له فجاءه جابر بن عبدالله فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال "لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا " يعني ملء كفيه فلما جاء مال البحرين أمر الصديق جابرا فغرف بيده من المال ثم أمره بعده فإذا هو خمسمائة درهم فأعطاه مثليها معها وقوله "وكان رسولا نبيا" في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق لأنه إنما وصف بالنبوة فقط وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل " وذكر تمام الحديث فدل على صحة ما قلناه.