فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولٰىهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَآ أُولِى بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلٰلَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا
فَاِذَا جَآءَ وَعۡدُ اُوۡلٰٮهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادًا لَّنَاۤ اُولِىۡ بَاۡسٍ شَدِيۡدٍ فَجَاسُوۡا خِلٰلَ الدِّيَارِ ؕ وَكَانَ وَعۡدًا مَّفۡعُوۡلًا
تفسير ميسر:
فإذا وقع منهم الإفساد الأول سَلَّطْنا عليهم عبادًا لنا ذوي شجاعة وقوة شديدة، يغلبونهم ويقتلونهم ويشردونهم، فطافوا بين ديارهم مفسدين، وكان ذلك وعدًا لا بدَّ مِن وقوعه؛ لوجود سببه منهم.
وقوله "فإذا جاء وعد أولاهما" أي أولى الإفسادتين "بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد" أي سلطنا عليكم جندا من خلقنا أولي بأس شديد أي قوة وعدة وعدد وسلطنة شديدة "فجاسوا خلال الديار" أي تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم أي بينها ووسطها وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحدا وكان وعدا مفعولا وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم من هم؟ فعن ابن عباس وقتادة أنه جالوت الجزري وجنوده سلط عليهم أولا ثم أديلوا عليه بعد ذلك. وقتل داود جالوت ولهذا قال "ثم رددنا لك الكرة عليهم".
قوله تعالى ; فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولاقوله تعالى ; فإذا جاء وعد أولاهما أي أولى المرتين من فسادهم .بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد [ ص; 195 ] هم أهل بابل ، وكان عليهم بختنصر في المرة الأولى حين كذبوا إرمياء وجرحوه وحبسوه ; قاله ابن عباس وغيره . وقال قتادة ; أرسل عليهم جالوت فقتلهم ، فهو وقومه أولو بأس شديد . وقال مجاهد ; جاءهم جند من فارس يتجسسون أخبارهم ومعهم بختنصر فوعى حديثهم من بين أصحابه ، ثم رجعوا إلى فارس ولم يكن قتال ، وهذا في المرة الأولى ، فكان منهم جوس خلال الديار لا قتل ; ذكره القشيري أبو نصر . وذكر المهدوي عن مجاهد أنه جاءهم بختنصر فهزمه بنو إسرائيل ، ثم جاءهم ثانية فقتلهم ودمرهم تدميرا . ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ; ذكره النحاس . وقال محمد بن إسحاق في خبر فيه طول ; إن المهزوم سنحاريب ملك بابل ، جاء ومعه ستمائة ألف راية تحت كل راية مائة ألف فارس فنزل حول بيت المقدس فهزمه الله - تعالى - وأمات جميعهم إلا سنحاريب وخمسة نفر من كتابه ، وبعث ملك بني إسرائيل واسمه صديقة في طلب سنحاريب فأخذ مع الخمسة ، أحدهم بختنصر ، فطرح في رقابهم الجوامع وطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس وإيلياء ويرزقهم كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل منهم ، ثم أطلقهم فرجعوا إلى بابل ، ثم مات سنحاريب بعد سبع سنين ، واستخلف بختنصر وعظمت الأحداث في بني إسرائيل ، واستحلوا المحارم وقتلوا نبيهم شعيا ; فجاءهم بختنصر ودخل هو وجنوده بيت المقدس وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم . وقال ابن عباس وابن مسعود ; أول الفساد قتل زكريا . وقال ابن إسحاق ; فسادهم في المرة الأولى قتل شعيا نبي الله في الشجرة ; وذلك أنه لما مات صديقة ملكهم مرج أمرهم وتنافسوا على الملك وقتل بعضهم بعضا وهم لا يسمعون من نبيهم ; فقال الله - تعالى - له قم في قومك أوح على لسانك ، فلما فرغ مما أوحى الله إليه عدوا عليه ليقتلوه فهرب فانفلقت له شجرة فدخل فيها ، وأدركه الشيطان فأخذ هدبة من ثوبه فأراهم إياها ، فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه في وسطها . وذكر ابن إسحاق أن بعض العلماء أخبره أن زكريا مات موتا ولم يقتل وإنما المقتول شعيا . وقال سعيد بن جبير في قوله - تعالى - ; ثم بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار هو سنحاريب [ ص; 196 ] من أهل نينوى بالموصل ملك بابل . وهذا خلاف ما قال ابن إسحاق ، فالله أعلم .فجاسوا خلال الديار قيل ; إنهم العمالقة وكانوا كفارا ، قاله الحسن . ومعنى جاسوا ; عاثوا وقتلوا ; وكذلك جاسوا وهاسوا وداسوا ، قاله ابن عزيز ، وهو قول القتيبي . وقرأ ابن عباس ; ( حاسوا ) بالحاء المهملة . قال أبو زيد ; الحوس والجوس والعوس والهوس ; الطواف بالليل . وقال الجوهري ; الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار ، أي تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها ; وكذلك الاجتياس . والجوسان ( بالتحريك ) الطوفان بالليل ; وهو قول أبي عبيدة . وقال الطبري ; طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين ; فجمع بين قول أهل اللغة . قال ابن عباس ; مشوا وترددوا بين الدور والمساكن . وقال الفراء ; قتلوكم بين بيوتكم ; وأنشد لحسان ;ومنا الذي لاقى بسيف محمد فجاس به الأعداء عرض العساكروقال قطرب ; نزلوا ; قال ;فجسنا ديارهم عنوة وأبنا بسادتهم موثقيناوكان وعدا مفعولا أي قضاء كائنا لا خلف فيه .
وأما قوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا ) يعني; فإذا جاء وعد أولى المرّتين اللتين يفسدون بهما في الأرض. كما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا ) قال; إذا جاء وعد أولى تينك المرّتين اللتين قضينا إلى بني إسرائيل ( لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ ).وقوله ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ) يعني تعالى ذكره بقوله (بعَثْنا عَلَيْكُمْ) وجَّهنا إليكم، وأرسلنا عليكم ( عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) يقول; ذوي بطش في الحروب شديد. وقوله ( فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا )يقول; فتردّدوا بين الدور والمساكن، وذهبوا وجاءوا، يقال فيه; جاس القوم بين الديار وحاسوا بمعنى واحد، وجست أنا أجوس جوسا وجوسانا.وبنحو الذي قلنا في ذلك، رُوي الخبر عن ابن عباس.حدثني عليّ بن داود، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ ) قال; مشوا. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول; معنى جاسوا; قتلوا، ويستشهد لقوله ذلك ببيت حسان;وَمِنَّــا الَّـذِي لاقـى بسَـيْفِ مُحَـمَّدٍفَجـاسَ بِـهِ الأعْـدَاءَ عُرْضَ العَساكِرِ (12)وجائز أن يكون معناه; فجاسوا خلال الديار، فقتلوهم ذاهبين وجائين، فيصح التأويلان جميعا، ويعني بقوله ( وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ) وكان جوس القوم الذين نبعث عليهم خلال ديارهم وعدا من الله لهم مفعولا ذلك، لا محالة، لأنه لا يخلف الميعاد.ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله (أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ) فيما كان من فعلهم في المرّة الأولى في بني إسرائيل حين بعثوا عليهم، ومن الذين بعث عليهم في المرّة الآخرة، وما كان من صنعهم بهم، فقال بعضهم; كان الذي بعث الله عليهم في المرّة الأولى جالوت، وهو من أهل الجزيرة.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثنا أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ) قال; بعث الله عليهم جالوت، فجاس خلال ديارهم، وضرب عليهم الخراج والذلّ، فسألوا الله أن يبعث لهم ملكا يُقاتلون في سبيل الله، فبعث الله طالوت، فقاتلوا جالوت، فنصر الله بني إسرائيل، وقُتل جالوت بيدي داود، ورجع الله إلى بني إسرائيل ملكهم.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ) قضاء قضى الله على القوم كما تسمعون، فبعث عليهم في الأولى جالوت الجزري، فسبى وقتل، وجاسوا خلال الديار كما قال الله، ثم رجع القوم على دخن فيهم.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال; أما المرّة الأولى فسلَّط الله عليهم جالوت، حتى بعث طالوت ومعه داود، فقتله داود.وقال آخرون; بل بعث عليهم في المرّة الأولى سنحاريب، وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى ونذكر ما حضرنا ذكره ممن لم نذكره قبل.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا ابن علية، عن أبي المعلى، قال; سمعت سعيد بن جبير، يقول في قوله ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال; بعث الله تبارك وتعالى عليهم في المرّة الأولى سنحاريب من أهل أثور ونينوى، فسألت سعيدا عنها، فزعم أنها الموصل.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج عن ابن جريج، قال; ثنى يعلى بن مسلم بن سعيد بن جبير، أنه سمعه يقول; كان رجل من بني إسرائيل يقرأ حتى إذا بلغ ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) بكى وفاضت عيناه، وطبق المصحف، فقال ذلك ما شاء الله من الزمان، ثم قال; أي ربّ أرني هذا الرجل الذي جعلت هلاك بني إسرائيل على يديه، فأري في المنام مسكينا ببابل، يقال له بختنصر، فانطلق بمال وأعبد له، وكان رجلا موسرا، فقيل له أين تريد؟ قال; أريد التجارة حتى نـزل دارا ببابل، فاستكراها ليس فيها أحد غيره، فحمل يدعو المساكين ويلطف (13) بهم حتى لم يبق أحد، فقال; هل بقي مسكين غيركم؟ قالوا; نعم، مسكين بفجّ آل فلان مريض يقال له بختنصر، فقال لغلمته; انطلقوا، حتى أتاه، فقال; ما اسمك؟ قال; بختنصر، فقال لغلمته; احتملوه، فنقله إليه ومرّضه حتى برأ، فكساه وأعطاه نفقة، ثم آذن الإسرائيلي بالرحيل، فبكى بختنصر، فقال الإسرائيلي ; ما يبكيك؟ قال; أبكي أنك فعلت بي ما فعلت، ولا أجد شيئا أجزيك، قال; بلى شيئا يسيرا، إن ملكت أطعتني، فجعل الآخر يتبعه ويقول ; تستهزئ بي، ولا يمنعه أن يعطيه ما سأله، إلا أنه يرى أنه يستهزئ به، فبكى الإسرائيلي وقال; ولقد علمت ما يمنعك أن تعطيني ما سألتك، إلا أن الله يريد أن ينفذ ما قد قضاه وكتب في كتابه وضرب الدهر من ضربه؛ فقال يوما صيحون، وهو ملك فارس ببابل; لو أنا بعثنا طليعة إلى الشام؟ قالوا; وما ضرّك لو فعلت؟ قال; فمن ترون؟ قالوا; فلان، فبعث رجلا وأعطاه مئة ألف، وخرج بختنصر في مطبخه، لم يخرج إلا ليأكل في مطبخه؛ فلما قدم الشام ورأى صاحب الطليعة أكثر أرض الله فرسا ورجلا جلدا، فكسر ذلك في ذرعه، فلم يسأل (14) قال; فجعل بختنصر يجلس مجالس أهل الشام فيقول; ما يمنعكم أن تغزوا بابل، فلو غزوتموها ما دون بيت مالها شيء، قالوا; لا نُحسن القتال، قال; فلو أنكم غزوتم، قالوا; إنا لا نحسن القتال ولا نقاتل حتى أنفذ مجالس أهل الشام، ثم رجعوا فأخبر الطليعة ملكهم بما رأى، وجعل بختنصر يقول لفوارس الملك; لو دعاني الملك لأخبرته غير ما أخبره فلان؛ فرُفع ذلك إليه، فدعاه فأخبره الخبر وقال; إن فلانا لما رأى أكثر أرض الله فرسا ورجلا جلدا، كبر ذلك في روعه ولم يسألهم عن شيء، وإني لم أدع مجلسا بالشام إلا جالست أهله، فقلت لهم كذا وكذا، وقالوا لي كذا وكذا، الذي ذكر سعيد بن جبير أنه قال لهم، قال الطليعة لبختنصر; إنك فضحتني (15) لك مئة ألف وتنـزع عما قلت، قال; لو أعطيتني بيت مال بابل ما نـزعت، ضرب الدهر من ضربه؛ فقال الملك; لو بعثنا جريدة خيل إلى الشام، فإن وجدوا مساغا ساغوا، وإلا انثنوا ما قدروا عليه، قالوا; ما ضرّك لو فعلت؟ قال; فمن ترون؟ قالوا; فلان، قال; بل الرجل الذي أخبرني ما أخبرني، فدعا بختنصر وأرسله، وانتخب معه أربعة آلاف من فرسانهم، فانطلقوا فجاسوا خلال الديار ، فسبوا ما شاء الله ولم يخربوا ولم يقتلوا، ومات صيحون الملك (16) قالوا; استخلفوا رجلا قالوا; على رسلكم حتى تأتي أصحابكم فإنهم فرسانكم، لن ينقضوا عليكم شيئا، أمهلوا؛ فأمهلوا حتى جاء بختنصر بالسبي وما معه، فقسمه في الناس، فقالوا; ما رأينا أحدا أحق بالملك من هذا، فملَّكوه.حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; أخبرني سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد قال; سمعت سعيد بن المسيب يقول; ظهر بختنصر على الشام، فخرّب بيت المقدس وقتلهم، ثم أتى دمشق، فوجد بها دما يغلي على كبا ; أي كناسة، فسألهم ما هذا الدم؟ قالوا; أدركنا آباءنا على هذا وكلما ظهر عليه الكبا ظهر، قال; فقتل على ذلك الدم سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم، فسكن.وقال آخرون; يعني بذلك قوما من أهل فارس، قالوا; ولم يكن في المرّة الأولى قتال.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ ) قال; من جاءهم من فارس يتجسسون أخبارهم، ويسمعون حديثهم، معهم بختنصر، فوعى أحاديثهم من بين أصحابه، ثم رجعت فارس ولم يكن قتال، ونصرت عليهم بنو إسرائيل، فهذا وعد الأولى.حدثني الحرث، قال; ثنا الحسين، قال; ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) جند جاءهم من فارس يتجسسون أخبارهم، ثم ذكر نحوه.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال; ذلك أي من جاءهم من فارس، ثم ذكر نحوه.---------------------الهوامش ;(12) البيت شاهد على أن جاس، معناه; قتل. وقال في (اللسان; جوس) الجوس; مصدر جاس جوسا وجوسانا; تردد. وفي التنزيل العزيز; "فجاسوا خلال الديار"; أي ترددوا بينها للغارة. وقال الفراء; قتلوكم بين بيوتكم، قال; وجاسوا وحاسوا بمعنى واحد; يذهبون ويجيئون. وقال الزجاج; "فجاسوا خلال الديار"; فطافوا في خلال الديار، ينظرون; هل بقي أحد لم يقتلوه؛ وفي الصحاح; "فجاسوا خلال الديار"; أي تخللوها ، فطلبوا ما فيها، كما يجوس الرجل الأخبار; أي يطلبها.(13) في عرائس المجالس للثعلبي; ويتلطف بهم، حتى لا يأتيه أحد مسكين إلا أعطاه.(14) في عرائس المجالس للثعلبي; فلم يسألهم عن شيء.(15) كذا في تاريخ الطبري طبع أوربة. وفي الأصل ; إن صحبتني. تحريف.(16) كذا في عرائس المجالس للثعلبي ص 336 طبعة الحلبي ، وفي الأصل ; ورمى في جنازة صحورا .
{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا } أي: أولى المرتين اللتين يفسدون فيهما. أي: إذا وقع منهم ذلك الفساد { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ } بعثا قدريا وسلطنا عليكم تسليطا كونيا جزائيا { عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي: ذوي شجاعة وعدد وعدة فنصرهم الله عليكم فقتلوكم وسبوا أولادكم ونهبوا أموالكم، وجاسوا خِلَالَ دياركم فهتكوا الدور ودخلوا المسجد الحرام وأفسدوه. { وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا } لا بد من وقوعه لوجود سببه منهم. واختلف المفسرون في تعيين هؤلاء المسلطين إلا أنهم اتفقوا على أنهم قوم كفار. إما من أهل العراق أو الجزيرة أو غيرها سلطهم الله على بني إسرائيل لما كثرت فيهم المعاصي وتركوا كثيرا من شريعتهم وطغوا في الأرض.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة