الرسم العثمانيوَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلْطٰنًا فَلَا يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورًا
الـرسـم الإمـلائـيوَلَا تَقۡتُلُوا النَّفۡسَ الَّتِىۡ حَرَّمَ اللّٰهُ اِلَّا بِالۡحَـقِّ ؕ وَمَنۡ قُتِلَ مَظۡلُوۡمًا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِـوَلِيِّهٖ سُلۡطٰنًا فَلَا يُسۡرِفْ فِّى الۡقَتۡلِ ؕ اِنَّهٗ كَانَ مَنۡصُوۡرًا
تفسير ميسر:
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله قَتْلها إلا بالحق الشرعي كالقصاص أو رجم الزاني المحصن أو قتل المرتد. ومن قُتِل بغير حق شرعي فقد جعلنا لولي أمره مِن وارث أو حاكم حجة في طلب قَتْل قاتله أو الدية، ولا يصح لولي أمر المقتول أن يجاوز حدَّ الله في القصاص كأن يقتل بالواحد اثنين أو جماعة، أو يُمَثِّل بالقاتل، إن الله معين وليَّ المقتول على القاتل حتى يتمكن مِن قَتْله قصاصًا.
يقول تعالى ناهيا عن قتل النفس بغير حق شرعي كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث; النفس بالنفس والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة" وفي السنن "لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل مسلم" وقوله; "ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا" أي سلطة على القاتل فإنه بالخيار فيه إن شاء قتله قودا وإن شاء عفا عنه على الدية وإن شاء عفا عنه مجانا كما ثبتت السنة بذلك. وقد أخذ الإمام الحبر ابن عباس من عموم هذه الآية الكريمة ولاية معاوية السلطنة أنه سيملك لأنه كان ولي عثمان وقد قتل عثمان مظلوما رضي الله عنه وكان معاوية يطالب عليا رضي الله عنه أن يسلمه قتلته حتى يقتص منهم لأنه أموي وكان علي رضي الله عنه يستمهله في الأمر حتى يتمكن ويفعل ذلك ويطلب علي من معاوية أن يسلمه الشام فيأبى معاوية ذلك حتى يسلمه القتلة وأبى أن يبايع عليا هو وأهل الشام ثم مع المطاولة تمكن معاوية وصار الأمر إليه كما قاله ابن عباس واستنبطه من هذه الآية الكريمة وهذا من الأمر العجب وقد روى ذلك الطبراني في معجمه حيث قال حدثنا يحيى بن عبدالباقي حدثنا أبو عمير بن النحاس حدثنا ضمرة بن ربيعة عن ابن شودب عن مطر الوراق عن زهدم الجرمي قال; كنا في سمر ابن عباس فقال إني محدثكم بحديث ليس بسر ولا علانية إنه لما كان من أمر هذا الرجل ما كان يعني عثمان قلت لعلي اعتزل فلو كنت في حجر طلبت حتى تستخرج فعصاني وايم الله ليتأمرن عليكم معاوية وذلك أن الله يقول "ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل" الآية وليحملنكم قريش على سنة فارس والروم وليقيمن عليكم النصارى واليهود والمجوس فمن أخذ منكم يومئذ بما يعرف نجا ومن ترك وأنتم تاركون كنتم كقرن من القرون هلك فيمن هلك وقوله "فلا يسرف في القتل" قالوا معناه فلا يسرف الولي في قتل القاتل بأن يمثل به أو يقتص من غير القاتل وقوله; "إنه كان منصورا" أي أن الولي منصور على القاتل شرعا وغالبا وقدرا.
قوله تعالى ; ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراقوله تعالى ; ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق قد مضى الكلام فيه في الأنعام .قوله تعالى ; ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورافيه ثلاث مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; ومن قتل مظلوما أي بغير سبب يوجب القتل .فقد جعلنا لوليه أي لمستحق دمه . قال ابن خويز منداد ; الولي يجب أن يكون ذكرا ; لأنه أفرده بالولاية بلفظ التذكير . وذكر إسماعيل بن إسحاق في قوله - تعالى - ; فقد جعلنا لوليه ما يدل على خروج المرأة عن مطلق لفظ الولي ، فلا جرم ، ليس للنساء حق في القصاص لذلك ولا أثر لعفوها ، وليس لها الاستيفاء . وقال المخالف ; إن المراد هاهنا بالولي الوارث ; وقد قال - تعالى - ; والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ، وقال ; والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء ، وقال ; وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فاقتضى ذلك إثبات القود لسائر الورثة ; وأما ما ذكروه من أن الولي في ظاهره على التذكير وهو واحد ، كأن ما كان بمعنى الجنس يستوي المذكر والمؤنث فيه ، وتتمته في كتب الخلاف .سلطانا أي تسليطا إن شاء قتل وإن شاء عفا ، وإن شاء أخذ الدية ; قاله ابن عباس - رضي الله - تعالى - عنهما - والضحاك وأشهب والشافعي . وقال ابن وهب قال مالك ; السلطان أمر الله . ابن عباس ; السلطان الحجة . وقيل ; السلطان طلبه حتى يدفع إليه . قال ابن [ ص; 230 ] العربي ; وهذه الأقوال متقاربة ، وأوضحها قول مالك ; إنه أمر الله . ثم إن أمر الله - عز وجل - لم يقع نصا فاختلف العلماء فيه ; فقال ابن القاسم عن مالك وأبي حنيفة ; القتل خاصة . وقال أشهب ; الخيرة ; كما ذكرنا آنفا ، وبه قال الشافعي . وقد مضى في سورة [ البقرة ] هذا المعنى .الثانية ; قوله تعالى ; فلا يسرف في القتل فيه ثلاثة أقوال ; لا يقتل غير قاتله ; قاله الحسن والضحاك ومجاهد وسعيد بن جبير . الثاني ; لا يقتل بدل وليه اثنين كما كانت العرب تفعله . الثالث ; لا يمثل بالقاتل ; قاله طلق بن حبيب ، وكله مراد لأنه إسراف منهي عنه . وقد مضى في [ البقرة ] القول في هذا مستوفى . وقرأ الجمهور يسرف بالياء ، يريد الولي ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي " تسرف " بالتاء من فوق ، وهي قراءة حذيفة . وروى العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال ; هو للقاتل الأول ، والمعنى عندنا فلا تسرف أيها القاتل . وقال الطبري ; هو على معنى الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة من بعده . أي لا تقتلوا غير القاتل . وفي حرفأبي " فلا تسرفوا في القتل " .الثالثة ; إنه كان منصورا أي معانا ، يعني الولي . فإن قيل ; وكم من ولي مخذول لا يصل إلى حقه . قلنا ; المعونة تكون بظهور الحجة تارة وباستيفائها أخرى ، وبمجموعهما ثالثة ، فأيها كان فهو نصر من الله - سبحانه وتعالى - . وروى ابن كثير عن مجاهد قال ; إن المقتول كان منصورا . النحاس ; ومعنى قوله إن الله نصره بوليه . وروي أنه في قراءة أبي " فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا " . قال النحاس ; الأبين بالياء ويكون للولي ; لأنه إنما يقال ; لا يسرف إن كان له أن يقتل ، فهذا للولي . وقد يجوز بالتاء ويكون للولي أيضا ، إلا أنه يحتاج فيه إلى تحويل المخاطبة . قال الضحاك ; هذا أول ما نزل من القرآن في شأن القتل ، وهي مكية .
يقول جلّ ثناؤه; وقضى أيضا أن (لا تَقْتُلُوا) أيها الناس (النَّفْسَ التي حَرَّمَ الله) قتلها(إلا بالحَقّ) وحقها أن لا تقتل إلا بكفر بعد إسلام، أو زنا بعد إحصان، أو قود نفس، وإن كانت كافرة لم يتقدّم كفرها إسلام، فأن لا يكون تقدم قتلها لها عهد وأمان.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد ، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ) وإنا والله ما نعلم بحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، إلا رجلا قتل متعمدا، فعليه القَوَد، أو زَنى بعد إحصانه فعليه الرجم؛ أو كفر بعد إسلامه فعليه القتل.حدثنا ابن وكيع، قال; ثنا ابن عيينة، عن الزهريّ، عن عُروة أو غيره، قال; قيل لأبي بكر; أتقتل من يرى أن لا يؤدي الزكاة، قال; لو منعوني شيئا مما أقروا به لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم فقيل لأبي بكر ; أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتى يَقُولُوا; لا إِلَه إِلا الله، فإذَا قالُوها عَصَمُوا مِنّي دِماءهُمْ وأمْوالهُم إِلا بِحَقِّها، وحِسابُهُمْ عَلى الله " فقال أبو بكر; هذا من حقها.حدثني موسى بن سهل، قال; ثنا عمرو بن هاشم، قال; ثنا سليمان بن حيان، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يقُولُوا لا إِلَه إِلا الله، فإذَا قالُوها عَصَمُوا مِنِّى دِماءهُمْ وأمْوالهُمْ إِلا بِحَقِّها وحِسابهُمْ عَلى الله؛ قيل; وما حقها؟ قال; زِنًا بَعْد إحْصانٍ، و كُفْرٌ بَعْد إيمَانٍ، وقَتْلُ نَفْسٍ فَيُقْتَلُ بِها ".وقوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ) يقول; ومن قتل بغير المعاني التي ذكرنا أنه إذا قتل بها كان قتلا بحقّ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) يقول; فقد جعلنا لوليّ المقتول ظلما سلطانا على قاتل وليه، فإن شاء استقاد منه فقتله بوليه، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ الدية.وقد اختلف أهل التأويل في معنى السلطان الذي جُعل لوليّ المقتول، فقال بعضهم في ذلك، نحو الذي قُلنا.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال; بيِّنة من الله عزّ وجلّ أنـزلها يطلبها وليّ المقتول، العَقْل، أو القَوَد، وذلك السلطان.حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن جُويبر، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال; إن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية.وقال آخرون; بل ذلك السلطان; هو القتل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) وهو القَوَد الذي جعله الله تعالى.وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من تأول ذلك; أن السلطان الذي ذكر الله تعالى في هذا الموضع ما قاله ابن عباس، من أن لوليّ القتيل القتل إن شاء وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء العفو، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة; " ألا ومَنْ قُتِل لَهُ قَتِيلٌ فَهُو بِخَيْرِ النَّظَريْنِ بين أنْ يَقْتُل أوْ يأْخُذ الدّيَة ". قد بيَّنت الحكم في ذلك في كتابنا; كتاب الجِراح.وقوله ( فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الكوفة (فَلا تُسْرِفْ) بمعنى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد به هو والأئمة من بعده، يقول; فلا تقتل بالمقتول ظُلْما غير قاتله، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك إذا قتل رجل رجلا عمد وليّ القتيل إلى الشريف من قبيلة القاتل، فقتله بوليه، وترك القاتل، فنهى الله عزّ وجلّ عن ذلك عباده، وقال لرسوله عليه الصلاة والسلام; قتل غير القاتل بالمقتول معصية وسرف، فلا تقتل به غير قاتله، وإن قتلت القاتل بالمقتول فلا تمثِّل به. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة (فَلا يُسْرفْ) بالياء، بمعنى فلا يسرف وليّ المقتول، فيقتل غير قاتل وليه. وقد قيل; عنى به; فلا يسرف القاتل الأول لا ولي المقتول.والصواب من القول في ذلك عندي، أن يقال; إنهما قراءتان متقاربتا المعنى، وذلك أن خطاب الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأمر أو نهي في أحكام الدين، قضاء منه بذلك على جميع عباده، وكذلك أمره ونهيه بعضهم، أمر منه ونهى جميعهم، إلا فيما دلّ فيه على أنه مخصوص به بعض دون بعض، فإن كان ذلك كذلك بما قد بيَّنا في كتابنا [كتاب البيان، عن أصول الأحكام] فمعلوم أن خطابه تعالى بقوله (فَلا تُسْرِف في القَتْلِ) نبيه صلى الله عليه وسلم، وإن كان موجَها إليه أنه معنيّ به جميع عباده، فكذلك نهيه وليّ المقتول أو القاتل عن الإسراف في القتل، والتعدّي فيه نهي لجميعهم، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيب صواب القراءة في ذلك.وقد اختلف أهل التأويل في تأويلهم ذلك نحو اختلاف القرّاء في قراءتهم إياه.* ذكر من تأوّل ذلك; بمعنى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم;حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن منصور، عن طلق بن حبيب ، في قوله (فَلا تُسْرِفْ في القَتْلِ) قال لا تقتل غير قاتله، ولا تمثِّل به.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير. عن منصور، عن طلق بن حبيب، بنحوه.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا الثوري، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، في قوله (فَلا تُسْرِفْ في القَتْلِ) قال; لا تقتل اثنين بواحد.حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال; سمعت أبا معاذ، يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ) كان هذا بمكة، ونبيّ الله صلى الله عليه وسلم بها، وهو أوّل شيء نـزل من القرآن في شأن القتل، كان المشركون يغتالون أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال الله تبارك وتعالى; من قتلكم من المشركين، فلا يحملنَّكم قتله إياكم على أن تقتلوا له أبا أو أخا أو أحدا من عشيرته، وإن كانوا مشركين، فلا تقتلوا إلا قاتلكم؛ وهذا قبل أن تنـزل براءة، وقبل أن يؤمروا بقتال المشركين، فذلك قوله (فَلا تُسْرِفْ فِي القَتْلِ) يقول; لا تقتل غير قاتلك، وهي اليوم على ذلك الموضع من المسلمين، لا يحلّ لهم أن يقتلوا إلا قاتلهم.* ذكر من قال; عُنِي به وليّ المقتول حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن علية، قال; ثنا أبو رجاء، عن الحسن، في قوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال; كان الرجل يُقتل فيقول وليه; لا أرضى حتى أقتل به فلانا وفلانا من أشراف قبيلته.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَلا تُسْرِفْ في القَتْلِ) قال; لا تقتل غير قاتلك، ولا تمثِّل به.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (فَلا يُسْرِفْ في القَتْلِ) قال; لا يقتل غير قاتله؛ من قَتَل بحديدة قُتل بحديدة؛ ومن قَتَل بخشبة قُتِل بخشبة؛ ومن قَتل بحجر قُتل بحجر. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول; " إِنَّ مِنْ أعْتَى النَّاسِ على الله جَلَّ ثَناؤُهُ ثَلاثَةً رَجُلٌ قَتَلَ غَيْرَ قاتِلِهِ، أوْ قَتَلَ بدَخَنٍ في الجاهِلِيَّة، أو قَتَل فِي حَرَمِ الله ".حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب قال; سمعته، يعني ابن زيد، يقول في قول الله جلّ ثناؤه ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال; إن العرب كانت إذا قُتل منهم قتيل، لم يرضوا أن يقتلوا قاتل صاحبهم، حتى يقتلوا أشرف من الذي قتله، فقال الله جلّ ثناؤه ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) ينصره وينتصف من حقه ( فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) يقتل بريئا.* ذكر من قال عُنِي به القاتل حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير عن مجاهد ( فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) قال; لا يسرف القاتل في القتل.وقد ذكرنا الصواب من القراءة في ذلك عندنا، وإذا كان كلا وجهي القراءة عندنا صوابا، فكذلك جميع أوجه تأويله التي ذكرناها غير خارج وجه منها من الصواب، لاحتمال الكلام ذلك، وإن في نهي الله جلّ ثناؤه بعض خلقه عن الإسراف في القتل، نهى منه جميعَهم عنه.وأما قوله (إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) فإن أهل التأويل اختلفوا فيمن عُنِي بالهاء التي في قوله (إِنَّهُ) وعلى ما هي عائدة، فقال بعضهم; هي عائدة على وليّ المقتول، وهو المعنيّ بها، وهو المنصور على القاتل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) قال; هو دفع الإمام إليه، يعني إلى الوليّ، فإن شاء قتل، وإن شاء عفا.وقال آخرون; بل عُنِي بها المقتول، فعلى هذا القول هي عائدة على " مَن " في قوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما).* ذكر مَن قال ذلك; حدثنا القاسم، قال ; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد (إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) إن المقتول كان منصورا.وقال آخرون; عُنِي بها دم المقتول، وقالوا; معنى الكلام; إن دم القتيل كان منصورا على القاتل.وأشبه ذلك بالصواب عندي، قول من قال; عُنِي بها الوليّ، وعليه عادت، لأنه هو المظلوم، ووليه المقتول، وهي إلى ذكره أقرب من ذكر المقتول، وهو المنصور أيضا، لأن الله جلّ ثناؤه قضى في كتابه المنـزل، أنه سلَّطه على قاتل وليه، وحكَّمه فيه، بأن جعل إليه قتله إن شاء، واستبقاءه على الدية إن أحبّ، والعفو عنه إن رأى، وكفى بذلك نُصرة له من الله جلّ ثناؤه، فلذلك قلنا; هو المعنيّ بالهاء التي في قوله (إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا).
وهذا شامل لكل نفس { حَرَّمَ اللَّهُ } قتلها من صغير وكبير وذكر وأنثى وحر وعبد ومسلم وكافر له عهد. { إِلَّا بِالْحَقِّ } كالنفس بالنفس والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة والباغي في حال بغيه إذا لم يندفع إلا بالقتل. { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا } أي: بغير حق { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ } وهو أقرب عصباته وورثته إليه { سُلْطَانًا } أي: حجة ظاهرة على القصاص من القاتل، وجعلنا له أيضا تسلطا قدريا على ذلك، وذلك حين تجتمع الشروط الموجبة للقصاص كالعمد العدوان والمكافأة. { فَلَا يُسْرِفْ } الولي { فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا } والإسراف مجاوزة الحد إما أن يمثل بالقاتل أو يقتله بغير ما قتل به أو يقتل غير القاتل. وفي هذه الآية دليل إلى أن الحق في القتل للولي فلا يقتص إلا بإذنه وإن عفا سقط القصاص. وأن ولي المقتول يعينه الله على القاتل ومن أعانه حتى يتمكن من قتله.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الإسراء١٧ :٣٣
Al-Isra'17:33