وَءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتٰبَ وَجَعَلْنٰهُ هُدًى لِّبَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِى وَكِيلًا
وَاٰتَيۡنَا مُوۡسَى الۡـكِتٰبَ وَ جَعَلۡنٰهُ هُدًى لِّبَنِىۡۤ اِسۡرَآءِيۡلَ اَلَّا تَتَّخِذُوۡا مِنۡ دُوۡنِىۡ وَكِيۡلًا
تفسير ميسر:
وكما كرَّم الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالإسراء، كَرَّم موسى عليه السلام بإعطائه التوراة، وجعلها بيانًا للحق وإرشادًا لبني إسرائيل، متضمنة نهيهم عن اتخاذ غير الله تعالى وليًا أو معبودًا يفوضون إليه أمورهم.
لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم عطف بذكر موسى عبده ورسوله وكليمه أيضا فإنه تعالى كثيرا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد عليهما من الله الصلاة والسلام وبين ذكر التوراة والقرآن ولهذا قال بعد ذكر الإسراء "وآتينا موسى الكتاب" يعني التوراة "وجعلناه" أي الكتاب "هدى" أي هاديا "لبني إسرائيل أن لا تتخذوا" أي لئلا تتخذوا "من دوني وكيلا" أي وليا ولا نصيرا ولا معبودا دوني لأن الله تعالى أنزل على كل نبي أرسله أن يعبده وحده لا شريك له.
قوله تعالى ; وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا [ ص; 193 ] أي كرمنا محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالمعراج ، وأكرمنا موسى بالكتاب وهو التوراة . وجعلناه أي ذلك الكتاب . وقيل موسى . وقيل معنى الكلام ; سبحان الذي أسرى بعبده ليلا وآتى موسى الكتاب ; فخرج من الغيبة إلى الإخبار عن نفسه جل وعز . وقيل ; إن معنى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ، معناه أسرينا ، يدل عليه ما بعده من قوله ; لنريه من آياتنا فحمل وآتينا موسى الكتاب على المعنى . ألا تتخذوا قرأ أبو عمرو ( يتخذوا ) بالياء . الباقون بالتاء . فيكون من باب تلوين الخطاب . وكيلا أي شريكا ; عن مجاهد . وقيل ; كفيلا بأمورهم ; حكاه الفراء . وقيل ; ربا يتوكلون عليه في أمورهم ; قاله الكلبي . وقال الفراء ; كافيا ; والتقدير ; عهدنا إليه في الكتاب ألا تتخذوا من دوني وكيلا . وقيل ; التقدير لئلا تتخذوا . والوكيل ; من يوكل إليه الأمر .
يقول تعالى ذكره; سبحان الذي أسرى بعبده ليلا وآتى موسى الكتاب، وردّ الكلام إلى (وآتَيْنا) وقد ابتدأ بقوله أسرى لما قد ذكرنا قبل فيما مضى من فعل العرب في نظائر ذلك من ابتداء الخبر بالخبر عن الغائب، ثم الرجوع إلى الخطاب وأشباهه. وعنى بالكتاب الذي أوتي موسى; التوراة (وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إسْرائِيلَ) يقول; وجعلنا الكتاب الذي هو التوراة بيانا للحقّ، ودليلا لهم على محجة الصواب فيما افترض عليهم، وأمرهم به، ونهاهم عنه.وقوله ( أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا)اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة (ألا تَتَّخِذُوا) بالتاء بمعنى; وآتينا موسى الكتاب بأن لا تتخذوا يا بني إسرائيل (مِنْ دُونِي وَكِيلا). وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة (ألا يَتَّخِذُوا) بالياء على الخبر عن بني إسرائيل، بمعنى; وجعلناه هدى لبني إسرائيل، ألا يتَّخذ بنو إسرائيل من دوني وكيلا وهما قراءتان صحيحتا المعنى، متفقتان غير مختلفتين، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب، غير أني أوثر القراءة بالتاء، لأنها أشهر في القراءة وأشد استفاضة فيهم من القراءة بالياء. ومعنى الكلام; وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا حفيظا لكم سواي. وقد بينا معنى الوكيل فيما مضى. وكان مجاهد يقول; معناه في هذا الموضع; الشريك.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (ألا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا) قال; شريكا.وكأن مجاهدا جعل إقامة من أقام شيئا سوى الله مقامه شريكا منه له، ووكيلا للذي أقامه مقام الله.وبنحو الذي قلنا في تأويل هذه الآية، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وآتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إسْرَائِيل) جعله الله لهم هدى، يخرجهم من الظلمات إلى النور، وجعله رحمة لهم.
كثيرا ما يقرن الباري بين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوة موسى صلى الله عليه وسلم وبين كتابيهما وشريعتيهما لأن كتابيهما أفضل الكتب وشريعتيهما أكمل الشرائع ونبوتيهما أعلى النبوات وأتباعهما أكثر المؤمنين، ولهذا قال هنا: { وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } الذي هو التوراة { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ } يهتدون به في ظلمات الجهل إلى العلم بالحق. { أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا } أي: وقلنا لهم ذلك وأنزلنا إليهم الكتاب لذلك ليعبدوا الله وحده وينيبوا إليه ويتخذوه وحده وكيلا ومدبرا لهم في أمر دينهم ودنياهم ولا يتعلقوا بغيره من المخلوقين الذين لا يملكون شيئا ولا ينفعونهم بشيء.
(الواو) عاطفة- أو استئنافيّة-
(آتينا) مثل باركنا ،
(موسى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدرة- ومنع من التنوين للعلميّة والعجمة-
(الكتاب) مفعول به ثان منصوبـ (الواو) عاطفة
(جعلناه) مثل باركنا.. و (الهاء) ضمير مفعول به
(هدى) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف
(لبني) جارّ ومجرور متعلّق بـ (هدى) ، وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر
(إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة للعلميّة والعجمة
(أن) حرف تفسير ،
(لا) ناهية ،
(تتّخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. و (الواو) فاعلـ (من دوني) جارّ ومجرور متعلّق بمفعول ثان عامله تتّخذوا و (الياء) ضمير مضاف إليه
(وكيلا) مفعول به أوّل منصب.
جملة: «آتينا ... » لا محلّ لها معطوفة على الابتدائيّة .
وجملة: «جعلناه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آتينا..
وجملة: «تتّخذوا ... » لا محلّ لها تفسيريّة.
3-
(ذرّية) بدل من(وكيلا) منصوب ،
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه
(حملنا) مثلـ (باركنا)
(مع) ظرف منصوب متعلّق بـ (حملنا) ،
(إنّه) مثل السابق ،
(كان) فعل ماض ناقص- ناسخ- واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عبدا) خبر كان
(شكورا) نعت لـ (عبدا) منصوب.
وجملة: «حملنا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «إنّه كان ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «كان عبدا ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
4-
(الواو) عاطفة
(قضينا) باركنا ،
(إلى بني إسرائيل) مثل لبني إسرائيل متعلّق بـ (قضينا) بتضمينه معنى أوحينا أو أنفذنا
(في الكتاب) جارّ ومجرورمتعلّق بـ (قضينا) ،
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(تفسدنّ) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون، وقد حذفت لتوالي الأمثال، و (الواو) المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل، و (النون) نون التوكيد
(في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تفسدنّ) ،
(مرّتين) مفعول مطلق نائب عن المصدر عامله تفسدنّ، منصوب وعلامة النصب الياء
(الواو) عاطفة
(لتعلنّ) مثلـ (لتفسدنّ) ومعطوف عليه
(علوّا) مفعول مطلق منصوب،
(كبيرا) نعت لـ (علوا) منصوب.
وجملة: «قضينا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آتينا.
وجملة: «تفسدنّ ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر .
وجملة: «تعلنّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تفسدنّ .
5-
(الفاء) عاطفة
(إذا) ظرف للزمن المستقبل مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بـ (بعثنا) ،
(جاء) فعل ماض
(وعد) فاعل مرفوع
(أولاهما) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف.. و (هما) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه
(بعثنا) مثل باركنا ،
(على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (بعثنا) ،
(عبادا) مفعول به منصوبـ (اللام) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لـ (عبادا) ،
(أولي) نعت ثان منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكّر
(بأس) مضاف إليه مجرور
(شديد) نعت لبأس مجرور
(الفاء) عاطفة
(جاسوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. و (الواو) فاعلـ (خلال) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (جاسوا)
(الديار) مضاف إليه مجرور
(الواو) اعتراضيّة- أو حاليّة-
(كان) فعل ماض ناقص- ناسخ- واسمه ضميرمستتر تقديره هو أي الجوس أو الوعد المذكور
(وعدا) خبر كان منصوبـ (مفعولا) نعت لـ (وعدا) منصوب.
وجملة: «جاء وعد ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «بعثنا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «جاسوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة بعثنا.
وجملة: «كان وعدا ... » لا محلّ لها اعتراضيّة .
6-
(ثمّ) حرف عطف
(رددنا) مثل باركنا ،
(لكم) مثل عليكم متعلّق بـ (رددنا) ،
(الكرّة) مفعول به منصوبـ (عليهم) مثل عليكم متعلّق بـ (رددنا) ،
(الواو) عاطفة
(أمددناكم) مثل باركنا ، و (كم) ضمير مفعول به
(بأموال) جارّ مجرور متعلّق بـ (أمددناكم) ،
(بنين) معطوف على أموال بالواو ومجرور وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر
(الواو) عاطفة
(وجعلناكم) مثل أمددناكم
(أكثر) مفعول به ثان منصوبـ (نفيرا) تمييز منصوب.
وجملة: «رددنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة بعثنا.
وجملة: «أمددناكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة بعثنا.
وجملة: «جعلناكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة بعثنا.