الرسم العثمانيمَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصْلٰىهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا
الـرسـم الإمـلائـيمَنۡ كَانَ يُرِيۡدُ الۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهٗ فِيۡهَا مَا نَشَآءُ لِمَنۡ نُّرِيۡدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهٗ جَهَنَّمَۚ يَصۡلٰٮهَا مَذۡمُوۡمًا مَّدۡحُوۡرًا
تفسير ميسر:
من كان طلبه الدنيا العاجلة، وسعى لها وحدها، ولم يصدِّق بالآخرة، ولم يعمل لها، عجَّل الله له فيها ما يشاؤه اللّه ويريده مما كتبه له في اللوح المحفوظ، ثم يجعل الله له في الآخرة جهنم، يدخلها ملومًا مطرودًا من رحمته عز وجل؛ وذلك بسبب إرادته الدنيا وسعيه لها دون الآخرة.
يخبر تعالى أنه ما كل من طلب الدنيا وما فيها من النعيم يحصل له بل إنما يحصل لمن أراد الله وما يشاء وهذه مقيدة لإطلاق ما سواها من الآيات فإنه قال "عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم" أي في الدار الآخرة "يصلاها" أي يدخلها حتى تغمره من جميع جوانبه "مذموما" أي في حال كونه مذموما على سوء تصرفه وصنيعه إذ أختار الفاني على الباقي "مدحورا" مبعدا مقصيا حقيرا ذليلا مهانا. روى الإمام أحمد حدثنا حسين حدثنا رويد عن أبي إسحاق عن زرعة عن عائشة رضي الله عنها قالت; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له.
قوله ; من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحوراقوله تعالى ; من كان يريد العاجلة يعني الدنيا ، والمراد الدار العاجلة ; فعبر بالنعت عن المنعوت .عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد أي لم نعطه منها إلا ما نشاء ثم نؤاخذه بعمله ، وعاقبته دخول النار .مذموما مدحورا أي مطردا مبعدا من رحمة الله . وهذه صفة المنافقين الفاسقين ، والمرائين المداجين ، يلبسون الإسلام والطاعة لينالوا عاجل الدنيا من الغنائم وغيرها ، فلا يقبل ذلك العمل منهم في الآخرة ولا يعطون في الدنيا إلا ما قسم لهم . وقد تقدم في [ هود ] أن هذه الآية تقيد الآيات المطلقة ; فتأمله .
يقول تعالى ذكره; من كان طلبه الدنيا العاجلة ولها يعمل ويسعى، وإياها يبتغي، لا يوقن بمعاد، ولا يرجو ثوابا ولا عقابا من ربه على عمله (عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) يقول; يعجل الله له في الدنيا ما يشاء من بسط الدنيا عليه، أو تقتيرها لمن أراد الله أن يفعل ذلك به، أو إهلاكه بما يشاء من عقوباته.(ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها) يقول; ثم أصليناه عند مقدمه علينا في الآخرة جهنم، (مَذْمُوما) على قلة شكره إيانا، وسوء صنيعه فيما سلف من أيادينا عنده في الدنيا(مَدْحُورًا) يقول; مبعدا; مقصى في النار.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ) يقول; من كانت الدنيا همّه وسدمه وطلبته ونيته، عجَّل الله له فيها ما يشاء، ثم اضطرّه إلى جهنم، قال ( ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ) مذموما في نعمة الله مدحورا في نقمة الله.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني أبو طيبة شيخ من أهل المصيصة، أنه سمع أبا إسحاق الفزاري يقول ( عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ) قال; لمن نريد هلكته.حدثني عليّ بن داود، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (مَذْمُوما) يقول; ملوما.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ) قال; العاجلة; الدنيا.
يخبر تعالى أن { مَنْ كَانَ يُرِيدُ } الدنيا { العاجلة } المنقضية الزائلة فعمل لها وسعى، ونسي المبتدأ أو المنتهى أن الله يعجل له من حطامها ومتاعها ما يشاؤه ويريده مما كتب [الله] له في اللوح المحفوظ ولكنه متاع غير نافع ولا دائم له. ثم يجعل له في الآخرة { جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا } أي: يباشر عذابها { مَذْمُومًا مَدْحُورًا } أي: في حالة الخزي والفضيحة والذم من الله ومن خلقه، والبعد عن رحمة الله فيجمع له بين العذاب والفضيحة.
(من) مثل السابق ،
(كان) فعل ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط واسمه ضمير مستتر تقديره هو (يريد) مضارع مرفوع، والفاعل هو (العاجلة) مفعول به منصوبـ (عجّلنا) مثل أهلكنا ،
(اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (عجّلنا) ،
(في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (عجّلنا) ،
(ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به
(نشاء) مضارع مرفوع، والفاعل نحن للتعظيم
(اللام) حرف جرّ
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (عجّلنا) فهو بدل من(له) بإعادة الجارّ
(نريد) مثل نشاء
(ثمّ) حرف عطف
(جعلنا له) مثل عجّلنا له، والجارّ متعلّق بمحذوف مفعول ثان
(جهنّم) مفعول به منصوب، ومنع من التنوين للعلميّة والتأنيث
(يصلاها) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف..
و (ها) ضمير مفعول به، والفاعل هو (مذموما) حال من الفاعل منصوبة
(مدحورا) حال ثانية منصوبة.
جملة: «من كان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان يريد ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «يريد ... » في محلّ نصب خبر كان.
وجملة: «عجّلنا ... » لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.وجملة: «نشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «نريد ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «جعلنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة عجّلنا..
وجملة: «يصلاها ... » في محلّ نصب حال من الضمير في(له) ، أو من جهنّم.
19-
(الواو) عاطفة
(من أراد) مثل من كان، والفاعل هو (الآخرة) مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(سعى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، في محلّ جزم معطوف على أراد، والفاعل هو (لها) مثل له متعلّق بـ (سعى) ،
(سعيها) مفعول مطلق منصوب ، و (الهاء) مضاف إليه
(الواو) واو الحالـ (هو) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ
(مؤمن) خبر مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(أولئك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ..
و (الكاف) للخطابـ (كان) فعل ماض ناقص
(سعيهم) اسم كان مرفوع..
و (هم) مضاف إليه
(مشكورا) خبر كان منصوب.
وجملة: «من أراد ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة من كان..
وجملة: «أراد الآخرة ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «سعى لها ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة أراد.
وجملة: «هو مؤمن ... » في محلّ نصب حال من فاعل سعى.
وجملة: «أولئك كان سعيهم ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «كان سعيهم مشكورا» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أولئك) .20-
(كلّا) مفعول به مقدّم منصوبـ (نمدّ) مضارع مرفوع، والفاعل نحن للتعظيم
(ها) حرف تنبيه
(أولاء) اسم إشارة بدل من(كلا) في محلّ نصبـ (الواو) عاطفة
(هؤلاء) مثل الأول ومعطوف عليه
(من عطاء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (نمدّ) ،
(ربك) مضاف إليه مجرور.. و (الكاف) مضاف إليه
(الواو) واو الحالـ (ما) نافية
(كان عطاء ربّك محظورا) مثل كان سعيهم مشكورا.
وجملة: «نمدّ ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «ما كان عطاء ربّك ... » في محلّ نصب حال.
- القرآن الكريم - الإسراء١٧ :١٨
Al-Isra'17:18