اقْرَأْ كِتٰبَكَ كَفٰى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا
اِقۡرَاۡ كِتٰبَك َؕ كَفٰى بِنَفۡسِكَ الۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيۡبًا
تفسير ميسر:
يقال له; اقرأ كتاب أعمالك، فيقرأ، وإن لم يكن يعرف القراءة في الدنيا، تكفيك نفسك اليوم محصية عليك عملك، فتعرف ما عليها من جزاء. وهذا من أعظم العدل والإنصاف أن يقال للعبد; حاسِبْ نفسك، كفى بها حسيبًا عليك.
ولهذا قال تعالى "اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" أي إنك تعلم أنك لم تظلم ولم يكتب عليك إلا ما عملت لأنك ذكرت جميع ما كان منك ولا ينسى أحد شيئا مما كان منه وكل أحد يقرأ كتابه من كاتب وأمي وقوله "ألزمناه طائره في عنقه" إنما ذكر العنق لأنه عضو من الأعضاء لا نظير له في الجسد ومن ألزم بشيء فيه فلا محيد له عنه كما قال الشاعر; اذهب بها اذهب بها طوقتها طوق الحمام قال قتادة عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا عدوى ولا طيرة وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه" كذا رواه ابن جرير وقد رواه الإمام عبد بن حميد في مسنده متصلا فقال; حدثنا الحسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر قال; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "طير كل عبد في عنقه". وقال الإمام أحمد حدثنا علي بن إسحاق حدثنا عبدالله حدثنا ابن لهيعة حدثني يزيد أن أبا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس من عمل يوم إلا وهو يختم عليه فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة يا ربنا عبدك فلان قد حبسته فيقول الرب جل جلاله اختموا له على مثل عمله حتى يبرأ أو يموت" إسناده جيد قوي ولم يخرجوه وقال معمر عن قتادة "ألزمناه طائره في عنقه" قال عمله "ونخرج له يوم القيامة" قال نخرج ذلك العمل "كتابا يلقاه منشورا" قال معمر وتلا الحسن البصري "عن اليمين وعن الشمال قعيد" يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك وكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى نخرج يوم القيامة كتابا تلقاه منشورا اقرأ كتابك الآية فقد عدل والله من جعلك حسيب نفسك هذا من أحسن كلام الحسن رحمه الله.