الرسم العثمانيأَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ
الـرسـم الإمـلائـياَوۡ يَاۡخُذَهُمۡ فِىۡ تَقَلُّبِهِمۡ فَمَا هُمۡ بِمُعۡجِزِيۡنَۙ
تفسير ميسر:
أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون، أو يأتيهم العذاب من مكان لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه، أو يأخذهم العذاب، وهم يتقلبون في أسفارهم وتصرفهم؟ فما هم بسابقين الله ولا فائتيه ولا ناجين من عذابه؛ لأنه القوي الذي لا يعجزه شيء، أو يأخذهم الله بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، أو في حال خوفهم من أخذه لهم، فإن ربكم لرؤوف بخلقه، رحيم بهم.
وقوله "أو يأخذهم في تقلبهم" أي في تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسفار ونحوها من الأشغال الملهية; قال قتادة والسدي تقلبهم أي أسفارهم وقال مجاهد والضحاك وقتادة "في تقلبهم" في الليل والنهار كقوله "أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون" وقوله "فما هم بمعجزين" أي لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه.
أو يأخذهم في تقلبهم أي في أسفارهم وتصرفهم ; قاله قتادة . وقيل ; في تقلبهم على فراشهم أينما كانوا . وقال الضحاك ; بالليل والنهار .فما هم بمعجزين أي مسابقين الله ولا فائتيه .
يعني تعالى ذكره بقوله (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) أو يهلكهم في تصرّفهم في البلاد ، وتردّدهم في أسفارهم (فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ) يقول جلّ ثناؤه; فإنهم لا يعجزون الله من ذلك إن أراد أخذهم كذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني المثنى وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله بن صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) قال; إن شئت أخذته في سفر.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) في أسفارهم.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، مثله.وقال ابن جريج في ذلك ما حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) قال; التقلب; أن يأخذهم بالليل والنهار.
تفسير الآيات من 45 حتى 47 :ـهذا تخويف من الله تعالى لأهل الكفر والتكذيب وأنواع المعاصي، من أن يأخذهم بالعذاب على غرَّة وهم لا يشعرون، إما أن يأخذهم العذاب من فوقهم، أو من أسفل منهم بالخسف وغيره، وإما في حال تقلُّبهم وشغلهم وعدم خطور العذاب ببالهم، وإما في حال تخوفهم من العذاب، فليسوا بمعجزين لله في حالة من هذه الأحوال، بل هم تحت قبضته ونواصيهم بيده . ولكنه رءوف رحيم لا يعاجل العاصين بالعقوبة، بل يمهلهم ويعافيهم ويرزقهم وهم يؤذونه ويؤذون أولياءه، ومع هذا يفتح لهم أبواب التوبة، ويدعوهم إلى الإقلاع من السيئات التي تضرهم، ويعدهم بذلك أفضل الكرامات، ومغفرة ما صدر منهم من الذنوب، فليستح المجرم من ربه أن تكون نعم الله عليه نازلة في جميع اللحظات ومعاصيه صاعدة إلى ربه في كل الأوقات، وليعلم أن الله يمهل ولا يهمل وأنه إذا أخذ العاصي أخذه أخذ عزيز مقتدر، فليتب إليه، وليرجع في جميع أموره إليه فإنه رءوف رحيم. فالبدار البدار إلى رحمته الواسعة وبره العميم وسلوك الطرق الموصلة إلى فضل الرب الرحيم، ألا وهي تقواه والعمل بما يحبه ويرضاه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - النحل١٦ :٤٦
An-Nahl16:46