قُلْ نَزَّلَهُۥ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهُدًى وَبُشْرٰى لِلْمُسْلِمِينَ
قُلۡ نَزَّلَهٗ رُوۡحُ الۡقُدُسِ مِنۡ رَّبِّكَ بِالۡحَـقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَهُدًى وَّبُشۡرٰى لِلۡمُسۡلِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
قل لهم -أيها الرسول-; ليس القرآن مختلَقًا مِن عندي، بل نَزَّله جبريل مِن ربك بالصدق والعدل؛ تثبيتًا للمؤمنين، وهداية من الضلال، وبشارة طيبة لمن أسلموا وخضعوا لله رب العالمين.
فقال تعالى مجيبا لهم "قل نزله روح القدس" أي جبريل "من ربك بالحق" أي بالصدق والعدل "ليثبت الذين آمنوا" فيصدقوا بما أنزل أولا وثانيا وتخبت له قلوبهم "وهدى وبشرى للمسلمين" أي وجعله هاديا وبشارة للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله.
قل نزله روح القدس يعني جبريل ، نزل بالقرآن كله ناسخه ومنسوخه . وروي بإسناد صحيح عن عامر الشعبي قال ; وكل إسرافيل بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنين ، فكان يأتيه بالكلمة والكلمة ، ثم نزل عليه جبريل بالقرآن . وفي صحيح مسلم أيضا أنه نزل عليه بسورة " الحمد " ملك لم ينزل إلى الأرض قط . كما تقدم [ ص; 161 ] في الفاتحة بيانه .من ربك بالحق أي من كلام ربك .ليثبت الذين آمنوا أي بما فيه من الحجج والآيات .وهدى أي وهو هدى وبشرى للمسلمين .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; قل يا محمد للقائلين لك إنما أنت مفتر فيما تتلو عليهم من آي كتابنا ، أنـزله روح القُدُس ; يقول; قل جاء به جَبرئيل من عند ربي بالحقّ. وقد بيَّنت في غير هذا الموضع معنى; روح القُدس، بما أغنى عن إعادته.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال; ثنا جعفر بن عون العمَريّ، عن موسى بن عبيدة الرَّبَذيّ، عن محمد بن كعب، قال; روح القُدُس; جبرئيل.وقوله ( لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا ) يقول تعالى ذكره; قل نـزل هذا القرآن ناسخه ومنسوخه ، روح القدس عليّ من ربي، تثبيتا للمؤمنين ، وتقوية لإيمانهم، ليزدادوا بتصديقهم لناسخه ومنسوخه إيمانا لإيمانهم ، وهدى لهم من الضلالة، وبُشرى للمسلمين الذين استسلموا لأمر الله ، وانقادوا لأمره ونهيه ، وما أنـزله في آي كتابه، فأقرّوا بكل ذلك ،وصدقوا به قولا وعملا.--------------------------------------------------------------------------------الهوامش;(1) في (اللسان; لطع); اللطع أن تضرب مؤخر الإنسان برجلك. تقول; لطعته (بالكسر) ألطعه لطعا. وقوله تعالى; (فتزل قدم بعد ثبوتها) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن (1 ; 367); مثل يقال لكل مبتلى بعد عافية، أو ساقط في ورطة بعد سلامة ونحو ذلك; زلت قدمه.(2) "عن" هنا; للتعليل، أي بسبب مفارقة الإسلام، مثلها في قوله تعالى; (وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك); أي لأجلك.(3) إسماعيل بن سميع، بالسين مفتوحة، الحنفي، أبو محمد، وثقه جماعة، وكان خارجيا.(4) هذه العبارة قد سقطت منها كلمات، ولعل الأصل; فالذي أوعد أهل المعاصي بإذاقتهم هذه السيئة بحكمته، أراد أن يعقب .. الخ.(5) هذه العبارة قد سقطت منها كلمات، ولعل الأصل; فالذي أوعد أهل المعاصي بإذاقتهم هذه السيئة بحكمته، أراد أن يعقب .. الخ.
{ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ } وهو جبريل الرسول المقدس المنزه عن كل عيب وخيانة وآفة. { بِالْحَقِّ } أي: نزوله بالحق وهو مشتمل على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه، فلا سبيل لأحد أن يقدح فيه قدحا صحيحا، لأنه إذا علم أنه الحق علم أن ما عارضه وناقضه باطل. { لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا } عند نزول آياته وتواردها عليهم وقتا بعد وقت، فلا يزال الحق يصل إلى قلوبهم شيئا فشيئا حتى يكون إيمانهم أثبت من الجبال الرواسي، وأيضا فإنهم يعلمون أنه الحق، وإذا شرع حكما [من الأحكام] ثم نسخه علموا أنه أبدله بما هو مثله أو خير منه لهم وأن نسخه هو المناسب للحكمة الربانية والمناسبة العقلية. { وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } أي: يهديهم إلى حقائق الأشياء ويبين لهم لحق من الباطل والهدى من الضلال، ويبشرهم أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا. وأيضا فإنه كلما نزل شيئا فشيئا، كان أعظم هداية وبشارة لهم مما لو أتاهم جملة واحدة وتفرق الفكر فيه بل ينزل الله حكما وبشارة [أكثر] فإذا فهموه وعقلوه وعرفوا المراد منه وترووا منه أنزل نظيره وهكذا. ولذلك بلغ الصحابة رضي الله عنهم به مبلغا عظيما، وتغيرت أخلاقهم وطبائعهم، وانتقلوا إلى أخلاق وعوائد وأعمال فاقوا بها الأولين والآخرين. وكان أعلى وأولى لمن بعدهم أن يتربوا بعلومه ويتخلقوا بأخلاقه، ويستضيئوا بنوره في ظلمات الغي والجهالات ويجعلوه إمامهم في جميع الحالات، فبذلك تستقيم أمورهم الدينية والدنيوية.
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت
(نزّله) فعل ماض، و (الهاء) ضمير مفعول به
(روح) فاعل مرفوع
(القدس) مضاف إليه مجرور
(من ربّك) جارّ ومجرور متعلّق بـ (نزّل) ، و (الكاف) مضاف إليه
(بالحقّ) جارّ ومجرور حال من الفاعل أو من ضمير الخطاب المجرور
(اللام) للتعليلـ (يثبّت) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو (الّذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(آمنوا) فعل ماض وفاعله.
والمصدر المؤوّلـ (أن يثبّت..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (نزّله) .
(الواو) عاطفة- أو حاليّة-
(هدى) معطوف على المصدر المؤوّل مجرور، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف ،
(الواو) عاطفة
(بشرى) معطوف على هدى مجرور مثله
(للمسلمين) جارّ ومجرور متعلّق بـ (بشرى) .
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نزّله روح ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يثبّت ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .