الرسم العثمانيوَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلٰىٓ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوٓا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ
الـرسـم الإمـلائـيوَاَنۡذِرِ النَّاسَ يَوۡمَ يَاۡتِيۡهِمُ الۡعَذَابُ فَيَـقُوۡلُ الَّذِيۡنَ ظَلَمُوۡا رَبَّنَاۤ اَخِّرۡنَاۤ اِلٰٓى اَجَلٍ قَرِيۡبٍۙ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَـتَّبِعِ الرُّسُلَؕ اَوَلَمۡ تَكُوۡنُوۡۤااَقۡسَمۡتُمۡ مِّنۡ قَبۡلُ مَالَـكُمۡ مِّنۡ زَوَالٍۙ
تفسير ميسر:
وأنذر -أيها الرسول- الناس الذين أرسلتُكَ إليهم عذاب الله يوم القيامة، وعند ذلك يقول الذين ظلموا أنفسهم بالكفر; ربنا أَمْهِلْنا إلى وقت قريب نؤمن بك ونصدق رسلك. فيقال لهم توبيخًا; ألم تقسموا في حياتكم أنه لا زوال لكم عن الحياة الدنيا إلى الآخرة، فلم تصدِّقوا بهذا البعث؟
يقول تعالى مخبرا عن قيل الذين ظلموا أنفسهم عند معاينة العذاب " ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل " كقوله " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون " الآية وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم " الآيتين وقال تعالى مخبرا عنهم في حال محشرهم " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم " الآية.وقال " ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا " الآية وقال تعالى " وهم يصطرخون فيها " الآية قال تعالى ردا عليهم في قولهم هذا " أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال " أي أولم تكونوا تحلفون من قبل هذه الحالة أنه لا زوال لكم عما أنتم فيه وأنه لا معاد ولا جزاء فذوقوا هذا بذلك قال مجاهد وغيره " ما لكم من زوال " أي ما لكم من انتقال من الدنيا إلى الآخرة كقوله " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت " الآية.
قوله تعالى ; وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالقوله تعالى ; وأنذر الناس قال ابن عباس ; أراد أهل مكة .يوم يأتيهم العذاب وهو يوم القيامة ; أي خوفهم ذلك اليوم . وإنما خصهم بيوم العذاب وإن كان يوم الثواب ; لأن الكلام خرج مخرج التهديد للعاصي .فيقول الذين ظلموا أي في ذلك اليومربنا أخرنا أي أمهلنا .إلى أجل قريب سألوه الرجوع إلى الدنيا حين ظهر الحق في الآخرة .نجب دعوتك ونتبع الرسل أي إلى الإسلام فيجابوا ;أولم تكونوا أقسمتم من قبل يعني في دار الدنيا .ما لكم من زوال قال مجاهد ; هو قسم قريش أنهم لا يبعثون . ابن جريج ; هو ما حكاه عنهم في قوله ; وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت . ما لكم من زوال فيه تأويلان ; أحدهما ; ما لكم من انتقال عن الدنيا إلى الآخرة ; أي لا تبعثون ولا تحشرون ; وهذا قول مجاهد . الثاني ; ما لكم من زوال أي من العذاب . وذكر البيهقي عن محمد بن كعب القرظي قال ; لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله في أربعة ، فإذا كان في الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا ، يقولون ; ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل فيجيبهم الله ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ثم يقولون ; ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون فيجيبهم الله تعالى ; فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ثم يقولون ; ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل فيجيبهم الله تعالى أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال فيقولون ; ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل فيجيبهم الله [ ص; 333 ] تعالى ; أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير . ويقولون ; ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين فيجيبهم الله تعالى ; اخسئوا فيها ولا تكلمون فلا يتكلمون بعدها أبدا ; خرجه ابن المبارك في دقائقه بأطول من هذا - وقد كتبناه في كتاب التذكرة وزاد في الحديث وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال هذه الثالثة ، وذكر الحديث وزاد بعد قوله ; اخسئوا فيها ولا تكلمون فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء ، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض ، وأطبقت عليهم ; وقال ; فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قول ; هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون .
يقول تعالى ذكره; وأنذر يا محمد الناس الذين أرسلتك إليهم داعيا إلى الإسلام ما هو نازل بهم ، يوم يأتيهم عذاب الله في القيامة.( فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) يقول; فيقول الذين كفروا بربهم ، فظلموا بذلك أنفسهم ( رَبَّنَا أَخِّرْنَا ) أي أخِّر عنا عذابك ، وأمهلنا( إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ) الحقّ ، فنؤمن بك ، ولا نشرك بك شيئا ، ( وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ) يقولون; ونصدّق رسلك فنتبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتباع أمرك.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم ، قال ; ثنا الحسين ، قال ; ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله ( وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ ) قال; يوم القيامة ( فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) قال; مدّة يعملون فيها من الدنيا.حدثنا بشر ، قال ; ثنا يزيد ، قال ; ثنا سعيد ، عن قتادة ( وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ ) يقول; أنذرهم في الدنيا قبل أن يأتيهم العذاب.وقوله ( فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) رفع عطفا على قوله ( يَأْتِيهِمُ) في قوله ( يَأْتِيهِمُ العَذَابُ) وليس بجواب للأمر ، ولو كان جوابا لقوله ( وَأَنْذِرِ النَّاسَ ) جاز فيه الرفع والنصب. أما النصب فكما قال الشاعر;يــا نَــاقَ سِـيرِي عَنقَـا فَسِـيحاإلـــى سُـــلَيْمَانَ فَنَسْـــتَرِيحا (7)والرفع على الاستئناف. وذُكر عن العلاء بن سيابة أنه كان ينكر النصب في جواب الأمر بالفاء ، قال الفراء; وكان العلاء هو الذي علَّم معاذا وأصحابه.------------------------الهوامش ;(7) هذا البيت من شواهد النحويين وهو لأبي النجم العجلي يخاطب ناقته في سيره إلى سليمان بن عبد الملك . وناق ; منادي مرخم ، أي يا ناقة ، وعنقا ; منصوب على أنه نائب عن المصدر ، أي صفة مصدر محذوف ، أي سيراد عنقا ، وهو ضرب من سير الدابة والإبل ، وهو سير مسيطر ، قال أبو النجم ... وأنشد البيت ، والفسيح ; الواسع . نعت . والشاهد في " فنستريحا " حيث نصب ، لأنه جواب الأمر بالفاء ، وهذا بلا خلاف إلا ما نقل عن العلاء بن سيابة ، أنه كان لا يجيز ذلك ، وهو محجوج به . ( انظر فرائد القلائد للعيني ; باب إعراب الفعل ) . وقال الفراء في معاني القرآن ; ( الورقة 164 ) ، وقوله " يأتيهم العذاب فيقول " ; رفع ، تابع ليأتيهم ، وليس بجواب الأمر ، ولو كان جوابا لجاز نسبه ورفعه ، كما قال الشاعر ; يا ناق .... البيت . والرفع عن الاستئناف والأتناف بالفاء في جواب الأمر حسن. وكان شيخ لنا يقال له العلاء بن سيابة ، وهو الذي علم معاذا الهراء وأصحابه ، يقول ; لا أنصب بالأمر .
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ } أي: صف لهم صفة تلك الحال وحذرهم من الأعمال الموجبة للعذاب الذي حين يأتي في شدائده وقلاقله، { فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا } بالكفر والتكذيب وأنواع المعاصي نادمين على ما فعلوا سائلين للرجعة في غير وقتها، { رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي: ردَّنا إلى الدنيا فإنا قد أبصرنا، { نُجِبْ دَعْوَتَكَ } والله يدعو إلى دار السلام { وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ } وهذا كله لأجل التخلص من العذاب الأليم وإلا فهم كذبة في هذا الوعد { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } ولهذا يوبخون ويقال لهم: { أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ } عن الدنيا وانتقال إلى الآخرة، فها قد تبين حنثكم في إقسامكم، وكذبكم فيما تدعون
(الواو) استئنافيّة
(أنذر) فعل أمر، والفاعل أنت
(الناس) مفعول به منصوبـ (يوم) مفعول به ثان منصوب وهو على حذف مضاف أي أنذرهم أهواله
(يأتيهم) مضارع مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، و (هم) ضمير مفعول به،
(العذاب) فاعل مرفوع
(الفاء) عاطفة
(يقول) مثل يأتي
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (ظلموا) فعل ماض وفاعله
(ربّنا) مرّ إعرابها ،
(أخّرنا) ، مثل انذر.. و (نا) ضمير مفعول به
(إلى أجل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أخّرنا) ،
(قريب) نعت لأجل مجرور(نجب) مضارع مجزوم جواب الطلب، والفاعل نحن
(دعوتك) مفعول به منصوب.. و (الكاف) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(نتّبع الرسل) مثل نجب دعوتك وحرّك آخر الفعل بالكسر لالتقاء الساكنين
(الهمزة) للاستفهام
(الواو) عاطفة
(لم) حرف نفي وجزم
(تكونوا) مضارع ناقص مجزوم، وعلامة الجزم حذف النون ... و (الواو) اسم تكون
(أقسمتم) فعل ماضي مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير فاعلـ (ما) نافية
(اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم
(من) حرف جرّ زائد
(زوال) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخر.
جملة: «أنذر الناس ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يأتيهم العذاب ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «يقول الذين ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يأتيهم العذاب.
وجملة: «ظلموا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
وجملة: «النّداء وجوابها ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أخّرنا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «نجب ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «نتّبع ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نجب..
وجملة: «لم تكونوا ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر..
وجملة: «القول المقدّرة معطوفة على جملة يقول الذين ظلموا.
وجملة: «أقسمتم ... » في محلّ نصب خبر تكونوا.
وجملة: «ما لكم من زوال ... » لا محلّ لها جواب القسم.
(الواو) عاطفة
(سكنتم) مثل أقسمتم
(في مساكن) جارّ ومجرور متعلّق بـ (سكنتم) ،
(الّذين) موصول مضاف إليه
(ظلموا) مثل الأولـ (أنفسهم) مفعول به منصوب.. و (هم) مضاف إليه
(الواو) استئنافيّة
(تبيّن) فعل ماض والفاعل محذوف مفهوم من سياق الكلام أي تبيّن حالهم
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حال عاملها
(فعلنا) وهو فعل وفاعلـ (الباء) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (فعلنا) ،
(الواو) استئنافيّة
(ضربنا) مثل فعلنا
(لكم) مثل الأول متعلّق بـ (ضربنا) ،
(الأمثال) مفعول به منصوب.
وجملة: «سكنتم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة أقسمتم .
وجملة: «ظلموا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
وجملة: «تبيّن لكم
(الحال) ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «فعلنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّ.
وجملة: «ضربنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - ابراهيم١٤ :٤٤
Ibrahim14:44