اللَّهِ الَّذِى لَهُۥ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْكٰفِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
اللّٰهِ الَّذِىۡ لَهٗ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَمَا فِى الۡاَرۡضِؕ وَوَيۡلٌ لِّـلۡكٰفِرِيۡنَ مِنۡ عَذَابٍ شَدِيۡدِ
تفسير ميسر:
(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
وقوله " الله الذي له ما في السموات وما في الأرض " قرأ بعضهم مستأنفا مرفوعا وقرأ آخرون على الاتباع صفة للجلالة كقوله تعالى " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض " الآية وقوله " وويل للكافرين من عذاب شديد " أي ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك.
قوله تعالى ; الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديدقوله تعالى ; الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض أي ملكا وعبيدا واختراعا وخلقا . وقرأ نافع وابن عامر وغيرهما ; " الله " بالرفع على الابتداء الذي خبره . وقيل ; الذي صفة ، والخبر مضمر ; أي الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض قادر على كل شيء . الباقون بالخفض نعتا للعزيز الحميد فقدم النعت على المنعوت ; كقولك ; مررت بالظريف زيد . وقيل ; على البدل من الحميد وليس صفة ; لأن اسم الله صار كالعلم فلا يوصف ; كما لا يوصف بزيد وعمرو ، بل يجوز أن يوصف به من حيث المعنى ; لأن معناه أنه المنفرد بقدرة الإيجاد . وقال أبو عمرو ; والخفض على التقديم والتأخير ، مجازه ; إلى صراط الله العزيز الحميد الذي له ما في السماوات وما في الأرض . وكان يعقوب إذا وقف على الحميد رفع ، وإذا وصل خفض على النعت . قال ابن الأنباري ; من خفض وقف على وما في الأرض .قوله تعالى ; وويل للكافرين من عذاب شديد قد تقدم معنى الويل في " البقرة " وقال الزجاج ; هي كلمة تقال للعذاب والهلكة . من عذاب شديد أي من جهنم .
قال أبو جعفر ; اختلفت القرأة في قراءة ذلك .فقرأته عامة قَرأة المدينة والشأم ; " اللهُ الَّذِي لَهُ مَا فِي السماوات " برفع اسم " الله " على الابتداء ، وتصيير قوله; ( الذي له ما في السماوات ) ،خبرَه.* * *وقرأته عامة قرأة أهل العراق والكوفة والبصرة; ( اللهِ الَّذِي ) بخفض اسم الله على إتباع ذلك الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ، وهما خفضٌ.* * *وقد اختلف أهل العربية في تأويله إذ قرئ كذلك .فذكر عن أبي عمرو بن العَلاء أنه كان يقرؤه بالخفض. ويقول; معناه; بإذن ربهم إلى صرَاط [ الله ] العزيز الحميدِ الذي له ما في السماوات . (25) ويقول; هو من المؤخَّر الذي معناه التقديم ، ويمثله بقول القائل; " مررتُ بالظَّريف عبد الله " ، والكلام الذي يوضع مكانَ الاسم النَّعْتُ ، ثم يُجْعَلُ الاسمُ مكان النعت ، فيتبع إعرابُه إعرابَ النعت الذي وُضع موضع الاسم ، كما قال بعض الشعراء;لَــوْ كُــنْتُ ذَا نَبْــلٍ وَذَا شَـزِيبِمَـا خِـفْتُ شَـدَّاتِ الخَـبِيثِ الـذِّيبِ (26)* * *وأما الكسائي فإنه كان يقول فيما ذكر عنه; مَنْ خفضَ أراد أن يجعلَه كلامًا واحدًا ، وأتبع الخفضَ الخفضَ ، وبالخفض كان يَقْرأ.* * *قال أبو جعفر ; والصواب من القول في ذلك عندي ، أنهما قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القُرّاء ، معناهما واحدٌ ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقد يجوز أن يكون الذي قرأه بالرفع أراد مَعْنَى مَنْ خفضَ في إتباع الكلام بعضِه بعضًا ، ولكنه رفع لانفصاله من الآية التي قبله ، كما قال جل ثناؤه; إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلى آخر الآية ثم قال; التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ [سورة التوبة ; 111 ، 112] . (27)* * *ومعنى قوله; ( اللهِ الذي له ما في السماوات وما في الأرض ) اللهِ الذي يملك جميع ما في السماوات ومَا في الأرض .يقول لنييه محمد صلى الله عليه وسلم; أنـزلنا إليك هذا الكتاب لتدعُوَ عِبادي إلى عِبَادة مَنْ هذه صفته ، وَيَدعُو عبادَةَ من لا يملك لهم ولا لنفسه ضَرًّا ولا نفعًا من الآلهة والأوثان. ثم توعّد جل ثناؤه من كفر به ، ولم يستجب لدعاء رسوله إلى ما دعاه إليه من إخلاص التوحيد له فقال; ( وويْلٌ للكافرين من عذاب شديد ) يقول; الوادِي الذي يسيلُ من صديد أهل جهنم ، لمن جحد وحدانيته ، وعبد معه غيره ، مِن عَذَاب الله الشَّدِيد. (28)-----------------------------------الهوامش ;(25) زدت ما بين القوسين لأنه حق الكلام ، وإلا لم يكن المعنى على " المؤخر الذي معناه التقديم " كما سيأتي ، بل كان يكون على التطويل والزيادة ، وهو باطل . وهو إغفال من عجلة الناسخ وسبق قلمه .(26) غاب عني مكان الرجز . و " الشزيب " و " الشزبة " ، ( بفتح فسكون ) ، من أسماء القوس ، وهي التي ليست بجديد ولا خلق ، كأنها شزب قضيبها ، أي ذبل . و " الشدة " ، ( بفتح الشين ) الحملة ، يقال ; " شد على العدو " ، أي حمل .(27) انظر ما قاله أبو جعفر في الآية ، فيما سلف 14 ; 500 ، التعليق رقم ; 2 .(28) انظر تفسير " الويل " فيما سلف 2 ; 267 - 269 ، 237 .
وليدل ذلك على أن صراط الله من أكبر الأدلة على ما لله من صفات الكمال، ونعوت الجلال، وأن الذي نصبه لعباده، عزيز السلطان، حميد في أقواله وأفعاله وأحكامه، وأنه مألوه معبود بالعبادات التي هي منازل الصراط المستقيم، وأنه كما أن له ملك السماوات والأرض خلقا ورزقا وتدبيرا، فله الحكم على عباده بأحكامه الدينية، لأنهم ملكه، ولا يليق به أن يتركهم سدى، فلما بيَّن الدليل والبرهان توعد من لم ينقد لذلك، فقال: { وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } لا يقدر قدره، ولا يوصف أمره
(الله) لفظ الجلالة بدل من الحميد- أو من العزيز- ،(الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ نعت للفظ الجلالة
(اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر
(في السموات) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما
(الواو) عاطفة
(ما في الأرض) مثل ما في السموات ومعطوف عليه
(الواو) عاطفة ويل مبتدأ مرفوع ،
(للكافرين) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ ويلـ (من عذاب) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لـ (ويل) ،
(شديد) نعت لعذاب مجرور.
جملة: «له ما في السموات ... » لا محلّ لها صلة الموصول الذي.
وجملة: «ويل للكافرين ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة
(هذا) كتاب في الآية السابقة.
(الّذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ ،
(يستحبّون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.. و (الواو) فاعلـ (الحياة) مفعول به منصوبـ (الدّنيا) نعت للحياة منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف
(على الآخرة) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يستحبّون) بتضمينه معنى يفضّلون
(الواو) عاطفة
(يصدّون) مثل يستحبّون
(عن سبيل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يصدّون) ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(يبغونها) مثل يستحبّون و (ها) ضمير في محلّ نصب مفعول به
(عوجا) مصدر في موضع الحال أي معوجّة ،
(أولئك) اسم إشارة مبنيّ على الكسر في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) حرف خطابـ (في ضلال) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ أولئك
(بعيد) نعت لضلال مجرور مثله.
جملة: «الذين يستحبّون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يستحبّون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
وجملة: «يصدّون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يبغونها ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «أولئك في ضلال ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الّذين) .