الرسم العثمانيوَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحٰىٓ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظّٰلِمِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَقَالَ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا لِرُسُلِهِمۡ لَـنُخۡرِجَنَّكُمۡ مِّنۡ اَرۡضِنَاۤ اَوۡ لَـتَعُوۡدُنَّ فِىۡ مِلَّتِنَا ؕ فَاَوۡحٰۤى اِلَيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَــنُهۡلِكَنَّ الظّٰلِمِيۡنَۙ
تفسير ميسر:
وضاقت صدور الكفار مما قاله الرسل فقالوا لهم; لنطردنكم من بلادنا حتى تعودوا إلى ديننا، فأوحى الله إلى رسله أنه سيهلك الجاحدين الذين كفروا به وبرسله.
يخبر تعالى عما توعدت به الأمم الكافرة رسلهم من الإخراج من أرضهم والنفي من بين أظهرهم كما قال قوم شعيب له ولمن آمن به " لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا " الآية وكما قال قوم لوط " أخرجوا آل لوط من قريتكم " الآية ; وقال تعالى إخبارا عن مشركي قريش " وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا " وقال تعالى " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " وكان من صنعه تعالى أنه أظهر رسوله ونصره وجعل له بسبب خروجه من مكة أنصارا وأعوانا وجندا يقاتلون في سبيل الله تعالى ولم يزل يرقيه تعالى من شيء إلى شيء حتى فتح له مكة التي أخرجته ومكن له فيها وأرغم أنوف أعدائه منهم ومن سائر أهل الأرض حتى دخل الناس في دين الله أفواجا وظهرت كلمة الله ودينه على سائر الأديان في مشارق الأرض ومغاربها في أيسر زمان ولهذا قال تعالى " فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم " وكما قال " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون " وقال تعالى " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " وقال تعالى " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " الآية " وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " وقال تعالى " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون.
قوله تعالى وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا اللام لام قسم ; أي والله لنخرجنكم .أو لتعودن أي حتى تعودوا أو إلا أن تعودوا ; قاله الطبري وغيره . قال ابن العربي ; وهو غير مفتقر إلى هذا التقدير ; فإن " أو " على بابها من التخيير ; خير الكفار الرسل بين أن يعودوا في ملتهم أو يخرجوهم من أرضهم ; وهذه سيرة الله تعالى في رسله وعباده ; ألا ترى إلى قوله ; وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا وقد تقدم هذا المعنى في " الأعراف " وغيرها . في ملتنا أي إلى ديننا ، فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين
قال أبو جعفر ; يقول عزّ ذكره; وقال الذين كفروا بالله لرسلهم الذين أرسلوا إليهم ، حين دعوهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له ، وفراق عبادة الآلهة والأوثان ( لنخرجنَّكم من أرضنا ) ، يعنون; من بلادنا فنطردكم عنها ( أو لتعودن في مِلّتنا ) ، يعنون; إلا أن تَعُودوا في دِيننا الذي نحن عليه من عبادة الأصنام. (9)* * *وأدخلت في قوله; ( لتعودُنَّ ) " لام " ، وهو في معنى شرطٍ ، كأنه جواب لليَمين ، وإنما معنى الكلام; لنخرجَنكم من أرضنا ، أو تعودون في ملتنا . (10)* * *ومعنى " أو " ههنا معنى " إلا " أو معنى " حتى " كما يقال في الكلام; " لأضربنك أوْ تُقِرَّ لي" ، فمن العرب من يجعل ما بعد " أو " في مثل هذا الموضع عطفًا على ما قبله ، إن كان ما قبله جزمًا جزموه ، وإن كان نصبًا نصبوه ، وإن كان فيه " لام " جعلوا فيه " لاما " ، (11) إذ كانت " أو " حرف نَسق. ومنهم من ينصب " ما " بعد " أو " بكل حالٍ ، ليُعْلَم بنصبه أنه عن الأول منقطع عما قبله ، كما قال امرؤ القيس;بَكَـى صَـاحِبِي لَمَّـا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُوَأَيْقَــنَ أَنَّـــا لاحِقَــانِ بِقَيْصَـرَافَقُلْــتُ لَـهُ; لا تَبْــكِ عَيْنُـكَ إِنَّمَـانُحَــاوِلُ مُلْكًــا أَوْ نَمُـوتَ فَنُعْـذَرَا (12)فنصب " نموت فنعذرا " وقد رفع " نحاول " ، لأنه أراد معنى; إلا أن نموتَ ،أو حتى نموتَ ، ومنه قول الآخر; (13)لا أَسْــتَطِيعُ نزوعًـا عَـنْ مَوَدَّتِهَـاأَوْ يَصْنَـعَ الْحُـبُّ بِي غَيْرَ الَّذِي صَنَعَا (14)وقوله; ( فأوحَى إليهم ربُّهم لنُهلكنَّ الظالمين ) ، الذين ظلموا أنفسهم ، (15) فأوجبوا لها عقاب الله بكفرهم. وقد يجوز أن يكون قيل لهم; " الظالمون " لعبادتهم من لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهة ، (16) فيكون بوضعهم العبادةَ في غير موضعها ، إذ كان ظلمًا ، سُمُّوا بذلك. (17)------------------------الهوامش ;(9) انظر تفسير " الملة " فيما سلف ; 101 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك ، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 ; 336 .(10) في المطبوعة ; " أو تعودن " ، والصواب من المخطوطة .(11) في المطبوعة ; " إن كان فيه لامًا " ، ، خطأ ، صوابه في المخطوطة .(12) ديوانه ; 65 من قصيدته الغالية التي قالها في مسيرة إلى قيصر مستنصرًا به بعد قتل أبيه . وصاحبه الذي ذكره ، هو عمرو بن قميئة اليشكري الذي استصحبه إلى قيصر ، و " الدرب " . ما بين طرسوس وبلاد الروم .(13) هو الأحوص بن محمد الأنصاري ، وينسب أحيانًا للمجنون .(14) الأغاني 4 ; 299 ، وديوان المجنون ; 200 ، وخرج أبيات الأحوص ، ولدنا الأستاذ عادل سليمان ، فيما جمعه من شعر لأحوص ، ولم يطبع بعد .(15) انظر تفسير ; " أوحى " فيما سلف 6 ; 405/9 ; 399 / 11 ; 217 ، 290 ، 371 ، 533 .(16) انظر تفسير " الظلم " فيما سلف 1 ; 523 ، 524 / 2 ; 369 ، 519 / 4 ; 584 / 5 ; 384 ، وغيرها في فهارس اللغة .(17) في المطبوعة كتب ; " سموا بذلك ظالمين " ، زاد ما لا محصل له ، إذ لم يألف عبارة أبي جعفر ، فأظلمت عليه .
لما ذكر دعوة الرسل لقومهم ودوامهم على ذلك وعدم مللهم، ذكر منتهى ما وصلت بهم الحال مع قومهم فقال: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ } متوعدين لهم { لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } وهذا أبلغ ما يكون من الرد، وليس بعد هذا فيهم مطمع، لأنه ما كفاهم أن أعرضوا عن الهدى بل توعدوهم بالإخراج من ديارهم ونسبوها إلى أنفسهم وزعموا أن الرسل لا حق لهم فيها، وهذا من أعظم الظلم، فإن الله أخرج عباده إلى الأرض، وأمرهم بعبادته، وسخر لهم الأرض وما عليها يستعينون بها على عبادته. فمن استعان بذلك على عبادة الله حل له ذلك وخرج من التبعة، ومن استعان بذلك على الكفر وأنواع المعاصي، لم يكن ذلك خالصا له، ولم يحل له، فعلم أن أعداء الرسل في الحقيقة ليس لهم شيء من الأرض التي توعدوا الرسل بإخراجهم منها. وإن رجعنا إلى مجرد العادة فإن الرسل من جملة أهل بلادهم، وأفراد منهم، فلأي شيء يمنعونهم حقا لهم صريحا واضحا؟! هل هذا إلا من عدم الدين والمروءة بالكلية؟ ولهذا لما انتهى مكرهم بالرسل إلى هذه الحال ما بقي حينئذ إلا أن يمضي الله أمره، وينصر أولياءه، { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ } بأنواع العقوبات.
(الواو) استئنافيّة
(قال) فعل ماض
(الّذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (كفروا) فعل ماض وفاعله
(لرسلهم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قال) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(نخرجنّ) مثل نصبرنّ ، و (كم) ضمير مفعول به
(من أرضنا) جارّ ومجرور متعلّق بـ (نخرجنّ) ، و (نا) ضمير مضاف إليه
(أو) حرف عطف
(لتعودنّ) لام القسم ومضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون، وقد حذفت لتوالي الأمثال، و (الواو) المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل، و (النون) للتوكيد
(في ملّتنا) مثل من أرضنا متعلّق بـ (تعودنّ) ،
(الفاء) عاطفة
(أوحى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر
(إلى) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أوحى) ،
(ربّهم) فاعل مرفوع، و (هم) مضاف إليه
(لنهلكنّ) مثل لنخرجنّ
(الظّالمين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «قال الّذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
وجملة: «نخرجنّكم ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.. وجملة القسم المقدّر مقول القول في محلّ نصب.
وجملة: «تعودنّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة: «أوحى.. ربّهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستئناف.
وجملة: «نهلكنّ ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.. وجملة القسم المقدّرة وجوابها تفسير للإيحاء.
(الواو) عاطفة
(لنسكننّكم) مثل لنخرجنّكم
(الأرض) مفعول به منصوبـ (من بعدهم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (نسكن) و (هم) ضمير مضاف إليه
(ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ، والإشارة إلى النصر وإيراث الأرض.. و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (اللام) حرف جرّ
(من) موصول في محلّ جرّ متعلّق بخبر المبتدأ
(خاف) فعل ماض، والفاعل هو وهو العائد
(مقامي) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(خاف وعيد) مثل خاف مقامي.. وحذف ضمير المتكلّم تخفيفا لمناسبة الفاصلة.
وجملة: «نسكننّكم ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر، وجملة القسم المقدّرة معطوفة على جملة القسم المقدّرة السابقة.
وجملة: «ذلك لمن خاف ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «خاف ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «خاف
(الثانية) ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) الثانية.
(الواو) عاطفة
(استفتحوا) فعل ماض وفاعله، والضمير يعود على الأنبياء
(الواو) عاطفة
(خاب) فعل ماض
(كلّ) فاعل مرفوع
(جبّار) مضاف إليه مجرور
(عنيد) نعت لجبّار مجرور.
وجملة: «استفتحوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أوحى.
وجملة: «خاب كلّ جبّار ... » لا محلّ لها معطوفة على مقدّر أي فنصروا وخاب كلّ جبّار ...(من ورائه) جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم.. و (الهاء) مضاف إليه
(جهنّم) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(الواو) عاطفة
(يسقى) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الجبّار
(من ماء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يسقى) ،
(صديد) بدل من ماء مجرور.وجملة: «من ورائه جهنّم ... » في محلّ رفع نعت لـ (كلّ جبّار) ، أو في محلّ جرّ نعت لجبّار .
وجملة: «يسقى ... » معطوفة على جملة من ورائه جهنّم تأخذ إعرابها.
(يتجرّعه) مضارع مرفوع، و (الهاء) ضمير مفعول به، والفاعل هو (الواو) عاطفة
(لا) نافية
(يكاد) مضارع ناقص مرفوع، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (يسيغه) مثل يتجرّعه
(الواو) عاطفة
(يأتيه) مثل يتجرّعه، والضمّة مقدّرة
(الموت) فاعل مرفوع
(من كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يأتيه) ،
(مكان) مضاف إليه مجرور
(الواو) حاليّة
(ما) نافية عاملة عمل ليس
(هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع اسم ما
(الباء) ، حرف جرّ زائد
(ميّت) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما
(الواو) عاطفة
(من ورائه عذاب) مثل من ورائه جهنّم
(غليظ) نعت لعذاب مرفوع مثله.
وجملة: «يتجرّعه ... » في محلّ جرّ نعت لماء .
وجملة: «لا يكاد يسيغه ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يتجرّعه .
وجملة: «يسيغه ... » في محلّ نصب خبر يكاد.
وجملة: «يأتيه الموت ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة لا يكاد ...وجملة: «ما هو بميّت ... » في محلّ نصب حال.
وجملة: «من ورائه عذاب ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يأتيه الموت..
- القرآن الكريم - ابراهيم١٤ :١٣
Ibrahim14:13