قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّٰحِمِينَ
قَالَ لَا تَثۡرِيۡبَ عَلَيۡكُمُ الۡيَوۡمَؕ يَغۡفِرُ اللّٰهُ لَـكُمۡ ۖ وَهُوَ اَرۡحَمُ الرّٰحِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
قال لهم يوسف; لا تأنيب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه وأناب إلى طاعته.
" قال لا تثريب عليكم اليوم " يقول أي لا تأنيب عليكم ولا عتب عليكم اليوم ولا أعيد عليكم ذنبكم في حقي بعد اليوم ثم زادهم الدماء لهم بالمغفرة فقال " يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين " قال السدي اعتذروا إلى يوسف فقال " لا تثريب عليكم اليوم " يقول لا أذكر لكم ذنبكم وقال ابن إسحاق والثوري " لا تثريب عليكم " أي لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم " يغفر الله لكم " أي عليكم فيما فعلتم " وهو أرحم الراحمين ".
قوله تعالى ; قال لا تثريب عليكم اليوم أي قال يوسف - وكان حليما موفقا ; لا تثريب عليكم اليوم وتم الكلام . ومعنى " اليوم " ; الوقت . والتثريب التعيير والتوبيخ ، أي لا [ ص; 225 ] تعيير ولا توبيخ ولا لوم عليكم اليوم ; قال سفيان الثوري وغيره ; ومنه قوله - عليه السلام - ; إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها أي لا يعيرها ; وقال بشر ;فعفوت عنهم عفو غير مثرب وتركتهم لعقاب يوم سرمدوقال الأصمعي ; ثربت عليه وعربت عليه بمعنى إذا قبحت عليه فعله . وقال الزجاج ; المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة ، وحق الإخوة ، ولكم عندي العفو والصفح ; وأصل التثريب الإفساد ، وهي لغة أهل الحجاز . وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بعضادتي الباب يوم فتح مكة ، وقد لاذ الناس بالبيت فقال ; الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم قال ; ماذا تظنون يا معشر قريش قالوا ; خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم وقد قدرت ; قال ; " وأنا أقول كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم " فقال عمر - رضي الله عنه - ; ففضت عرقا من الحياء من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أني قد كنت قلت لهم حين دخلنا مكة ; اليوم ننتقم منكم ونفعل ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال استحييت من قولي .يغفر الله لكم مستقبل فيه معنى الدعاء ; سأل الله أن يستر عليهم ويرحمهم . وأجاز الأخفش الوقف على " عليكم " والأول هو المستعمل ; فإن في الوقف على " عليكم " والابتداء ب اليوم يغفر الله لكم جزما بالمغفرة في اليوم ، وذلك لا يكون إلا عن وحي ، وهذا بين . وقال عطاء الخراساني ; طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ ; ألم تر قول يوسف ; لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وقال يعقوب ; سوف أستغفر لكم ربي .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره;قال يوسف لإخوته; ( لا تثريب ) يقول;لا تعيير عليكم (25) ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحقّ الأخوة ، ولكن لكم عندي الصفح والعفو .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;19795- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد ، قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله; ( لا تثريب عليكم ) ، لم يثرِّب عليهم أعمالهم.19796- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق ، قال، حدثنا عبد الله بن الزبير ، قوله; ( لا تثريب عليكم اليوم ) ، قال;قال سفيان;لا تعيير عليكم.19797- حدثنا ابن حميد ، قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق; ( قال لا تثريب عليكم اليوم ) ;، أي لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم.19798- وحدثنا ابن وكيع ، قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال، اعتذروا إلى يوسف فقال; ( لا تثريب عليكم اليوم، ) يقول;لا أذكر لكم ذنبكم.* * *وقوله; ( يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) ، وهذا دعاء من يوسف لإخوته بأن يغفر الله لهم ذنبهم فيما أتوا إليه وركبوا منه من الظلم ، يقول;عفا الله لكم عن ذنبكم وظلمكم ، فستره عليكم ، ( وهو أرحم الراحمين ) ، يقول;والله أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه، (26) وأناب إلى طاعته بالتوبة من معصيته . كما;-19799- حدثنا ابن حميد ، قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق; ( يغفر الله وهو أرحم الراحمين ) حين اعترفوا بذنبهم.----------------------الهوامش;(25) في المطبوعة والمخطوطة ;" تغيير" ، بالغين ، والصواب ما أثبته بالعين المهملة ، وهو صريح اللغة . وقد صححته في كل موضع يأتي بعد هذا .(26) في المطبوعة والمخطوطة ;" ممن تاب" ، وصواب الكلام ما أثبت .
فـ { قَالَ } لهم يوسف عليه السلام، كرما وجودا: { لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ } أي: لا أثرب عليكم ولا ألومكم { يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } فسمح لهم سماحا تاما، من غير تعيير لهم على ذكر الذنب السابق، ودعا لهم بالمغفرة والرحمة، وهذا نهاية الإحسان، الذي لا يتأتى إلا من خواص الخلق وخيار المصطفين.
(قال) فعل ماض والفاعل هو (لا) نافية للجنس
(تثريب) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصبـ (عليكم) مثل علينا متعلّق بخبر لا
(اليوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بخبر لا ،
(يغفر) مضارع مرفوع
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(لكم) مثل علينا ، متعلّق بـ (يغفر) ،
(الواو) عاطفة
(هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(أرحم) خبر المبتدأ مرفوع
(الراحمين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «لا تثريب عليكم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يغفر الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة في حيّز القول للدعاء.
وجملة: «هو أرحم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يغفر الله.
(اذهبوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... و (الواو) فاعلـ (بقميصي) جارّ ومجرور متعلّق بـ (اذهبوا) ، و (الياء) مضاف إليه
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ بدل من قميصي- أو عطف بيان-
(الفاء) عاطفة
(ألقوا) مثل اذهبوا و (الهاء) ضمير مفعول به
(على وجه) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ألقوه) ،
(أبي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء ... و (الياء) مضاف إليه
(يأت) مضارع مجزوم جواب الطلب، وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، وفاعله هو (بصيرا) حال منصوبة من الفاعلـ (الواو) عاطفة
(ائتوا) مثل اذهبوا، و (النون) للوقاية
(الياء) ضمير مفعول به
(بأهلكم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ائتوا) ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(أجمعين) توكيد معنويّ لأهل مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: «اذهبوا ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «القوه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اذهبوا.
وجملة: «يأت ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «ائتوني ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اذهبوا ...