قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِى الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سٰرِقِينَ
قَالُوۡا تَاللّٰهِ لَـقَدۡ عَلِمۡتُمۡ مَّا جِئۡنَا لِـنُفۡسِدَ فِى الۡاَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِيۡنَ
تفسير ميسر:
قال إخوة يوسف; والله لقد تحققتم مما شاهدتموه منا أننا ما جئنا أرض "مصر" من أجل الإفساد فيها، وليس من صفاتنا أن نكون سارقين.
لما اتهمهم أولئك الفتيان بالسرقة قال لهم إخوة يوسف " تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد فى الأرض وما كنا سارقين " أي لقد تحققتم وعلمتم منذ عرفتمونا لأنهم شاهدوا منهم سيرة حسنة أنا " ما جئنا لنفسد فى الأرض وما كنا سارقين " أي ليست سجايانا تقتضي هذه الصفة فقال لهم الفتيان.
قوله تعالى ; قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقينقوله تعالى ; قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض يروى أنهم كانوا لا ينزلون على أحد ظلما ، ولا يرعون زرع أحد ، وأنهم جمعوا على أفواه إبلهم الأكمة لئلا تعيث في زروع الناس .وما كنا سارقين يروى أنهم ردوا البضاعة التي كانت في رحالهم ; أي فمن رد ما وجد فكيف يكون سارقا ؟ ! .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; قال إخوة يوسف; (تالله) يعني; والله .* * *وهذه التاء في (تالله) ، إنما هي" واو " قلبت " تاء " كما فعل ذلك في" التوراة " وهي من " ورّيت "، (10) و " التُّراث "، وهي من " ورثت " , و " التخمة " وهي من " الوخامة "، قلبت الواو في ذلك كله تاء، و " الواو " في هذه الحروف كلها من الأسماء , وليست كذلك في (تالله) ، لأنها إنما هي واو القسم , وإنما جعلت تاء لكثرة ما جرى على ألسن العرب في الأيمان في قولهم; " والله ", فخُصَّت في هذه الكلمة بأن قلبت تاء . ومن قال ذلك في اسم الله فقال; " تالله " . لم يقل " تالرحمن " و " تالرحيم " , ولا مع شيء من أسماء الله , ولا مع شيء مما يقسم به , ولا يقال ذلك إلا في" تالله " وحده .* * *وقوله; (لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، يقول; لقد علمتم ما جئنا لنعصى الله في أرضكم. (11)* * *كذلك كان يقول جماعة من أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;19555- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس , في قوله; (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، نقول; ما جئنا لنعصى في الأرض.* * *فإن قال قائل; وما كان عِلْمُ من قيل له (12) (لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، بأنهم لم يجيئوا لذلك، حتى استجاز قائلو ذلك أن يقولوه؟قيل; استجازوا أن يقولوا ذلك لأنهم فيما ذكر ردُّوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم , فقالوا; لو كنا سُرَّاقًا لم نردَّ عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا .وقيل; إنهم كانوا قد عُرِفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون أحدًا ولا يتناولون ما ليس لهم , فقالوا ذلك حين قيل لهم; إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ .* * *----------------------الهوامش;(10) في المطبوعة ;" كما فعل ذلك في التورية ، وهي من وريت" ، فأساء غاية الإساءة ، فضلا عما فيه من الجهالة . والصواب من المخطوطة ، و" التوراة" ، وهي التي أنزلها الله على موسى ، قال الفراء في كتاب المصادر إنها" تفعلة" من" وريت" ، وجرت على لغة طئ ، كقولهم في" التوصية"" توصاة" وفي" الجارية"" جاراة" . وقال البصريون ;" التوراة" ، أصلها" فوعلة" ، مثل" الحوصلة" و" الدوخلة" وكل ما كان على" فوعلت" ، فمصدره" فوعلة" ، وقلبت الواو تاء ، كما قلبت في" تولج" وأصلها" ولج" .(11) انظر تفسير" الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة ( فسد ) .(12) في المطبوعة ;" وما كان أعلم من قيل له" ، وهو عبث وفساد ، صوابه ما في المخطوطة .
{ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ } بجميع أنواع المعاصي، { وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } فإن السرقة من أكبر أنواع الفساد في الأرض، وإنما أقسموا على علمهم أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين، لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم، وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم، وهذا أبلغ في نفي التهمة، من أن لو قالوا: { تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق }.
(قالوا) فعل وفاعلـ (التاء) تاء القسم
(الله) لفظ الجلالة مجرور بتاء القسم متعلّق بمحذوف تقديره نقسم
(اللام) لام القسم
(قد) حرف تحقيق
(علمتم) فعل ماض مبنيّ السكون ... و (تم) ضمير فاعلـ (ما) نافية
(جئنا) مثل علمتم
(اللام) لام التعليلـ (نفسد) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل نحن
(في الأرض) جار ومجرور متعلّق بـ (نفسد) ،
(الواو) عاطفة
(ما) نافية
(كنّا) ماض ناقص واسمه
(سارقين) خبر كنّا منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «
(نقسم) بالله ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قد علمتم ... » لا محلّ لها جواب القسم.وجملة: «ما جئنا ... » في محلّ نصب مفعول به لفعل العلم المعلّق بالنفي.
وجملة: «نفسد ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر والمصدر المؤوّلـ (أن نفسد) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (جئنا) .
وجملة: «ما كنا سارقين ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة
(ما) جئنا.