قَالُوٓا أَضْغٰثُ أَحْلٰمٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلٰمِ بِعٰلِمِينَ
قَالُوۡۤا اَضۡغَاثُ اَحۡلَامٍۚ وَمَا نَحۡنُ بِتَاۡوِيۡلِ الۡاَحۡلَامِ بِعٰلِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
قالوا; رؤياك هذه أخلاط أحلام لا تأويل لها، وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين.
هذه الرؤيا من ملك مصر مما قدر الله تعالى أنها كانت سببا لخروج يوسف عليه السلام من السجن معززا مكرما وذلك أن الملك رأى هذه الرؤيا فهالته وتعجب من أمرها وما يكون تفسيرها فجمع الكهنة والحادة وكبار دولته وأمراءه فقص عليهم ما رأى وسألهم عن تأويلها فلم يعرفوا ذلك واعتذروا إليه بأنها " أضغاث أحلام " أي أخلاط أحلام اقتضته رؤياك هذه " وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " أي لو كانت رؤيا صحيحة من أخلاط لما كان لنا معرفة بتأويلها وهو تعبيرها فعند ذلك تذكر الذي نجا من ذينك الفتيين اللذين كانا في السجن مع يوسف وكان الشيطان قد أنساه ما وصاه به يوسف عليه السلام ذكر أمره للملك فعند ذلك تذكر بعد أمة أي مدة وقرأ بعضهم بعد أمة أي بعد نسيان فقال لهم أي للملك والذين جمعهم.
قوله تعالى ; قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين فيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى ; أضغاث أحلام قال الفراء ; ويجوز أضغاث أحلام قال النحاس ; النصب بعيد ، لأن المعنى ; لم تر شيئا له تأويل ، إنما هي أضغاث أحلام ، أي أخلاط . وواحد الأضغاث ضغث ، يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أو غيرهما ضغث ; قال الشاعر ;كضغث حلم غر منه حالمهوما نحن بتأويل الأحلام بعالمين قال الزجاج ; المعنى بتأويل الأحلام المختلطة ، نفوا عن أنفسهم علم ما لا تأويل له ، لا أنهم نفوا عن أنفسهم علم التأويل . وقيل ; نفوا عن أنفسهم علم التعبير . والأضغاث على هذا الجماعات من الرؤيا التي منها صحيحة ومنها باطلة ، ولهذا قال الساقي ; أنا أنبئكم بتأويله فعلم أن القوم عجزوا عن التأويل ، لا أنهم ادعوا ألا تأويل لها . وقيل ; إنهم لم يقصدوا تفسيرا ، وإنما أرادوا محوها من صدر الملك حتى لا تشغل باله ، وعلى هذا أيضا فعندهم علم . والأحلام جمع حلم ، والحلم بالضم ما يراه النائم ، تقول منه حلم بالفتح واحتلم ، وتقول ; حلمت ، بكذا وحلمته ، قال ;فحلمتها وبنو رفيدة دونها لا يبعدن خيالها المحلومأصله الأناة ، ومنه الحلم ضد الطيش ; فقيل لما يرى في النوم حلم لأن النوم حالة أناة وسكون ودعة .الثانية ; وفي الآية دليل على بطلان قول من يقول ; إن الرؤيا على أول ما تعبر ، لأن القوم قالوا ; أضغاث أحلام ولم تقع كذلك ; فإن يوسف فسرها على سني الجدب والخصب ، فكان كما عبر ; وفيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر ، فإذا عبرت وقعت .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ (44)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره; قال الملأ الذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤياه; رؤياك هذه " أضغاث أحلام " ، يعنون أنها أخلاطٌ، رؤيا كاذبةٌ لا حقيقة لها .* * *، وهي جمع " ضغث " ، و " الضغث " أصله الحزمة من الحشيش ، يشبه بها الأحلام المختلطة التي لا تأويل لها ، و " الأحلام "، جمع حلم ، وهو ما لم &; 16-118 &; يصدق من الرؤيا ، ومن " الأضْغَاث " قول ابن مقبل;خَـوْدٌ كَـأَنَّ فِرَاشَـهَا وُضِعَـتْ بِـهِأضْغَــاثُ رَيْحَــانٍ غَـدَاةَ شَـمَالٍ (1)ومنه قول الآخر; (2)يَحْــمِي ذِمَـارَ جَـنِينٍ قَـلَّ مَانِعُـهُطَـاوٍ كَـضِغْثِ الخَلا فِي البَطْنِ مُكْتَمِن (3)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;19332 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله; (أضغاث أحلام) يقول; مشتبهة.19333 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله; (أضغاث أحلام)، كاذبة.19334 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال ،لما قصّ الملك رؤياه التي رأى على أصحابه ، قالوا; ( أضغاث أحلام)، أي فعل الأحلام.19335 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة; (أضغاث أحلام)، قال; أخلاط أحلام ، (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين).19336 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك قال ،" أضغاث أحلام "، كاذبة.19337 - ... قال، حدثني المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك; " قالوا أضغاث " قال ; كذب.19338- حدثت عن الحسين بن الفرج قال ،سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله; (أضغاث أحلام)، هي الأحلام الكاذبة.* * *وقوله; (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين)، يقول; وما نحن بما تئول إليه الأحلام الكاذبة بعالمين . (4)* * *والباء الأولى التي في" التأويل " من صلة " العالمين " ، والتي في" العالمين "" الباء " التي تدخل في الخبر مع " ما " التي بمعنى الجحد ، ورفع " أضغاث أحلام " ، لأن معنى الكلام; ليس هذه الرؤيا بشيء، إنما هي أضغاث أحلام .* * *----------------------الهوامش;(1) لم أجده في غير هذا المكان . و" الخود" ، الفتاة الناعمة الشابة . و" الشمال" هي الريح المعروفة ، وهي الباردة . وما أطيب ما وصف ابن مقبل وما أبصره !(2) لم أعرف قائله .(3) هذا بيت لم أجده ، ولا أحسن تفسيره مفردًا .(4) انظر تفسير" التأويل" فيما سلف ص ; 98 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .
{ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ } أي أحلام لا حاصل لها، ولا لها تأويل. وهذا جزم منهم بما لا يعلمون، وتعذر منهم، [بما ليس بعذر] ثم قالوا: { وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ } أي: لا نعبر إلا الرؤيا، وأما الأحلام التي هي من الشيطان، أو من حديث النفس، فإنا لا نعبرها. فجمعوا بين الجهل والجزم، بأنها أضغات أحلام، والإعجاب بالنفس، بحيث إنهم لم يقولوا: لا نعلم تأويلها، وهذا من الأمور التي لا تنبغي لأهل الدين والحجا، وهذا أيضا من لطف الله بيوسف عليه السلام. فإنه لو عبرها ابتداء - قبل أن يعرضها على الملأ من قومه وعلمائهم، فيعجزوا عنها -لم يكن لها ذلك الموقع، ولكن لما عرضها عليهم فعجزوا عن الجواب، وكان الملك مهتما لها غاية، فعبرها يوسف- وقعت عندهم موقعا عظيما، وهذا نظير إظهار الله فضل آدم على الملائكة بالعلم، بعد أن سألهم فلم يعلموا. ثم سأل آدم، فعلمهم أسماء كل شيء، فحصل بذلك زيادة فضله، وكما يظهر فضل أفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم في القيامة، أن يلهم الله الخلق أن يتشفعوا بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم السلام، فيعتذرون عنها، ثم يأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقول: \"أنا لها أنا لها\" فيشفع في جميع الخلق، وينال ذلك المقام المحمود، الذي يغبطه به الأولون والآخرون. فسبحان من خفيت ألطافه، ودقَّت في إيصاله البر والإحسان، إلى خواص أصفيائه وأوليائه.
(قالوا) فعل ماض وفاعله
(أضغاث) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي أو هذه أو تلك
(أحلام) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(ما) نافية عاملة عمل ليس
(نحن) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع اسم ما
(بتأويل) جارّ ومجرور متعلّق بعالمين
(الأحلام) مضاف إليه مجرور
(الباء) حرف جرّ زائد
(عالمين) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما.
جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «
(هي) أضغاث ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما نحن.. بعالمين» في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
(الواو) عاطفة
(قال) فعل ماض
(الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (نجا) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل هو وهو العائد
(من) حرف جرّ و (هما) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من فاعل نجا
(الواو) عاطفة
(ادّكر) مثال قالـ (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (ادّكر) ،
(أمّة) مضاف إليه مجرور
(أنا) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(أنبّئكم) مضارع مرفوع.. و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل أنا ضمير مستتر
(بتأويله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أنبّئكم) ..و (الهاء) مضاف إليه
(الفاء) عاطفة لربط المسبب بالسبب «1» ،
(أرسلون) فعل أمر مبنيّ على حذف النون والواو فاعل، و (النون) للوقاية و (الياء) المحذوفة للتخفيف وفاصلة الآية ضمير مفعول به.
وجملة: «قال الذي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا ...وجملة: «نجا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «ادّكر....» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «أنا أنبّئكم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أنبّئكم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أنا) .
وجملة: «أرسلون» لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي:
تهيّؤوا فأرسلون.