قَالَتْ يٰوَيْلَتٰىٓ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزٌ وَهٰذَا بَعْلِى شَيْخًا ۖ إِنَّ هٰذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ
قَالَتۡ يٰوَيۡلَتٰٓى ءَاَلِدُ وَاَنَا عَجُوۡزٌ وَّهٰذَا بَعۡلِىۡ شَيۡخًا ؕ اِنَّ هٰذَا لَشَىۡءٌ عَجِيۡبٌ
تفسير ميسر:
قالت سارة لما بُشِّرت بإسحاق متعجبة; يا ويلتا كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهذا زوجي في حال الشيخوخة والكبر؟ إن إنجاب الولد مِن مثلي ومثل زوجي مع كبر السن لَشيء عجيب.
فإنها "قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز" وفي الذاريات" فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم" كما جرت به عادة النساء في أقوالهن وأفعالهن عند التعجب.
قوله تعالى ; قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيبفيه مسألتان ;الأولى ; " يا ويلتا " قال الزجاج ; أصلها يا ويلتي ; فأبدل من الياء ألف ; لأنها أخف من الياء والكسرة ; ولم ترد الدعاء على نفسها بالويل ; ولكنها كلمة تخف على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يعجبن منه ; وعجبت من ولادتها ومن كون بعلها شيخا لخروجه عن العادة ، وما خرج عن العادة مستغرب ومستنكر .و " أألد " استفهام معناه التعجب ." وأنا عجوز " أي شيخة . ولقد عجزت تعجز عجزا وعجزت تعجيزا ; أي طعنت في السن . وقد يقال ; عجوزة أيضا . وعجزت المرأة بكسر الجيم ; عظمت عجيزتها عجزا وعجزا بضم العين وفتحها . قال مجاهد ; كانت بنت تسع وتسعين سنة . وقال ابن إسحاق ; كانت بنت تسعين سنة . وقيل غير هذا .[ ص; 63 ] الثانية ; قوله تعالى ; وهذا بعلي أي زوجي . شيخا نصب على الحال ، والعامل فيه التنبيه أو الإشارة . وهذا بعلي ابتداء وخبر . وقال الأخفش ; وفي قراءة ابن مسعود وأبي " وهذا بعلي شيخ " قال النحاس ; كما تقول هذا زيد قائم ; فزيد بدل من هذا ; وقائم خبر الابتداء . ويجوز أن يكون " هذا " مبتدأ " وزيد قائم " خبرين ; وحكى سيبويه ; هذا حلو حامض . وقيل ; كان إبراهيم ابن مائة وعشرين سنة . وقيل ; ابن مائة فكان يزيد عليها في قول مجاهد سنة . وقيل ; إنها عرضت بقولها ; وهذا بعلي شيخا أي عن ترك غشيانه لها . وسارة هذه امرأة إبراهيم بنت هاران بن ناحور بن شاروع بن أرغو بن فالغ ، وهي بنت عم إبراهيم .إن هذا لشيء عجيب أي الذي بشرتموني به لشيء عجيب .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره; قالت سَارة لما بُشِّرت بإسحاق أنَّها تلد تعجبًا مما قيل لها من ذلك، إذ كانت قد بلغت السن التي لا يلد من كان قد بلغها من الرجال والنساء ،* * *وقيل; إنها كانت يومئذ ابنة تسع وتسعين سنة، وإبراهيم ابن مائة سنة. وقد ذكرت الرواية فيما روي في ذلك عن مجاهد قبلُ. (1)وأما ابن إسحاق، فإنه قال في ذلك ما;-18330- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال; كانت سارَة يوم بُشِّرت بإسحاق ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم ، ابنة تسعين سنة، وإبراهيم ابن عشرين ومائة سنة.* * *، (يَا وَيْلَتَا) وهي كلمة تقولها العرب عند التعجب من الشيء والاستنكار للشيء، فيقولون عند التعجب; " ويلُ أمِّه رجلا ما أرْجَله " ! (2)* * *وقد اختلف أهل العربية في هذه الألف التي في; (يا ويلتا) .فقال بعض نحويي البصرة; هذه ألف حقيقة، إذا وقفت قلت; " يا ويلتاه "، وهي مثل ألف الندبة، فلطفت من أن تكون في السكت، وجعلت بعدها الهاء لتكون أبين لها ، وأبعد في الصوت . ذلك لأن الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدًى كنحو الصوت يكون في جوف الشيء فيتردد فيه، فتكون أكثر وأبين.* * *وقال غيره; هذه ألف الندبة، فإذا وقفت عليها فجائز، وإن وقفت على الهاء فجائز ، وقال; ألا ترى أنهم قد وقفوا على قوله; وَيَدْعُ الإِنْسَانُ ، [ سورة الإسراء; 11] ، فحذفوا الواو وأثبتوها، وكذلك; مَا كُنَّا نَبْغِ ، [ سورة الكهف; 64] ، بالياء، وغير الياء؟ قال; وهذا أقوى من ألف الندبة وهائها.* * *قال أبو جعفر ; والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الألف ألف الندبة، والوقف عليها بالهاء وغير الهاء جائز في الكلام لاستعمال العرب ذلك في كلامهم.* * *وقوله; (أألد وأنا عجوز) ، تقول; أنى يكون لي ولد ، (وأنا عجوز وهذا بعلي شيْخًا) ، والبعل في هذا الموضع; الزوج ، وسمي بذلك لأنه قيم أمرها، كما سموا مالك الشيء " بعله "، وكما قالوا للنخل التي تستغني بماء السماء عن سقي ماء الأنهار والعيون " البعل "، لأن مالك الشيء القيم به، والنخل البعل ، بماء السمَاء حياتُه. (3)* * *وقوله ، (إن هذا لشيء عجيب) ، يقول; إن كون الولد من مثلي ومثل بعلي على السن التي بها نحن لشيء عجيب .---------------------------الهوامش ;(1) انظر ما سلف رقم ; 18320 .(2) انظر تفسير " الويل " فيما سلف 2 ; 267 - 269 ، 273 .(3) انظر تفسير " البعل " فيما سلف 4 ; 526 ، 527 / 9 ; 267 ، ولم يذكر فيهما مثل هذا التفصيل في معناه . وهذا من فعله ، دال على طريقته في التأليف .
{ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا } فهذان مانعان من وجود الولد { إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }
(قالت) مثل ضحكت ،
(يا) أداة نداء وتعجّبـ (ويلتا) منادى متعجّب به مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الألف المنقلبة عن ياء منع من ظهورها اشتغال المحلّ بالحركة المناسبة، و (الألف) المنقلبة عن ياء في محلّ جرّ مضاف إليه
(الهمزة) للاستفهام التعجّبيّ
(ألد) مضارع مرفوع، والفاعل أنا
(الواو) واو الحالـ (أنا) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(عجوز) خبر مرفوع
(الواو) عاطفة
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(بعلي) خبر مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء..
و (التاء) ضمير مضاف إليه
(شيخا) حال من بعلي، والعامل ما في الإشارة من معنى الفعلـ (إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (هذا) مثل الأول في محلّ نصب اسم إنّ
(اللام) المزحلقة
(شيء) خبر إنّ مرفوع
(عجيب) نعت لشيء مرفوع.
جملة: «قالت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يا ويلتا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ألد ... » لا محلّ لها جواب النداء والتعجّب.
وجملة: «أنا عجوز..» في محلّ نصب حال من فاعل ألد.
وجملة: «هذا بعلي ... » في محلّ نصب معطوفة على الجملة الحاليّة.
وجملة: «إنّ هذا لشيء ... » لا محلّ لها استئنافيّة.