وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُۥ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِنۢ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوٓا إِنْ هٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ
وَ هُوَ الَّذِىۡ خَلَقَ السَّمٰوٰتِ وَالۡاَرۡضَ فِىۡ سِتَّةِ اَ يَّامٍ وَّكَانَ عَرۡشُهٗ عَلَى الۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ اَيُّكُمۡ اَحۡسَنُ عَمَلًا ؕ وَلَٮِٕنۡ قُلۡتَ اِنَّكُمۡ مَّبۡعُوۡثُوۡنَ مِنۡۢ بَعۡدِ الۡمَوۡتِ لَيَـقُوۡلَنَّ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡۤا اِنۡ هٰذَاۤ اِلَّا سِحۡرٌ مُّبِيۡنٌ
تفسير ميسر:
وهو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن في ستة أيام، وكان عرشه على الماء قبل ذلك؛ ليختبركم أيكم أحسن له طاعةً وعملا وهو ما كان خالصًا لله موافقًا لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولئن قلت -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين من قومك; إنكم مبعوثون أحياءً بعد موتكم، لسارعوا إلى التكذيب وقالوا; ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا إلا سحر بيِّن.
يخبر تعالى عن قدرته على كل شيء وأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وأن عرشه كان على الماء قيل ذلك كما قال الإمام أحمد; حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال; قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "اقبلوا البشرى يا بني تميم" قالوا قد بشرتنا فأعطنا قال "اقبلوا البشري يا أهل اليمن" قالوا قد قبلنا فأخبرنا عن أول هذا ألأمر كيف كان؟ قال "كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء". قال; فأتاني آت فقال يا عمران انحلت ناقتك من عقالها قال فخرجت في إثرها فلا أدري ما كان بعدي; وهذا الحديث مخرج في صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة فمنها قالوا جئناك نسألك عن أول هذا الأمر فقال "كان الله ولم يكن شيء قبله وفي رواية - غيره- وفي رواية - معه- وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض" وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال; قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء" وقال البخاري في تفسير هذه الآية; حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "قال الله عز وجل أنفق أنفق عليك". وقال "يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار" وقال "أفرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع". وقال الإمام أحمد; حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين واسمه لقيط بن عامر بن المنتفق العقيلي قال; قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال "كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء ثم خلق العرش بعد ذلك". وقد رواه الترمذي في التفسير وابن ماجه في السنن من حديث يزيد بن هارون به وقال الترمذي هذا حديث حسن وقال مجاهد "وكان عرشه على الماء" قبل أن يخلق شيئا وكذا قال وهب بن منبه وضمرة وقتادة وابن جرير وغير واحد وقال قتادة في قوله "وكان عرشه على الماء" ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السموات والأرض وقال الربيع بن أنس "وكان عرشه على الماء" فلما خلق السموات والأرض قسم ذلك الماء قسمين فجعل نصفا تحت العرش وهو البحر المسجور. وقال ابن عباس إنما سمي العرش عرشا لارتفاعه وقال إسماعيل بن أبي خالد سمعت سعدا الطائي يقول; العرش ياقوتة حمراء وقال محمد بن إسحاق في قوله تعالى "هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء" فكان كما وصف نفسه تعالى إذ ليس إلا الماء وعليه العرش وعلى العرش ذو الجلال والإكرام والعزة والسلطان والملك والقدرة والحلم والعلم والرحمة والنعمة الفعال لما يريد ; وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال; سئل ابن عباس عن قول الله "وكان عرشه علي الماء" على أي شيء كان الماء؟ قال على متن الريح وقوله تعالى "ليبلوكم أيكم أحسن عملا" أي خلق السموات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا ولم يخلق ذلك عبثا كقوله "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار" وقال تعالى "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم" وقال تعالى "ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الآية ; وقوله "ليبلوكم" أي ليختبركم "أيكم أحسن عملا" ولم يقل أكثر عملا بل أحسن عملا ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصا لله عز وجل على شريعة رسول الله فمتى فقد العمل واحدا من هذين الشرطين حبط وبطل. وقوله "ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت" الآية. يقول تعالى ولئن أخبرت يا محمد هؤلاء المشركين أن الله سيبعثهم بعد مماتهم كما بدأهم مع أنهم يعملون أن الله تعالى هو الذي خلق السموات والأرض كما قال تعالى "ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله" "ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله" وهم مع هذا ينكرون البعث والمعاد يوم القيامة الذي هو بالنسبة إلى القدرة أهون من البداءة كما قال تعالى "وهو الذي يبدا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" وقال تعالى "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة" وقولهم "إن هذا إلا سحر مبين" أي يقولون كفرا وعنادا ما نصدقك على وقوع البعث وما يذكر ذلك إلا من سحرته فهو يتبعك على ما تقول.