فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍۢ
فِىۡ عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ
تفسير ميسر:
إنها عليهم مطبَقة في سلاسل وأغلال مطوَّلة؛ لئلا يخرجوا منها.
قوله تعالى "في عمد ممددة" قال عطية العوفي عمد من حديد وقال السدي من نار وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس "في عمد ممددة" يعني الأبواب هي الممددة وقال فتادة في قراءة عبدالله بن مسعود إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة وقال العوفي عن ابن عباس أدخلهم في عمد ممددة عليهم بعماد في أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب وقال قتادة كنا نحدث أنهم يعذبون بعمد في النار واختاره ابن جرير وقال أبو صالح "في عمد ممددة" يعني القيود الثقال. آخر تفسير سورة ويل لكل همزة ولله الحمد والمنة.
أي موصدة بعمد ممددة ; قاله ابن مسعود ; وهي في قراءته بعمد ممددة في حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ثم إن الله يبعث إليهم ملائكة بأطباق من نار ، ومسامير من نار وعمد من نار ، فتطبق عليهم بتلك الأطباق ، وتشد عليهم بتلك المسامير ، وتمد بتلك العمد ، فلا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح ، ولا يخرج منه غم ، وينساهم الرحمن على عرشه ، ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم ، ولا يستغيثون بعدها أبدا ، وينقطع الكلام ، فيكون كلامهم زفيرا وشهيقا ; فذلك قوله تعالى ; إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة . وقال قتادة ; عمد يعذبون بها . واختاره الطبري . وقال ابن عباس ; إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم . وقيل ; قيود في أرجلهم ; قاله أبو صالح . وقال القشيري ; والمعظم على أن العمد أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار . وتشد تلك الأطباق بالأوتاد ، حتى يرجع عليهم غمها وحرها ، فلا يدخل عليهم روح . وقيل ; أبواب النار مطبقة عليهم وهم في عمد ; أي في سلاسل وأغلال مطولة ، وهي أحكم وأرسخ من القصيرة . وقيل ; هم في عمد ممددة ; أي في عذابها وآلامها يضربون بها . وقيل ; المعنى في دهر ممدود ; أي لا انقطاع له . وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ( في عمد ) بضم العين والميم ; جمع عمود . وكذلك عمد أيضا .قال الفراء ; والعمد والعمد ; جمعان صحيحان لعمود ; مثل أديم وأدم وأدم ، وأفيق وأفق وأفق . أبو عبيدة ; عمد ; جمع عماد ; مثل إهاب . واختار أبو عبيد عمد بفتحتين . وكذلك أبو حاتم ; اعتبارا بقوله تعالى ; رفع السماوات بغير عمد ترونها . وأجمعوا على فتحها . قال الجوهري ; العمود ; عمود البيت ، وجمع القلة ; أعمدة ، وجمع الكثرة عمد ، وعمد ; وقرئ بهما قوله تعالى ; في عمد ممددة . وقال أبو عبيدة ; العمود ، كل مستطيل من خشب أو حديد ، وهو أصل للبناء مثل العماد . عمدت الشيء فانعمد ; أي أقمته بعماد يعتمد عليه وأعمدته جعلت تحته عمدا والله أعلم .
وقوله; ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة; ( فِي عَمَدٍ ) بفتح العين والميم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة; " فِي عُمُدٍ" بضم العين والميم. والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان, قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء, ولغتان صحيحتان. والعرب تجمع العمود; عُمُدا وعَمَدا, بضم الحرفين وفتحهما, وكذلك تفعل في جمع إهاب, تجمعه; أُهُبا, بضم الألف والهاء, وأَهَبا بفتحهما, وكذلك القضم, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.واختلف أهل التأويل في معنى ذلك, فقال بعضهم; (إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة ) أي مغلقة مطبقة عليهم, وكذلك هو في قراءة عبد الله فيما بلغنا.حدثنا ابن حميد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, عن قتادة, في قراءة عبد الله; " إنها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٍ بِعَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ".وقال آخرون; بل معنى ذلك; إنما دخلوا في عمد, ثم مدت عليهم تلك العمد بعماد.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) قال; أدخلهم في عمد, فمدت عليهم بعماد, وفي أعناقهم السلاسل, فسدّت بها الأبواب.حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد ( فِي عَمَدٍ ) من حديد مغلولين فيها, وتلك العمد من نار قد احترقت من النار, فهي من نار ( مُمَدَّدَةٍ ) لهم.وقال آخرون; هي عمد يعذّبون بها.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) كُنَّا نحدَّث أنها عمد يعذّبون بها في النار, قال بشر; قال يزيد; في قراءة قتادة; ( عَمَدٍ ) .حدثنا ابن حميد, قال; ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) قال; عمود يعذبون به في النار.وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال; معناه; أنهم يعذّبون بعمد في النار, والله أعلم كيف تعذيبه إياهم بها, ولم يأتنا خبر تقوم به الحجة بصفة تعذيبهم بها, ولا وضع لنا عليها دليل, فندرك به صفة ذلك, فلا قول فيه, غير الذي قلنا يصحّ عندنا, والله أعلم.آخر تفسير سورة الهمزة
{ فِي عَمَدٍ } من خلف الأبواب { مُمَدَّدَةٍ } لئلا يخرجوا منها { كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا } .[نعوذ بالله من ذلك، ونسأله العفو والعافية].
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة