إِنَّ الْإِنسٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٌ
اِنَّ الۡاِنۡسَانَ لِرَبِّهٖ لَـكَنُوۡدٌ
تفسير ميسر:
إن الإنسان لِنعم ربه لَجحود، وإنه بجحوده ذلك لمقر. وإنه لحب المال لشديد.
هذا هو المقسم عليه بمعنى أنه بنعم ربه لكفور جحود قال ابن عباس ومجاهد لإبراهيم النخعي وأبو الجوزاء وأبو العالية وأبو الضحى وسعيد بن جبير ومحمد بن قيس والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد; الكنود الكفور قال الحسن; الكنود هو الذي يعد المصائب وبني نعم الله عليه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو كريب حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إن الانسان لربه لكنود" قال; الكنود الذي يأكل وحده ويضرب عبده ويمنع رفده" رواه ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن الزبير وهو متروك فهذا إسناد ضعيف. وقد رواه ابن جرير أيضا من حديث جرير ابن عثمان عن حمزة بن هانئ عن أبي أمامة موفوقا.
قوله تعالى ; إن الإنسان لربه لكنودهذا جواب القسم ; أي طبع الإنسان على كفران النعمة . قال ابن عباس ; لكنود لكفور جحود لنعم الله . وكذلك قال الحسن . وقال ; يذكر المصائب وينسى النعم . أخذه الشاعر فنظمه ;يا أيها الظالم في فعله والظلم مردود على من ظلم إلى متى أنت وحتى متىتشكو المصيبات وتنسى النعم !وروى أبو أمامة الباهلي قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; " الكنود ، هو الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده " . وروى ابن عباس قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا أنبئكم بشراركم " ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال ; " من نزل وحده ، ومنع رفده ، وجلد عبده " . خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال ; الكنود بلسان كندة [ ص; 143 ] وحضرموت ; العاصي ، وبلسان ربيعة ومضر ; الكفور . وبلسان كنانة ; البخيل السيئ الملكة ; وقاله مقاتل ; وقال الشاعر ;كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنودا لنعماء الرجال يبعدأي كفور . ثم قيل ; هو الذي يكفر باليسير ، ولا يشكر الكثير . وقيل ; الجاحد للحق . وقيل ; إنما سميت كندة كندة ; لأنها جحدت أباها . وقال إبراهيم بن هرمة الشاعر ;دع البخلاء إن شمخوا وصدوا وذكرى بخل غانية كنودوقيل ; الكنود ; من كند إذا قطع ; كأنه يقطع ما ينبغي أن يواصله من الشكر . ويقال ; كند الحبل ; إذا قطعه . قال الأعشى ;أميطي تميطي بصلب الفؤاد وصول حبال وكنادهافهذا يدل على القطع . ويقال ; كند يكند كنودا ; أي كفر النعمة وجحدها ، فهو كنود . وامرأة كنود أيضا ، وكنود مثله . قال الأعشى ;أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتادأي كفور للمواصلة . وقال ابن عباس ; الإنسان هنا الكافر ; يقول إنه لكفور ; ومنه الأرض الكنود التي لا تنبت شيئا . وقال الضحاك ; نزلت في الوليد بن المغيرة . قال المبرد ; الكنود ; المانع لما عليه . وأنشد لكثير ;أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتادوقال أبو بكر الواسطي ; الكنود ; الذي ينفق نعم الله في معاصي الله . وقال أبو بكر الوراق ; الكنود ; الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه . وقال الترمذي ; الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم . وقال ذو النون المصري ; الهلوع والكنود ; هو الذي إذا مسه الشر جزوع ، وإذا مسه الخير منوع . وقيل ; هو الحقود الحسود . وقيل ; هو الجهول لقدره . وفي الحكمة ; من جهل قدره ; هتك ستره .قلت ; هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران والجحود . وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - معنى الكنود بخصال مذمومة ، وأحوال غير محمودة ; فإن صح فهو أعلى ما يقال ، ولا يبقى لأحد معه مقال .
وقوله; ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ )يقول; إن الإنسان لكفور لنعم ربه. والأرض الكنود; التي لا تنبت شيئا, قال الأعشى;أحْـدِثْ لَهَـا تُحْـدِثْ لِـوَصْلِكَ إنَّهـاكُنُــدٌ لــوَصْلِ الزَّائِــرِ المُعْتـادِ (1)وقيل; إنما سميت كندة; لقطعها أباها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك;حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري, قال; ثنا محمد بن كثير, قال; ثنا مسلم, عن مجاهد, عن ابن عباس, قوله; ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; لكفور.حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; لربه لكفور.حدثنا أبو كُرَيب, قال; ثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; لكفور.حدثنا ابن بشار, قال; ثنا عبد الرحمن, قال; ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.حدثنا ابن حميد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.حدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.حدثنا أبو كُرَيب, قال; ثنا وكيع, عن مهدي بن ميمون, عن شعيب بن الحبحاب, عن الحسن البصري; ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; هو الكفور الذي يعد المصائب, وينسى نعم ربه.حدثنا وكيع, عن أبي جعفر, عن الربيع, قال; الكنود; الكفور.حدثنا ابن حميد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, قال; قال الحسن; ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) يقول; لوام لربه يعد المصائبحدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن ( لَكَنُودٌ ) قال; لكفور.حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; لكفور.حدثنا ابن حميد, قال; ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة, مثله.حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي, قال; ثنا خالد بن الحارث, قال; ثنا شعبة, عن سماك أنه قال; إنما سميت كندة; أنها قطعت أباها( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; لكفور.حدثنا أبو كُرَيب, قال; ثنا عبيد الله, عن إسرائيل, عن جعفر بن الزبير, عن القاسم, عن أبي أمامة قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; " لَكَفُورٌ, الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ, وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ " .حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله; ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; الكنود; الكفور, وقرأ; ( إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ ) .حدثنا الحسن بن علي بن عياش, قال; ثنا أبو المغيرة عبد القدوس, قال; ثنا حريز بن عثمان, قال; ثني حمزة بن هانيء, عن أبي أمامة أنه كان يقول; الكنود; الذي ينـزل وحده, ويضرب عبده, ويمنع رفده.حدثني محمد بن إسماعيل الصوارى, قال; ثنا محمد بن سوار, قال; أخبرنا أبو اليقظان, عن سفيان عن هشام, عن الحسن, في قوله ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال; لوام لربه, يعد المصائب, وينسى النعم.------------------------الهوامش;(1) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 189 ) قال ; { إن الإنسان لربه لكنود } ; لكفور . وكذلك الأرض الكنود التي لا تنبت شيئا . قال الأعشى ; " أحدث لها ... " البيت . وفي ( اللسان ; كند ) كند يكند كنودا ; كفر النعمة . ورجل كناد ( كشداد ) وكنود . وقوله تعالى ; { إن الإنسان لربه لكنود } قيل ; هو الجحود ، وهو أحسن . وقيل ; هو الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده . قال ابن سيده في التعليق على هذا الأخير ; ولا أعرف له في اللغة أصلا ، ولا يسوغ أيضا من قوله ; { لربه } . وقيل ; لكنود ; لكفور بالنعمة . وقال الحسن ; لوام لربه ; يعد المصيبات ، وينسى النعم . وقال الزجاج ; لكفور . يعني بذلك ; الكافر . ا هـ .
والمقسم عليه، قوله: { إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } أي: لمنوع للخير الذي عليه لربه . فطبيعة [الإنسان] وجبلته، أن نفسه لا تسمح بما عليه من الحقوق، فتؤديها كاملة موفرة، بل طبيعتها الكسل والمنع لما عليه من الحقوق المالية والبدنية، إلا من هداه الله وخرج عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة