فَالْمُورِيٰتِ قَدْحًا
فَالۡمُوۡرِيٰتِ قَدۡحًا
تفسير ميسر:
فالخيل اللاتي تنقدح النار من صلابة حوافرها؛ من شدَّة عَدْوها.
"فالموريات قدحا" يعني اصطكاك نعالها للصخر فتقدح منه النار.
فالموريات قدحا قال عكرمة وعطاء والضحاك ; هي الخيل حين توري النار بحوافرها ، وهي سنابكها ; وروي عن ابن عباس . وعنه أيضا ; أورت بحوافرها غبارا . وهذا يخالف سائر ما روي عنه في قدح النار ; وإنما هذا في الإبل . وروى ابن نجيح عن مجاهد والعاديات ضبحا فالموريات قدحا قال قال ابن عباس ; هو في القتال وهو في الحج . ابن مسعود ; هي الإبل تطأ الحصى ، فتخرج منها النار . وأصل القدح الاستخراج ; ومنه قدحت العين ; إذا أخرجت منها الماء الفاسد . واقتدحت بالزند . واقتدحت المرق ; غرفته . وركي قدوح ; تغترف باليد . والقديح ; ما يبقى في أسفل القدر ، فيغرف بجهد . والمقدحة ; ما تقدح به النار . والقداحة والقداح ; الحجر الذي يوري النار . يقال ; ورى الزند ( بالفتح ) يري وريا ; إذا خرجت ناره . [ ص; 140 ] وفيه لغة أخرى ; وري الزند ( بالكسر ) يري فيهما . وقد مضى هذا في سورة ( الواقعة ) . وقدحا انتصب بما انتصب به ضبحا . وقيل ; هذه الآيات في الخيل ; ولكن إيراءها ; أن تهيج الحرب بين أصحابها وبين عدوهم . ومنه يقال للحرب إذا التحمت ; حمي الوطيس . ومنه قوله تعالى ; كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله . وروي معناه عن ابن عباس أيضا ، وقاله قتادة . وعن ابن عباس أيضا ، وقاله قتادة . وعن ابن عباس أيضا ; أن المراد بالموريات قدحا ; مكر الرجال في الحرب ; وقاله مجاهد وزيد بن أسلم . والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه ; والله لأمكرن بك ، ثم لأورين لك . وعن ابن عباس أيضا ; هم الذين يغزون فيورون نيرانهم بالليل ، لحاجتهم وطعامهم . وعنه أيضا ; أنها نيران المجاهدين إذا كثرت نارها إرهابا . وكل من قرب من العدو يوقد نيرانا كثيرة ليظنهم العدو كثيرا . فهذا إقسام بذلك . قال محمد بن كعب ; هي النار تجمع . وقيل هي أفكار الرجال توري نار المكر والخديعة .وقال عكرمة ; هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلم به ، ويظهر بها من إقامة الحجج ، وإقامة الدلائل ، وإيضاح الحق ، وإبطال الباطل . وروى ابن جريح عن بعضهم قال ; فالمنجحات أمرا وعملا ، كنجاح الزند إذا أوري .قلت ; هذه الأقوال مجاز ; ومنه قولهم ; فلان يوري زناد الضلالة . والأول ; الحقيقة ، وأن الخيل من شدة عدوها تقدح النار بحوافرها . قال مقاتل ; العرب تسمي تلك النار نار أبي حباحب ، وكان أبو حباحب شيخا من مضر في الجاهلية ، من أبخل الناس ، وكان لا يوقد نارا لخبز ولا غيره حتى تنام العيون ، فيوقد نويرة تقد مرة وتخمد أخرى ; فإن استيقظ لها أحد أطفأها ، كراهية أن ينتفع بها أحد . فشبهت العرب هذه النار بناره ; لأنه لا ينتفع بها . وكذلك إذا وقع السيف على البيضة فاقتدحت نارا ، فكذلك يسمونها . قال النابغة ;ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائبتقد السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نار الحباحب
وقوله; ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا )اختلف أهل التأويل, في ذلك, فقال بعضهم; هي الخيل توري النار بحوافرها.*ذكر من قال ذلك;حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال; ثنا ابن علية, قال; ثنا أبو رجاء, قال; سئل عكرِمة, عن قوله; ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; أورت وقدحت.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; هي الخيل; وقال الكلبي; تقدح بحوافرها حتى يخرج منها النار.حدثنا أبو كُرَيب, قال; ثنا وكيع, عن واصل, عن عطاء ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; أورت النار بحوافرها.حدثت عن الحسين, قال; سمعت أبا معاذ, يقول; ثنا عبيد, قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) توري الحجارة بحوافرها.وقال آخرون; بل معنى ذلك أن الخيل هجن الحرب بين أصحابهن وركبانهن.ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; هجن الحرب بينهم وبين عدوهم.حدثنا ابن حميد, فال; ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; هجن الحرب بينهم وبين عدوهم.وقال آخرون; بل عني بذلك; الذين يورون النار بعد انصرافهم من الحرب.*ذكر من قال ذلك;حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; أخبرني أبو صخر, عن أبي معاوية البجلي, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال; سألني علي بن أبي طالب رضى الله عنه, عن (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) فقلت له; الخيل تغير في سبيل الله, ثم تأوي إلى الليل, فيصنعون طعامهم ويورون نارهم.وقال آخرون; بل معنى ذلك; مكر الرجال.*ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبى, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; المكر.حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح. عن مجاهد, في قول الله; ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; مكر الرجال.وقال آخرون; هي الألسنة*ذكر من قال ذلك;حدثنا الحسن بن عرفة, قال; ثنا يونس بن محمد, قال; ثنا حماد بن سلمة, عن سماك بن حرب, عن عكرِمة قال; يقال في هذه الآية ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; هي الألسنة.وقال آخرون; هي الإبل حين تسير تنسف بمناسمها الحصى.*ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد, قال; ثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله; ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال; إذا نسفت الحصى بمناسمها, فضرب الحصى بعضه بعضا, فيخرج منه النار.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب; أن يقال; إن الله تعالى ذكره أقسم بالموريات التي توري النيران قدحا; فالخيل توري بحوافرها, والناس يورونها بالزند, واللسان - مثلا - يوري بالمنطق, والرجال يورون بالمكر - مثلا - , وكذلك الخيل تهيج الحرب بين أهلها; إذا التقت في الحرب، ولم يضع الله دلالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض فكل ما أورت النار قدحا, فداخلة فيما أقسم به, لعموم ذلك بالظاهر.
{ فَالْمُورِيَاتِ } بحوافرهن ما يطأن عليه من الأحجار { قَدْحًا } أي: تقدح النار من صلابة حوافرهن [وقوتهن] إذا عدون،
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة