الٓر ۚ تِلْكَ ءَايٰتُ الْكِتٰبِ الْحَكِيمِ
الٓر ۚ تِلۡكَ اٰيٰتُ الۡكِتٰبِ الۡحَكِيۡمِ
تفسير ميسر:
(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
أما الحروف المقطعة في أوائل السور فقد تقدم الكلام عليها في أوائل سورة البقرة وقال أبو الضحى عن ابن عباس في قوله تعالى "الر" أي أنا الله أرى. وكذلك قال الضحاك وغيره "تلك آيات الكتاب الحكيم" أي هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهد "الر تلك آيات الكتاب الحكيم" وقال الحسن التوراة والزبور وقال قتادة "تلك آيات الكتاب" قال الكتب التي كانت قبل القرآن. وهذا القول لا أعرف وجهه ولا معناه.
بسم الله الرحمن الرحيمسورة يونسسورة يونس عليه السلام مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس إلا ثلاث آيات من قوله تعالى ; فإن كنت في شك إلى آخرهن . وقال مقاتل ; إلا آيتين وهي قوله ; فإن كنت في شك نزلت بالمدينة . وقال الكلبي ; مكية إلا قوله ; ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به نزلت بالمدينة في اليهود . وقالت فرقة ; نزل من أولها نحو من أربعين آية بمكة وباقيها بالمدينة .بسم الله الرحمن الرحيمالر تلك آيات الكتاب الحكيم قوله تعالى ( الر ) قال النحاس ; قرئ على أبي جعفر أحمد بن شعيب بن علي بن الحسين بن حريث قال ; أخبرنا علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد أن عكرمة حدثه عن ابن عباس ; الر ، وحم ، ونون حروف الرحمن مفرقة ; فحدثت به الأعمش فقال ; عندك أشباه هذا ولا تخبرني به ؟ . وعن ابن عباس أيضا قال ; ( الر ) أنا الله أرى . قال النحاس ; ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول ; لأن سيبويه قد حكى مثله عن العرب وأنشد ;بالخير خيرات وإن شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تاوقال الحسن وعكرمة ; ( الر ) قسم . وقال سعيد عن قتادة ; ( الر ) اسم السورة ; قال ; وكذلك كل هجاء في القرآن . وقال مجاهد ; هي فواتح السور . وقال محمد بن يزيد ; هي تنبيه ، وكذا حروف التهجي . وقرئ ( الر ) من غير إمالة . وقرئ بالإمالة لئلا تشبه " ما " و " لا " من الحروف .قوله تعالى تلك آيات الكتاب الحكيم ابتداء وخبر ; أي تلك التي جرى ذكرها [ ص; 221 ] آيات الكتاب الحكيم . قال مجاهد وقتادة ; أراد التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة ; فإن ( تلك ) إشارة إلى غائب مؤنث . وقيل ; ( تلك ) بمعنى هذه ; أي هذه آيات الكتاب الحكيم . ومنه قول الأعشى ;تلك خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيبأي هذه خيلي . والمراد القرآن وهو أولى بالصواب ; لأنه لم يجر للكتب المتقدمة ذكر ، ولأن الحكيم من نعت القرآن . دليله قوله تعالى ; الر كتاب أحكمت آياته وقد تقدم هذا المعنى في أول سورة " البقرة " . والحكيم ; المحكم بالحلال والحرام والحدود والأحكام ; قالهأبو عبيدة وغيره . وقيل ; الحكيم بمعنى الحاكم ; أي إنه حاكم بالحلال والحرام ، وحاكم بين الناس بالحق ; فعيل بمعنى فاعل . دليله قوله ; وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه . وقيل ; الحكيم بمعنى المحكوم فيه ; أي حكم الله فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وحكم فيه بالنهي عن الفحشاء والمنكر ، وبالجنة لمن أطاعه وبالنار لمن عصاه ; فهو فعيل بمعنى المفعول ; قاله الحسن وغيره . وقال مقاتل ; الحكيم بمعنى المحكم من الباطل لا كذب فيه ولا اختلاف ; فعيل بمعنى مفعل ، كقول الأعشى يذكر قصيدته التي قالها ;وغريبة تأتي الملوك حكيمة قد قلتها ليقال من ذا قالهاقوله تعالى أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين
القول في تأويل قوله تعالى ; الرقال أبو جعفر; اختلف أهل التأويل في ذلك.فقال بعضهم تأويله; أنا الله أرى.* ذكر من قال ذلك;17518- حدثنا يحيى بن داود بن ميمون الواسطي قال، حدثنا أبو أسامة، عن أبي روق، عن الضحاك، في قوله ; ( الر )، أنا الله أرى. (1)17519- حدثنا أحمد بن إسحاق قال; حدثنا أبو أحمد قال; حدثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس قوله; ( الر )، قال; أنا الله أرى.وقال آخرون; هي حروف من اسم الله الذي هو " الرحمن ".*ذكر من قال ذلك;17520- حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال، حدثنا علي بن الحسين قال حدثني أبي، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس; ( الر ) و ( حم ) و ( نون ) حروف " الرَّحمن " مقطعةً.17521- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا عيسى بن عبيد عن الحسين بن عثمان قال; ذكر سالم بن عبد الله; ( الر ) و ( حم ) و ( نون )، فقال; اسم " الرحمن " مقطع ، ثم قال; " الرحمن ".17522- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا مندل عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير قال; ( الر ) و ( حم ) و ( نون )، هو اسم " الرحمن ".17523- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو الكلبي، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالم، عن عامر ; أنه سئل عن; ( الر ) و ( حم ) و ( ص )، قال; هي أسماء من أسماء الله مقطعة بالهجاء، فإذا وصلتها كانت اسمًا من أسماء الله تعالى.* * *وقال آخرون; هي اسم من أسماء القرآن.*ذكر من قال ذلك;17524- حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة; ( الر )، اسم من أسماء القرآن.* * *قال أبو جعفر ; وقد ذكرنا اختلاف الناس ، وما إليه ذهب كل قائل في الذي قال فيه وما الصواب لدينا من القول في ذلك في نظيره، وذلك في أول " سورة البقرة "، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (2)وإنما ذكرنا في هذا الموضع القدرَ الذي ذكرنا ، لمخالفة من ذكرنا قوله في هذا ، قوله في ( الم ) ، فأما الذين وفَّقوا بيْن معاني جميع ذلك، فقد ذكرنا قولهم هناك ، مكتفًى عن الإعادة ههنا. (3)* * *القول في تأويل قوله تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)قال أبو جعفر; اختلف في تأويل ذلك.فقال بعضهم; تلك آيات التوراة.* ذكر من قال ذلك;17525- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن مجاهد; ( تلك آيات الكتاب الحكيم )، قال; التوراة والإنجيل.17526-. . . . قال، حدثنا إسحاق، قال، حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة; ( تلك آيات الكتاب )، قال; الكُتُب التي كانت قبل القرآن.* * *وقال آخرون; معنى ذلك; هذه آيات القرآن.* * *قال أبو جعفر; وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من تأوّله; " هذه آيات القرآن "، ووجّه معنى (تلك) إلى معنى " هذه "، وقد بينا وجه توجيه ( تلك ) إلى هذا المعنى في " سورة البقرة " ، بما أغنى عن إعادته. (4)* * *و ( الآيات )، الأعلام ، و (الكتاب)، اسم من أسماء القرآن، وقد بينا كل ذلك فيما مضى قبل. (5)* * *وإنما قلنا; هذا التأويل أولى في ذلك بالصواب، لأنه لم يجيء للْتوراة والإنجيل قبلُ ذكرٌ ولا تلاوةٌ بعدُ، فيوجه إليه الخبر.فإذْ كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام; والرحمن، هذه آيات القرآن الحكيم.* * *ومعنى ( الحكيم ) ، في هذا الموضع، " المحكم " ، صرف " مُفْعَل " إلى " فعيل "، كما قيل; عَذَابٌ أَلِيمٌ ، بمعنى مؤلم، (6) وكما قال الشاعر; (7)*أمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ* (8)وقد بينا ذلك في غير موضع من الكتاب. (9)فمعناه إذًا; تلك آيات الكتاب المحكم ، الذي أحكمه الله وبينه لعباده، كما قال جل ثناؤه; الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [سورة هود ; 1]-----------------------الهوامش ;(1) الأثر ; 17518 - " يحيى بن داود بن ميمون الواسطي " ، شيخ الطبري ، مضى برقم ; 4451 ، 11545 .(2) انظر ما سلف 1 ; 205 - 224 .(3) في المطبوعة ; " ومكتفيًا " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب .(4) انظر ما سلف 1 ; 225 - 228 .(5) انظر تفسير " الآية " فيما سلف من فهارس اللغة ( أي ) .وتفسير " الكتاب " فيما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .(6) انظر تفسير " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .(7) هو عمرو بن معديكرب الزبيدي .(8) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 1 ; 283 .(9) انظر ما سلف 1 ; 283 ، 284 ، وغيره من المواضع في فهارس مباحث العربية والنحو وغيرها .
يقول تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} وهو هذا القرآن، المشتمل على الحكمة والأحكام، الدالة آياته على الحقائق الإيمانية والأوامر والنواهي الشرعية، الذي على جميع الأمة تلقيه بالرضا والقبول والانقياد.
(الر) ، أحرف مقطّعة لا محلّ لها من الإعراب- انظر أول سورة البقرة-
(تلك) اسم اشارة مبنيّ على السكون الظاهر على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين في محلّ رفع مبتدأ.. و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب، والإشارة إلى آيات القرآن
(آيات) خبر المبتدأ مرفوع
(الكتاب) مضاف إليه مجرور
(الحكيم) نعت للكتاب مجرور.
جملة: «تلك آيات ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.