ءَآلْـٰٔنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ
آلآن يا فرعون، وقد نزل بك الموت تقرُّ لله بالعبودية، وقد عصيته قبل نزول عذابه بك، وكنت من المفسدين الصادين عن سبيله!! فلا تنفعك التوبة ساعة الاحتضار ومشاهدة الموت والعذاب.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ ءَايٰتِنَا لَغٰفِلُونَ
فاليوم نجعلك على مرتفع من الأرض ببدنك، ينظر إليك من كذَّب بهلاكك؛ لتكون لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك. فإن كثيرًا من الناس عن حججنا وأدلتنا لَغافلون، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون.
وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنٰهُم مِّنَ الطَّيِّبٰتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتّٰى جَآءَهُمُ الْعِلْمُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيٰمَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
ولقد أنزلنا بني إسرائيل منزلا صالحًا مختارًا في بلاد "الشام" و"مصر"، ورزقناهم الرزق الحلال الطيب من خيرات الأرض المباركة، فما اختلفوا في أمر دينهم إلا مِن بعد ما جاءهم العلم الموجب لاجتماعهم وائتلافهم، ومن ذلك ما اشتملت عليه التوراة من الإخبار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. إن ربك -أيها الرسول- يقضي بينهم يوم القيامة، ويَفْصِل فيما كانوا يختلفون فيه من أمرك، فيدخل المكذبين النار والمؤمنين الجنة.
فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْـَٔلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتٰبَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَآءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
فإن كنت -أيها الرسول- في ريب من حقيقة ما أخبرناك به فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل، فإن ذلك ثابت في كتبهم، لقد جاءك الحق اليقين من ربك بأنك رسول الله، وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون صحة ذلك، ويجدون صفتك في كتبهم، ولكنهم ينكرون ذلك مع علمهم به، فلا تكوننَّ من الشاكِّين في صحة ذلك وحقيقته.
وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـَٔايٰتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخٰسِرِينَ
ولا تكونن -أيها الرسول- من الذين كذَّبوا بحجج الله وأدلته فتكون من الخاسرين الذين سخِطَ الله عليهم ونالوا عقابه.
إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ
إن الذين حقَّت عليهم كلمة ربك -أيها الرسول- بطردهم من رحمته وعذابه لهم، لا يؤمنون بحجج الله، ولا يقرُّون بوحدانيته، ولا يعملون بشرعه.
وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ ءَايَةٍ حَتّٰى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ
ولو جاءتهم كل موعظة وعبرة حتى يعاينوا العذاب الموجع، فحينئذ يؤمنون، ولا ينفعهم إيمانهم.
فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمٰنُهَآ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الْحَيٰوةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنٰهُمْ إِلٰى حِينٍ
لم ينفع الإيمان أهل قرية آمنوا عند معاينة العذاب إلا أهل قرية يونس بن مَتَّى، فإنهم لـمَّا أيقنوا أن العذاب نازل بهم تابوا إلى الله تعالى توبة نصوحا، فلمَّا تبيَّن منهم الصدق في توبتهم كشف الله عنهم عذاب الخزي بعد أن اقترب منهم، وتركهم في الدنيا يستمتعون إلى وقت إنهاء آجالهم.
وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَءَامَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتّٰى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
ولو شاء ربك -أيها الرسول- الإيمان لأهل الأرض كلهم لآمنوا جميعًا بما جئتهم به، ولكن له حكمة في ذلك؛ فإنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء وَفْق حكمته، وليس في استطاعتك أن تُكْره الناس على الإيمان.
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ
وما كان لنفس أن تؤمن بالله إلا بإذنه وتوفيقه، فلا تُجهد نفسك في ذلك، فإن أمرهم إلى الله. ويجعل الله العذاب والخزي على الذين لا يعقلون أمره ونهيه.